اعتبار البعض البراءة من العيوب - حكم تبيّن فساد المبيع 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الثاني : البيع-2   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4350


وأمّا ما اعتبره بعضهم من البراءة عن العيوب ، فإن أراد منه براءة المبيع عن العيوب بأن يبيع ويتبرّأ عن أن يكون المبيع معيباً فهو عبارة اُخرى عن اشتراط الصحّة في المبيع وتغيير لفظ فقط ، لأنّ معناه اشتراط عدم العيب في المبيع ، وعدم العيب ليس إلاّ عبارة عن الصحّة إذ لا واسطة بين الصحّة وعدم العيب .

وإن أراد منه تبرّي البائع عن العيوب بأن يبيع ويتبرّأ عن عيوب المبيع وكأنّه يقول بعتك هذا الموجود أعمّ من المعيب والصحيح ، فيدفعه أنّ ذلك من أوضح أنحاء الغرر حينئذ وهو نظير البيع كيف ما كان كما إذا باع حنطة موجودة أعمّ من أن تكون حقّة أو أزيد منها أو أنقص وهو أمر غرري .

وبعبارة اُخرى : أنّ هذه الاشتراطات إنّما هي لأجل دفع الغرر لا محالة وحينئذ إن كان المشتري عالماً ومحرزاً للصحّة في المبيع فتبري البائع لا يمنع عن صحّة المعاملة لعدم الغرر حينئذ ، وأمّا إذا كان المشتري جاهلا بالحال فتبري البائع يؤكّد الغرر ، إذ لولا تبري البائع له أن يرجع إليه عند ظهور العيب لاشتراط الصحّة ببناء العقلاء ، فإذا تبرأ البائع من العيوب فمعناه أنّ المشتري لا يجوز له الرجوع إلى البائع على أي تقدير فهو يؤكّد الغرر حينئذ .

فالمتحصّل من جميع ذلك : أنّ ما لا يفسده الاختبار يصحّ بيعه بالاختبار واشتراط الصحّة وبدونه لأجل بناء العقلاء على اشتراط الصحّة في المبيع ، وأمّا ما يفسده الاختبار فصحّة بيعه بأحد الأمرين الآخرين أعني الاشتراط في متن العقد أي اشتراط الصحّة وعدمه لأجل بناء العقلاء على اشتراط البيع بالصحّة ولا يشترط فيه الاختبار بوجه ، فهما متحدان في الأخيرين وإنّما يفترقان في أنّ الأول يجوز بيعه بالاختبار دون الثاني كما مرّ ، وقد عرفت عدم الحاجة في شيء منهما إلى اشتراط الصحّة في المعاملة لكفاية بناء العقلاء على الصحّة كما مرّ .

ــ[455]ــ

وأمّا ما في رواية محمّد بن العيص « عن الرجل يشتري ما يذاق أيذوقه قبل أن يشتري ؟ قال : نعم فليذقه ولا يذوقنّ ما لا يشتري »(1) فلا دلالة فيها على اعتبار الاختبار فيما لا يفسده الاختبار ، لأنّ السؤال فيها كما ذكره شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(2) إنّما هو عن جواز الذوق لا عن وجوبه وتعيّنه وأجابه الإمام (عليه السلام) بجواز ذوق ما أراد أن يشتريه دون ما لا يشتريه كما إذا أخذ بالذوق من الأعناب الموجودة في السوق من أوّله إلى آخره من هذا الدكّان وذاك إلى أن يصل إلى آخره ولا يشتري شيئاً من العنب مع أنّه أكل منها بمقدار كثير .

فالمتحصّل : أنّ ما يفسده الاختبار وما لا يفسده الاختبار يجوز بيعه بلا اختبار وبلا اشتراط الصحّة لكفاية بناء العقلاء على اشتراطها في البيع دائماً ، فما ذكره الحلّي(3) ووقع في عبارة كثيرين من عدم جواز بيعه بلا اختبار اعتماداً على أصالة الصحّة بالمعنى المتقدّم ممّا لم نفهم له وجهاً ، وكيف كان فما لا يفسده الاختبار يجوز بيعه بالاختبار وباشتراط الصحّة وبالاعتماد على أصالة السلامة بالمعنى الذي ذكرناه من دون فرق في ذلك بين ما يتوقّف معظم المالية على وصف الصحّة وما لا يتوقّف معظمها عليه ، لما مرّ من أنّ أصالة السلامة تكفي في اشتراط الصحّة من دون حاجة إلى ذكره في العقد ، نعم أصالة السلامة بالمعنى الذي ذكره شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه) أعني كونها طريقاً لإحراز وصف الصحّة ممّا لا أساس له .

وأمّا ما يفسده الاختبار فهو كما لا يفسده الاختبار في جواز بيعه باشتراط الصحّة أو بالاعتماد على أصالة السلامة بالمعنى الذي ذكرناه ، نعم لا يمكن بيعه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 17 : 375 / أبواب عقد البيع وشروطه ب25 ح1 .

(2) المكاسب 4 : 289 .

(3) السرائر 2 : 331 .

ــ[456]ــ

بالاختبار لأنّ المفروض أنّ الاختبار يفسده ، وهذا هو الفارق بينه وبين ما لا يفسده الاختبار ، هذا كلّه في وصف الصحّة فيما لا يفسده الاختبار وما يفسده الاختبار .

وأمّا سائر الأوصاف الكمالية التي لها دخل في زيادة القيمة من دون مدخلية لها في صحّة الشيء وفساده وذلك كالحلاوة والحموضة في البطيخ والخلّ والرقّي ونحوهما فلا يمكن فيها الاعتماد على أصالة السلامة ، لأنّ الفرض أنّ المبيع سالم عن العيب وإنّما يشكّ في أوصافه الكمالية الموجبة لزيادة قيمته ، فإن كان ذلك الوصف الكمالي ممّا يمكن وصفه وبيانه كما في أصل الحلاوة في البطيخ والرقّي فلابدّ في صحّة البيع حينئذ إمّا من اختبار ذلك الوصف أو البيع باخبار البائع بالوصف الذي هو بمنزلة الاشتراط وبهما يرتفع الغرر في المعاملة ، هذا فيما لا يفسده الاختبار .

وأمّا ما يفسده الاختبار فصحّة البيع فيه منحصر بالبيع باخبار البائع بالوصف الكمالي ، إذ بدونه يحتمل فيه الخطر والغرر والمفروض عدم إمكان اختباره لأجل الفساد بالاختبار .

وأمّا إذا كان الوصف ممّا لا يمكن توصيفه وبيانه كما في مراتب الحلاوة في البطيخ أو مراتب الحموضة في الخلّ فإنّها ممّا يدرك ولا يوصف ، فإن كان المبيع ممّا لا يفسده الاختبار تعيّن في صحّة البيع فيه الاختبار ، إذ المفروض عدم إمكان إخبار البائع بالوصف ، وبيعه بلا اختبار الوصف غرري فيتوقّف صحّة البيع فيه على الاختبار ، وأمّا إذا كان المبيع ممّا يفسده الاختبار وفرضنا الشكّ في الأوصاف الكمالية وكان الوصف ممّا لا يمكن بيانه وتوصيفه والمفروض عدم إمكان الاختبار لأنّه ممّا يفسده الاختبار ، فالظاهر أنّ مثل ذلك الوصف ممّا لا مالية له بحسب العرف حينئذ ، لأنّ القيمة والمالية في أمثال ذلك إنّما هي على المبيع على ما هو عليه من دون فرق بين المتّصف بذلك الوصف وبين غير المتّصف به ، وهذا نظير البطّيخ والبرتقال

ــ[457]ــ

فإنّ القيمة إنّما هي على مقدار خاص من البطيخ كالأوقية والحقّة فإنّ خمسين فلساً إنّما هو في مقابل الحقّة من البطيخ بما هو عليه سواء كان حلواً أو غير حلو فالحلاوة فيه ملغاة عن المالية ، وكذا الحال في البرتقال فإنّ عشر فلوس إنّما هي في مقابل الواحد من البرتقال سواء كان ريّاناً أو غير ريّان كان حلواً أو غير حلو ، فالوصف ملغىً عن القيمة والمالية ولا يوجب الاختلاف في القيمة عندهم ، وعليه فلا مانع من البيع في مثله بلا إخبار ولا اختبار لعدم احتمال الخطر أو الغرر فيه ، إذ الفرض عدم اختلاف القيمة السوقية باختلافها ، ولا مانع في مثله من تبرّي البائع عنه لعدم اختلاف القيمة باختلافها وجوداً وعدماً كما لا يخفى ، هذا تمام الكلام في بيع ما يفسده الاختبار وما لا يفسده الاختبار وقد ظهر حكم كلّ واحد منهما ممّا أسلفناه آنفاً .

ولكن شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(1) مع ذلك أعاد التكلّم فيما يفسده الاختبار وأوقع الكلام فيه لأجل بعض الخصوصيات التي ستمرّ عليك إن شاء الله تعالى وعليه فلا مانع من التعرّض إليه فنقول : قد عرفت أنّ ما يفسده الاختبار يصحّ بيعه باشتراط الصحّة وبالاعتماد على أصالة السلامة بالمعنى المتقدّم فيما إذا كان التردّد والشكّ في وصف الصحّة والفساد وهذا ممّا لا إشكال فيه ، وإنّما الكلام فيما إذا ظهر المبيع فاسداً بعد الابتياع باشتراط الصحّة أو بالاعتماد على أصالة السلامة أو بغيرهما من الطرق المصحّحة للبيع فقد قسّم شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه) ذلك إلى أقسام وذكر أنّ المبيع فيما إذا ظهر فاسداً فامّا أن يكون فاسده ممّا يقابل بالمال ولو بمقدار قليل وهذا كما في البطيخ الفاسد والمدوّد وفي الجوز فإنّ البطيخ يمكن الانتفاع به بغير مواضع الدود منه والجوز ينتفع بفاسده في استخراج زيته فيقابلان بالمال

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 4 : 295 .

ــ[458]ــ

وإمّا أن لا يكون لفاسده قيمة ، وعلى التقدير الأول إمّا أن يكون الفاسد ممّا لا يعدّ عرفاً من جنس ذلك الشيء وهذا نظير الجوز المجوّف الذي لا لبّ فيه بل هو قشر محض فإنّ له قيمة للانتفاع به في الاحراق إلاّ أنّه أمر آخر وراء الجوز فإنّ الجوز عبارة عمّا ما في بطن القشر من اللبّ وأمّا القشر فهو ليس بجوز بل هو قشره ، وإمّا أن لا يعدّ الفاسد شيئاً آخر غير جنسه .

فأمّا القسم الثاني ، أعني ما إذا كان لفاسده قيمة ولم يعدّ أيضاً أمراً آخر وراء جنسه فالمشتري يتخيّر بين الالتزام بالفاسد ومطالبة الأرش والردّ ، هذا فيما إذا ظهر العيب قبل أن يتصرّف فيه المشتري بكسره كما إذا ظهر له العيب بملاحظة البطيخ ومشاهدة آثار الدود فيه من خارجه ، وأمّا إذا ظهر له الفساد بعد التصرّف فيه بالكسر فحينئذ يسقط عنه الردّ لدلالة الأخبار والروايات على عدم جواز الردّ مع التصرّف في المعيب ويتخيّر بين إمضاء الفاسد والمطالبة بالأرش .

وأمّا القسم الأوّل ، أعني ما إذا ظهر الفساد وكان لفاسده قيمة إلاّ أنّه يعدّ عرفاً جنساً آخر وشيئاً مغايراً للمبيع لا فاسداً له فالظاهر أنّ المعاملة فيها باطلة لأنّ ما وقع عليه العقد فهو غير موجود والموجود لم يقع عليه البيع فيبطل لا محالة وذلك لفرض أنّ الفاسد مغاير للمبيع عرفاً وقد أشرنا سابقاً إلى أنّ البيع يبطل بتغيّر الأوصاف النوعية ولعلّه ظاهر ، هذا .

ثمّ إنّه يمكن تقريب الأقسام ببيان آخر أوضح من الأوّل : وهو أنّه إذا باع ما يفسده الاختبار ثمّ ظهر فاسداً فهناك ستّة صور ، وذلك لأنّ الفاسد تارة يساوي الصحيح بحسب القيمة ولا تختلف قيمته بحسب الصحّة والفساد وذلك كما في أواني الصفر قبل سنين حيث إنّ فاسده كان بقيمة الصحيح في النجف من أجل أنّ الغرض إنّما كان في المادّة دون الهيئات . واُخرى تكون قيمة الفاسد أقلّ وأنقص من قيمة الصحيح كما هو المتعارف غالباً ، وثالثة لا يكون للفاسد قيمة أصلا كما مثّلنا بالبطيخ

ــ[459]ــ

المدوّد على نحو غير قابل للأكل ولا لشيء آخر .

وعلى جميع التقادير الثلاث ربما يظهر الفساد بعد الكسر والتصرّف في المبيع واُخرى قبل الكسر والتصرف وهذه ستّة صور ، فإذا فرضنا أنّ الفاسد مساو بحسب القيمة مع الصحيح ولم يتصرف المشتري فيه بالكسر فللمشتري الردّ خاصّة دون الأرش ومطالبة التفاوت بين قيمة الصحيح والفاسد ، لأنّ الفرض عدم اختلاف القيمة بحسب الصحّة والفساد فلا تفاوت بين القيمتين حتّى يطالبه المشتري  ، نعم له الردّ لظهور الفساد والعيب في المبيع ، وأمّا إذا ظهر الفساد في هذه الصورة بعد الكسر والتصرف فليس للمشتري أن يرجع إلى البائع بشيء ، أمّا أنّه لا يرجع بالأرش والتفاوت بين القيمتين فلما عرفت من أنّه لا تفاوت بين القيمتين حتّى يرجع به إلى البائع ، وأمّا أنّه لا يرجع إليه بالردّ فلأجل التصرف فيه بالكسر والتصرف مسقط للخيار كما هو ظاهر .

وإذا فرضنا أنّ الفاسد أنقص بحسب القيمة من الصحيح ولم يتصرّف المشتري فيه بالكسر وبعد البيع ظهر الفساد ، فللمشتري الردّ ومطالبة البائع بالأرش لتفاوت قيمتي الصحيح والفاسد ، نعم إذا تصرّف فيه بالكسر أو بغيره فلا محالة يسقط الردّ ويبقى له الأرش فقط ، وهذا من دون فرق في الصورتين بين أن يكون لمكسوره أيضاً قيمة أم لم يكن له قيمة ، لأنّ الكسر إنّما وقع بتصرّفه وفي ملكه ولا ربط له بالبائع ، ففي الصورة الاُولى يرجع إلى البائع بردّه فيما إذا لم يتصرف فيه بالكسر ولا أرش فيها ليرجع إليه بذلك أيضاً ، وفيما إذا تصرّف فيه بالكسر فلا يمكنه الردّ أيضاً كما عرفت ، وفي الصورة الثانية يرجع إليه بالردّ أو الأرش ولكن الأرش هو ما به التفاوت بين قيمة الصحيح والفاسد قبل الكسر ، وأمّا إذا لم يكن للفاسد قيمة أصلا فالبيع باطل لانكشاف أنّ العقد وقع على ما لا مالية له بحسب الفرض وهذا من دون فرق بين القول باعتبار المالية في المبيع وبين القول بعدم

ــ[460]ــ

اعتبارها ، وذلك لأنّ الشيء بوصف أنّه من المتموّل وما له مالية يغاير الشيء المسلوب عنه المالية عند العرف ويعدّان شيئين متغايرين ، فصورته النوعية مباينة له بعد سلب المالية عنه وإن كانا متحدين في نظر العقل وقد مرّ أنّ الصور النوعية مقوّمة للمبيع وبتبدّلها ينعدم المبيع قهراً ولو لم نعتبر المالية فيه أيضاً ، فإنّه إذا اشترى عصفوراً فبان أنّه حشرة فلا يمكن في مثله الالتزام بصحّة البيع لتغاير العصفور والحشرة ولو مع القول بعدم اعتبار المالية في المبيع ولعلّ ذلك ظاهر ، وكيف كان فإذا ظهر الفساد في أمثال ذلك فهو يكشف عن عدم انعقاد المعاملة من الابتداء وأنّ البيع وقع على ما لا مالية له ، هذا .

ولكن الشهيد (قدّس سرّه)(1) ذهب إلى أنّ المعاملة تبطل في هذه الصورة من حين ظهور الفساد لا أنّه يكشف عن بطلانها من الابتداء ، وأورد عليه شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(2) بأنّ ذلك أمر غير معقول ، لأنّ المبيع إن كان ممّا له مالية بحسب الواقع فلا وجه للبطلان من حين ظهور الفساد ، بل له أن يرجع بالأرش إن كان قيمة الفاسد فيه أنقص من قيمة الصحيح لا أنّه يرجع إليه بالثمن ، ولا يمكنه الرجوع بالأرش أيضاً فيما إذا كانت قيمة الفاسد فيه متساوية للصحيح ، وإن لم يكن المبيع ممّا له مالية بحسب الواقع فالبيع باطل من الابتداء لأنّه وقع على ما لا مالية له وهو أمر مغاير للمبيع عرفاً ، فلا وجه للبطلان من حين ظهور الفساد .

ثمّ إنّه (قدّس سرّه) وجّه البطلان من حين ظهور الفساد بقوله اللهمّ إلاّ أن يقال  ، وملخّص ما أفاده في توجيه كلام الشهيد : هو أنّ الفاسد قبل ظهور الفساد مال واقعي فلذا يبذل بازائه المال فإذا ظهر الفساد فله أن يرجع إلى البائع بالثمن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الدروس 3 : 198 .

(2) المكاسب 4 : 297 .

 
 

ــ[461]ــ

لأنّ سقوط المبيع عن المالية مستند إلى أمر سابق على العقد وهو فساده واقعاً وليس مستنداً إلى أمر آخر حصل عنده حتّى لا يرجع إلى البائع بالثمن ، بل لا وجه لانفساخ البيع أيضاً إذ المعاملة صحيحة وله إمضاؤها أيضاً وغاية الأمر أنّ المبيع معيوب وله خيار العيب بالردّ والأخذ بالأرش وهو يختار الثاني دون الأول ، إلاّ أنّ العيب لمّا كان مستنداً إلى أمر سابق على العقد وكان موجباً لفوات المالية عنه فهو لا يتدارك إلاّ بدفع تمام الثمن ، هذا .

ثمّ أورد على التوجيه بأنّ العلم بالفساد إمّا أن يؤخذ طريقاً في المقام وإمّا أن يؤخذ على نحو الموضوعية دون الطريقية ، وعلى الأوّل فالعلم طريق إلى عدم المالية للمبيع من الابتداء وإنّما يبذل المال بازائه قبل العلم بالفساد من جهة الجهل والحكم الظاهري من باب أصالة السلامة لا أنّه مال واقعي ، فلا محالة يحكم بالبطلان من الابتداء لا من حين العلم بالفساد ، وأمّا على الثاني فالمعاملة صحيحة والعلم بالفساد الذي جعلناه موضوعاً في فوات مالية المال إنّما حدث في ملك المشتري فلماذا يرجع إلى البائع بتمام الثمن لأنّ المالية إنّما فاتت في ملك المشتري ، وهذا لا ربط له بالبائع حتّى يقال إنّه عيب مجهول وله خيار العيب .

ولو سلّمنا وقلنا إنّ العلم وإن كان موضوعاً في الحكم بفوات المالية إلاّ أنّه جزء للموضوع في الحكم وجزؤه الآخر هو فساد المبيع بحسب الواقع ، وهو أمر سابق على العقد وكان مجهولا للمشتري ، فإذا بان أنّه فاسد فيثبت له خيار العيب على نحو قد عرفت ، إلاّ أنّه لا وجه للرجوع بتمام الثمن حينئذ ، لأنّ حاله حينئذ كحال المريض أو الأرمد قبل الشراء فإنّه إذا مات أو عمي بعده مستنداً إلى المرض السابق على العقد فلا يصحّ للمشتري أن يرجع إلى البائع بتمام الثمن بل له الرجوع بتفاوت قيمة المريض والصحيح وتفاوت قيمة الأرمد وغير الأرمد لا أنّه يرجع بتمام الثمن حينئذ ، هذا ما أورده شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه) على الشهيد وهو في غاية المتانة

ــ[462]ــ

كما عرفت .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net