الأول : ما استند إليه صاحب الحدائق (قدّس سرّه)(2) من إجراء أصالة الإباحة في نفس الصلاة ، بدعوى أنّ الصلاة في المشكوك فيه لم يعلم حرمتها من الشرع ، فهي مباحة على ما يقتضيه قوله (عليه السلام) : « كلّ شيء فيه حلال وحرام ــــــــــــــــــــــــــــ
(2) الحدائق الناضرة 7 : 86 .
ــ[70]ــ
فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام بعينه »(1) وغيره ممّا دلّ على حلّية كلّ فعل لم يعلم حرمته .
ويرد عليه : أنّ الصلاة في غير المأكول ولو في فرض العلم بالحال لا يحتمل حرمتها شرعاً في نفسها حتّى يتمسّك بأصالة الحل في ظرف الشكّ ، وأمّا الحرمة من جهة التشريع فهي غير محتملة أيضاً مع الإتيان بها في المشكوك فيه لا بقصد الأمر ، بل بعنوان الرجاء والاحتمال . لكنّه لا ينفع في قطع حكم العقل بلزوم تحصيل الفراغ اليقيني ما لم يرتفع الشكّ باليقين .
وأمّا في فرض الإتيان بها مع قصد الأمر وإضافتها إلى المولى فجوازه وإن كان ملازماً للصحّة على ما عرفت في الأمر الأول(2) إلاّ أنّه غير محتمل في المقام ، للقطع بحرمته من جهة كونه تشريعاً محرّماً ، فإنّه إدخال ما لم يعلم أنّه من الدين في الدين ، وهو متحقّق في مفروض المقام وجداناً ، فلابدّ في الحكم بجوازه من إثبات أنّ الصلاة غير متقيّدة بأن لا تقع في هذا المشكوك فيه ، على ما ستعرف الحال فيه في الوجه الثاني إن شاء الله تعالى .
نعم لو كان المنشأ في أخبار أصالة الحل(3) مطلق الحلّية الشاملة للحلّية الوضعية ، بدعوى أنّ المراد بها معناها اللغوي ، المقابل لمحرومية المكلّف عن شيء ، فقولنا : شرب الماء حلال ، يراد به أنّ المكلّف ليس محروماً منه في عالم التشريع ، وبهذا المعنى لا يصحّ إطلاق الحلال على البيع الفاسد أو الصلاة في غير ــــــــــــــــــــــــــــ (1) الوسائل 17 : 87 / أبواب ما يكتسب به ب4 ح1 . (2) في ص5 . (3) الوسائل 17 : 87 / أبواب ما يكتسب به ب4 ح1 ، 4 . 25 : 117 / أبواب الأطعمة المباحة ب61 ح1 ، 7 .
ــ[71]ــ
المأكول ، لمحرومية المكلّف عنهما في عالم تشريع الصلاة واعتبار الملكية عند تحقّق البيع ، لصحّ التمسّك بها في المقام ، إلاّ أنّه بمراحل عن الواقع ، ضرورة أنّ المراد بها في الروايات هو الترخيص العملي وعدم البأس في الفعل مع عدم العلم بالحرمة ، وأين ذلك من الحكم بالمضي في مقام الامتثال ، المستلزم لتأسيس فقه جديد في أبواب العقود والإيقاعات والعبادات فيما إذا شكّ في تحقّق شرط من شروطها ، أو في وجود مانع من موانعها .
|