القول الثاني أيضاً ، وهو القول بأنّ النهي جزء من الأمر ، فانّ القول بالجزئية أيضاً غير معقول ، ضرورة أ نّه كما لا يمكن أن يكون النهي متحداً مع الأمر في المراحل المتقدمة ، كذلك لا يمكن أن يكون جزأه في تلك المراحل . وما قيل في تعريف الوجوب من أ نّه عبارة عن طلب الفعل مع المنع من الترك لا يخلو عن ضرب مسامحة ، ولعلّ الغرض منه الاشارة إلى مفهوم الوجوب في مقام تقريبه إلى الأذهان ، لا أ نّه تعريف له على التحقيق ، وإلاّ فمن الواضح جداً أنّ المنع من الترك لم يؤخذ في حقيقة الوجوب بأيّ معنى من المعاني الذي فرضناه ، سواء أكان إرادة نفسانية ، أم كان حكماً عقلياً ، أو مجعولاً شرعياً . فانّه على الأوّل من الأعراض وهي من البسائط الخارجية ، وعلى الثاني فهو من الاُمور الانتزاعية العقلية ، بمعنى أنّ العقل يحكم باللزوم عند اعتبار المولى فعلاً ما على ذمة المكلف مع عدم نصبه قرينة على الترخيص في تركه . ومن الظاهر أ نّه أشدّ بساطة من الأعراض فلا يعقل له جنس ولا فصل . وعلى الثالث فهو من المجعولات الشرعية ، ومن الواضح أ نّها في غاية البساطة ولا يعقل لها جنس وفصل ، نعم المنع من الترك لازم للوجوب لا أ نّه جزؤه .
ــ[335]ــ
وعلى تقدير كون الوجوب مركباً فلا يعقل أن يكون مركباً من المنع من الترك ، لما عرفت من أنّ بغض الترك كما لا يمكن أن يكون عين حبّ الفعل ، كذلك لا يمكن أن يكون جزأه . وقد تحصّل من ذلك : أنّ النزاع في عينية الأمر بشيء للنهي عن ضدّه أو جزئيته له ، لا يرجع إلى النزاع في معنى معقول .
|