وأمّا القسم الثالث : وهو ما كان متعلّق الحكم فيه له تعلّق بموضوع خارجي شخصي ، كوجوب الصلاة إلى القبلة ، وحرمة الإفاضة من عرفات قبل الغروب يوم عرفة ، فإن كان الحكم فيه إيجاباً متعلّقاً بصرف وجود الطبيعة فلابدّ من الحكم فيه بالاشتغال عند الشكّ في الانطباق ، ولزوم إحراز الامتثال اليقيني .
وإن كان متعلّقاً بكل فرد من أفراده أو بمجموعها ، إيجابياً كان التكليف أو تحريمياً ، فالحكم فيه هو البراءة ، إلاّ فيما كان هناك علم إجمالي بالتكليف غير مردّد بين الأقل والأكثر ، وقد مرّ الوجه في جميع ذلك فيما تقدّم(1).
ثمّ لا يذهب عليك أنّه يختلف الحال فيما كان التكليف متعلّقاً بمجموع الأفراد في التكليف الإيجابي والتحريمي .
ففي الأول يكون تعلّق التكليف بغير ما شكّ في انطباق عنوان المأمور به عليه معلوماً ، ويشكّ في تعلّقه بالمشكوك فيه ، فتجري فيه البراءة ، ويحكم بحصول الامتثال بغيره .
وأمّا في التكليف التحريمي فحيث إنّ الزجر إنّما هو عن المجموع ، ولا بأس بإيجاد فرد أو أكثر ما لم يبلغ حدّ المجموع ، فلا محالة يجوز الإتيان بجميع الأفراد إذا لم يؤت بما يشكّ في انطباق عنوان المأمور به عليه ، ضرورة أنّ المعلوم إنّما هو تعلّق الزجر بمجموع المركّب منه ومن غيره ، وأمّا بقيّة الأفراد غير ــــــــــــــــــــــــــــ (1) في ص73 ـ 74 .
ــ[80]ــ
ما يشكّ في انطباق عنوان المأمور به عليه فتعلّق الزجر بها مشكوك فيه ، فتجري فيها البراءة .
نعم لو كان النهي عن الطبيعة أمراً باعدامها ، لكنّه بمعنى طلب مجموع التروك ، لا طلب ترك المجموع ، لكان حال النهي حال الأمر بعينها ، فإنّه يرجع إلى إيجاب مجموع التروك ، فيكون تعلّق الأمر بما يشكّ في الانطباق عليه مشكوكاً فيه ، فتجري فيه البراءة .
|