تحمل الزوج ديّة إفضاء زوجته تلك - تحمل الزوج نفقة زوجته هذه وإن طلقها 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى- الجزء الثاني:النكاح   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5018


   نعم ، يجب عليه دية الإفضاء وهي دية النفس (5) ففي الحرّة نصف دية الرجل ،

ــــــــــــــــــــــــــــــ
   (5) وتدلّ عليه صحيحة سليمان بن خالد ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل كسر بعصوصه فلم يملك استه ، ما فيه من الدية ؟ فقال : «الدية كاملة» . وسألته عن رجل وقع بجارية فأفضاها وكانت إذا نزلت بتلك المنزلة لم تلد ، فقال : «الدية كاملة» (1) .

   وما رواه الصدوق (قدس سره) بسنده الصحيح إلى قضايا أمير المؤمنين (عليه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 29 كتاب الديات ، أبواب ديات المنافع ، ب 9 ح 1 .

ــ[130]ــ

وفي الأَمة أقلّ الأمرين من قيمتها ودية الحرّة .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السلام) : أنه قضى في امرأة اُفضيت بالدية (1) .

   فهاتان الصحيحتان ـ مضافاً إلى معتبرة غياث بن إبراهيم التي تقدم ذكرها في أوّل هذا الفصل حيث ورد فيها : «فإن فعل فعيبت فقد ضمن»(2) وغيرها من الروايات المعتبرة التي دلّت على الضمان بحصول العيب ـ تدلاّن بإطلاقهما على ثبوت الدية بالإفضاء مطلقاً .

   إلاّ أ نّه لا بدّ من تقييدها بما إذا لم يكن المفضي هو الزوج وكان الدخول بها بعد بلوغها تسع سنين ، وذلك لصريح صحيحة حمران والمؤيدة برواية بريد بن معاوية ـ  المتقدمتين  ـ حيث قال (عليه السلام) : «إن كان دخل بها ولها تسع سنين فلا شيء عليه» . ثم إنّ من ملاحظة هذه الصحاح يتّضح المراد بالضمان في معتبرة غياث بن إبراهيم وغيرها ، وأ نّه هو الدية كاملة ، فإن هذه النصوص تكون مفسِّرة لها كما لا يخفى .

   هذا ولكن بإزاء هذه النصوص قد دلّت معتبرة السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي (عليهم السلام) : «انّ رجلاً أفضى امرأة فقومها قيمة الأَمة الصحيحة وقيمتها مفضاة ، ثم نظر ما بين ذلك فجعل من ديتها وأجبر الزوج على إمساكها» (3) على الضمان بفرق قيمتها صحيحة ومفضاة ، فتكون معارضة للصحاح المتقدمة حيث دلّت على ضمانه الدية كاملة .

   إلاّ أنّ الذي يهوّن الخطب أنّ أحداً من الأصحاب لم يلتزم بمضمونها ، على أ نّها موافقة لمذهب أكثر العامة على ما ذكره الشيخ (قدس سره) في الاستبصار (4) فتحمل على التقيّة لا محالة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 29 كتاب الديات ، أبواب ديات الأعضاء ، ب 26 ح 1 .

(2) راجع ص 124 هـ 3 .

(3) الوسائل ، ج 29 كتاب الديات ، أبواب موجبات الضمان ، ب 44 ح 3 .

(4) الاستبصار 4 : 295 .

ــ[131]ــ

   وظاهر المشهور(1) ثبوت الدية مطلقاً وإن أمسكها ولم يطلقها ، إلاّ أنّ مقتضى حسنة حمران وخبر بريد المثبتين لها عدم وجوبها عليه إذا لم يطلِّقها ((1)) (2) والأحوط ما ذكره المشهور .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) وفي الجواهر : انّه لا إشكال بل لا خلاف معتد به (2) .

   (2) وهو الصحيح . فإنّ المسألة ليست إجماعية جزماً ، فإنّ أكثر الأصحاب من القدماء لم يتعرضوا لهذه المسألة بالمرة فلا طريق لتحصيل آرائهم ، على أنّ تخصيص الحكم بالمطلقة ظاهر عبارات جملة منهم أو صريحها .

   فقد ذكر الصدوق (قدس سره) صحيحة حمران المتقدمة في كتابه (من لا يحضره الفقيه) والدالة على التفصيل من دون أن يعلّق عليها شيئاً (3) فإنّ ذلك بملاحظة ما ذكره (قدس سره) في أوّل كتابه من العمل بما يرويه (4) يدلّ على العمل بها والفتوى بمضمونها .

   كما يظهر ذلك من المحقق (قدس سره) في (نكت النهاية) حيث استدلّ على التفصيل بين الدخول قبل تسع سنين وبعده بصحيحة حمران ورواية بريد (5) ، فإنّ ظاهر ذلك الالتزام بمضمونهما والعمل وفقاً لهما ، بل ذلك صريح الحدائق (6) .

   وعليه فالمسألة ليست إجماعية . ومن هنا فلا يبقى وجه لترك العمل بصحيحة حمران الدالة على اختصاص الحكم بصورة طلاقه لها والمؤيدة برواية بريد بن معاوية .

   وما في الجواهر من وجوب حملها على سقوط الدية عند الإمساك صلحاً بأن تختار المقام معه بدلاً عن الدية ، لأنّ الدية قد لزمته بالإفضاء بدلالة النص والفتوى فلا تسقط مجاناً من غير عوض(7) ، فهو غريب منه (قدس سره) ، لإمكان أن يكون

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا هو الصحيح .

(2) الجواهر 29 : 422 .

(3) الفقيه 3 : 272 / 1294 .

(4) الفقيه 1 : 3 .

(5) راجع نكت النهاية 2 : 292 .

(6) الحدائق 23 : 610 .

(7) الجواهر 29 : 422 .

ــ[132]ــ

   ويجب عليه أيضاً نفقتها ما دامت حيّة (1) وإن طلّقها (2) بل وإن تزوّجت بعد الطلاق على الأحوط (3) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثبوتها مشروطاً بالطلاق على نحو الشرط المتأخر ، فلا تثبت في صورة الإمساك .

   والحاصل أنّ الصحيح في المقام هو الالتزام بالتفصيل وتخصيص الدية بما إذا لم يمسكها الزوج، وإلاّ فلا دية عليه لصريح صحيحة حمران المؤيدة برواية بريد بن معاوية .

   (1) وهو محلّ وفاق في الجملة ، ولم ينقل فيه الخلاف عن أحد ، بل نسب إلى الشيخ في الخلاف دعوى إجماع الفرقة عليه (1) .

   وتدلّ عليه مضافاً إلى ذلك صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : سألته عن رجل تزوّج جارية فوقع بها فأفضاها ، قال : «عليه الإجراء عليها ما دامت حيّة» (2) .

   (2) خلافاً للإسكافي ، حيث التزم بسقوطها بالطلاق (3) . وإطلاق صحيحة الحلبي المتقدمة حجة عليه ، إذ لا موجب لتقييدها بعدم الطلاق .

   (3) بل الأقوى ، لإطلاق الصحيحة المتقدمة .

   ولا ينافيه وجوب نفقتها على الثاني بعد ظهور النص في الوجوب على الأوّل تعبداً وللإفضاء ، فلا يتنافى مع ثبوتها على الثاني للزوجية .

   ومن هنا فمن الغريب ما صدر عن الشيخ (قدس سره) في الاستبصار من حمل هذه الصحيحة على الدخول بها بعد بلوغها تسع سنين ، جمعاً بينها وبين صحيحة حمران المؤيدة برواية بريـد بن معاوية ـ المتقدمتين ـ الدالّتين على وجوب الدية عليه بذلك ، حيث تحملان على الدخول بها قبل تسع سنين . فيتحصل أنّ الدخول والإفضاء إن كان قبل بلوغها تسع سنين وجبت الدية خاصة ، وإن كان بعد بلوغها تسع سنين وجب الإجراء عليها ما دامت حيّة فقط (4) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الخلاف 4 : 395 .

(2) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 34 ح 4 .

(3) ذكره السيد الحكيم في مستمسك العروة الوثقى 14 : 85 .

(4) الاستبصار 4 : 294 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net