هل يجوز ترك الاشتغال وطلب العلم مع الصرف من الوجوه الشرعية؟ 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الثاني : البيع-2   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3879


المقام الثاني : أنه هل يصحّ الاشتغال بالعلم وترك الاكتساب مع صرف الوجوهات في نفقته أو لا ؟ وهو ممّا لابدّ من التعرّض له حتّى يكون موعظة لطلاّب العلم والمشتغلين فنقول : إن كان الاشتغال بالعلم مستحبّاً في حقّه وفرضناه مواظباً لأعماله بحيث كان الغرض من تحصيلاته خدمة الدين وترويج شريعة سيّد المرسلين (عليه وعلى أولاده صلوات الله ربّ العالمين) ولم يكن متساهلا فيما يقول وغير مبال بما يعمله ويفعله وكان ممّن يرضى الإمام (صلوات الله عليه) بتصرّفه في ماله (عليه السلام) فلا مانع من أن يصرف من سهم الإمام (عليه السلام) ويشتغل بطلب العلم والتحصيل وإن كان قادراً على الاكتساب بالتجارة أو الخياطة أو الكتابة وغيرها من الأفعال والمكاسب ، لأنّ سهم الإمام (عليه السلام) لا يختصّ بالفقير العاجز عن الاكتساب بل يصرف فيما رضي به الإمام (عليه السلام) .

وأمّا إذا كان الغرض من تحصيلاته الخدمة لنفسه بل المقصود التعيّش والاكتساب بالاشتغال بالعلم ، أو لم يكن له نفع عائد إلى الإمام (عليه السلام) بمقدار ما يصرفه من ماله ، أو كان متساهلا في أفعاله وغير مبال بوظائفه فلا يجوز له صرف السهم بوجه ، لأنّ ذلك نظير الدوائر الحكومية بلا تشبيه فلابدّ من أن ينفع بمقدار ما يصرفه من مال الحكومة لا محالة ، وهذا أمر تشخيصه بيده لأنّ الإنسان أعرف بنفسه ، والإمام (عليه السلام) أعرف به منه ، فلا يمكن التصرف في ماله بأنحاء الحيلة والخدعة والمكر وهو ممّن نرجو شفاعته ، فلا ينبغي أن نجعل شفيعنا خصمنا ونتصرّف في ماله على ضرره ونصرفه بالاشتغال بما يضرّه ولا ينفعه (عصمنا الله وإيّاكم من مخادع الشيطان وتسويلات النفس الأمّارة بالسوء) هذا كلّه في سهم الإمام (عليه السلام) .

وكذا لا مانع من أن يصرف الأموال الموقوفة والمبذولة للبرّ والإحسان .

ــ[497]ــ

وأمّا الزكاة والخمس الذي هو سهم الفقراء من الهاشميين فلا يجوز صرف شيء منهما بالاشتغال بالعلم مع التمكّن والقدرة على الاكتساب لاشتراط الفقر فيهما ، وقد فسّر الفقر في الروايات بما يرجع حاصله إلى عدم القدرة على مؤونته فعلا أو قوّة والمفروض أنّ المشتغل بالعلم قادر على الاكتساب فلا يجوز له صرف الخمس والزكاة ، لأنّ الاشتغال بالعلم نظير الاشتغال بغيره من المستحبّات كالاشتغال بالصلوات الابتدائية من أوّل الصبح إلى المغرب فإنّه بذلك لا يجوز أن يصرف الزكاة أو سهم السادات لقدرته على الكسب بترك الاشتغال بالمستحبّ وذلك ظاهر نعم لا مانع من إعطاء الزكاة من سهم سبيل الله للمشتغل بالعلم فيما إذا كان تحصيله نافعاً للدين ، كما يجوز صرفها من ذلك السهم في من يروّج الدين بالوعظ في القرى والبوادي ولو مع استغنائه وتمكّنه ، وأمّا من سهم الفقراء فلا لأنّه ليس بفقير ، كما لا يجوز إعطاء سهم السادات للمشتغل بالعلم القادر على الاكتساب لاشتراط الفقر فيه كالزكاة ، نعم لو كان الاشتغال واجباً عليه عيناً فلا مانع من أن يصرف الزكاة والخمس لعجزه عن الاكتساب شرعاً ، هذا تمام الكلام في ذلك المقام ونسأل الله أن ينفعنا وإيّاكم بذلك ويوفّقنا لمرضاته بحقّ محمّد وآله الطاهرين .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net