وأمّا الجهة الثالثة : فيقع الكلام فيها في مقامين: الأوّل: في الوضوء أو الغسل في الأرض المغصوبة. الثاني: في الفضاء المغصوب. أمّا المقام الأوّل : فالكلام فيه يقع في موردين: الأوّل: ما إذا فرض انحصار الماء في مكان مغصوب بحيث إنّ المكلف لا يتمكن من الوضوء أو الغسل إلاّ في ذلك المكان. الثاني: ما إذا فرض عدم انحصار الماء فيه. أمّا المورد الأوّل : فالظاهر أ نّه لا إشكال في صحة الوضوء أو الغسل على القول بجواز اجتماع الأمر والنهي في مثل المقام الذي لم يتحد فيه المأمور به مع المنهي عنه خارجاً، حيث إنّ المأمور به هو الغسلتان والمسحتان مثلاً، والمنهي عنه هو الكون في الدار وهو من مقولة الأين، فيستحيل أن ينطبق على المأمور به،
ــ[511]ــ
نعم هما أمران متلازمان في الخارج، وقد ذكرنا غير مرّة أ نّه لا دليل على سراية الحكم من متعلقه إلى ملازماته الوجودية، بل قد عرفت الدليل على عدمها، هذا من جانب. ومن جانب آخر: أنّ وظيقته ابتداءً وإن كانت هي التيمم، ولو صلّى معه فلا إشكال في صحة صلاته باعتبار أ نّه لم يتمكن من الوضوء أو الغسل شرعاً وإن تمكن تكويناً، وقد ذكرنا غير مرّة أنّ مشروعية الوضوء أو الغسل منوطة بالتمكن من استعمال الماء عقلاً وشرعاً، ولا يكفي مجرد التمكن منه عقلاً إذا كان ممنوعاً من قِبَل الشرع، وفي المقام بما أنّ الوضوء أو الغسل يتوقف على ارتكاب محرّم وهو التصرف في مال الغير، فلا يتمكن المكلف منه. إذن فوظيفته التيمم، لكونه فاقداً للماء، ولكنّه لو عصى ودخل في الدار المغصوبة فتوضأ أو اغتسل به، فلا إشكال في صحته بناءً على ما حققناه من إمكان الترتب. وأمّا المورد الثاني : فلا شبهة في صحة الوضوء أو الغسل ولو قلنا بالفساد في المورد الأوّل، ولا تتوقف صحته على القول بالترتب، لفرض أ نّه مأمور بالطهارة المائية، لتمكنه منها، غاية الأمر أنّ المكلف بسوء اختياره قد ارتكب المحرّم بدخوله في المكان المزبور وتوضأ أو اغتسل فيه، ومن الواضح أنّ ارتكاب محرّم مقدمة للوضوء أو الغسل أو في أثنائه إذا لم يكن متحداً معه لا يوجب فساده، هذا كلّه فيما إذا لم يكن الفضاء مغصوباً بل كان مباحاً أو مملوكاً للمتوضئ.
|