حكم ما لو زال الاكراه 

الكتاب : التنقيح في شرح المكاسب - الجزء الثالث : الخيارات-1   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4622


القول فيما لو زال الاكراه

لا ينبغي الاشكال في ثبوت الخيار بعد زوال الاكراه فيما إذا بنينا على أنّ التفرّق عن إكراه لا يسقط الخيار ، لأنه لم يسقط من الابتداء فإذا زال الاكراه وارتفع المانع فله أن يختار أحد الأمرين من الفسخ أو الامضاء كما هو معنى الخيار ولا كلام في ذلك ، وإنّما الكلام في أمد ذلك الخيار وأنه يسقط بأيّ شيء ، فقد ذهب بعضهم إلى أنّ الخيار حينئذ على الفور فلو زال عنه الاكراه فلم يفسخ العقد بعده على وجه الفور يسقط خياره . وذهب آخر إلى أنه يسقط بغير الافتراق من المسقطات . وثالث ذكر أنه يسقط بالتفرق عن مجلس زوال الاكراه .

وقد أورد على هذا القول الثالث شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه)(1) بأنّ الأدلة إنما دلت على أنّ المكره محكوم بالخيار وأنه لا يسقط بالاكراه ، وأما أنّ المجلس باق

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المكاسب 5 : 79 .

 
 

ــ[141]ــ

فهو مما لا يستفاد من الأدلة ، وعليه فلا نصّ على غاية ذلك الخيار ، وسيأتي تفصيل الكلام في خيار الغبن(1) وأنه إذا لم يرد دليل على غاية خيار فهل يتمسك بعد مقدار من الزمان الذي تمكّن فيه من الفسخ بعمومات أدلة اللزوم ، لأنّ المقدار المتيقّن ممّا خرج عنها هو الآن الأول الذي يتمكّن فيه من الفسخ ، أو يتمسّك فيه باستصحاب الخيار على الخلاف في أنه إذا ورد مخصّص على عام في زمان فهل يتمسّك بعد ذلك الزمان بالعموم أو باستصحاب حكم المخصّص ، هذا ملخّص ما أفاده (قدّس سرّه) في المقام .

ويمكن أن يقال : إنّ هذه المسألة غير مبتنية على مسألة التمسّك بالعام أو بالاستصحاب بعد زمان التخصيص على ما سيأتي تفصيله في خيار الغبن ، وذلك لكفاية إطلاقات الخيار في المقام من دون حاجة إلى الاستصحاب .

وتوضيح ذلك : أنه إذا بنينا على أنّ مطلق الافتراق لا يوجب سقوط الخيار إمّا من جهة الاجماع على اعتبار الاختيار في التفرّق ، أو من جهة صحيحة فضيل التي قيّدت الافتراق بخصوص الافتراق الاختياري ، أو من جهة حديث الرفع الدالّ على أنّ الافتراق عن إكراه كلا افتراق ، أو من جهة دعوى الانصراف إلى خصوص الحصّة الاختيارية من الافتراق ، وكيف كان فقد قيّدنا الافتراق المسقط للخيار بأمر وجودي وهو كونه عن اختيار كما إذا اعتمدنا على الصحيحة أو الانصراف ، أو بأمر عدمي وهو كونه لا عن اكراه كما إذا تمسّكنا بحديث الرفع ، ومن المعلوم أنّ الافتراق عن اختيار أمر وحداني والمفروض عدم تحقّقه إلى زمان ارتفاع الاكراه لأنّ ما تحقّق حينئذ إنّما هو مجرد الافتراق وقد عرفت أنه بمجرده لا يسقط الخيار ، وأنّ الغاية للخيار هي الحصة المقيّدة بالرضا والاختيار ، وهي غير

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في الصفحة 410 وما بعدها مبحث فورية خيار الغبن .

ــ[142]ــ

حاصلة إلى زمان ارتفاع الاكراه ، فإلى هذا الزمان لم تحصل غاية الخيار ، وأما بعد زمان الزوال وارتفاع الكره فلا يمكن أن تحصل تلك الغاية المتقدّمة وهي الافتراق الاختياري ، وذلك لأنّ الافتراق إنما يطرأ على الاجتماع لا على الافتراق ، فالمفترق لا يفترق ، وبما أنّهما مفترقان بالحس والعيان من جهة الاكراه فلا يعقل أن يتّصفا بالافتراق بعد ذلك أيضاً ، وعليه فالخيار مستمر إلى أن يحصل هناك شيء آخر من المسقطات .

وأمّا الافتراق فهو لا يمكن أن يكون غاية في المقام لعدم تعقّل الافتراق بعد الافتراق ، وقد دلّت إطلاقات أدلّة الخيار على أنّهما بالخيار إلى زمان الافتراق والافتراق غير متحقّق في المقام بل ولا يتحقّق أصلا ، فخيارهما باق إلى أن يطرأ عليه أحد المسقطات الاُخر ، وهذا ظاهر .

وبالجملة : أنّ مقتضى عمومات اللزوم أنّ المعاملة محكومة باللزوم في جميع الأزمان ، وقد خرج منه مقدار خاصّ من الزمان إلى أن يحصل الافتراق الاختياري فأدلّة الخيار تقتضي الخيار باطلاقها أو عمومها إلى أن يحصل الافتراق الاختياري أو غيره من المسقطات ، إذ لا عبرة بالافتراق الاكراهي ، والمفروض أنّ الافتراق الاختياري لا يمكن أن يحصل بعد ذلك ، لأنّ الافتراق لا يحصل بعد الافتراق ، فلابدّ في سقوطه من طروّ شيء من سائر المسقطات ، وكيف كان فليس المقام من موارد التمسك بالاستصحاب أو بعموم العام المقتضي للزوم .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net