الأمر التاسع
في الحقيقة الشرعية
الكلام في هذه المسألة يقع في جهات :
الجهة الاُولى : قال جماعة منهم المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) (2) تظهر الثمرة في المسألة بحمل الألفاظ الواردة في الكتاب والسنّة كألفـاظ العبادات والمعاملات على المـعاني الشرعية ، بناءً على ثبوت الحـقيقة الشرعية ، وعلى
ــــــــ (2) كفاية الاُصول : 22 .
ــ[142]ــ
المعاني اللغوية بناءً على عدم ثبوتها .
وقيل بالتوقف في المقام بناءً على الثاني ، بدعوى أنّ الحقيقة الشرعية وإن لم تثبت إلاّ أ نّه لا شبهة في صيرورة المعاني الشرعية من المجازات المشهورة من جهة كثرة استعمال هذه الألفاظ في تلك المعاني ، والمختار في تعارض الحقيقة مع المجاز المشهور التوقف ، بل المشهور على ذلك، إلاّ بناءً على حجية أصالة الحقيقة تعبداً كما نسب إلى السيِّد المرتضى(1) (قدس سره) وأمّا بناءً على اعتبار الظهور فلا ظهور لها في معانيها الحقيقية ، هذا .
والتحقيق : أ نّه لا ثمرة لهذه المسألة أصلاً ، وفاقاً لشيخنا الاُستاذ (قدس سره)(2) والوجه في ذلك: هو أنّ الكبرى المذكورة وهي : حمل الألفاظ المستعملة في لسان الشارع على المعاني اللغوية أو التوقف بناءً على عدم الثبوت ، وعلى المعاني الشرعية بناءً على الثبوت وإن كانت مسلّمة ، إلاّ أنّ الصغرى غير ثابتة ، لعدم الشك في المراد الاسـتعمالي من هذه الألفاظ ، سواء قلنا بثبوت الحقيقة الشرعية أم لم نقل ، فهي على التقديرين استعملت في عرف المتشرعة في المعاني الشرعية ، إذن لا يبقى مورد نشك فيه في المراد الاستعمالي .
وعلى الجملة : أنّ ألفاظ الكتاب والسنّة قد وصلت إلينا من النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله) بواسطة الأئمة الأطهار (عليهم السلام) ومن الواضح جداً أنّ الحقيقة الشرعية وإن فرض أ نّها لم تثبت ، إلاّ أ نّه لا شبهة في ثبوت الحقيقة المتشرعية في زمن ما ، وعليه فليس لنا مورد نشك فيه في مراد الشارع المقدّس من هذه الألفاظ ، حتّى تظهر الثمرة المزبورة .
ـــــــــــــــــــــ (1) الذريعة إلى اُصول الشريعة : 13 . (2) أجود التقريرات 1 : 48 .
ــ[143]ــ
نعم ، لو فرض كلام وصل إليـنا من النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله) بلا وساطة الأئمة الأطهار (عليهم السلام) فيمكن أن تظهر الثمرة فيه إذا فرض الشك في مراده (صلّى الله عليه وآله) منه ، إلاّ أ نّه فرض في فرض ، فبالنتيجة أ نّه لا ثمرة للبحث عن هذه المسألة اصلاً ، بل هو بحث علمي فقط .
|