جريان الفضولية في بيع الكلّي - جريان الفضولية في المعاطاة 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الاول : البيع-1   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4287


جريان الفضولي في بيع الكلّي

ولنرجع إلى أحكام بيع الفضولي ونقول : إنّ بيع الفضولي لا يختصّ بالأعيان الشخصية ويجري في بيع الكلّي في الذمّة كما إذا باع أحد عشرة أمنان من الحنطة في ذمّة زيد بكذا مقداراً من الثمن أو اشترى شيئاً بعشرة دراهم في ذمّة زيد وهكذا .


ــ[426]ــ

وبيع الفضولي في الذمّة يتصوّر على ثلاثة أقسام : لأنّه تارةً يضيف الذمّة إلى الغير صراحةً ويقول بعتك عشرة أمنان من الحنطة في ذمّة فلان بكذا ، واُخرى يسند البيع إلى الغير الظاهر في إضافة الذمّة إليه كما إذا قال من قبل فلان بعتك عشرة أمنان من الحنطة بكذا فلا يضيف الذمّة إليه إلاّ على نحو الظهور ، وثالثة لا يضيف شيئاً من البيع أو الذمّة إلى الغير في المعاملة وإنّما يقصد ذلك وينوي كونه في ذمّة فلان  .

وفي هذا القسم الأخير إن أجاز صاحب الذمّة وقع العقد له ، وإن ردّ فلا يقع العقد له ولكن هل يقع للفضولي أو لا ، اختار الشيخ البطلان واقعاً وعدم وقوعه للفضولي أيضاً ، ولكن لو لم يصدّقه الطرف الآخر في الفضولية وحلف على عدم علمه بالفضولية حكم بوقوع العقد للفضولي بحسب الظاهر . واختار العلاّمة(1)وقوعه للفضولي واقعاً ونسب إلى جماعة .

نقول : أمّا بحسب الحكم الواقعي فالحقّ هو البطلان كما اختاره الشيخ (قدّس سرّه) ، لأنّ مالية الكلّي إنّما هي بحسب إضافته إلى الذمم ، فالكلّي المضاف إلى ذمّة غير الكلّي المضاف إلى ذمّة شخص آخر ، وعليه فإذا وقع أحدهما متعلّقاً للعقد فلا معنى لصحّة العقد بالنسبة إلى الآخر .

وأمّا بحسب الظاهر في فرض الترافع فالمدّعي للفضولية هو المدّعي لمخالفة قوله لظاهر العقد ولأصالة الصحّة ، والطرف الآخر منكر لموافقة قوله لأصالة الصحّة ، وحيث إنّ القصد أمر قلبي لا يمكن للمدّعي إقامة البيّنة عليه تصل النوبة إلى حلف المنكر ، ولابدّ للمنكر أن يحلف على عدم قصد طرفه الفضولية لا على عدم العلم ، لأنّ عدم علمه لا ينافي قصد طرفه الفضولية ، وحيث إنّه لا يمكن للمنكر

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع قواعد الأحكام 1 : 247 .

ــ[427]ــ

الحلف على عدم قصد طرفه الفضولية لكونه أمراً قلبياً فلا محالة يردّ الحلف إلى المدّعي ، فيحلف ويحكم ببطلان العقد ظاهراً . فاتّضح أنّ الحقّ هو البطلان واقعاً وظاهراً .

ثمّ تعرّض الشيخ (قدّس سرّه) لمسألة اُخرى وهي ما لو جمع العاقد بين المتنافيين بأن أضاف البيع إلى غيره والكلّي إلى ذمّة نفسه بأن قال : اشتريت هذا لفلان بدرهم في ذمّتي ، أو أضاف البيع إلى نفسه والكلّي إلى غيره بأن قال : اشتريت هذا لنفسي بدرهم في ذمّة فلان ، ثمّ نقل كلاماً عن العلاّمة (قدّس سرّه) في التذكرة يحتمل أن يراد به الصورة السابقة أعني قصد وقوع الكلّي في ذمّة الغير وتعيينه بالنيّة وهذا ما يساعد عليه صدر عبارته ، ويحتمل أن يراد به صورة التنافي وهذا ما يظهر من ذيل عبارته ، وكيف كان فقد نُسب إلى المشهور أنّ الغير إذا ردّ المعاملة تقع عن الفضولي ، ويمكن حمله بحيث ينطبق على القواعد على ما إذا اشترى بالكلّي والتزم هو بأدائه إمّا من مال غيره فيكون الشراء للغير وإمّا من ماله فيكون الشراء لنفسه ولكن الملتزم بالأداء هو المباشر لا الغير ، وينحلّ هذا الشراء إلى شرائين طوليين فيشتري للغير فإن أجاز وقع له وإلاّ فيشتري لنفسه ، وهذا التعليق لا يوجب البطلان ، لأنّه تعليق على ما تتوقّف صحّة العقد عليه واقعاً ، ولأنّ الدليل على مبطلية التعليق هو الإجماع ، والمتيقّن منه غير هذا المورد أي إنشاء بيعين طوليين فتشمله أدلّة صحّة البيع والعقود ، وعليه فإذا أجاز الغير وقع العقد له وإلاّ وقع للمباشر .

وقد تصدّى المحقّق النائيني(1) لتطبيقه على القاعدة بوجهين :

أحدهما : أن يكون مراد العاقد وقوع المعاملة لنفسه مع كون المال في ذمّته

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) منية الطالب 2 : 47 .

ــ[428]ــ

ويكون قصده للغير من باب بيع التولية له ، وتكون إجازة الغير من قبيل القبول وحينئذ فإن أجاز الغير التولية يكون البيع له وإلاّ يكون للعاقد .

وفيه : أنّ هذا خلاف الفرض ، لأنّ المفروض أنّه لو أجاز ينتقل المال من مالكه إليه لا من ملك العاقد ، وعلى التولية ينتقل المال من ملك المالك إلى العاقد ومن ملك العاقد إلى ملك المجيز ، هذا أوّلا .

وثانياً : أنّ ذلك لو تمّ فإنّما يتمّ في شراء الفضولي متاعاً بثمن في ذمّته فيبيع ذلك المتاع تولية للغير وأمّا إذا باع الفضولي شيئاً في ذمّته بثمن للغير فلا معنى لبيع ذلك الشيء تولية للغير لأنّه باع مال نفسه للمشتري وجعل ثمنه للغير ولم يبع شيئاً للغير حتّى يصحّ باجازته ، مع أنّ كلامهم في مطلق المعاملة الفضولية سواء كان في البيع أو الاشتراء .

وثالثاً : أنّ الفضولي ربما يموت قبل إجازة الغير ، فلو كانت الاجازة قبولا لبيع التولية فلا محالة يبطل البيع لخروج الموجب عن أهلية العقد قبل تحقّق القبول مع أنّهم يلتزمون بالصحّة في هذا الفرض .

وثانيهما : أن يكون مراده وقوع البيع للغير وقصد إضافة الكلّي إلى ذمّة الغير ، لكنّه ضمن ذمّة الغير بناءً على أن لا يكون الضمان موجباً لانتقال المال إلى ذمّة الضامن كما عليه العامّة(1)، فيكون كلّ منهما ضامناً بنحو الطولية .

وفيه أوّلا : أنّه لو لم يجز الغير العقد فلا معنى لوقوع العقد للضامن وكونه ملزماً بالأداء . وثانياً : أنّه لو أجاز الغير العقد ولم يؤد المال يلزم أن يكون الضامن ملزماً بأدائه .

بقي الكلام في حكم التنافي بين الاضافتين فيما إذا أجاز الغير ، وقد ذهب

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المغني لابن قدامة 5 : 70 ، 83 ، المجموع 14 : 24 ، المهذّب 2 : 307 .

ــ[429]ــ

شيخنا الاُستاذ(1) إلى صحّة المعاملة ووقوعها عن العاقد الفضولي ولا أثر لإجازة الغير ، وبنى توضيح ذلك على مقدّمتين :

إحداهما : أنّ مقتضى إطلاق العقد والمعاملة الصادرة من شخص أنّ العقد له ما لم ينصب قرينة على صرفه للغير ، وهذا نظير الواجب النفسي والغيري والعيني والكفائي حيث ذكرنا في الأوامر(2) أنّ ظاهر إطلاق صيغة الأمر يقتضي النفسية والعينية ، وكون الوجوب غيرياً أو كفائياً يحتاج إلى مؤونة زائدة وقرينة تدلّ على أنّ الوجوب غيري أو كفائي ، وإطلاق العقد أيضاً يقتضي وقوعه للعاقد حتّى ينصب قرينة على أنّه للغير .

وثانيتهما : أنّ المعاملة إنّما تتقوّم بالمبادلة بين المالين ، وغيرها من القيود والاضافات خارجة عن حقيقتها ، ففي صورة التعارض تقع لغواً لا محالة ، وعلى هاتين المقدّمتين بنى أنّ الاضافة إلى الذمّة والاضافة إلى الغير في البيع وإن كانت كلّ واحدة منهما قرينة على صرف البيع إلى العاقد في الصورة الاُولى وللغير في الثانية إلاّ أنّهما لتعارضهما تسقطان ، فيبقى في البين أصل المبادلة بين المالين ، وقد عرفت أنّ إطلاق العقد يقتضي وقوعه للعاقد والمباشر ، وبذلك نحكم على أن البيع وقع للعاقد فقط سواء أجاز الغير أم ردّه ، هذا .

ولا يخفى أنّ ما أفاده وإن كان بحسب الكبرى ممّا لا إشكال فيه ، وأنّ الظاهر يقتضي وقوع البيع للعاقد ، إلاّ أنّ تطبيق ذلك على المقام غير صحيح ، وذلك لأنّ إضافة البيع للغير في الكلام إن كان قرينة على عدم إرادة المبادلة حقيقة ، إذ لا معنى في المبادلة لدخول الثمن في ملك غير من خرج عن ملكه المثمن ، فلا كلام في بطلان

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) منية الطالب 2 : 45 .

(2) محاضرات في اُصول الفقه 2 (موسوعة الإمام الخوئي 44) : 3 .

ــ[430]ــ

المبادلة حينئذ ، وإن كان التنافي بين الاضافتين قرينة على إنشاء بيعين طوليين كما صوّرناه سابقاً فلا إشكال في وقوع البيع للغير إذا أجاز وإذا ردّ يقع البيع للعاقد . وأمّا إذا لم يكن قرينة على أحد الأمرين بل أنشأ معاملة واحدة قاصداً لحقيقتها ولو لاعتقاده صحّة هكذا معاملة ، فحينئذ بما أنّ الكلّي لابدّ أن يضاف إلى شخص معيّن في المعاملة فتقع المعاملة لذلك الشخص الذي اُضيف إليه الكلّي في المبادلة ، فإن اشترى بما في ذمّته للغير فالمعاملة تقع للمشتري لا محالة ، كما أنّ المشتري إذا اشترى لنفسه بما في ذمّة الغير تقع المعاملة للغير ويكون فضولياً محتاجاً إلى إجازة الغير لا محالة .

وبالجملة : أنّ تعيين المالكين وإن لم يكن شرطاً في صحّة المعاملة إلاّ أنّ المثمن إنّما يدخل في ملك من خرج من ملكه الثمن ، وكذا الحال في العكس ، كما أنّ الأمر كذلك في بيع الأعيان الشخصية فإنّه إذا اشترى شيئاً بمال معيّن فلا محالة ينتقل المبيع إلى ملك من خرج عن ملكه المال ، ولا يعقل أن ينتقل إلى ملك شخص آخر كما هو ظاهر .

فالمتحصّل : أنّ البيع سواء كان في الأعيان الشخصية أو الكلّيات إنّما يقع لمن خرج عن ملكه الثمن فيدخل المبيع في ملكه ، وهذا ظاهر جدّاً .

الكلام في جريان الفضولي في المعاطاة وعدمه

اختلفوا في جريان الفضولي في المعاطاة على أقوال ثالثها : التفصيل بين القول بأنّ المعاطاة تفيد الاباحة فلا يجري والقول بأنّها تفيد الملك فيجري ، واستدلّ للمنع مطلقاً بوجوه :

الأوّل : أنّ القبض والاقباض في المعاطاة محرّمان ومنهيّان لأنّهما تصرّف في مال الغير بلا إذنه ، والنهي في المعاملات يوجب الفساد .

ــ[431]ــ

والجواب عن ذلك أوّلا : أنّا نفرض الكلام فيما إذا لم يكن التصرّف في المال منهيّاً عنه ، وهذا كما إذا اعتقد أنّ المال ملكه فأقبضه واشترى به شيئاً فإنّه لا حرمة في التصرف واقعاً كما في سائر موارد الجهل المركّب والغفلة والنسيان .

وثانياً : أنّ المالك ربما يجيز التصرّف في ماله وإن لم يجز البيع كما إذا صرّح بأنّه لا مانع من أن يبقى المال عندك أو عند أخيك ، فأعطى المال لأخيه وقصد به المعاملة أو أقبضه من وكيل المالك وقصد به البيع .

وثالثاً : يمكن أن يكون المالك راضياً بالبيع والقبض فلا يكون التصرف فيه حراماً ومع ذلك لا يخرج البيع عن كونه فضولياً ، لما ذكرناه سابقاً من أنّ مجرّد الرضا لا يخرج المعاملة عن الفضولية .

ورابعاً : أنّ النهي على تقدير تسليمه تكليفي وهو لا يستتبع الفساد .

وخامساً : لو سلّمنا أنّ النهي التكليفي يستلزم الفساد فلا يقتضي ذلك إلاّ فساد المعاملة بالنسبة إلى من توجّه عليه وهو الفضولي لا بالنسبة إلى المالك بعد إجازته .

الثاني : ما ذكره بعضهم وحكاه شيخنا الأنصاري(1) في المقام : من أنّ صحّة المعاطاة تتوقّف على إنشاء التمليك والرضا وهما من شؤون المالك كما لا يخفى ، ولا يتحقّقان من الفضولي أصلا .

ويدفعه : أنّ هذا لو تمّ لعمّ ويوجب بطلان أصل الفضولي مطلقاً كان في العقد اللفظي أو المعاملة المعاطاتية ، مع أنّ الكلام في جريانه في المعاطاة بعد الفراغ عن صحّته في المعاملات اللفظية .

وأمّا حلّ الإشكال : فهو أنّ إنشاء التمليك أمر لا مؤونة فيه ويتحقّق من كلّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 3 : 395 .

ــ[432]ــ

أحد في كلّ مال لكلّ شخص ، وأمّا الرضا فالمفروض أنّ المالك يرضى به بعد المعاطاة .

الثالث : أنّ صحّة العقد الفضولي إنّما ثبتت في الموارد المتقدّمة على خلاف القاعدة فيقتصر فيه على الموارد التي ورد فيها نصّ كما تقدّم سابقاً .

وأجاب عنه شيخنا الأنصاري : بأنّ الفضولي على طبق القاعدة للعمومات الدالّة على صحّته كأوفوا بالعقد وغيره من عمومات البيع والتجارة ، وظاهره تسليم عدم جريان الفضولي في المعاطاة فيما إذا كان على خلاف القاعدة .

ولكن الأمر ليس كذلك ، لأنّه يجري في المعاطاة ولو كان على خلاف القاعدة  ، لأنّ الأدلّة الخاصّة الواردة في الموارد المتقدّمة عامّة تشمل المعاطاة أيضاً إذ لم يقيّد شيء منها بالبيع اللفظي ولم يفصّل فيها بين المعاطاة والعقد ، نعم ما أفاده من أنّ الفضولي على طبق القاعدة متين .

الرابع : ما استدلّ به شيخنا الاُستاذ (قدّس سرّه)(1) وحاصله : أنّا إذا بنينا على إفادة المعاطاة للاباحة فالمؤثّر فيها هي التسليط المالكي لا تسليط غيره وإجازة المالك تسليط الغير ، بنفسها مصداق للتسليط المالكي لا أنّها توجب تأثير التسليط السابق الصادر من غير المالك فإنّه لغو لا يترتّب عليه الأثر وإنّما يترتّب الأثر على تسليط المالك ، وأمّا إذا بنينا على أنّها تفيد الملك فاجازة المالك إنّما تتعلّق بما يكون قابلا للبقاء وهذا لا يتحقّق إلاّ بالعقد اللفظي فإنّه بالعقد الذي هو بيع بالمعنى المصدري يتحقّق أمر قابل للبقاء وهو تبديل طرفي الاضافة ويعبّر عنه باسم المصدر والاجازة اللاحقة إنّما تتعلّق بهذا الأمر الباقي وأمّا الفعل الصادر من الفضولي فهو لا يعنون إلاّ بعنوان الاعطاء والتبديل المكاني وليس له إسم مصدر

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) منية الطالب 2 : 51 .

ــ[433]ــ

غير العطاء ، وهذا لا ينفكّ عنه وليس قابلا للبقاء حتّى تتعلّق به إجازة المالك .

وما أفاده (قدّس سرّه) إن تمّ فإنّما يتمّ على المسلك المشهور من أنّ الانشاء عبارة عن إيجاد المعنى باللفظ وإن كان قابلا للمناقشة أيضاً ، وأمّا بناءً على ما ذكرناه في معنى الانشاء من أنّه عبارة عن إبراز الاعتبار النفساني فهو أمر خفيف المؤونة لا يتوقّف صدوره على المالك بوجه ويتحقّق من الفضولي أيضاً ، وهذا الابراز كما يتحقّق باللفظ يتحقّق بالفعل أيضاً ، وعليه فلا مانع من جريان الفضولي في المعاطاة كجريانه في البيع اللفظي ويكون مصداقاً للبيع حقيقة .

نعم يبقى هناك أنّ المعاطاة بناءً على إفادتها الاباحة هل يجري فيها الفضولي ؟ أفاد الشيخ (قدّس سرّه) إمكان القول بالبطلان لوجهين أحدهما : أنّ حصول الاباحة قبل الاجازة غير ممكن ، والتحقيق أنّ الكشف الحقيقي بمكان من الامكان فيكون التصرّف مباحاً في الواقع من حين المعاطاة غاية الأمر عدم العلم بالاباحة حتّى تتحقّق الاجازة . نعم الكشف الحقيقي لا دليل عليه في مقام الاثبات . وأمّا الكشف الحكمي فهو غير معقول لأنّ التصرّف في مال الغير قبل إجازته حرام وبعد الاجازة لا ينقلب الشيء عمّا وقع عليه بل تباح التصرفات الواقعة بعد الاجازة ، ولا معنى للحكم فعلا باباحة التصرفات السابقة ، وأمّا على النقل فلا مانع من الالتزام بالاباحة بعد الاجازة .

ثانيهما : أنّ الاباحة على خلاف القاعدة لأنّ ما قصد هو الملك وهو غير واقع وما وقع هو الاباحة وهي غير مقصودة ، فالاباحة شرعية على خلاف القاعدة فيقتصر على المتيقّن وهي صورة تعاطي المالكين .

والتحقيق أنّ الاباحة الشرعية وإن كانت على خلاف القاعدة إلاّ أنّ حصول الملك عند التصرّف على القاعدة ، فإذا أجاز المالك المعاطاة الفضولية وحصل التصرّف المتوقّف على الملك ، تحقّقت الملكية . وبعبارة اُخرى : مقتضى السيرة

ــ[434]ــ

العقلائية والأدلّة الامضائية هو تحقّق الملكية من حين المعاطاة ولكن بالإجماع نقيّد ذلك بالتصرف كما قيّدنا بيع الصرف بالقبض للأدلّة الواردة فيه ، فنحكم بعدم حصول الملكية قبل التصرّف فإذا حصل التصرّف تحقّقت الملكية على القاعدة وحينئذ فلا مانع من جريان الفضولي في المعاطاة من هذه الجهة فإذا أجاز المالك انتسب العقد إليه وتحصّل له الملكية بعد التصرف على القاعدة . نعم الاباحة الشرعية حكم آخر على خلاف القاعدة ثبت في الفترة الواقعة بين العقد والتصرف والقدر المتيقّن منه تعاطي المالكين ، فلا تثبت الاباحة الشرعية في تعاطي الفضولي إلاّ أنّ هذا لا يمنع من حصول الملك عند التصرف فإنّه حكم على القاعدة . فهذا الوجه لا يمكن المساعدة عليه .

هذا كلّه في المعاطاة المقصود بها الملك وأمّا المعاطاة المقصود بها الاباحة فقد ظهر حكمها ممّا سبق ، فإنّ الكشف الحكمي لا يعقل فيها والحقيقي لا يمكن الالتزام به إثباتاً ، والنقل يجري لكن الاجازة بنفسها إباحة من المالك فهي إباحة مالكية تحصل بنفس الاجازة .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net