آثار الواجب النفسي والغيري \ الكلام في أنّ الثواب على الواجب النفسي بالتفضل أو الاستحقاق 

الكتاب : محاضرات في اُصول الفقه - الجزء الثاني   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4154


ــ[229]ــ
 

آثار الواجب النفسي والغيري

لا إشكال في أنّ ترك الواجب النفسي يوجب استحقاق العقاب والذم ، حيث إنّه تمرد وطغيان على المولى وخروج عن رسم العبودية والرقّية . كما أ نّه لا إشكال في أنّ ترك الواجب الغيري لا يوجب استحقاق العقاب عليه . نعم ، إنّ تركه حيث يستلزم ترك الواجب النفسي فالعقاب عليه لا على ترك الواجب الغيري . كما أ نّه لا إشكال في ترتب الثواب على امتثال الواجب النفسي .
وإنّما الاشكال والكلام في موردين : الأوّل : في وجه ترتب الثواب على امتثال الواجب النفسي هل هو بالاستحقاق أو بالتفضل . الثاني : في ترتب الثواب على الواجب الغيري .
أمّا المورد الأوّل : ففيه خلاف ، فذهب معظم الفقهاء والمتكلمين(1) إلى أ نّه بالاستحقاق. وذهب جماعة منهم المفيد (قدس سره)(2) إلى أ نّه بالتفضل بدعوى أنّ العبد ليس أجيراً في عمله للمولى ليستحقّ الثواب عليه ، وإنّما جرى ومشى على طبق وظيفته ومقتضى عبوديته ورقيته ، ولكنّ الله (سبحانه وتعالى) هو الذي يتفضل عليه باعطاء الثواب والأجر .
والصحيح في المقام أن يقال : إن أراد القائلون بالاستحقاق أنّ العبد بعد قيامه بامتثال الواجب وإظهار العبودية والرقية يستحق على المولى الثواب

ـــــــــــــــــــــ
(1) راجع كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد: 407، المسألة الخامسة في الثواب والعقاب .
(2) أوائل المقالات ( مصنفات المفيد 4 ) : 111 .

ــ[230]ــ

كاستحقاق الأجير للاُجرة على المستأجر بحيث لو لم يقم المولى باعطاء الثواب له لكان ذلك ظلماً منه فهو مقطوع البطلان، بداهة أنّ إطاعة العبد لأوامر مولاه ونواهيه جرى منه على وفق وظيفته ورسم عبوديته ورقّيته ولازمة بحكم العقل المستقل ، ولا صلة لذلك بباب الاجارة أبداً ، كيف فانّ مصالح أفعاله ومفاسدها تعودان إليه لا إلى المولى . ومن ذلك يظهر حال التوبة ، فانّ ما ورد من أنّ التائب عن ذنبه كمن لا ذنب له (1) ليس معنى هذا أنّ التائب يستحقّ الغفران على المولى كاستحقاق الأجير للاُجرة باتيان العمل المستأجر عليه ، لوضوح أنّ التوبة مقتضى وظيفة العبودية ، ومن هنا يستقلّ العقل بها ، حيث إنّ حقيقتها رجوع العبد إلى الله تعالى وخروجه عن التمرد والعصيان ودخوله في الاطاعة والاحسان .
وإن أرادوا بذلك أنّ العبد بقيامه بامتثال أوامر المولى ونواهيه يصير أهلاً لذلك ، فلو تفضّل المولى باعطاء الثواب له كان في محلّه ومورده فهو متين جداً ولا مناص عنه ، والظاهر بل المقطوع به أ نّهم أرادوا بالاستحقاق هذا المعنى . وعلى هذا الضوء فقد أصبح النزاع المزبور لفظياً كما لا يخفى .
ـــــــــــــــــــــ
(1) الكافي 2 : 435 / 10 (مع اختلاف يسير) .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net