ــ[221]ــ
[ تردّد الواجب بين النفسي والغيري ]
وأمّا إذا شكّ في ذلك فهل الأصل اللفظي أو العملي يقتضي أحدهما خاصة ؟ والبحث فيه يقع في مقامين: الأوّل: في الأصل اللفظي . الثاني : في الأصل العملي . أمّا المقام الأوّل : فمقتضى إطلاق الدليل هو الوجوب النفسي ، وهذا بناءً على نظرية المشهور واضح ، وذلك لأنّ تقييد وجوب شيء بما إذا وجب غيره يحتاج إلى مؤونة زائدة ، فلو كان المولى في مقام البيان ولم ينصب قرينة على التقييد كان مقتضى إطلاق كلامه هو الحكم بكون الوجوب نفسياً ، يعني أ نّه واجب سواء أكان هناك واجب آخر أم لا . وأمّا بناءً على نظرية الشيخ (قدس سره) (1) من استحالة رجوع القيد إلى الهيئة ولزوم رجوعه إلى المادة ، فيمكن تقريب التمسك بالاطلاق بوجهين : الأوّل : فيما إذا كان الوجوب مستفاداً من الجملة الاسمية كقوله (عليه السلام) «غسل الجمعة فريضة من فرائض الله» (2) وما شاكل ذلك ، وفي مثله لا مانع من التمسك باطلاق هذه الجملة لاثبات كون الوجوب نفسياً ، إذ لو كان غيرياً لكان على المولى نصب قرينة على ذلك ، وحيث إنّه لم ينصب مع كونه في مقام البيان فالاطلاق يقتضي عدمه . الثاني : التمسك باطلاق دليل الواجب كدليل الصلاة أو نحوها لدفع ما
ـــــــــــــــــــــ (1) تقدّم في ص 142 . (2) ورد مضمونه في الوسائل 3 : 312 / أبواب الأغسال المسنونة ب 6 ح 3 ، 5 ، 6 .
ــ[222]ــ
يحتمل أن يكون قيداً له ، بيان ذلك : أنّ المولى إذا كان في مقام البيان ولم ينصب قرينة على تقييد الواجب بقيد ، ففي مثله إذا شكّ في تقييده بشيء كما إذا شكّ في تقييد الصلاة مثلاً بالوضوء ، فلا مانع من التمسك باطلاق قوله : صل لاثبات عدم تقييدها به ، ولازم ذلك هو عدم كون الوضوء واجباً غيرياً . وقد ذكرنا في محلّه أنّ الاُصول اللفظية تثبت لوازمها . فالنتيجة : أ نّه على ضوء كلتا النظريتين لا مانع من التمسك بالاطلاق لاثبات كون الواجب نفسياً . نعم ، تفترق نظرية المشهور عن نظرية الشيخ (قدس سره) في كيفية التمسك به كما عرفت . ومن هنا لم ينسب إلى الشيخ (قدس سره) انكار الواجب الغيري على ما نعلم .
|