ــ[90]ــ
خاتـمة
بعد ما تحقّق جواز الصلاة في المشتبه وجواز الاكتفاء بها في مقام الامتثال فاعلم أنّه جواز ظاهري ، لا يقتضي إلاّ عدم وجوب الإعادة ما دام الجهل باقياً فإذا انكشف الخلاف ووقوع الصلاة فيما لا يؤكل لحمه فلابدّ من الإعادة ما لم يدلّ دليل على الإجزاء ، الحاكم على دليل المانعية واختصاصها بحال العلم .
وكذا الحال فيما لو صلّى في غير المأكول نسياناً ، فإنّ مقتضى القاعدة الأوّلية فيه هو وجوب الإعادة إلاّ أن يدلّ دليل على عدمه .
لكنّك عرفت في الأمر الأول(1) أنّ حديث لا تعاد(2) حاكم على عموم أدلّة الأجزاء والشرائط والموانع ، وموجب لاختصاصها بحال العلم والعمد وعليه يكون مقتضى القاعدة الثانوية هو عدم وجوب الإعادة في فرض الجهل أو النسيان ، إلاّ أن يدلّ دليل على وجوب الإعادة فيه .
وقد أفاد شيخنا الاُستاذ العلاّمة (قدّس سرّه)(3) أنّ صدر موثّقة ابن بكير المتقدّمة(4) وهو قوله (عليه السلام) : « لا تقبل تلك الصلاة حتّى يصلّيها في غيره ممّا أحلّ الله أكله » بعد الحكم بفساد الصلاة الواقعة في غير المأكول في صدرها يدلّ على إنشاء حكم ثانوي مجعول للمصلّي في غير المأكول ناسياً أو جاهلا ــــــــــــــــــــــــــــ (1) في ص5 . (2) الوسائل 5 : 470 / أبواب أفعال الصلاة ب1 ح14 . (3) كتاب الصلاة 1 : 168 . (4) في ص19 .
ــ[91]ــ
فإنّ حمله على التأكيد خلاف الأصل .
وحينئذ تقع المعارضة بينه وبين حديث لا تعاد في خصوص الناسي بالعموم من وجه ، فإنّ الحديث المزبور خاصّ بالناسي وعام بالقياس إلى خصوص الوقوع في غير المأكول ، والموثّقة بالعكس .
لكن صحيحة عبدالرحمن الدالّة على عدم وجوب الإعادة فيما وقعت الصلاة في عذرة الإنسان أو الكلب أو السنور جهلا(1) تقتضي اختصاص الموثّقة بالناسي ، فتكون مخصّصة لحديث لا تعاد ، وموجبة للإعادة على من صلّى في غير المأكول نسياناً .
وأنت خبير بأنّ كون الحمل على التأكيد خلاف الأصل إنّما هو فيما كان اللفظ ظاهراً في معنى تأسيسي .
وما أفاده ليس معنى عرفياً قابلا لحمل الكلام عليه، فلا مناص عن حمله على التأكيد ، فيبقى حديث لا تعاد بلا معارض، فيحكم بالصحّة في غير صورة العلم والعمد .
ثمّ إنّ اختصاص الحديث بالناسي قد عرفت(2) أنّه بلا موجب ، لكنّه على تقديره لابدّ من الحكم بالفساد فيما وقعت الصلاة في غير المأكول جهلا في غير مورد الصحيحة ، ولا موجب للتعدّي منه إلى غيره ، خصوصاً إذا كان نفس اللباس من غير المأكول . ودعوى عدم القول بالفصل غير مسموعة .
هذا ما أردنا إيراده في هذه الرسالة ، والحمد لله ، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين . ــــــــــــــــــــــــــــ (1) الوسائل 3 : 475 / أبواب النجاسات ب40 ح5 . (2) في ص6 .
|