ــ[245]ــ
الواجب الموسّع والمضيّق
ينقسم الواجب باعتبار تحديده بزمان خاص وعدم تحديده به إلى موقّت وغير موقّت، وينقسم الموقّت باعتبار زيادة الزمان المحدّد له على الزمان الوافي باتيان الواجب فيه وعدم زيادته عليه إلى موسّع ومضيّق، والأوّل كالصلوات اليومية فانّ وقتها زائد على زمان فعلها فيتمكن المكلف من الاتيان بها في وقتها مرّات عديدة كما هو واضح، والثاني كصوم شهر رمضان أو نحوه فانّ الزمان المحدد له مساو لزمان الاتيان به بحيث يقع كل جزء منه في جزء من ذلك الزمان بلا زيادة ونقيصة. قد يشكل في إمكان الواجب الموسّع تارةً، وفي المضيّق اُخرى. أمّا في الأوّل: فبدعوى أ نّه يستلزم جواز ترك الواجب في أوّل الوقت وهو ينافي وجوبه، كيف فانّ الواجب ما لا يجوز تركه، فإذا فرض أ نّه واجب في أوّل الوقت كيف يجوز تركه. وغير خفي ما فيه من المغالطة، وذلك لأنّ الواجب هو الجامع بين المبدأ والمنتهى المعرى عنه جميع خصوصيات الأفراد من العرضية والطولية، والواجب على المكلف هو الاتيان بهذا الجامع بين هذين الحدّين لا في كل آن ووقت ليكون تركه أوّل الوقت تركاً للواجب ولو اُتي به في آخر الوقت، بل تركه فيه ترك لفرده وهو ليس بواجب على الفرض، ولذا لو ترك المكلف الصلاة في أوّل الوقت وأتى بها في آخر الوقت فلا يقال إنّه ترك الواجب، وقد تقدّم نظير هذا
ــ[246]ــ
الاشكال في الواجب التخييري أيضاً فيما إذا فرض أنّ كل واحد من الفعلين واجب فكيف يجوز تركه مع الاتيان بالآخر، مع أ نّه لا يجوز ترك الواجب، وقد أجبنا عنه بعـين هذا الجواب، وقلنا بأنّ الواجب هو الجامع بينهما لا خصوص هذا وذاك، فإذن لو أتى المكلف بأحدهما وترك الآخر فلا يكون تاركاً للواجب. وعلى الجملة: فلا فرق بين الأفراد العرضية والطولية من هذه الناحية أصلاً، فكما أنّ الواجب هو الجامع بين الأفراد العرضية، فكذلك هو الجامع بين الأفراد الطولية، فكما أنّ المكلف مخيّر في تطبيقه على أيّ فرد من أفراده العرضية، فكذلك هو مخيّر في تطبيقه على أيّ فرد من أفراده الطولية، ولا يكون تركه في ضمن فرد والاتيان به ضمن فرد آخر تركاً للواجب، من دون فرق في ذلك بين الأفراد العرضية والطولية أصلاً، فإذن لا وجه لهذا الاشكال أبداً.
|