ــ[12]ــ
الأمر عقيب الحظر
إذا وقع الأمر عقيب الحظر أو توهمه فهل يدل على الوجوب كما نسب إلى كثير من العامّة (1) ، أو على الاباحة كما هو المعروف والمشهور بين الأصحاب ، أو هو تابع لما قبل النهي إن علّق الأمر بزوال علة النهي لا مطلقاً ؟ وجوه بل أقوال . والتحقيق هو أ نّه لا يدل على شيء من ذلك ، من دون فرق بين نظريتنا في مفاد الصيغة وما شاكلها ونظرية المشهور في ذلك . أمّا على ضوء نظريتنا فلأنّ العقـل إنّما يحكم بلزوم قيام المكلـف بما أمر به المولى بمقتضى قانون المولوية والعبودية إذا لم تقم قرينة على الترخيص وجواز الترك ، وحيث يحتمل أن يكون وقوع الصيغة أو ما شاكلها عقيب الحظر أو توهمه قرينة على الترخيص فلا ظهور لها في الوجوب بحكم العقل. وإن شئت قلت : إنّها حيث كانت محفوفة بما يصلح للقرينية فلا ينعقد لها ظهور فيه . إذن فحمل الصيغة أو ما شاكلها في هذا الحال على الوجوب يقوم على أساس أمرين : أحدهما : أن تكون الصيغة موضوعة للوجوب . وثانيهما : أن تكون أصالة الحقيقة حجة من باب التعبد كما نسب إلى السيِّد
ــــــــــــــــــــــــــــ (1) راجع المحصول 1 : 236 ، منهاج الوصول : 76 .
ــ[13]ــ
(قدس سره) (1) وحيث إنّه لا واقع موضوعي لكلا الأمرين على ضوء نظريتنا فلا مقتضي لحملها على الوجوب أصلاً ، ومن هنا يظهر أ نّه لا مقتضي لحملها عليه على ضوء نظرية المشهور أيضاً ، فانّ الصيغة أو ما شابهها على ضوء هذه النظرية وإن كانت موضوعة للوجوب إلاّ أ نّه لا دليل على حجية أصالة الحقيقة من باب التعبد ، وإنّما هي حجة من باب الظهور ولا ظهور في المقام ، لما عرفت من احتفافها بما يصلح للقرينية ، ومن ذلك يظهر أ نّه لا وجه لدعوى حملها على الاباحة أو تبعيتها لما قبل النهي إن علّق الأمر بزوال علّة النهي ، وذلك لأنّ هذه الدعوى تقوم على أساس أن يكون وقوعها عقيب الحظر أو توهمه قرينة عامّة على إرادة أحدهما بحيث تحتاج إرادة غيرهما إلى قرينة خاصة ، إلاّ أنّ الأمر ليس كذلك ، لاختلاف موارد استعمالها فلا ظهور لها في شيء من المعاني المزبورة . فالنتيجة : أ نّها مجملة ، فارادة كل واحد من تلك المعاني تحتاج إلى قرينة .
ـــــــــــــــــــــ (1) لاحظ الذريعة إلى اُصول الشريعة 1 : 13 .
|