1 ـ أدلّة ضمان المقبوض بالعقد الفاسد 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الاول : البيع-1   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6253


أحكام المقبوض بالعقد الفاسد

الأول : قال الشيخ (رحمه الله)(1) لو قبض ما ابتاعه بالعقد الفاسد لم يملكه وكان مضموناً عليه ، ونقل عن الشيخ الطوسي الإجماع على الضمان ثمّ استدلّ (قدّس سرّه) بدليلين :

الأوّل : النبوي المعروف « على اليد ما أخذت حتّى تؤدّيه » نقله في كتاب الغصب من المستدرك(2) عن الشيخ أبي الفتوح الرازي في تفسيره عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال « على اليد ما أخذت حتّى تؤدّيه » لأنّه ظاهر في استقرار المال في عهدة المشتري .

الثاني : رواية جميل بن درّاج في نكاح الوسائل عن بعض أصحابنا عن أبي عبدالله (عليه السلام) « في رجل اشترى جاريةً فأولدها فوجدت الجارية مسروقة قال : يأخذ الجارية صاحبها ويأخذ الرجل ولده بقيمته »(3) بتقريب أنّ الولد نماء لم يستوفه المشتري فضمانه يستلزم ضمان الأصل أعني الأمة المقبوضة بالعقد الفاسد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 3 : 180 .

(2) المستدرك 17 : 88 / كتاب الغصب ب1 ح4 .

(3) الوسائل 21 : 204 / أبواب نكاح العبيد والاماء ب88 ح3 .

ــ[233]ــ

بطريق أولى .

ولكن لا يمكن الاستدلال للضمان بشيء منهما . أمّا رواية « على اليد » فقد ذكرنا في الاُصول(1) الإشكال في التمسّك بالنبوي وأمثاله من الأخبار الضعيفة ، لأنّ استناد المشهور في مقام الفتوى إلى النبوي غير ثابت ، وعلى تقدير الاستناد قد ذكرنا أنّ عملهم به لا يوجب الانجبار .

وأمّا رواية الجارية المسروقة فهي خارجة عن محلّ كلامنا ، لأنّ كلامنا فيما إذا صدر البيع من مالك المال غاية الأمر كان فاسداً لانتفاء شرط من شروطه ، فيمكن أن يتوهّم عدم الضمان من جهة إلغاء المالك احترام ماله ، وهذا بخلاف مورد الرواية لأنّ موردها صدور العقد عن الغاصب ولا إشكال أنّ الضمان في مثل ذلك على القاعدة .

بل عمدة الدليل هي السيرة العقلائية الثابتة قبل الشريعة ، حيث إنّ المالك لم يعط ماله مجّاناً وبلا عوض ، ولا كلام أنّها ممضاة للشارع حيث لم يردع عنها .

وما يظهر من الشيخ (قدّس سرّه) في المبسوط(2) من تعليله للضمان في العقد الفاسد بأنّه دخل على أن يكون المال مضموناً عليه ، يكون بصدد إظهار هذا المعنى الارتكازي العقلائي ، فالمقدار الخارج عن الضمان ما إذا سلّط المالك غيره على ماله مجّاناً  ، وأمّا غير هذه الصورة فباق على الضمان بحكم السيرة القطعية .

ثمّ إنّ السيّد (قدّس سرّه)(3) استظهر في الحاشية من كلام الشيخ وصاحب الجواهر اختصاص محلّ النزاع بالتلف السماوي ، وأمّا الاتلاف فلا إشكال في ثبوت

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الاُصول 2 (موسوعة الإمام الخوئي 47) : 279 فما بعدها .

(2) المبسوط 3 : 58 ، 65 ، 68 ، 85 ، 89 .

(3) حاشية المكاسب (اليزدي) : 93 .

ــ[234]ــ

الضمان به لقاعدة من أتلف ، ثمّ أشكل على ذلك بما حاصله أنّ قاعدة « على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي » موجبة للضمان في التلف السماوي كما أنّ قاعدة « من أتلف  » موجبة له في الاتلاف ، وإذا كان إذن المالك موجباً لعدم شمول الاُولى فكذا الثانية . وهذا الإشكال متين جدّاً والتخصيص لا وجه له .

ثمّ إنّه قال الشيخ(1) إنّ هذه المسألة من صغريات القاعدة المعروفة : « كلّ عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده » فلابدّ من بيان معناها أوّلا فنقول : إنّ المراد بالضمان كون المال في العهدة كما هو معناه لغةً وعرفاً ، وليس المراد به وجوب دفع المثل أو القيمة ، بل هما من الآثار المترتّبة على الضمان لا نفسه . وأمّا العقد فليس المراد به النوع بأن يكون معنى القاعدة كلّ عقد يضمن بنوعه حتّى تدخل عارية الذهب والفضّة في عكس القاعدة ، لأنّ العارية لا يضمن بنوعها ، وكذا ليس المراد به الصنف بمعنى كلّ صنف من العقود يضمن بصحيحه يضمن بفاسده حتّى تدخل عارية الذهب والفضّة في الأصل ، بل المراد به الشخص ومعنى القاعدة كلّ عقد يضمن بصحيحه إذا فرض تحقّقه في الخارج صحيحاً يضمن بفاسده إذا تحقّق فاسداً فالقاعدة من قبيل القضايا الحقيقية وهكذا عكسها ، والسرّ في حمل العقد على الشخص أنّه لم يرد في هذه القاعدة دليل لفظي ليحمل على النوع أو الصنف ، وإنّما هي على طبق السيرة وقوله (صلّى الله عليه وآله) « على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي » على فرض اعتباره ، وما ينطبق عليهما هو ما إذا اُريد الشخص لا النوع والصنف . وعليه فلا يعتبر أن يكون الضمان وعدمه من مقتضيات نفس العقد بطبعه ، بل القاعدة جارية ولو كان الضمان أو عدمه في العقد لخصوصية فيه ، فالبيع بلا ثمن والاجارة بلا اُجرة لا ضمان فيهما .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 3 : 182 .

ــ[235]ــ

وأمّا لفظة « الباء » في القاعدة فيحتمل أن تكون للظرفية ويحتمل أن تكون للسببية ، ووجه احتمال السببية هو أنّ سبب الضمان في العقد الصحيح أو الفاسد وإن كان هو القبض ، إلاّ أنّه إنّما يوجب الضمان إذا كان بعنوان الوفاء بالعقد ، وإلاّ فالقبض في نفسه مع قطع النظر عن كونه مترتّباً على العقد المعاوضي لا يوجب الضمان قطعاً وأمّا كونها للسببية التامّة فغير محتمل ، لعدم كون العقد علّة تامّة للضمان لا تكويناً ولا تشريعاً ، فإنّ كلّ مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بائعه ، كما أنّ ما ذكره الشيخ (قدّس سرّه) في وجه سببية العقد الفاسد من أنّه منشأ للقبض الذي هو سبب للضمان لا يمكن المساعدة عليه ، فإنّ الضمان حينئذ لا يستند إلى العقد ، فإنّه نظير إسناد نجاسة الميتة أو العصير إلى الشمس لكونها سبباً للموت أو الغليان ، وهو واضح الفساد .

وأمّا مدرك تلك القاعدة فقد استدلّ لها بأمرين :

الأوّل : إقدام الآخذ على الضمان ودخوله على أن يكون المال مضموناً عليه لا مجّاناً كما يظهر من المسالك(1). استدلّ به الشيخ الطوسي (قدّس سرّه) للضمان في موارد كثيرة حيث علّل الضمان فيها بأنّ الآخذ أقدم على أن يكون المال مضموناً عليه بالمسمّى ، فإذا لم يسلم له المسمّى رجع إلى المثل أو القيمة ، وأشكل عليه شيخنا الأنصاري(2) بأنّهما أقدما بالعقد الفاسد على ضمان خاصّ وهو الضمان بالمسمّى وبما أنّ الشارع لم يمض هذه المعاملة انتفى الضمان الخاصّ ، فلو سلّمنا الضمان بهما لكان تابعاً لدليله الخاص من قبل الشرع .

وأمّا توهّم أنّ الفرد إذا فسد بقي طبيعي الضمان في ضمن فرد آخر ففاسد لأنّهما لم يقدما إقدامين بل أقدما على شيء واحد والمفروض عدم إمضائه من قبل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المسالك 4 : 56 .

(2) المكاسب 3 : 188 .

ــ[236]ــ

الشارع . هذا مضافاً إلى أنّ نسبة الاقدام مع الضمان في موارد العقود الفاسدة عموم من وجه ، فربما يكون الاقدام موجوداً ولا ضمان كتلف المبيع قبل القبض ، وربما يكون بالعكس أي يوجد الضمان بلا إقدام كما لو قال بعتك بلا ثمن وآجرتك بلا اُجرة وكما لو شرط في عقد البيع ضمان المبيع على البائع إذا تلف في يد المشتري فدليل الاقدام منقوض طرداً وعكساً ، هذا ملخّص ما أفاده .

ولكنّا ذكرنا أنّ ثبوت الضمان بالاقدام هو الصحيح لأنّه ارتكازي للعقلاء وأنّ السيرة قائمة على أن يكون الأخذ بعنوان كون ضمانه وخسارته عليه موجباً للضمان ، وليس المراد أنّ نفس الاقدام يكون موجباً للضمان حتّى يناقش فيه بما ذكره الشيخ (قدّس سرّه) بل المراد أنّ أخذ مال الغير والاستيلاء عليه بلا تسليط مجّاني من المالك موجب للضمان كما عليه السيرة القطعية العقلائية الممضاة من قبل الشارع ، فثبوت الضمان إنّما هو بالاقدام المنضمّ إلى الاستيلاء ، والمراد من الاقدام على الضمان عدم الاقدام على المجّانية ، وحيث إنّ الشارع لم يمض الضمان بالمسمّى في العقد الفاسد فيثبت الضمان بالمثل أو القيمة ، فلا وجه لمناقشة الشيخ (قدّس سرّه) فيه كما لا وجه لما ذكره من الأمثلة لعدم الطرد والعكس ، لأنّ في تلف المبيع قبل القبض وإن كان الاقدام موجوداً إلاّ أنّه لم يقدم على الضمان على الاطلاق بل إنّما أقدم على الضمان بشرط القبض ، ولذا قامت السيرة على عدم الضمان قبل القبض .

وأمّا مسألة البيع بلا ثمن وهكذا الاجارة بلا اُجرة فهما في الحقيقة من الهبة والعارية المجّانية وليسا بيعاً ولا إجارةً بل يكونان على صورة البيع والاجارة فيدخلان في عكس القاعدة أعني ما لا يضمن بصحيحه ، فكما لا إقدام فيهما على الضمان لا ضمان فيهما أيضاً . وأمّا ثبوت الضمان على المشتري مع اشتراطه على البائع في العقد كما ذكره الشيخ (رحمه الله) فهو وإن كان صحيحاً إلاّ أنّ الاقدام على الضمان موجود من جهة الالتزام البيعي ، واشتراطه على البائع أمر أجنبي عن الالتزام

ــ[237]ــ

البيعي ، ومع فرض فساد البيع يفسد الشرط فيثبت الضمان على المشتري بمقتضى إقدامه البيعي .

فالنقوض بأجمعها مدفوعة ، والاستدلال بالاقدام بالمعنى الذي ذكرناه متين جدّاً ويرجع إلى السيرة التي بيّناها ، وهي تشمل ضمان الأعيان والأفعال والمنافع أجمع .

الثاني : قوله (صلّى الله عليه وآله) « على اليد ما أخذت حتّى تؤدّيه »(1) ولكن ذكرنا أنّه ضعيف سنداً وأنّ استناد القوم إليه غير معلوم وأنّ عملهم على تقدير الاستناد لا يوجب الانجبار ، وعلى فرض التنزّل والتسليم لصحّته فقد ذكر الشيخ(2) أنّه مختصّ بالأعيان ولا يشمل المنافع والأعمال .

وليس الوجه في عدم شموله للمنافع ما توهّم من عدم قبولها للأخذ ، فإنّ المراد بالأخذ هو الاستيلاء ، والاستيلاء على كلّ شيء بحسبه ، فيمكن الاستيلاء على المنافع بتبع الاستيلاء على العين ، كما يكون تسليمها بتسليم العين . نعم الأعمال غير قابلة للأخذ ، فإنّ الفعل وإن صدر بأمر الآمر إلاّ أنّه لا يصدق عليه أنّه أخذه فخياطة الثوب وإن صدرت بأمر من مالك الثوب إلاّ أنّه لا يقال أخذ الخياطة ، وإنّما يقال أخذ الثوب المخيط ، فعنوان الأخذ يشمل المنافع دون الأعمال .

بل الوجه في عدم شموله للمنافع هو ذيل النبوي من قوله (صلّى الله عليه وآله) حتّى تؤدّي أو تؤدّيه ، فإنّه ظاهر في أداء نفس المأخوذ ، وهو إنّما يمكن في الأعيان فإنّ المنافع لا يمكن أن تؤدّى بنفسها ، فيكون هذا قرينة على أنّ المراد بالموصول خصوص الأعيان دون المنافع ودون الأعمال ، ولذا استدلّوا على ضمان المنافع

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المستدرك 17 : 88 / كتاب الغصب ب1 ح4 .

(2) المكاسب 3 : 190 .

ــ[238]ــ

والأعمال باُمور اُخر نحن في غنى عنها بعد عموم السيرة لمطلق الأموال .

وأمّا الأدلّة الاُخرى التي استدلّ بها الشيخ (قدّس سرّه) للضمان في العقود الفاسدة فمنها : ما ورد في كتاب الغصب من المستدرك عن النبي (صلّى الله عليه وآله) قال « المسلم أخو المسلم لا يحلّ ماله إلاّ عن طيب نفس منه »(1).

وفيه : أنّ هذه الحلّية هي الحلّية التكليفية لا الوضعية ، لأنّ الظاهر أنّ إسناد الحلّ إلى المال إنّما هو بلحاظ التصرّف فيها ، فيكون معناه لا يجوز التصرّف في مال الغير إلاّ برضاه ، وإنّما اُسند الحلّ إلى المال نظير قوله تعالى (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ)(2) وأمثال ذلك ، ولا تدلّ على إثبات الضمان . ويؤيّد ما ذكرناه : أنّ طيب النفس راجع إلى التصرف لأنّه لا معنى لطيب النفس بالعين .

ومنها : ما عن حجّ المستدرك(3) عن البحار عن قضاء الحقوق للصوري عنه (صلّى الله عليه وآله) مثله وزاد في آخره « وحرمة ماله كحرمة دمه » .

والمراد بالحرمة فيه الاحترام لا الحرمة التكليفية ، فالاستدلال به على الضمان في الأعيان وغيرها وإن كان صحيحاً لأنّه مقتضى الاحترام إلاّ أنّه يختصّ بصورة إتلاف العين أو استيفاء المنفعة أو صدور العمل بأمر منه ، ولا يشمل صورة التلف مع عدم التعدّي والتفريط لأنّ احترام المال لا يقتضي الضمان في هذه الصورة .

ومنها : ما ورد من « أنّه لا يصلح ذهاب حقّ أحد »(4).

وفيه أيضاً : أنّه لا يشمل صورة التلف ، فإنّ ثبوت الحقّ فيها أوّل الكلام .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المستدرك 17 : 88 / أبواب كتاب الغصب ب1 ح5 .

(2) النساء 4 : 23 .

(3) المستدرك 9 : 138 / أبواب أحكام العشرة ب138 ح6 .

(4) الوسائل 19 : 310 / كتاب الوصايا ب20 ح3 .

ــ[239]ــ

ومنها : موثّقة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) في قصّة سمرة بن جندب عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال (صلّى الله عليه وآله) : « إنّك ـ ياسمرة ـ رجل مضارّ ولا ضرر ولا ضرار على المؤمن »(1) وما يقرب هذا المضمون في سائر الروايات من نفي الضرر شرعاً .

وفيه : أنّه قد ذكرنا في مبحث الاُصول(2) أنّ دليل لا ضرر مختصّ برفع الأحكام الوجودية المجعولة في الشريعة الناشئ منها الضرر ، وأمّا إذا ترتّب الضرر في مورد على عدم جعل الحكم كما في المقام حيث يتوجّه الضرر على المالك من عدم الحكم بالضمان ، فلا يجري فيه دليل لا ضرر حتّى يقتضي جعل ذلك الحكم وإثباته على أنّ القاعدة إنّما تجري فيما إذا استوفى المنافع أو أتلف العين أو عمل عملا بأمره وأمّا إذا تلف بتلف سماوي فلا موجب لضمان الآخذ لتضرّره بالضمان ، فقاعدة لا ضرر في طرفه معارضة بها في الطرف الآخر ونسبتها إلى الطرفين على حدّ سواء . وبالجملة لا فرق بين الآخذ وبين سائر الناس ، فالقول بضمانه دونهم بلا مرجّح فإذا وجب تدارك ضرر المالك فلماذا يجب على الآخذ فليجب من بيت المال أو سائر الناس.

هذا ، مضافاً إلى أنّ لا ضرر لا يجري ولو في صورة الاتلاف ، وذلك لأنّ الاتلاف موجب لضمان ما أقدم عليه وهو المسمّى ، وأمّا لو أتلفه وقوّم بأضعاف قيمة المسمّى لا يكون ضامناً بالنسبة إلى المقدار الزائد ، فهذا أيضاً غير دالّ على الضمان في المقام ، بل التحقيق في الدليل ما ذكرناه من السيرة العقلائية وأنّ الآخذ إنّما يقدم على أن يكون المال مضموناً عليه ومع العوض لا مجّاناً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 25 : 429 / كتاب إحياء الموات ب12 ح4 .

(2) لاحظ مصباح الاُصول 2 (موسوعة الإمام الخوئي 47) : 648 فما بعدها .

ــ[240]ــ

بقي أمران : الأوّل أنّه بناءً على الضمان هل يكون مختصّاً بما إذا كان مورد العقد الفاسد عيناً من الأعيان قد قبضها الآخذ أو منفعة استوفاها أو عملا صادراً عن أمره أو يعمّ غيرها كالسبق في المسابقة الفاسدة ، فإنّه ليس عملا استوفاه المسبوق وانتفع به كما أنّه لم يصدر بأمره وليس عيناً وقعت في يده ؟ الظاهر الاختصاص ، لاختصاص الأدلّة المذكورة في كلام الشيخ (قدّس سرّه) ، نعم سيرة العقلاء قائمة على الضمان في مثل السبق أيضاً ، ولكن بما أنّ المسابقة مقامرة لم يمضها الشارع إلاّ في العقد الصحيح فالسيرة مردوع عنها لا يمكن الحكم بالضمان في العقد الفاسد بمقتضاها .

الثاني : أنّ الضمان هل يختصّ بصورة جهل الدافع بالفساد أو يعمّ صورة علمه  ، سواء كان القابض عالماً أو جاهلا ؟ فقد يتوهّم اختصاص الضمان بصورة جهل الدافع بالفساد ويستدلّ له بوجهين :

الأوّل : أنّ الدافع إذا كان عالماً بالفساد فقد سلّط القابض على ماله مجّاناً كما هو تعبير الشيخ (قدّس سرّه) في بيع الغاصب ، أو يكون المال أمانة مالكية عند القابض كما هو تعبيره في المقام ، والمطلب واحد ، وهذا الوجه يجري في كلا فرضي علم القابض بالفساد وجهله .

الثاني : ـ وهو مختصّ بصورة جهل القابض بالفساد ـ أنّ القابض حينئذ مغرور قد غرّه الدافع ، والمغرور يرجع على من غرّه ، فلا ضمان عليه .

وفي كلا الوجهين من حيث الصغرى نظر ، وأمّا الكبرى فللبحث عنها مقام آخر .

أمّا الوجه الأول وكون التسليط مجّانياً فهو خلاف الوجدان ، لأنّ الدافع إنّما يسلّط القابض على ماله بعنوان المعاوضة وعلى أنّه مالك ولو تشريعاً كما في سائر المعاملات الفاسدة من القمار ونحوه ، وإلاّ لزم عدم ضمان القابض لما يأخذه في القمار


 
 
 

ــ[241]ــ

وبيع الخمر ونحوهما إذا كان الدافع عالماً بالفساد ، فإنّ التسليط حينئذ يكون مجانياً غير موجب للضمان خصوصاً إذا كان القابض جاهلا بالفساد بشبهة موضوعية فإنّ توهّم الغرور أيضاً يكون جارياً فيه ، نعم فيما كان الجهل بشبهه حكمية لا مجال للتغرير ، لأنّه كان مكلّفاً بالفحص فلم يفعل فليس بمغرور ، وهذا مناف للفتاوى وإطلاق الأدلّة الدالّة على أنّ ثمن الخمر ومهر البغي ونحو ذلك سحت .

وأمّا الوجه الثاني أعني الغرور فلأنّ الغرور متقوّم بأمرين : علم الغار وجهل المغرور ، ولا يصدق عنوان الغرور إذا انتفى أحدهما ، والقابض في الفرض وإن كان جاهلا بفساد المعاملة إلاّ أنّه عالم بالضمان وهو مقدم عليه ، غايته الضمان بالمسمّى لا أكثر ، ولا كلام لنا الآن في ذلك ، بل لا يبعد القول بعدم ضمانه بالاضافة إلى الزائد على المسمّى ، نعم يصدق الغرور فيما إذا كانت المعاملة مبنية على المجانية كالهدية وتقديم الطعام للضيف وكان ذلك فاسداً من جهة كون المال لغير المهدي ، فيكون مغروراً يرجع فيما اغترمه على الغار . هذا تمام الكلام في أصل القاعدة .

وأمّا عكس القاعدة وهو كلّ عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده فقد علم حكمه ممّا سبق في أصلها ، لأنّه لو كان مدرك الضمان هو قاعدة اليد فتشمل حتّى الموارد التي لا ضمان في صحيحها ، فلابدّ من تخصيص القاعدة بدليل خاصّ في موارد عدم الضمان في الصحيح ، والمخصّص على ما ذكره الشيخ(1) في ذيل عبارته هو عموم ما ورد(2) من أنّ من استأمنه المالك على ملكه غير ضامن ، وأمّا على ما سلكناه في المدرك للضمان في أصل القاعدة من السيرة العقلائية فهي مختصّة بما يضمن بصحيحه أي بما إذا لم يقدم المالك على بذل ماله مجّاناً أو أمانة أو عارية ، فإنّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 3 : 197 .

(2) الوسائل 19 : 79 / كتاب الوديعة ب4 .

ــ[242]ــ

هذه الموارد لا تشملها السيرة القائمة على الضمان ، فمن الأوّل يكون دليل الضمان غير شامل لهذه الموارد ولا يحتاج إلى مخصّص .

ثمّ إنّ القاعدة على تقدير تماميتها تكون مخصّصة لحديث اليد لا محالة ، لأنّها أخصّ منه وواردة في مورده ، ولا معنى لكونها معارضة به كما توهّم .

ثمّ إنّ الشيخ (قدّس سرّه) أورد نقوضاً على عكس القاعدة .

منها : الاجارة الفاسدة ، لأنّ العين فيها غير مضمونة في الصحيحة بخلاف الفاسدة لأنّ العين مضمونة فيها كما عن الرياض(1) وجامع المقاصد(2) ووجه الضمان إمّا احتمال التخصيص أو التخصّص . أمّا الأوّل : فدعوى أنّ قاعدة اليد مخصّصة لعكس القاعدة . وفيه : أنّ مورد قاعدة ما لا يضمن هو اليد والاستيلاء فتلك القاعدة مخصّصة لليد . وأمّا الثاني : فدعوى أنّ قاعدة ما لا يضمن إنّما تجري في مورد العقد ولا كلام أنّ مورد العقد في الاجارة هو المنفعة لا العين ، فتكون العين خارجة عن القاعدة ، غاية الأمر لمّا كان استيفاء المنفعة متوقّفاً على تسليم العين في الاجارة الصحيحة يكون تسليم العين في الاجارة الصحيحة أمانة مالكية وشرعية فلا ضمان ولذا يجبر المالك على تسليم العين مع امتناعه عنه ، ولكن في الفاسدة لا يكون العين أمانة لأنّ الموجر إنّما سلّم العين بتخيّل صحّة الاجارة وأنّ التسليم واجب عليه ، ولمّا كانت فاسدة فيكون المستأجر ضامناً لها بمقتضى حديث على اليد لكون يده على العين يد عدوان ، وأمّا نفس المنفعة فبما أنّها مورد العقد فتدخل في أصل القاعدة أي كلّ ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده ، هذا .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الرياض 10 : 44 .

(2) جامع المقاصد 6 : 216 .

ــ[243]ــ

ولكن التحقيق عدم الضمان في الاجارة الفاسدة للعين كما هو المشهور ، لأنّ محل النزاع في المقام مختصّ بما إذا كان استيفاء المنفعة متوقّفاً على تسلّط المستأجر على العين وكان دخول العين تحت يد المستأجر باقتضاء عقد الاجارة ، وأمّا إذا لم يتوقّف استيفاء المنفعة على تسلّط المستأجر عليها فلم تدخل العين تحت يده بل كانت تحت يد المالك فتلفت عنده أو دخلت العين تحت يده وتسلّط عليها ، لكن لا من جهة اقتضاء عقد الاجارة ذلك ، بل من جهة أمر خارجي كاشتراط مستأجر الحيوان على المالك نقل متاعه بنفسه ولكن استدعى مالك الحيوان من المستأجر أن يأخذ الحيوان معه ، فلا ضمان على المستأجر في هذين الفرضين بلا نزاع ، وفي محلّ النزاع إن كان مراد المستدلّ أنّ العين خارجة عن مورد التمليك فهو صحيح ولكن الاجارة إنّما تتضمّن تمليك المنفعة وشرطاً ضمنياً وهو لزوم تسليم العين مجّاناً ، لأنّ استيفاء المنفعة متوقّف على تسلّطه عليها ، فاذن يكون العين داخلة في العقد بالشرط الضمني الارتكازي ، فكما تكون الاجارة الصحيحة غير موجبة لضمان العين ففي الفاسدة كذلك . وأمّا ما ذكره المحقّق الخراساني(1) في مقام الجواب من أنّ العين داخل في مورد العقد ولذا يقال آجرتك الدار ولا يقال آجرتك المنفعة فغير محتاج إليه ، لأنّه ليس المراد اللفظ بل يكون حقيقة الاجارة تمليك المنفعة وإن كانت العين متعلّقة للعقد لفظاً .

ومنها : أي وممّا يرد على المقام نقضاً مسألة استعارة المحرم من المحلّ صيداً فإنّهم ذهبوا إلى ضمانه مع أنّ صحيحها لا ضمان فيه ، ولا ريب أنّ كلامنا في صورة التلف لا الاتلاف ، ولذا إنّما نقول بعدم الضمان في صحيح العارية فيما إذا تلف ، وأمّا لو أتلفه فلا وجه لعدم الضمان ، وقد ذكر للضمان وجهان :

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) حاشية المكاسب (الآخوند) : 32 .

ــ[244]ــ

الأوّل : ما ذكره الشيخ (قدّس سرّه)(1) من أنّ الضمان فيها إنّما يتحقّق بمجرد استيلاء المحرم على العين لكونه مأموراً بالارسال ، فليس الضمان مستنداً إلى التلف لينقض به ، لأنّ مورد القاعدة ما إذا استند الضمان إلى التلف .

وفيه : أنّ الثابت إنّما هو وجوب الارسال تكليفاً وهو غير مستلزم للضمان وضعاً واستقرار بدل العين في الذمّة ، ولم يدلّ دليل على ثبوته بمجرد وضع اليد ، ولذا لو لم يرسلها بل أدّاها إليه لم يضمن شيئاً وإن كان عاصياً ، فالضمان لا يتحقّق إلاّ بعد التلف ويكون مستنداً إليه .

بل يمكن أن يقال إنّه لم يثبت وجوب الارسال أيضاً ، وغاية ما هناك حرمة الامساك ووجوب الفداء على تقديره ، وهو غير وجوب الارسال ، وعليه فلا مانع من الردّ إلى المالك .

الثاني : ما ذهب إليه شيخنا الاُستاذ (قدّس سرّه)(2) من أنّ الصيد يخرج عن ملك مالكه بمجرد الأخذ ، فيكون أخذه إتلافاً فيضمن من جهة الاتلاف دون التلف  .

وفيه : أنّ ما دلّ الدليل عليه هو أنّ المحرم لا يملك الصيد ، وأمّا خروجه عن ملك مالكه المحلّ بمجرد أخذ المحرم فلا ، ولذا لو أخذه ثمّ ردّه إلى مالكه فهو غير ضامن قطعاً .

فالحقّ عدم الضمان في صورة التلف كما ذهب إليه صاحب الجواهر (قدّس سرّه)(3) وإنّما التزم بالضمان في الاتلاف .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 3 : 195 .

(2) المكاسب والبيع 1 : 314 ـ 315 .

(3) الجواهر 27 : 165 .

ــ[245]ــ

وأمّا الشرائع(1) فذكر في العارية أنّه لا يجوز للمحرم أن يستعير من محلّ صيداً لأنّه ليس له إمساكه فلو أمسكه ضمنه وإن لم يشترط عليه ، وظاهره صورة التلف لأنّ الاشتراط وعدمه غير دخيل في الضمان في صورة الاتلاف ، ولكن العجب من السيد (قدّس سرّه)(2) حيث ذكر كلام الشرائع وأضاف إليه كلمة وأرسله وحمله على صورة الاتلاف . وفيه : كما ذهب إليه الاُستاذ (قدّس سرّه) أنّ كلمة أرسله من صاحب الجواهر لا من كلام المحقّق فلا يكون ناظراً إلى الاتلاف .

ومنها : المنافع غير المستوفاة في البيع الفاسد ، حيث إنّها في صحيح البيع لم تكن مضمونة بخلاف الفاسد . ولا وجه لتخصيص النقض بغير المستوفاة ، لأنّ النقض جار حتّى بالنسبة إلى المنافع المستوفاة أيضاً ، لأنّها أيضاً غير مضمونة في البيع الصحيح ومضمونة في الفاسد ، ولعلّ وجه الاختصاص أنّ المراد من غير المستوفاة ما لا يكون عيناً كالركوب ، والمراد من المستوفاة ما يكون من الأعيان كاللبن والصوف ، وحيث إنّ استيفاء الأعيان إتلاف لها فتكون المنافع المستوفاة المراد بها الأعيان المتلفة خارجة عن مورد القاعدة فلا يقع النقض بها ، ولكن استيفاء غير الأعيان يكون بمنزلة التلف الذي هو مورد القاعدة فيقع بها النقض .

وأجاب شيخنا الاُستاذ (قدّس سرّه)(3) عن هذا النقض بأنّ تلك القاعدة إنّما تجري في مورد العقد ، ولا كلام أنّ مورد البيع هي العين دون المنافع ، ففي البيع الصحيح تكون المنافع قد استوفاها المشتري في ملكه فلا معنى لضمانه ، وأمّا في الفاسد فهي مضمونه بمقتضى عموم على اليد ونحوه لأنّها باقية على ملك مالكها .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شرائع الإسلام 2 : 202 .

(2) حاشية المكاسب (اليزدي) : 94 .

(3) المكاسب والبيع 1 : 308 ، منية الطالب 1 : 273 .

ــ[246]ــ

وفيه : أنّه يلزم من ذلك الالتزام بمثله في الهبة الفاسدة ، لأنّ موردها العين والمنافع خارجة فيضمنها المتّهب مع أنّه ليس كذلك ، هذا .

ولكن الحقّ في الجواب أنّ بين تمليك العين وتمليك المنفعة عموماً من وجه فربما يكون تمليك العين بلا تمليك المنفعة كبيع شيء مسلوب المنفعة ، أو تمليك منفعة بلا تمليك عين كالاجارة ، وربما يجتمعان وهو واضح ، ولا ريب أنّ تمليك كلّ منهما يحتاج إلى السبب ، وبما أنّ السبب في صحيح البيع ليس إلاّ نفس البيع فلا محالة يقع الثمن في مقابل العين والمنفعة كليهما ، فالمنفعة أيضاً مورد للعقد ولو بالتبع فتكون مضمونة في الصحيح والفاسد فتدخل المنافع في أصل القاعدة وهو كلّ ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده ، وبهذا يفترق البيع عن الهبة ، لأنّ التمليك في الهبة إنّما يكون مجاناً فلا ضمان في الصحيح والفاسد منها بمقتضى عكس القاعدة ، نعم لو فسخ البيع أو تقايلا ترجع المنافع من حين الفسخ أو الاقالة لا قبله فلا تضمن المنافع المستوفاة قبل الفسخ أو الاقالة لكون استيفائها في ملك المستوفي ، اللهمّ إلاّ أن يكون بعض أوصاف المبيع زائداً حين الفسخ أو الاقالة ، كما لو زال وصف القابلية للركوب عن الدابة بكسر رجله فلا مناص من ضمان الوصف ، فالضمان للمنافع والأوصاف يكون على القاعدة .

ومنها : حمل الدابة ، حيث ذهب فيه بعضهم إلى الضمان في البيع الفاسد مع أنّه غير مضمون في البيع الصحيح ، وذهب بعضهم إلى عدم الضمان ، ولا يبعد الجمع بينهما بحمل كلام النافي للضمان على ما إذا لم يشترط دخوله في البيع ، فإنّه حينئذ يكون أمانة عند المشتري فلا يكون مضموناً عليه ، وحمل القول بالضمان على ما إذا اشترط دخوله في البيع ، فيدخل في أصل القاعدة ، فلا ينتقض العكس ، وربما يتوهّم النقض بصفات المبيع ، ولكن يظهر جوابه ممّا تقدّم .

ومنها : الشركة الفاسدة ، لأنّ عدم وقوع الشركة صحيحة يمنع عن جواز

ــ[247]ــ

التصرف ، فإذا لم يجز التصرف يكون الشريك ضامناً ، مع أنّ صحيح الشركة لا يوجب الضمان .

وفيه : أنّه لا ملازمة بين عدم جواز التصرف والضمان كما لو وهبت الأمة بالهبة الفاسدة فتلفت فلا يضمن لها ، مع أنّ التصرف لم يكن جائزاً له في الواقع فالضمان في الشركة غير ثابت حتّى يرد به النقض على القاعدة .

ثمّ إنّه ربما ينقض أصل القاعدة بالنكاح الفاسد مع علم المرأة بالفساد ، فإنّ الاستمتاع بها حينئذ غير مضمون ، لأنّها بغيّ ولا مهر لبغيّ ، مع أنّ الاستمتاعات في النكاح الصحيح مضمونة ، لأنّه في حكم العقود المعاوضية .

وفيه : أنّه يمكن الجواب بالالتزام بالتخصيص في هذا المورد لعدم كون القاعدة عقلية غير قابلة للتخصيص ، كما يمكن بالالتزام بالتخصّص لأنّ المهر والأجر في النكاح إنّما يجعل بازاء نفس الزوجية دون الانتفاعات على ما يستفاد من بعض النصوص من مضمون قوله (عليه السلام) « معاذ الله أن يجعل للبضع أجراً  »(1) فبمجرد العقد يستحقّ المهر دون شيء آخر ، فهو خارج عن مورد القاعدة ، لأنّ موردها ما إذا كان هناك شيء يضمن بالتلف أو الاتلاف ، وليست الانتفاعات في النكاح من هذا القبيل . نعم خصّص ذلك في بعض الموارد كثبوت اُجرة المثل في الوطء بالشبهة وسقوط نصف المهر فيما إذا ماتت أو طلّقت قبل الدخول . والحاصل أنّ النكاح إن كان صحيحاً ثبت بنفسه الضمان وإن كان فاسداً فلا مقتضي للضمان أصلا .

ثّم إنّ مدرك عكس القاعدة يختلف على اختلاف المباني ، فإن قلنا بأنّ دليل الضمان في أصل القاعدة هو السيرة العقلائية التي لم يردع عنها الشارع ففي الحقيقة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 18 : 103 / أبواب أحكام العيوب ب4 ح4 .

ــ[248]ــ

يكون موارد العقود المجّانية خارجة عن موردها تخصّصاً وغير مشمولة للسيرة من الأوّل كما هو التحقيق . وأمّا على مسلك الشيخ ومن وافقه من أنّ دليل الضمان عبارة عن قاعدة اليد فجميع هذه الموارد من العارية والوديعة ونحوهما داخلة فيها فالضمان ثابت ويحتاج في إخراجها إلى مخصّص ، وليس لنا مخصّص لعموم على اليد . وأمّا ما ذكره الشيخ (قدّس سرّه)(1) في ذيل كلامه من أنّ ما دلّ على أنّ من استأمنه المالك على ملكه غير ضامن بل ليس لك أن تتّهمه مخصّص لعموم على اليد ، فياليت قد عيّن مورده فإنّه غير معلوم الرواية(2).

نعم ورد (مَا عَلَى الُْمحْسِنِينَ مِنْ سَبِيل)(3) وأنّه ليس على الأمين إلاّ اليمين(4)ولكنّه مختصّ بمن استأمنه المالك بأمانة أو عارية ممضاة شرعاً ، وهذا غير مربوط بمقامنا ، لأنّ القابض بالعقد الفاسد غاصب وتصرّفه عدواني حسب ما بنى (قدّس سرّه) عليه فكيف لا يكون ضامناً . فالاستدلال بدليل الاستيمان غريب . وكذا استناده في عدم الضمان في الهبة الفاسدة إلى فحوى ما دلّ على عدم الضمان في موارد الاستيمان ، فإنّ استيمان المالك لغيره على ملكه إذا اقتضى عدم ضمانه له اقتضى التسليط المطلق المجّاني عدم ضمانه بطريق أولى . وهذا أيضاً غريب ، لما عرفت من اختصاص تلك الأدلّة بموارد الاستيمان ولا تشمل غيرها فضلا عن الأولوية .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 3 : 197 .

(2) ] ورد مضمون ذلك في الوسائل 19 : 79 / كتاب الوديعة ب4 [ .

(3) التوبة 9 : 91 .

(4) ] الظاهر كونها قاعدة فقهية وليست رواية [ .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net