التنبيه الثامن : صدق المعاطاة على البيع بصيغة غير جامعة للشروط 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الاول : البيع-1   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4404


التنبيه الثامن

إذا أوقعا البيع بصيغة غير جامعة لجميع شرائط الصحّة واللزوم فهل يحكم عليها بالمعاطاة ، أو يحكم عليها بالبيع الفاسد ، أو يفصّل بين ما إذا وقع التقابض بعدها فيحكم عليها بالمعاطاة ، وبين ما إذا لم يقع فيحكم عليها بالبيع الفاسد ؟ وجوه  .

وقد أطال شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(1) الكلام في المقام بما لا نرى فيه فائدة ، فلذا ندرج الكلام في ذلك فنقول : إن قلنا بعدم اعتبار شيء من الشرائط التي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 3 : 106 .

ــ[179]ــ

سيأتي ذكرها في محلّها في صحّة الصيغة وقلنا بأنّ الصيغة لا يعتبر فيها إلاّ ما يكون مبرزاً للاعتبار النفساني من دون أن يعتبر فيها الماضوية أو العربية أو غيرهما فلا توجد في الخارج صيغة تكون فاقدة لشيء من شرائط الصحّة إلاّ فيما إذا لم يكن مبرزاً للاعتبار النفساني من جهة أنّها لا تكون مشروطة حينئذ بشرط لتكون الصيغة فاقدة له ، وتكون الصيغة العارية عن العربية والماضوية صحيحة كما سيأتي تفصيله إن شاء الله ، ونبيّن هناك أنّ هذا هو الصحيح .

وأمّا إذا قلنا باعتبار شيء في صحّتها كالعربية والماضوية مثلا ، فلو أوقعا العقد عارياً عن العربية أو الماضوية فحينئذ نسأل أنّ هذا شرط في لزوم الملك أو أنّه شرط في صحّته ، فإن كان شرطاً في لزومه فلازم انتفائه انتفاء لزوم الملك حينئذ وأمّا أصله فلا ، فيكون الملك جائزاً لا محالة ، ففقدان الصيغة لمثل ذلك لا يوجب دخولها تحت المعاطاة أو البيع الفاسد بوجه ، وإنّما هو بيع حقيقي غاية الأمر أنّها تفيد الجواز لا اللزوم .

وأمّا إذا كان ذلك شرطاً في صحّة الصيغة ، فلازم فقدان الصيغة له أن تكون بيعاً فاسداً لا يوجب جواز التصرف في العوضين ولا رفع الضمان ، ولا وجه لإدخاله تحت المعاطاة حينئذ ، وهذا من دون فرق بين ترتّب التقابض عليها وعدمه  ، لأنّ القبض المبني على العقد اللفظي ليس إنشاءً فعلياً للتمليك ، بل يكون من قبيل قبض المقامر وإقباضه مترتّباً على القمار من باب الوفاء بالعقد ، فلا يوجب جواز التصرف كبقيّة العقود الفاسدة ، ولا يقال ذلك في المعاطاة على القول بعدم إفادتها الملك ، لأنّ الاباحة في موردها ثبتت بدليل خارجي من سيرة أو إجماع ، ولم يثبت ذلك في المقام .

نعم يستثنى من ذلك موردان على سبيل الاستثناء المنقطع :

أحدهما : ما إذا قصدا بالقبض والاقباض إنشاء التمليك مستقلا مع قطع النظر

ــ[180]ــ

عن العقد اللفظي السابق .

وثانيهما : ما إذا أحرز كلّ من الطرفين رضا الآخر بتصرّفه في ملكه ، فإنّ التصرّف حينئذ سائغ حلال ، ولا إشكال في ذلك أيضاً بوجه ، ولا يختصّ ذلك بالبيع لأنّ الأمر كذلك في جميع المقامات حتّى في مثل القمار ونحوه ، فإنّهما إذا تراضيا بتصرف كلّ في مال الآخر فلا محالة يصير التصرف في المال سائغاً ، إلاّ أنّ هذا الجواز حينئذ جواز مالكي قائم باحراز رضاه ، فكلّما اُحرز رضاه فالتصرف حلال  ، وأمّا إذا شكّ فيه فلا يسوغ التصرف في ماله ولو كان راضياً بذلك سابقاً كما أفاده الشيخ .

إن قلت : في فرض الشكّ في بقاء الرضا فلماذا لا يجري استصحاب رضاه في صورة سبق العلم بالرضا .

قلت : لأنّ الموضوع في حرمة التصرفات متعدّد وكلّ تصرف من التصرفات الطولية الواقعة في ملك الغير محكوم بالحرمة شرعاً على سبيل الانحلال ، فإذا أحرزنا رضاه بتصرف في زمان فترتفع الحرمة عنه لا محالة ويحكم بالجواز في خصوص ذلك التصرف ، فإذا أردنا بعده تصرفاً آخر فلابدّ من إحراز الرضا فيه أيضاً ، فإن أحرزناه بوجه فهو وإلاّ فنحكم بحرمته ، ولا يكفي رضاه بالتصرف السابق في جواز هذا الفرد الآخر من التصرف إلاّ إذا كان الرضا السابق رضا بالتصرفات المتأخّرة أيضاً.

وقد ظهر ممّا ذكرنا بطلان قياس المقام بما إذا شكّ في رجوع المالك في المعاطاة  ، حيث إنّه يستصحب عدم الرجوع ويترتّب عليه جواز التصرف ، وذلك لأنّ الاباحة في المعاطاة إباحة شرعية مغيّاة برجوع المالك ، فإذا شكّ في تحقّق الغاية استصحب عدمه .

فما أفاده (قدّس سرّه) ممّا لا غبار عليه ، هذا تمام الكلام في المعاطاة  .

 
 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net