لو جرح إثنان شخصاً جرحين بقصد القتل فمات بالسر - هل تدخل دية الطرف في دية النفس أم لا ؟ 

الكتاب : مباني تكملة منهاج الصالحين - الجزء الثاني : القصاص   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4589


ــ[23]ــ

   (مسألة 26) : لو جرح اثنان شخصاً جرحين بقصد القتل فمات المجروح بالسراية، فادّعى أحدهما

اندمال جرحه وصدّقه الولي، نفذ إقراره على نفسه ولم ينفذ على الآخر . وعليه ، فيكون الولي مدّعياً

استناد القتل إلى جرحه ، وهو منكر له ، فعلى الولي الإثبات (1) .

   (مسألة 27) : إذا قطع اثنان يد شخص ، ولكن أحدهما قطع من الكوع والآخر من الذراع فمات

بالسراية ، فإن استند الموت إلى كلتا الجنايتين معاً كان كلاهما قاتلاً ، وإن استند إلى قاطع الذراع

فالقاتل هو الثاني ، والأوّل جارح ، نظير ما إذا قطع أحد يد شخص وقتله آخر ، فالأوّل جارح والثاني

قاتل (2) .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

يده من الذي قطعها ، فإن أراد أولياؤه أن يقتلوا قاتله أدّوا إلى أولياء قاتله دية يده التي قيد منها إن

كان أخذ دية يده ويقتلوه ، وإن شاءُوا طرحوا عنه دية يد وأخذوا الباقي . قال : وإن كانت يده

قطعت في غير جناية جناها على نفسه ولا أخذ لها دية قتلوا قاتله ولا يغرم شيئاً ، وإن شاءُوا أخذوا دية

كاملة»(1) .

   ولكنّها ضعيفة بسورة بن كليب ، فإنّه لم يثبت توثيقه ولا مدحه ، فلا يمكن الاعتماد عليها .

   (1) فإن تمكّن الولي من إثبات أنّ تمام القتل مستند إلى جرحه فله الاقتصاص منه بدون ردّ نصف

الدية إليه ، وإلاّ فعلى المنكر الحلف ، وإن ادّعى عدم العلم بذلك ، فإن ادّعى الولي علمه بالاندمال

فعليه اليمين على عدم العلم .

   (2) تقدّم حكم الموت بالسراية في أوّل قصاص النفس(2) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 111 /  أبواب القصاص في النفس ب 50 ح 1 .

(2) في ص 6 ـ 7 .

ــ[24]ــ

   (مسألة 28) : لو كان الجارح والقاتل واحداً فهل تدخل دية الطرف في دية النفس أم لا ؟ وجهان ،

والصحيح هو التفصيل بين ما إذا  كان القتل والجرح بضربة واحدة ، وما إذا  كان بضربتين ، فعلى

الأوّل : تدخل دية الطرف في دية النفس فيما تثبت فيه الدية أصالةً (1) . وعلى الثاني : فالمشهور

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   (1) بلا خلاف بين الأصحاب ، بل ادّعي عليه الإجماع .

   وتدلّ على ذلك صحيحة أبي عبيدة الحذّاء، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل ضرب

رجلاً بعمود فسطاط على رأسه ضربة واحدة فأجافه حتّى وصلت الضربة إلى الدماغ فذهب عقله «

قال : إن كان المضروب لا يعقل منها أوقات الصلاة ولا يعقل ما قال ولا ما قيل له ، فإنّه ينتظر به سنة

، فإن مات فيما بينه وبين السنة اُقيد به ضاربه ، وإن لم يمت فيما بينه وبين السنة ولم يرجع إليه عقله

اُغرم ضاربه الدية في ماله لذهاب عقله» قلت : فما ترى عليه في الشجّة شيئاً ؟ «قال : لا ، لأ نّه إنّما

ضرب ضربة واحدة فجنت الضربة جنايتين فألزمته أغلظ الجنايتين ، وهي الدية ، ولو كان ضربه

ضربتين فجنت الضربتان جنايتين لألزمته جناية ما جنتا كائناً ما كان إلاّ أن يكون فيهما الموت بواحدة

وتطرح الاُخرى فيقاد به ضاربه ، فإن ضربه ثلاث ضربات واحدة بعد واحدة فجنين ثلاث جنايات

ألزمته جناية ما جنت الثلاث ضربات كائنات ما كانت ما لم يكن فيها الموت فيقاد به ضاربه ، قال : فإن

ضربه عشر ضربات فجنين جناية واحدة ألزمته تلك الجناية التي جنتها العشر ضربات»(1) .

   فمورد الصحيحة وإن كان دخول دية الطرف في دية العقل إلاّ أنّ مقتضى عموم التعليل هو دخول

دية الطرف في دية النفس أيضاً في مفروض الكلام .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 366 /  أبواب ديات المنافع ب 7 ح 1 .

ــ[25]ــ

المدعى عليه الإجماع هو التداخل أيضاً والاكتفاء بدية واحدة وهي دية النفس . ولكنّه لا يخلو من

إشكال ، والأقرب عدم التداخل (1) .

   وأمّا القصاص فإن كان الجرح والقتل بجناية واحدة ، كما إذا ضربه ضربة واحدة فقطعت يده فمات

، فلا ريب في دخول قصاص الطرف في قصاص النفس ، ولا يقتصّ منه بغير القتل (2) ، كما أ نّه لا

ريب في عدم التداخل إذا

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   (1) فإنّ التداخل خلاف الأصل فيحتاج إلى دليل ، فإن تمّ إجماع عليه ـ كما ادّعاه المحقّق وصاحب

الجواهر (قدّس سرّهما) (1) ـ فهو ، ولكنّه لم يتحقّق ، ولا اعتماد بنقله، فإنّ المسألة غير محرّرة في

كلام غير واحد ، وقد استشكل الأردبيلي في التداخل فيما إذا كان الفصل بين الضربتين كثيراً(2)،

فإذن الأقرب هو التعدّد .

   هذا ، مضافاً إلى أنّ صحيحة أبي عبيدة الحذّاء المتقدّمة تدلّ على عدم التداخل، فإنّها تدلّ على أنّ

كلّ جناية يلزم بها الجاني ما لم ينته إلى الاقتصاص ، ومعه يثبت القود ويطرح الباقي .

   هذا فيما إذا كان الموت مستنداً إلى إحدى الضربتين .

   وأمّا إذا كان مستنداً إلى كليهما فلا ينبغي الشكّ في التداخل ، والوجه فيه ظاهر .

   (2) بلا خلاف ولا إشـكال ، وتدلّ على ذلك صحيحة محمّد بن قيس عن أحدهما (عليهما

السلام) : في رجل فقأ عيني رجل وقطع اُذنيه ثمّ قتله «فقال : إن كان فرق ذلك اقتصّ منه ثمّ يقتل،

وإن كان ضربه ضربة واحدة ضربت عنقه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الشرائع 4 : 206 ، الجواهر 42 : 62 .

(2) مجمع الفائدة والبرهان 13 : 446 .

ــ[26]ــ

كان الجرح والقتل بضربتين متفرّقتين زماناً ، كما لو قطع يده ولم يمت به ثمّ قتله (1) ، وأمّا إذا كانت

الضربتان متواليتين زماناً ، كما إذا ضربه ضربة فقطعت يده ـ مثلاً ـ وضربه ضربة ثانية فقتلته ، فهل

يحكم بالتداخل ؟ فيه

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

ولم يقتصّ منه»(1) .

   وصحيحة حفص بن البختري ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل ضرب على رأسه

فذهب سمعه وبصره واعتقل لسانه ثمّ مات «فقال : إن كان ضربه ضربة بعد ضربة اقتصّ منه ثمّ قتل ،

وإن كان أصابه هذا من ضربة واحدة قتل ولم يقتصّ منه»(2) .

   هذا ، مضافاً إلى أنّ القتل عادةً لا ينفكّ عن الجرح .

   (1) كما تقتضي ذلك إطلاقات الأدلّة .

   وأمّا صحيحة أبي عبيدة المتقدّمة فلا تقيّد هذه الإطلاقات ، لأنّ مورد الصحيحة وقوع ضربة بعد

ضربة فلا تشمل صورة التفرّق بينهما زماناً ، فهي على تقدير العمل بها والإغماض عن معارضتها

بصحيحتي محمّد بن قيس وابن البختري ـ على ما سيجيء ـ قاصرة عن الشمول لصورة تفرّق

الضربتين زماناً، فلا مانع من التمسّك بالإطلاقات فيها .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 112 /  أبواب القصاص في النفس ب 51 ح 1 .

(2) الوسائل 29 : 112 /  أبواب القصاص في النفس ب 51 ح 2 .

ــ[27]ــ

إشكال وخلاف ، والأقرب عدم التداخل (1) .
 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   (1) منشأ الخلاف والإشكال هو الاختلاف بين صحيحتي محمّد بن قيس وحفص بن البختري

المتقدّمتين وبين صحيحة أبي عبيدة المتقدّمة، فإنّ مقتضى الاُولتين عدم التداخل ، ومقتضى الثالثة هو

التداخل ، والأظهر عدم التداخل ، لأنّ الصحيحتين الاُولتين موافقتان لإطلاق الكتاب دون الصحيحة

الثالثة فتتقدّمان عليها .

   ثمّ إنّه قد يتوهّم أنّ مورد صحيحة محمّد بن قيس هو تفرّق الضربتين زماناً ، فلا تكون معارضة

لصحيحة أبي عبيدة .

   ولكنّه يندفع بأنّ المراد بالتفرّق فيها هو التعدّد ، بقرينة قوله (عليه السلام) : «وإن كان ضربه ضربة

واحدة» فإنّه تصريح بمفهوم الجملة الأولى ، فإذن تكون معارضة لها . ومع الإغماض عن ذلك

فصحيحة ابن البختري كافية في المعارضة .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net