ما يتفرّع على اعتبار قصد التوصل من الفروع 

الكتاب : محاضرات في اُصول الفقه - الجزء الثاني   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 3988


ثمّ إنّ شيخنا الاُستاذ (قدس سره) (1) ذكر أنّ المقرر رتّب على اعتبار قصد التوصل فروعاً يبعد كونها من العلاّمة الأنصاري (قدس سره) .
منها : عدم صحة صلاة من كانت وظيفته الصلاة إلى الجهات الأربع إذا لم يكن من قصده الصلاة إلى جميعها ، حيث إنّ الاتيان بها إلى تلك الجهات من باب المقدمة وقد اعتبر فيها قصد التوصل ، فالاتيان بصلاة إلى جهة منها بدونه لا محالة تقع فاسدة وإن كانت مطابقة للواقع ، لفرض عدم إتيانه بما هو مقدمة وواجب عليه ، إذن لا مناص من الاعادة . ومن هذا القبيل كل مورد كان الاحتياط فيه مستلزماً للتكرار كالصلاة في ثوبين مشتبهين أو نحو ذلك إذا أتى بصلاة واحدة من دون قصده الاتيان بالجميع .
وفيه : أنّ ما ذكره شيخنا الاُستاذ (قدس سره) من الاستبعاد في محلّه ، والسبب في ذلك واضح وهو أنّ وجوب الصلاة إلى الجهات الأربع أو ما شاكل ذلك إنّما هو من باب المقدمة العلمية ، وقد تقدّم أنّ وجوبها لا يقوم على أساس القول بوجوب المقدمة وعدمه ، فانّ الحاكم بوجوبها إنّما هو العقل بملاك دفع الضرر المحتمل ، وأمّا محلّ النزاع في اعتبار قصد التوصل وعدم اعتباره فانّما هو

ـــــــــــــــــــــ
(1) أجود التقريرات 1 : 340 .

ــ[250]ــ

في المقدمة الوجودية ، ولا صلة لإحدى المقدمتين بالاُخرى أصلاً ، كيف فانّ ما كان من الصلوات إلى الجهات الأربع مطابقاً للواقع كان هو نفس الواجب لا أ نّه مقدمة له ، وما لم يكن مطابقاً له فهو أجنبي عنه ، فلا يكون هنا شيء مقدمة لوجود الواجب أصلاً .
نعم ، ذكر شيخنا العلاّمة الأنصاري (قدس سره) في أواخر رسالة بحث البراءة (1) ما ملخصه : هل الاطاعة الاحتمالية في طول الاطاعة العلمية ولو إجمالاً أو في عرضها ؟ فان قلنا بالأوّل كان ما جاء به من الامتثال الاحتمالي فاسداً وإن كان مطابقاً للواقع ، وذلك لاستقلال العقل الحاكم في هذا الباب بعدم كفاية الامتثال الاحتمالي مع التمكن من الامتثال العلمي ولو كان إجمالياً ، وإن قلنا بالثاني كان ما جاء به صحيحاً ، لفرض تحقق الواجب في الخارج وقد قصد التقرب به احتمالاً وهو يكفي في العبادة .
وهذا الذي ذكره (قدس سره) هناك أيضاً أجنبي عن القول باعتبار قصد التوصل في المقدمة وعدم اعتباره ، فان كفاية الامتثال الاحتمالي مع التمكن من الامتثال العلمي وعدم كفايته معه يقومان على أساس آخر لا صلة له بما يقوم به هذان القولان ، فيمكن القول بالكفاية هناك على كلا القولين هنا ، ويمكن القول بعدم الكفاية هناك كذلك على تفصيل في محلّه . فالنتيجة أ نّه لا صلة لأحد البابين بالآخر أصلاً كما هو واضح .
ومنها : عدم جواز الاتيان بالغايات المشروطة بالطهارة إذا لم يكن المتوضئ قاصداً به تلك الغايات بل أتى به لغاية اُخرى ، فلو توضأ لغاية خاصة كقراءة القرآن مثلاً لم يجز له الدخول في الصلاة بذلك الوضوء وهكذا . ثمّ إنّه (قدس سره) أشكل على ذلك : بأنّ هذا لا يتم في الوضوء ، حيث إنّه حقيقة واحدة

ـــــــــــــــــــــ
(1) فرائد الاُصول 2 : 457 .

ــ[251]ــ

وماهية فاردة فإذا جاء به لأ يّة غاية مشروعة لترتبت عليه الطهارة ، ومعه يصحّ الاتيان بكل ما هو مشروط بها ، فإذن لا تكون لاعتبار قصد التوصل إلى غاية خاصة ثمرة في الوضوء . نعم ، يتم ذلك في باب الأغسال ، حيث إنّها حقائق متباينة وماهيات متعددة وإن اشتركت في اسم واحد ، وعليه فلو اغتسل لغاية خاصة فلا يجوز له الدخول إلى غاية اُخرى . فثمرة اعتبار قصد التوصل تظهر هنا .
وأورد عليه شيخنا الاُستاذ (قدس سره) بأنّ ما أفاده بالاضافة إلى الوضوء وإن كان متيناً جداً فلا مناص عنه ، إلاّ أنّ ما أفاده بالاضافة إلى الأغسال من الغرائب ، فانّ الاختلاف في أنّ الأغسال حقيقة واحدة أو حقائق متعددة إنّما هو باعتبار اختلاف أسبابها كالجنابة والحيض والنفاس ونحو ذلك ، لا باعتبار غاياتها المترتبة عليها، ضرورة أ نّه لم يحتمل أحد فضلاً عن القول بأنّ الأغسال حقائق متعـددة باعتبار تعدد غاياتها ، فهي من ناحية الغايات لا فرق بينها وبين الوضوء أصلاً . فالنتيجة : أنّ ما استبعده شيخنا الاُستاذ (قدس سره) في محلّه .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net