ــ[275]ــ
الواجب الأصلي والتبعي
ذكر صاحب الكفاية (قدس سره) (1) في مبحث مقدمة الواجب اُموراً أربعة : الأوّل : أنّ مسألة مقدمة الواجب من المسائل الاُصولية العقلية . الثاني : تقسيم المقدمة إلى الشرعية والعقلية والعادية من ناحية ، وإلى الداخلية والخارجية والمتقدمة والمتأخرة والمقارنة من ناحية اُخرى . الثالث : تقسيم الواجب إلى المشروط والمطلق تارة ، وإلى المنجّز والمعلّق تارة اُخرى . الرابع : بيان الملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدمته ، والتعرض لما هو الواجب من المقدمة ، وبعد الانتهاء عن هذه الاُمور الأربعة ذكر انقسام الواجب إلى الأصلي والتبعي. وكان المناسب عليه أن يدرج هذا التقسيم في الأمر الثالث، لأ نّه من شؤون تقسيم الواجب ، ولعل هذا كان غفلة منه (قدس سره) في مقام التأليف أو كان الاشتباه من الناسخ ، وكيف كان فالتعرض لهذا التقسيم هنا إنّما هو تبعاً للمحقق صاحب الكفاية (قدس سره) وإلاّ فهو عديم الفائدة والأثر . فنقول : إنّ الأصالة والتبعية تلاحظان مرّة بالاضافة إلى مقام الثبوت ، ومرّة اُخرى بالاضافة إلى مقام الاثبات . أمّا على الأوّل : فالمراد بالأصلي : هو ما كان متعلقاً للارادة والطلب تفصيلاً ومورداً لالتفـات المولى كذلك ، والمراد بالتبعي هو ما كان متعلقاً لهما تبعاً
ـــــــــــــــــــــ (1) كفاية الاُصول : 89 ـ 122 .
ــ[276]ــ
وارتكازاً ومورداً للالتفات كذلك . ومن هنا يظهر أنّ هذا التقسيم لا يجري في الواجب النفسي ، بداهة أ نّه لا يتصف إلاّ بالأصالة ، فلا يعقل أن تكون الارادة المتعلقة به إرادة تبعية وارتكازية ، فالتقسيم خاص بالواجب الغيري . وأمّا على الثاني : فالمراد بالأصلي هو ما كان مقصوداً بالافهام من الخطاب بحيث تكون دلالة الكلام عليه بالمطابقة ، وبالتبعي هو ما لم يكن كذلك ، بل كانت دلالة الكلام عليه بالتبعية والالتزام ، ولكن على هذا فالواجب لا ينحصر بهذين القسمين ، بل هنا قسم ثالث : وهو ما لم يكن الواجب مقصوداً بالافهام من الخطاب أصلاً لا أصالة ولا تبعاً ، كما إذا كان الواجب مدلولاً لدليل لبي من إجماع أو نحوه ، هذا إذا علم بالأصالة والتبعية . وأمّا إذا شكّ في واجب أ نّه أصلي أو تبعي ، فحيث لا أثر لذلك فلا أصل في المقام حتّى يعيّن أحدهما لا لفظاً ولا عملاً . نعم ، لو كان لهما أثر عملي فمقتضى الأصل هو كون الواجب تبعياً إذا كان عبارة عما لم تتعلق به الارادة المستقلة ، وأمّا إذا كان عبارة عما تعلقت به الارادة التبعية فلا يكون موافقاً للأصل .
|