ثبوت النّجاسة بقول ذي اليد 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثالث:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6392


ــ[157]ــ

   وتثبت أيضاً بقول صاحب اليد بملك أو إجارة أو إعارة أو أمانة، بل أو غصب(1).

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

منها معناها المصطلح عليه لأنه كما عرفت اصطلاح حديث ، بل المراد بها على ما قدمناه آنفاً وسابقاً في بحث المياه هو الدليل وما به البيان ، ويدل عليه ـ  مضافاً إلى أنه معناها لغة  ـ أن المثبت في الموضوعات الخارجية غير منحصر بالعلم والبيِّنة المصطلح عليها ، لأنها كما تثبت بهما كذلك تثبت بالاستصحاب وحكم الحاكم والاقرار ، وعليه فمعنى الرواية أن الأشياء كلها على هذا حتى يظهر حكمها بنفسه بحيث لو لاحظتها رأيت حرمتها أو نجاستها مثلاً كما هو الحال في موارد العلم الوجداني ، أو يظهر من الخارج بالدليل كما في موارد البينة المصطلح عليها وخبر العدل الواحد وحكم الحاكم والاستصحاب وإقرار المقر فالرواية لا تكون رادعة عن السيرة أبداً . ولأجل هذه المناقشة استشكل الماتن في كفاية خبر العدل الواحد واحتاط ولا بأس بمراعاته .

   (1) بعد البناء على ثبوت النجاسة باخبار الثقة لا يبقى مجال للبحث عن ثبوتها باخبار ذي اليد إذا كان ثقة فلا بدّ حينئذ من فرض الكلام فيما إذا لم يعلم وثاقتـه فنقـول : لا إشـكال في اعتبـار إخباره عما بيده سواء أ كان مالكاً لعينه أم لمنفعته أو للانتفاع أو لم يكن مالكاً له أصلاً كما إذا غصبه ، وهذا للسيرة العقلائية حيث جرت من لدن آدم (عليه السلام) إلى زماننا ، هذا على أنّ من أخبر عما هو تحت سلطانه أو عن شؤونه وكيفياته يعتمد على إخباره ويعامل معه معاملة العلم بالحال ، ولعلّه من جهة أنّ من استولى على شيء فهو أدرى بما في يده وأعرف بكيفيّاته ، ومن جملة شؤون الشيء وكيفيّاته نجاسته وطهارته ، ولم يرد ردع عنها في الشريعة المقدّسة فبذلك يثبت اعتبار قوله وإخباره .

   ونزيده توضيحاً أن لنا علماً تفصيلياً بنجاسة أشياء كثيرة من الذبائح وأيدي المسلمين والفرش والثياب والأواني وغيرها ولو حين غسلها ، ولا علم لنا بعد ذلك بطروّ مطهر عليها بوجه ، فلولا اعتبار قول صاحب اليد وإخباره عن طهارتها لكان استصحاب النجاسة حاكماً بنجاستها ولم يمكننا إثبات طهارتها بوجه وهو مما يوقعنا في عسر وحرج فيلزم اختلال النظام ، وإنما خرجنا عن استصحاب النجاسة باخبار

ــ[158]ــ

صاحب اليد ، وبه صار الحكم بطهارتها من نقض اليقين باليقين وخرج عن كونه نقضاً لليقين بالشك ، وليس ذلك إلاّ من جهة قيام السيرة على اعتباره ، ومعه لا يفرق بين إخباره عن طهارته وبين إخباره عن نجاسته أو غيرهما من شؤونه وكيفياته .

   هذا مضافاً إلى الأخبار الواردة في بيع الأدهان المتنجسة الآمرة باعلام المشتري بنجاستها حتى يستصبح بها (1) ، لأن إعلام المشتري وإن وقع الخلاف في أنه واجب نفسي أو شرطي إلاّ أنه لا إشكال في وجوبه على كل حال ، ومنه يستكشف اعتبار قول صاحب اليد وإخباره عن نجاسة المبيع بحيث لو أخبر بها وجب على المشتري أن يستصبح به أو يجعله صابوناً ، وما ورد فيمن أعار رجلاً ثوباً فصلى فيه وهو لا يصلِّي فيه قال : لا يعلمه ، قال، قلت: فان أعلمه ؟ قال : يعيد(2) حيث إن ظاهر قوله «وهو لا يصلِّي فيه» أنه لا يصلِّي فيه لنجاسته ـ وإن احتمل أن يكون له وجه آخر ـ وعليه فالرواية تدل على اعتبار إخبار المعير عن نجاسة الثوب المستعار بحيث لو أخبر بها وجب على المستعير أن يعيد صلاته .

   هذا ويستفاد من بعض النصوص الواردة في العصير العنبي أن إخبار من بيده العصير عن ذهاب الثلثين إنما يعتبر فيما إذا ظهر صدقه من القرائن والأمارات الخارجية ، كما إذا كان ممن يشربه على الثلث ولا يستحل شربه على النصف ، أو كان العصير حلواً يخضب الاناء لغلظته على ما تدل عليه موثقة معاوية بن عمّار (3) وصحيحة معاوية بن وهب(4) ، ومقتضى هذه النصوص عدم جواز الاعتماد على قول صاحب اليد في خصوص العصير تخصيصاً للسيرة في مورد النصوص . هذا وقد قدّمنا بعض الكلام في هذه المباحث في مبحث المياه (5) فليراجع .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 17 : 98 / أبواب ما يكتسب به ب 6 ح 4 .

(2) الوسائل 3 : 488 / أبواب النجاسات ب 47 ح 3 .

(3) الوسائل 25 : 393 / أبواب الأشربة المحرمة ب 7 ح 4 .

(4) الوسائل 25 : 293 / أبواب الأشربة المحرمة ب 7 ح 3 .

(5) تقدّم في المسألة [ 132 ]  .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net