الثاني : تقسيم المقدمة إلى مقدمة الوجوب تارة ، ومقدمة الوجود اُخرى ، ومقدمة العلم ثالثة ، ومقدمة الصحة رابعة . أمّا الاُولى : فلا إشكال في خروجها عن محل البحث ، وذلك لأ نّه لا وجوب قبل وجودها حتّى يجب تحصيلها ، وبعد وجودها وجوبها تحصيل للحاصل ، وذلك كالاسـتطاعة التي هي شرط لوجوب الحج ، فانّه لا وجوب له قبل وجودها ، وكالسفر الذي هو شرط لوجوب القصر في الصلاة والافطار في الصيام ، وفي مقابله الحضر الذي هو شرط لوجوب التمام والصيام ، ومن هنا لا شبهة في عدم اتصـاف هذه المقدمات والشرائط بالوجـوب ، لأ نّها اُخذت مفروضة الوجود في الخارج في مقام الجعل فلا يعقل إيجابها من هذه الناحية . نعم ، قد يجب الاتيان بها من ناحية اُخرى ، كما إذا نذر تحصيل الاستطاعة أو السفر أو نحو ذلك فحينئذ يجب ، ولكن ذلك أجنبي عما هو محل الكلام في المقام . وأمّا مقدمة العلم : كالصلاة إلى الجهات الأربع في مورد اشتباه القبلة لتحصيل العلم بوقوعها إلى القبلة ، أو في غير ذلك من موارد العلم الاجمالي ، فهي أيضاً لا شبهة في خروجها عن مورد البحث ، وذلك لأنّ الصلاة التي وقعت
ــ[123]ــ
إلى القبلة في المثال هي نفس الواجب وليست مقدمة له ، وأمّا غيرها فهي مغايرة للواجب ولا تكون مقدمة له ، وإنّما هي مقدمة لحصول العلم بالواجب وفراغ الذمة والأمن من العقاب . وأمّا مقدمة الوجود : وهي التي يتوقّف وجود الواجـب على وجـودها خارجاً بحيث لولاها لما حصل الواجب نفسه ، فهي تعود إلى المقدمة الخارجية بالمعنى الأخص ، وهي التي خارجة عن المأمور به قيداً وتقيداً .
|