الشرط الثالث : أن لا يكون القاتل أباً للمقتول 

الكتاب : مباني تكملة منهاج الصالحين - الجزء الثاني : القصاص   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4515


ــ[86]ــ

   الشرط الثالث :  أن لا يكون القاتل أباً للمقتول ، فإنّه لا يُقتَل بقتل ابنه (1)

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   فهذه الصحيحة وإن كان موردها المجنون إلاّ أنّ قوله (عليه السلام) «فلا قود لمن لا يقاد منه» تطبيقٌ

للكبرى على الصغرى ، فتدلّ على عدم القود في الصغير أيضاً .

   (1) بلا خلاف بين الأصحاب ، وتدلّ عليه عدّة نصوص :

   منها : صحيحة حمران عن أحدهما (عليهما السلام) «قال : لا يقاد والد بولده» الحديث(1) .

   ومنها : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : سألته عن الرجل يقتل ابنه ، أيُقتَل به ؟

«قال : لا»(2).

   ومنها : معتبرة إسحاق بن عمّار، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام): «أنّ عليّاً (عليه السلام) كان

يقول : لا يُقتَل والد بولده إذا قتله» الحديث(3) .

   ومنها : صحيحة ظريف عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : وقضى أ نّه لا قود لرجل أصابه والده

في أمر يعيب عليه فيه فأصابه عيب من قطع وغيره ويكون له الدية ، ولا يقاد(4) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 77 /  أبواب القصاص في النفس ب 32 ح 1 .

(2) الوسائل 29 : 77 /  أبواب القصاص في النفس ب 32 ح 2 .

(3) الوسائل 29 : 79 /  أبواب القصاص في النفس ب 32 ح 8 .

(4) الوسائل 29 : 79 /  أبواب القصاص في النفس ب 32 ح 10 .

ــ[87]ــ

وعليه الدية (1) ويعزّر (2) ، وهل يشمل الحكم أب الأب أم لا ؟ وجهان ، لا يبعد الشمول(3) .

   (مسألة 81) : لو قتل شخصاً ، وادّعى أ نّه ابنه ، لم تسمع دعواه ما لم تثبت ببيّنة أو نحوها ، فيجوز

لوليّ المقتول الاقتصاص (4) ، وكذلك لو ادّعاه

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   (1) تدلّ على ذلك ـ مضافاً إلى أنّ دم المسلم لا يذهب هدراً ـ صحيحة ظريف المتقدّمة .

   (2) لما تقدّم من ثبوت التعزير لكلّ معصية كبيرة حسبما يراه الحاكم الشرعي .

   وتؤيّد ذلك رواية جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) في الرجل يقتل ابنه أو عبده «قال : لا يقتل به ،

ولكن يضرب ضرباً شديداً وينفى عن مسقط رأسه»(1) .

   (3) على المشهور شهرة عظيمة ، ويدلّ على ذلك إطلاق صحيحة حمران ومعتبرة إسحاق بن عمّار

وصحيحة ظريف المتقدّمات ، فإنّ الظاهر شمول كلمة الوالد لأب الأب أيضاً ، كما أنّ لفظ الابن

يشمل ابن الابن .

   (4) وذلك لإحراز موضوع جواز الاقتصاص بالأصل في المقام، فإنّ الخارج عن القصاص في القتل

العمدي هو كون القاتل والداً للمقتول ، وبما أ نّنا نشكّ في ذلك فلا مانع من الرجوع إلى استصحاب

عدم كون القاتل والداً للمقتول ، وبه يحرز الموضوع بضمّ الوجدان إلى الأصل .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 79 /  أبواب القصاص في النفس ب 32 ح 9 .

ــ[88]ــ

اثنان ، وقتله أحدهما أو كلاهما ، مع عدم العلم بصدق أحدهما (1) ، وأمّا إذا علم بصدق أحدهما ، أو

ثبت ذلك بدليل تعبّدي ، ولم يمكن تعيينه ، فلا يبعد الرجوع إلى القرعة (2) .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   (1) يظهر الحال في ذلك ممّا مرّ ، حيث إنّه لا مانع من إحراز موضوع جواز القتل بالأصل ، بناءً

على ما حقّقناه في محلّه من جواز التمسّك به لإثبات كون الفرد المشكوك فيه من الأفراد الباقية تحت

العام فيتمسّك به .

   (2) وذلك لأنّ المستفاد من أدلّة القضاء هو أنّ كلّ دعوى بين متخاصمين لا بدّ من حلّها بإحدى

الطرق الشرعيّة المقرّرة لذلك ، ومنها : الدعوى بينهما في بنوّة شخص ، فإنّه إذا لم يمكن حلّها بإحدى

الطرق فالمرجع هو القرعة .

   وتدلّ على ذلك ـ مضافاً إلى إطلاقات أدلّة القرعة ـ عدّة روايات :

   منها : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : إذا وقع الحرّ والعبد والمشرك على امرأة

في طهر واحد ، وادّعوا الولد اُقرع بينهم ، وكان الولد للذي يقرع»(1) .

   وصحيحة أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : بعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)

علياً (عليه السلام) إلى اليمن ، فقال له حين قدم : حدّثني بأعجب ما ورد عليك ، فقال: يا رسول الله

، أتاني قوم قد تبايعوا جارية فوطئها جميعهم في طهر واحد ، فولدت غلاماً ، فاحتجّوا فيه كلّهم يدّعيه ،

فأسهمت بينهم ، فجعلته للذي خرج سهمه وضمنته نصيبهم ، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله

وسلّم) : ليس من قوم تقارعوا ثمّ فوّضوا أمرهم إلى الله إلاّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 27 : 257 /  أبواب كيفية الحكم ب 13 ح 1 .

ــ[89]ــ

   (مسألة 82) : لو قتل الرجل زوجته ، وكان له ولد منها ، فهل يثبت حقّ القصاص لولدها ؟

المشهور عدم الثبوت ، وهو الصحيح(1) ، كما لو قذف الزوج زوجته الميّتة ولا وارث لها إلاّ ولدها

منه (2) .

   (مسألة 83): لو قتل أحد الأخوين أباهما، والآخر اُمّهما، فلكلّ واحد منهما على الآخر القود(3)،

فإن بدر أحدهما فاقتصّ كان لوارث الآخر

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

خرج سهم المحقّ»(1) .

   (1) والوجه في ذلك : هو أنّ ما دلّ من النصوص على أنّ الوالد لا يقتل بولده وإن لم يشمل المقام

، إلاّ أنّ مقتضى عموم التعليل في ذيل صحيحة محمّد ابن مسلم المتقدّمة في مسألة قذف الوالد ولده(2)

شمول الحكم للمقام أيضاً .

   ومن الغريب أنّ المحقّق (قدس سره) مال هنا إلى ثبوت الاقتصاص وثبوت حقّ القذف ، اقتصاراً بالمنع

على مورد النصّ(3) ، مع أ نّه جزم بعدم ثبوت حقّ القذف له في باب القذف(4) .

   (2) تقدّم الكلام في ذلك في مبحث القذف(5) .

   (3) لأنّ كلاًّ منهما قد ارتكب القتل العمدي الذي هو الموضوع لجواز القصاص ، فيثبت لكلّ من

الوليّين حقّ الاقتصاص من الآخر .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 27 : 258 /  أبواب كيفية الحكم ب 13 ح 6 .

(2) مباني تكملة المنهاج 1 : 312 .

(3) الشرائع 4 : 220 .

(4) الشرائع 4 : 220 ـ 221 .

(5) مباني تكملة المنهاج 1 : 312 .

ــ[90]ــ

الاقتصاص منه (1) .
ــــــــــــــــــ

ـــــ

   وقيل : عند التشاح بينهما يرجع إلى القرعة .

   ولكن لا وجه له بعد فرض ثبوت حقّ الاستيفاء لكلّ منهما على الإطلاق بمقتضى الأدلّة .

   نعم ، لو قلنا بتوقّف جواز الاقتصاص على حكم الحاكم كان للرجوع إلى القرعة عند التشاح وجه

.

   (1) لأن حقّ الاقتصاص من الحقوق القابلة للانتقال ، كسائر الحقوق الشرعيّة القابلة لذلك ، فإذن

يقوم الوارث مقام مورّثه في استيفاء الحقّ من القاتل .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net