فالنتيجة : أنّ الاستصحاب في الشبهات المفهومية ساقط ولو قلنا بجريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية فيما إذا كان الشك في سعة المجعول وضيقه .
وقد أشار شيخنا العلاّمة الأنصاري (قدس سره) في آخر بحث الاستصحاب(1) في مسألة اشتراط بقاء الموضوع فيه إلى هذا المعنى، وهو عدم جريان الاستصحاب في موارد الشبهات المفهومية .
فقد أصبحت النتيجة : أنّ المرجع في كلا الموردين هو أصل البراءة .
فما ذكره المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) من الفرق بين الموردين ، وأنّ المرجع في المورد الثاني هو الاستصحاب دون البراءة غير صحيح . نستنتج ممّا ذكرناه حول المشتق لحدّ الآن عدّة اُمور :
الأوّل : أنّ محل البحث لا يعم جميع المشتقات بل يخص بعضها ويعم بعض أصناف الجوامد ، وهو ما كان مفهومه منتزعاً عن أمر خارج عن مقام ذاته .
الثاني : أنّ ملاك دخول شيء في محل البحث أن يكون واجداً لركيزتين :
1 ـ أن يكون قابلاً للحمل على الذات ولا يأبى عنه .
ـــــــــــــــــــــ (1) فرائد الاُصول 2 : 691 .
ــ[281]ــ
2 ـ أن تبقى الذات بعد انقضاء المبدأ عنها ، فإذا اجتمعت هاتان الركيزتان في شيء دخل في محل البحث ، وإلاّ فلا .
الثالث : أنّ محل النزاع هنا يتمحض في وضع هيئات المشتقات وسعة معانيها وضيقها ، بلا نظر إلى موادها أصلاً ، واختلافها لا يوجب الاختلاف في محل البحث كما تقدّم .
الرابع : أنّ الأفعال جميعاً لاتدل على الزمان حسب وضعها . نعم ، إذا اُسندت إلى الزماني دلّت على وقوع الحدث في زمن ما ، إلاّ أنّ هذه الدلالة خارجة عن مداليلها ، ومستندة إلى خصوصية اُخرى كما سبق .
الخامس : أنّ نقاط الميز بين الأفعال بعد خروج الزمان عن مداليلها هي : أنّ الفعل الماضي يدل على تحقق الحدث قبل زمن التكلم ، والمضارع يدل على تحقق الحدث في زمن التكلم أو ما بعده ، والأمر يدل على الطلب حال التلفظ ، فهذه النقاط هي النقاط الرئيسية للفرق بينها ، وهي توجب تعنون كل واحد منها بعنوان خاص واسم مخصوص ، وتمنع عن صحّة استعمال أحدها في موضع الآخر ، وموجودة في جميع موارد استعمالاتها كما مرّ بيانه .
السادس : أنّ المراد من الحال المأخوذ في عنوان المسألة هو فعلية تلبس الذات بالمبدأ ، لا زمان النطق ، كما سبق من أنّ الزمان مطلقاً ـ سواء كان زمان النطق أم غيره ـ لم يؤخذ في مفاهيم المشتقات .
السابع : أ نّه لا أصل موضوعي يرجع إليه عند الشك في وضع المشتق للأعم أو الأخص .
الثامن : أنّ الأصل الحكمي في المقام هو البراءة مطلقاً ولو كان للحكم حالة سابقة . هذا تمام الكلام في المقدّمات .
|