حكم العقد الباطل من غير جهة الاحرام - الشك في وقوع العقد في الإحرام أو قبله أو بعده 

الكتاب : المباني في شرح العروة الوثقى- الجزء الثاني:النكاح   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4338

 

   [ 3731 ] مسألة 3 : لو تزوج في حال الإحرام ، ولكن كان باطلاً من غير

ــ[251]ــ

جهة الإحرام ـ كتزويج اُخت الزوجة أو الخامسة ـ هل يوجب التحريم أو لا؟ الظاهر ذلك((1))(1) لصدق التزويج، فيشمله الأخبار .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) تقدّم الكلام في نظير هذه المسألة في المسألة الاُولى من الفصل السابق ، وقد تقدّم منه (قدس سره) التوقف فيها كما تقدم منّا الحكم بعدم ثبوتها ، حيث استظهرنا من الأخبار كون البطلان والتحريم ناشئين من تلك الجهة المذكورة في النص ـ  أعني الإحرام في المقام  ـ بحيث لولاها لحكم بصحة العقد وثبوت الزوجية ، وإلاّ فلو كان البطلان ناشئاً من جهة اُخرى غير وقوع العقد في حال الإحرام لما كان لوقوعه في تلك الحالة أثر .

   إذن فلا بدّ في الحكم بالبطلان وثبوت الحرمة الأبدية من كون العقد صحيحاً من جميع الجهات عدا وقوعه في ذلك الحال ، ولا منافاة بين هذا الذي ذكرناه وبين الالتزام بوضع الألفاظ للأعمّ من الصحيح والفاسد ، فإنّ ما ذكرناه هنا إنّما هو للانصراف العرفي .

   نعم ، لو كان الفساد مستنداً إلى أمرين كلّ منهما محرم أبدي في حدّ ذاته ـ  كما لو تزوج بالمعتدّة حال الإحرام  ـ أوجب ذلك الحرمة الأبدية قطعاً وبلا إشكال نظراً للأولوية القطعية ، فإنّ كلاًّ منهما إذا كان موجباً لها مستقلاً عن الآخر ، فإيجابه لها منضماً إلى الآخر يكون بطريق أولى .

   ويؤيدها رواية الحكم بن عتيبة ، قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن محرم تزوج امرأة في عدّتها ، قال : «يفرّق بينهما ولا تحلّ له أبداً» (2) . فإنّها وإن كانت واضحة الدلالة ، إلاّ أنّ سندها لما كان ضعيفاً فلا يمكن الاعتماد عليها . نعم ، لا بأس بجعلها مؤيدة للحكم .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه إشكال ، والأظهر عدم التحريم ، وقد مرّ منه (قدس سره) الإشكال في نظيره في الفصل السابق .

(2) الوسائل ، ج 20 كتاب النكاح ، أبواب ما يحرم بالمصاهرة ، ب 17 ح 15 .

ــ[252]ــ

   نعم ، لو كان بطلانه لفقد بعض الأركان ، بحيث لا يصدق عليه التزويج ، لم يوجب (1) .

   [ 3732 ] مسألة 4 : لو شكّ في أنّ تزويجه هل كان في الإحرام أو قبله ، بنى على عدم كونه فيه (2) بل وكذا لو شكّ في أ نّه كان في حال الإحرام أو بعده ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ثم لا يخفى أنّ في هذا الفرض أيضاً لا بدّ من فرض صحة العقد من غير هاتين الجهتين ، وإلاّ فلا يوجب العقد ثبوت الحرمة الأبدية .

   (1) جزماً ، لما تقدم .

   (2) لاستصحاب عدم الإحرام إلى حين العقد الواقع في الخارج ، حيث ذكرنا في محلّه من المباحث الاُصولية أنّ جريانه لا يختص بما إذا كان تاريخ أحدهما معلوماً وتاريخ الآخر مجهولاً ، بل يجري حتى ولو كان تاريخهما معاً مجهولين أيضاً ، ومقتضاه الحكم بالصحة وعدم ترتب الحرمة الأبدية عليه في المقام .

   ولا يعارض هذا الاستصحاب باستصحاب عدم وقوع العقد قبل الإحرام إذ لا أثر للثاني ، باعتبار أ نّه لا يثبت تأخر التزويج عن الإحرام ووقوعه حاله إلاّ بالملازمة العقلية ، فيكون من الاُصول المثبتة ولا نقول بحجيتها .

   على أ نّه لا أثر للاستصحاب نفياً أو إثباتاً ، فلا أثر لإثبات المعارض له وعدمه وذلك لوجود دليل حاكم عليه هو أصالة الصحة الثابتة بالسيرة القطعية ، وما ورد في بعض النصوص المعتبرة من قوله (عليه السلام) : «كلّ ما شككت فيه مما قد مضى فأمضه كما هو» (1) فإنّ مقتضاها الحكم بالصحة فيما إذا كان الشكّ في افتقاد العقد لشرط شرعي أو اقترانه بمانع كذلك بعد إحراز تمامية أركانه .

   ومن هنا فالمتعيّن في المقام هو الحكم بالصحة وعدم ترتب الحرمة الأبدية عليه سواء أقلنا بجريان الاستصحاب مطلقاً أو في بعض الصور ، أم قلنا بعدم جريانه كذلك ، ثبت له معارض أم لم يثبت .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل ، ج 8 كتاب الصلاة ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب 23 ح 3 .

ــ[253]ــ

على إشكال((1)) (1) . وحينئذ فلو اختلف الزوجان في وقوعه حاله ، أو حال الإحلال سابقاً أو لاحقاً ، قدّم قول من يدعي الصحة (2) من غير فرق بين جهل التاريخين أو العلم بتاريخ أحدهما(3).

   نعم ، لو كان محرماً ، وشكّ في أ نّه أحلّ من إحرامه أم لا ، لا يجوز له التزويج فإن تزوّج مع ذلك بطل وحرمت عليه أبداً ، كما هو مقتضى استصحاب بقاء الإحرام(4) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لكنه ضعيف جداً ، فإنّ مقتضى استصحاب بقائه محرماً إلى حين العقد مطلقاً سواء أعلم بتاريخ أحدهما أو جهل بالتاريخين معاً ، وإن كان هو الحكم بفساد العقد وترتب الحرمة الأبدية عليه ـ باعتبار أ نّه لا يعارض بأصالة عدم وقوع العقد حال الإحرام لكونه من الاُصول المثبتة ، حيث لا تثبت كـون العقد في غـير حال الإحـرام إلاّ بالملازمة العقلية ولا نقول بحجيتها ـ إلاّ أنّ هذا الاستصحاب لا أثر له ، نظراً لكونه محكوماً لأصالة الصحة ، فإنّ مقتضاها الحكم بالصحة في المقام وعدم ترتب الحرمة الأبدية عليه ، سواء أجرى الاستصحاب أم لم يجر .

   والحاصل أ نّه لا فرق في الحكم بين هذه الصورة والصورة السابقة ، حيث إنّ مقتضى الاستصحاب ـ  فضلاً عن أصالة الصحة  ـ فيهما هو الحكم بالصحة وعدم ترتّب الحرمة الأبدية على العقد الواقع في الخارج .

   (2) لما تقدم .

   (3) حيث عرفت أنّ ذلك لا يؤثر في جريان الاستصحاب ، فضلاً عن أصالة الصحة .

   (4) فإنّ به يحرز موضوع الحكم ـ أعني كون التزوج حال الإحرام ـ فيترتب عليه الحكم لا محالة . ومن هنا يتضح أ نّه لو شكّ في كونه محرماً أو محلاًّ بالفعل ، جاز له التزوّج ويحكم على ذلك العقد بالصحّة ، لاستصحاب عدم كونه محرماً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لكنّه ضعيف .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net