هل يعتبر التساوي في السلامة من الشلل في الاقتصاص - لو قطع يمين رجل 

الكتاب : مباني تكملة منهاج الصالحين - الجزء الثاني : القصاص   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3800


    ــ[186]ــ

   (مسألة 163) : المشهور اعتبار التساوي في السلامة من الشلل في الاقتصاص ، فلاتقطع اليد

الصحيحة بالشلاّء وإن بذل الجاني يده للقصاص، وهو لا يخلو من إشكال، بل لايبعد عدمه(1)

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   (1) وجه الإشكال : هو أ نّه قد ادّعي الإجماع في المسألة ، وقال في الجواهر : إنّ الحكم مفروغ

عنه(1) .

   واستدلّ على ذلك بإطلاق رواية سليمان بن خالد عن أبي عبدالله (عليه السلام): في رجل قطع يد

رجل شلاّء «قال : عليه ثلث الدية»(2) .

   ولكنّها ضعيفة سنداً ودلالةً :

   أمّا سنداً : فلأنّ في سندها حمّاد بن زياد ، وهو مجهول ، ورواية الحسن بن محبوب عنه لا تدلّ على

توثيقه على ما فصّلناه في محلّه(3) .

   وأمّا دلالةً : فلأ نّها في مقام بيان مقدار الدية ، ولم تتعرّض للقصاص لا نفياً ولا إثباتاً .

   وتؤيّد ذلك رواية محمّد بن عبدالرحمن العرزمي ، عن أبيه عبدالرحمن ، عن جعفر ، عن أبيه (عليهما

السلام) : «أ نّه جعل في السنّ السوداء ثلث ديتها ، وفي اليد الشلاّء ثلث ديتها ، وفي العين القائمة إذا

طمست ثلث ديتها ، وفي شحمة الاُذن ثلث ديتها ، وفي الرجل العرجاء ثلث ديتها ، وفي خشاش

الأنف في كلّ واحد ثلث الدية»(4) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الجواهر 42 : 348 .

(2) الوسائل 29 : 332 /  أبواب ديات الأعضاء ب 28 ح 1 .

(3) معجم رجال الحديث 7 : 199 / 3912 و 217 / 3941 .

(4) الوسائل 29 : 287 /  أبواب ديات الأعضاء ب 1 ح 13 .

ــ[187]ــ

   لكنّها ضعيفة سنداً بيوسف بن الحارث ، إذ لم يذكر بمدح ولا توثيق .

   وتقريب التأييد بها : هو اشتمالها على ما فيه قصاص يقيناً ، وليس هذا إلاّ من ناحية أنّ الرواية في

مقام بيان مقدار الدية ، وليس لها نظر إلى القصاص ، فهي من هذه الناحية تؤيّد ما ذكرناه في الرواية

الاُولى .

   وعلى تقدير تسليم الإطلاق فيهما فلابدّ من تقييدهما بإطلاق قوله تعالى: (وَالْجُرُوحَقِصَاصٌ)(1)، فإنّ

النسبة بينهما وإن كانت عموماً من وجه إلاّ أنّ الآية تتقدّم عليهما لا محالة .

   وأمّا رواية الحسن بن صالح ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن عبد قطع يد رجل حرّ وله

ثلاث أصابع من يده شلل «فقال: وما قيمة العبد؟» قلت: اجعلها ما شئت «قال: إن كانت قيمة العبد

أكثر من دية الاصبعين الصحيحتين والثلاث الأصابع الشلل ردّ الذي قطعت يده على مولى العبد ما

فضل من القيمة وأخذ العبد، وإن شاء أخذ قيمة الاصبعين الصحيحتين والثلاث أصابع الشلل» قلت :

وكَم قيمة الاصبعين الصحيحتين مع الكفّ والثلاث أصابع الشلل ؟ «قال : قيمة الاصبعين الصحيحتين

مع الكفّ ألفا درهم ، وقيمة الثلاث أصابع الشلل مع الكفّ ألف درهم ، لأ نّها على الثلث من دية

الصحاح . قال : وإن كانت قيمة العبد أقلّ من دية الاصبعين الصحيحتين والثلاث الأصابع الشلل دفع

العبد إلى الذي قطعت يده ، أو يفتديه مولاه ويأخذ العبد»(2) .

   فهي ضعيفة سنداً ، فإنّ الحسن بن صالح لم يذكر بتوثيق ولا مدح ، على أ نّه لا إطلاق لها من هذه

الناحية ، فإنّ الظاهر أ نّها في مقام بيان مقدار الدية فحسب .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المائدة 5 : 45 .

(2) الوسائل 29 : 332 /  أبواب ديات الأعضاء ب 28 ح 2 .

ــ[188]ــ

وأمّا اليد الشلاّء فتقطع باليد الصحيحة بلا إشكال (1) ، إلاّ أن يحكم أهل الخبرة أ نّها لا تنحسم ،

فعندئذ لا يجوز قطعها وتؤخذ الدية (2) .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   ونظير ذلك عدّة روايات واردة في بيان دية الأطراف فحسب ، مع ثبوت القصاص في مواردها جزماً

، وليس ذلك إلاّ من ناحية أ نّها في مقام البيان من هذه الجهة دون القصاص .

   ومن جملة تلك الروايات : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) : في الرجل يكسر ظهره

«قال: فيه الدية كاملة، وفي العينين الدية، وفي إحداهما نصف الدية، وفي الاُذنين الدية ، وفي إحداهما

نصف الدية ، وفي الذكر إذا قطعت الحشفة وما فوق الدية ، وفي الأنف إذا قطع المارن الدية ، وفي

الشفتين الدية»(1) .

   فالنتيجة :  أ نّه لا دليل على اعتـبار التساوي في السلامة ما عدا دعوى الإجماع ، فإن تمّ فهو ، وإلاّ

فلا يبعد عدم اعتباره ، لإطلاق الآية الكريمة (وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ) .

   ودعوى انصرافه عن مثل المقام لا أساس لها أصلاً، وسيأتي أنّ العضو الصحيح يقطع بالمجذوم(2).

   (1) بلا خلاف بين الأصحاب ، لإطلاق الكتاب والسنّة ، وعدم الدليل على التقييد .

   (2) وذلك تحفّظاً على النفس ، لفرض أنّ قطع يده ـ والحال هذه ـ يوجب إتلاف نفسـه ، فلا

يجـوز ذلك قصاصاً . وأمّا أخذ الدية فلأ نّه في كلّ مورد لايمكن الاقتصاص من الجاني لزمته الدية، لأنّ

حقّ امرئ مسلم لايذهب هدراً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 284 /  أبواب ديات الأعضاء ب 1 ح 4 .

(2) في ص 207 .

ــ[189]ــ

   (مسألة 164) : لو قطع يمين رجل قطعت يمينه إن كانت له يمين (1) ، وإلاّ قطعت يساره ، على

إشكال، وإن كان لا يبعد جوازه (2) . وإن لم تكن له يسار فالمشهور أ نّه تقطع رجله إن كانت(3) ،

وفيه إشكال ، والأقرب الرجوع فيه إلى الدية .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   (1) لأنّ المجنيّ عليه يستحقّ على الجاني مثل ما جنى عليه ، وبما أنّ المقطوع هو اليد اليمنى فله أن

يقطع يمناه .

   (2) وذلك لأ نّه ـ مضافاً إلى أنّ الحكم متسالم عليه عند الأصحاب ، وتؤيّده رواية حبيب

السجستاني الآتية ـ لا يبعد صدق المماثلة عليها عند فقد اليمنى ، فإنّه متى كانت اليمنى موجودة فهي

المماثل ، وعند فقدها لا يبعد كون المماثل هو اليد اليسرى .

   وتؤكّد ذلك صحيحة محمّد بن قيس ، قال : قلت لأبي جعفر (عليه السلام) : أعور فقأ عين صحيح

«فقال : تفقأ عينه» قال : قلت : يبقى أعمى ؟ «قال : الحقّ أعماه»(1) .

   فإنّ إطـلاقها يعمّ ما إذا كانت عين الأعور الصحيحة غير مماثلة للعين المفقوءة من جهة الطرف .

   (3) استدلّ على ذلك برواية حبيب السجستاني ، قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل

قطع يدين لرجلين اليمينين ، قال : «فقال : يا حبيب ، تقطع يمينه للذي قطع يمينه أوّلاً ، وتقطع يساره

للرجل الذي قطع يمينه أخيراً ، لأ نّه إنّما قطع يد الرجل الأخير ويمينه قصاص للرجل الأوّل» قال :

فقلت : إنّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 178 /  أبواب قصاص الطرف ب 15 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net