ــ[186]ــ
تذييل
قد نطقت روايات الباب والنصوص الكثيرة على أنّ الأركان أربعة ، وهي : التكبيرة والركوع والسجود والطهارة .
أمّا الاُولى : فقد دلّت نصوص عديدة (1) على أنّ التكبيرة ابتداء الصلاة وبها افتتاحها، ومعنى هذا هو أنّ الصلاة لاتتحقق بدون ذلك ، فالمصلي لو دخل في القراءة من دون أن يكبّر ، لا يصدق أ نّه دخل فيها ، ومن هنا يظهر أنّ عدم ذكر التكبيرة في حديث لا تعاد إنّما هو من جهة أنّ الدخول في الصلاة لا يصدق بدونها حتّى يصدق على الاتيان بها الإعادة ، فانّها عرفاً وجود ثان للشيء بعد وجوده أوّلاً .
أو فقل : إنّ المستفاد من هذه الروايات هو أنّ الصلاة عمل خاص لا يمكن
ـــــــــــــــــــــ (1) منها : صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : التكبيرة الواحدة في افتتاح الصلاة تجزي والثلاث أفضل ، والسبع أفضل كلّه» الوسائل 6 : 10 / أبواب تكبيرة الإحرام ب 1 ح 4 . ومنها : صحيحة زرارة قال : «سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الرجل ينسى تكبيرة الافتتاح ؟ قال : يعيد» الوسائل 6 : 12 / أبواب تكبيرة الإحرام ب 2 ح 1 . ومنها : موثقة عبيد بن زرارة قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل أقام الصلاة فنسي أن يكبّر حتّى افتتح الصلاة ، قال : يعيد الصلاة» الوسائل 6 : 13 / أبواب تكبيرة الإحرام ب 2 ح 3 . ومنها : صحيحة علي بن يقطين قال : «سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن الرجل ينسى أن يفتتح الصلاة حتّى يركع ، قال : يعيد الصلاة» الوسائل 6 : 13 / أبواب تكبيرة الإحرام ب 2 ح 5 .
ــ[187]ــ
الدخول فيه بدون الافتتاح بالتكبيرة ، ولذا ورد في بعض الروايات «لا صلاة بغير افتتاح»(1) وعليه فلو دخل المصلي بدونها نسياناً أو جهلاً فلايكون مشمولاً للحديث .
وأمّا الركوع والسجود والطهور: فقد دلّت صحيحة الحلبي أو حسنته ـ بابن هاشم ـ على أنّ الصلاة ثلاثة أثلاث : ثلث منها الطهور ، وثلث منها الركوع، وثلث منها السجود ، الحديث (2) فقد حصرت الصحيحة الصلاة بهذه الثلاثة ، ولكن لابدّ من رفع اليد عنها من هذه الجهة بما دلّ من الروايات على أنّ التكبيرة أيضاً ركن ومقوّم لها كما عرفت .
بقي هنا شيء : وهو أنّ التسليمة هل هي ركن للصلاة أيضاً أم لا ؟ وجهان بل قولان ، فذهب بعضهم (3) إلى أ نّها أيضاً ركن واستدلّ على ذلك بعدّة من الروايات(4) الدالة على أنّ اختتام الصلاة بالتسليم ، فهي دالة على أنّ الصلاة
ـــــــــــــــــــــ (1) الوسائل 6 : 14 / أبواب تكبيرة الإحرام ب 2 ح 7 . (2) رواها في الوسائل 6 : 310 / أبواب الركوع ب 9 ح 1 عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : الصلاة ثلاثة أثلاث : ثلث طهور ، وثلث ركوع ، وثلث سجود» . (3) الناصريات : 209 . (4) منها : مضمرة علي بن أسباط عنهم (عليهم السلام) في حديث طويل إلى أن قال : «يسمي عند الطعام ويفشي السلام ويصلي والناس نيام ، وله كل يوم خمس صلوات متواليات ينادي إلى الصلاة كنداء الجيش بالشعار ويفتتح بالتكبيرة ويختم بالتسليم» [ الوسائل 6 : 415 / أبواب التسليم ب 1 ح 2 ] . ومنها : موثقة أبي بصير قال : «سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول في رجل صلّى الصبح فلمّا جلس في الركعتين قبل أن يتشهد رعف قال : فليخرج فليغسل أنفه =
ــ[188]ــ
لا تتحقق بدون التسليم .
وذهب جماعة منهم السيِّد (قدس سره) في العروة إلى أ نّها ليست بركن (1) وهذا هو الأقوى ، ودليلنا على ذلك هو أ نّها لم تذكر في حديث لا تعاد ، فلو ترك المصلي التسليمة في الصلاة نسياناً لم تجب عليه الإعادة في الوقت ، فضلاً عن القضاء في خارجه . وكيف كان ، فان قلنا بعدم كون التسليمة من الأركان كانت التسليمة أيضاً خارجة عن المسمى .
فالنتيجة من جميع ما ذكرناه لحدّ الآن اُمور :
الأوّل : أنّ لفظ الصلاة موضوع للأركان فصاعداً ، وهذا على طبق الارتكاز العرفي كما هو الحال في كثير من المركبات الاعتبارية .
الثاني : أنّ اللفظ موضوع للأركان بمراتبها على سبيل البدل لا للجامع بينها ، فانّ الجامع غير معقول كما عرفت ، ولا لمرتبة خاصة منها ، وذلك من جهة أنّ إطلاق اللفظ على جميع مراتبها على نسق واحد ، هذا وقد تقدّم أ نّه لا بأس بكون المقوّم للمركب الاعتباري أحد اُمور على نحو البدل .
الثالث : أنّ الأركان على ما نطقت به روايات الباب عبارة عن التكبيرة والركوع والسجود والطهارة ـ والمراد الأعم من المائية والترابية ـ كما أنّ المراد من الركوع والسجود أعم ممّا هو وظيفة المختار أو المضطر ، ولكن مع هذا كلّه يعتبر في صدق الصلاة الموالاة بل الترتيب أيضاً، وأمّا الزائد عليها فعند الوجود داخل فيها وإلاّ فلا .
ـــــــــــــــــــــ = ثمّ ليرجع فليتم صلاته فانّ آخر الصلاة التسليم» [ الوسائل 6 : 416 / أبواب التسليم ب 1 ح 4 ] . (1) العروة الوثقى 1 : 514 .
|