بيع المصحف من الكافر 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الثاني : البيع-2   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4683


بيع المصحف من الكافر

ثم إنه يقع الكلام في جواز نقل المصحف إلى الكافر وعدمه . ولا يخفى أنّ محل الكلام في جواز بيع المصحف وعدمه إنّما هو مبني على جواز بيعه من المسلم ، وأمّا لو قلنا بعدم جوازه من المسلم كما عليه الشيخ الأنصاري (قدّس سرّه)(1) فالجواز من الكافر غير محتمل فعليه يقع في مطلق النقل مثل الهبة ونحوها . وأيضاً فليعلم أنّ كلامنا في جواز نقله إلى الكافر وعدمه إنّما هو من حيث هو من دون أن ينطبق عليه عنوان آخر محرّم مثل الهتك ونحوه . على أنّ نقل المصحف إلى الكافر قد يوجب احترامه وتعظيمه لأنه يطّلع على معارفه وقواعده وإن لم يؤمن به وقد يكون هذا سبباً لهدايته وإيمانه .

ثم إنه إذا عرفت هذا فاعلم أنّ عدم جواز بيع العبد المسلم من الكافر إن كان

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) صراط النجاة : 283 / المسألة 1168 .

ــ[224]ــ

دليله الاجماع فلا مانع من جواز بيع المصحف من الكافر لعدم الاجماع ، ولذا نقل الشيخ (قدّس سرّه)(1) عن بعض كراهة بيعه ، ولكنّه لم نعلم وجه الكراهة بل الأمر دائر بين المنع والجواز .

وكيف كان إن كان الدليل هناك الاجماع فهو غير تامّ هنا فلا مانع من جواز البيع . وإن كان الدليل هناك الآية الشريفة من جهة احترام المسلم فيمكن أن يقال في المقام بمناسبة الحكم والموضوع إنه إذا كان بيع العبد المسلم غير جائز من جهة الاحترام فعدم الجواز في المصحف بطريق أولى ، لأنّ القرآن أعظم احتراماً من المؤمن لأنه أساس الدين .

ولكن فيه منع ظاهر ، بداهة أنه لم يعلم أنّ عدم جواز بيع العبد المسلم من الكافر من جهة الاحترام ، بل يمكن أن يكون لنكتة أن لا يكون متخلّقاً بأخلاق الكفّار وأن يميل إلى الكفر وغير ذلك من النكات ، هذا بالنسبة إلى أصل المسألة .

وأمّا الأولوية فهي أيضاً ممنوعة ، وذلك لبداهة أنّ المؤمن أعظم احتراماً من المصحف الموجود الشخصي ولذا لو دار الأمر بين إتلاف القرآن الشخصي الموجود وبين تلف النفس المحترمة فلا إشكال في جواز إتلاف القرآن كما إذا توقّف إنقاذ المؤمن على شدّ القرآن بشيء وكان المصحف أيضاً مخطوطاً بحيث لو وصل إليه الماء لتلف فيلقى على الشط مثلا حتّى يأخذه الغريق ويصل إلى الساحل ، وكما إذا توقّف حفظ النفس على جعل المصحف تحت القدم فيما إذا كان المؤمن قريباً من الموت لأجل الجوع بحيث لو لم يجعل المصحف تحت القدم لم تصل يده إلى الخبز فيموت جوعاً فحينئذ لا إشكال في جوازه ، نعم إذا دار الأمر بين إمحاء أحكام القرآن وقواعد الدين من أصلها وقتل النفس المؤمنة فالمتعيّن هو الثاني ، وقد ضحّى الأئمّة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 3 : 601 .

ــ[225]ــ

(عليهم السلام) بأنفسهم الشريفة في سبيل حفظه وتشييد قواعده وأحكامه . وكلامنا في جواز نقل المصحف الشخصي الموجود كما هو واضح ، وعلى فرض عدم جواز نقل المصحف هل يلحق به الأحاديث النبوية المتواترة أم لا ؟ الظاهر هو الثاني لعدم الدليل ، وعلى فرض التسليم فيه أيضاً هل تكون الأحاديث الآحاد ملحقة بالمتواترة أم لا ؟ الظاهر لا ، لأنّ كون شيء حجّة لا يوجب ترتّب جميع الأحكام عليه فلا يمنع عن جواز بيعه .

ولا ينقضي تعجّبي عن الشيخ الأنصاري (قدّس سرّه) كيف ذكر قوله هذا «  وما ذكروه حسن وإن كان وجهه لا يخلو عن تأمّل أو منع انتهى »(1) بداهة أنّه لو لم يكن الدليل تامّاً كيف يكون الافتاء بالدليل غير التامّ حسناً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 3 : 602 ] لكنّه ذكره في ذيل مسألة بيع المصحف [ .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net