الكلام حول الروايات الواردة في عدم نفوذ نكاح العبد بدون إذن 

الكتاب : محاضرات في اُصول الفقه - الجزء الرابع   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4693

بقي الكلام حول الروايات(1) الواردة في عدم نفوذ نكاح العبد بدون إذن سيده. قد يتوهم أنّ تلك الروايات تدل على عدم الملازمة بين حرمة المعاملة وفسادها، ببيان أنّ مفادها هو أنّ عصيان السيد لا يستلزم بطلان نكاح العبد رأساً وإنّما يوجب ذلك أن تتوقف صحته على إجازته وإذنه، هذا من ناحية. ومن ناحية اُخرى: أنّ عصيان السيد بما أ نّه يستلزم عصيانه تعالى فبطبيعة الحال تدل تلك الروايات من جهة هذه الملازمة على عدم استلزام عصيانه (سبحانه وتعالى) بطلان النكاح. ومن ناحية ثالثة: أنّ ما دلّ على أنّ عصيانه تعالى مستلزم لفساده وهو مفهوم قوله (عليه السلام) «إنّه لم يعص الله وإنّما عصى سيده» إلخ، فلا بدّ أن يراد به العصيان الوضعي بمعنى أنّ العبد لم يأت بالنكاح غير المشروع في نفسه كالنكاح في العدة على ما مثّل الإمام (عليه السلام) له بذلك لئلا يكون قابلاً للصحة، بل جاء بأمر مشروع في نفسه وقابل للصحة باجازة المولى. فالنتيجة على ضوء هذه النواحي: أنّ هذه الروايات تدل على أنّ النهي التكليفي لا يدل على فساد المعاملة بوجه، وأمّا النهي الوضعي فانّه يدل على فسادها جزماً.
تفصيل الكلام حول هذه المسألة: فنقول: إنّ الأقوال فيها ثلاثة:
الأوّل: أنّ صحة نكاح العبد تتوقف على إجازة السيد فاذا أجاز جاز.
الثاني: أ نّه فاسد مطلقاً، أي سواء أجاز سيده أم لا، وإليه ذهب كثير من العامة.
ـــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 21: 114 / أبواب نكاح العبيد والاماء ب 24 ح 1، 2.

ــ[183]ــ

الثالث: التفصيل بين ما إذا أوقع العبد العقد لنفسه وما إذا أوقع فضولةً ومن قبل غـيره، فانّه على الأوّل فاسـد مطلقاً دون الثاني. هذه هي الأقوال في المسألة.
أمّا القول الأوّل: فانّه في غاية الصحة والمتانة ولا مناص عن الالتزام به، وذلك لأ نّه مضافاً إلى أنّ صحته بالاجازة على طبق القاعدة، قد دلّت عليها روايات الباب بالصراحة، وسيأتي توضيح ذلك في ضمن البحوث الآتية إن شاء الله تعالى.
وأمّا القول الثاني: فهو واضح البطلان، فانّه مضافاً إلى أنّ الالتزام به بلا موجب، خلاف صريح الروايات المشار إليها.
وأمّا القول الثالث: فقد اختاره شيخنا العلاّمة الأنصاري (قدس سره) (1) ونسبه إلى الشيخ التستري (قدس سره) ونسبه شيخنا الاُستاذ (قدس سره)(2) إلى المحقق القمي (قدس سره) وكيف كان، فقد ذكر في وجهه: أنّ العقد الصادر منه لنفسه لا يمكن تصحيحه باجازة المولى المتأخرة، لفرض أ نّه من حين صدوره يقع فاسداً، ومن الطبيعي أنّ الشيء لا ينقلب عمّا هو عليه، فاذن كيف يعقل انقلابه من الفساد إلى الصحة بالاجازة المتأخرة، وهذا بخلاف العقد الصادر منه لغيره فانّه وإن كان فضولياً حيث إنّه بدون إذن سيده إلاّ أنّ السيد إذا أجازه جاز، نظراً إلى استناده إلى من له العقد من هذا الحين ـ أي من حين الاجازة ـ فتشمله الاطلاقات والعمومات، والسر في ذلك: هو أنّ هذا العقد لم يقع من الأوّل فاسداً، بل فساده كان مراعىً بعدم إجازة المولى، نظير بقية العقود الفضولية، فاذا أجاز صحّ.
ـــــــــــــــــــــ
(1) مطارح الأنظار: 164.
(2) أجود التقريرات 2: 234.

ــ[184]ــ

وبتعبير آخر: أنّ النكاح الصادر من العبد لنفسه بدون إذن مولاه كالنكاح الصادر من الصبي أو المجنون أو السفيه لنفسه بدون إذن وليّه، فكما أ نّه غير قابل للتصحيح باجازته نظراً إلى أ نّه فاسد من حين صدوره فكذلك نكاح العبد، وهذا بخلاف ما إذا كان لغيره فانّ من له العقد بما أ نّه غيره فصحته تتوقف على استناده إليه والمفروض أنّ الاجازة المتأخرة مصححة له، هذا.
ولنأخذ بالمناقشة على هذا التفصيل، ملخّصها أمران:
الأوّل: أ نّه لا فرق بين هذه الموارد وسائر موارد الفضولي، فان صحته بالاجازة على القاعدة في جميع الموارد بلا فرق بين مورد دون مورد، بل لا يبعد أن يكون الحكم بالصحة في هذه الموارد أولى من غيرها، وذلك لأنّ الاستناد هنا إلى مالك العقد موجود ولا قصور فيه إلاّ من ناحية أنّ صحته وترتب الأثر عليه شرعاً تتوقف على إجازة السيد أو الولي.
وعلى الجملة: فلا فرق في صحة عقد الفضولي بالاجازة المتأخرة بين أن يكون عدم صحته من ناحية عدم استناده إلى المالك أو مَن هو في حكمه، أو من ناحية عدم إجازة من يكون لاجازته دخل في صحته، ففي جميع هذه الموارد يكون حكم الشارع بفساد العقد معلّقاً على عدم الاجازة، فاذا أجاز مَن له الاجازة جاز وصحّ، ومن الطبيعي أنّ هذا ليس من انقلاب الشيء عما وقع عليه، فانّ الحكم بالفساد إنّما هو من جهة عدم تحقق شرط الصحة وهو الاجازة فاذا تحقق حكم بها لا محالة، وهذا ليس من الانقلاب في شيء. على أنّ إشكال لزوم الانقلاب لو تمّ لا يختص بمورد دون مورد، بل يعم تمام موارد العقد الفضولي كما هو ظاهر.
الثاني: لو تنزّلنا عن ذلك وسلّمنا أنّ مقتضى القاعدة عدم صحة عقد الفضولي والصحة تحتاج في كل مورد إلى دليل خاص، إلاّ أنّ روايات الباب

ــ[185]ــ

تكفينا دليلاً على الصحة في المقام، فانّ هذه الروايات وإن وردت في خصوص نكاح العبد بغير إذن سيده إلاّ أ نّه يستفاد منها الكبرى الكلية وهي: أنّ المعاملات إذا كانت في أنفسها ممضاة شرعاً لم يضر عصيان السيد بصحتها أصلاً سواء أكانت نكاحاً أم كانت غيره، ضرورة أ نّه لا خصوصية للنكاح في ذلك، هذا من ناحية. ومن ناحية اُخرى: أ نّه لا خصوصية لعصيان السيد بما هو سيد إلاّ من جهة أنّ صحة المعاملة تتوقف على إجازته وإذنه، فاذا أجاز جازت. وعلى ذلك فكل من كانت إجازته دخيلة في صحة معاملة فعصيانه لا يضر بها فاذا أجاز المعاملة جازت.
وعلى الجملة: فهذه الروايات في مقام بيان الفرق بين المعاملات الممضاة شرعاً في أنفسها والمعاملات غير الممضاة كذلك كالنكاح في العدة ونحوه، وتدل على أنّ الطائفة الاُولى إذا وقعت في الخارج فضولة وبدون إجازة من له الاجازة صحت باجازته المتأخرة دون الثانية. مثلاً لو باع شخص مال غيره فضولةً أو تزوج بامرأة كذلك فعندئذ إن أجازه المالك صحّ العقد.
فالنتيجة في نهاية الشوط: هي أنّ المراد من العصيان في تلك الروايات هو العصيان الوضعي لا العصيان التكليفي كما سيأتي بيانه بشكل موسع. فاذن تلك الروايات أجنبية عن محل الكلام في المسألة بالكلية، فانّها كما لا تدل على أنّ النهي عن المعاملة يدل على الصحة كذلك لاتدل على أنّ النهي عنها يدل على الفساد.
ولكن شيخنا الاُستاذ (قدس سره) (1) قد استدلّ بهذه الروايات على دلالة النهي على الفساد ببيان أنّ المراد من عصيان الله تعالى فيها المستلزم للفساد
ـــــــــــــــــــــ
(1) أجود التقريرات 2: 232 ـ 233.

ــ[186]ــ

بمقتضى مفهومها هو العصيان التكليفي. وأمّا ما ذكر من تحقق عصيانه (سبحانه وتعالى) في المقام نظراً إلى أنّ عصيان السيد يستلزم عصيانه تعالى، فانّه وإن كان صحيحاً إلاّ أنّ المنفي في روايات الباب ليس مطلق عصيانه ولو كان مع الواسطة، بل خصوص عصيانه المتحقق بمخالفة نهيه الراجع إلى حقّه تعالى على عبيده مع قطع النظر عن حقوق الناس بعضهم على بعض، فيكون المتحصّل من الروايات هو أنّ عصيان العبد لسيده بنكاحه من دون إذنه لو كان ناشئاً من مخالفة نهي متعلق بذلك النكاح من حيث هو في نفسه لما فيه من المفسدة المقتضية لذلك، لأوجب ذلك فساده لا محالة كالنهي عن النكاح في العدة أو عن النكاح الخامس وهكذا، وذلك لأنّ متعلق هذا النهي مبغوض للشارع حدوثاً وبقاءً، لفرض اسـتمرار مفسدته المقتضية للنهي عنه، وهذا بخلاف عصيان العبد الناشئ من مخالفة النهي عن التمرد على سيده فانّه بطبيعة الحال يدور مدار تمرده عليه حدوثاً وبقاءً، فاذا افترضنا أنّ سيده رضي بما عصاه ارتفع النهي عنه بقاءً، وعليه فلا يبقى موجب لفساده أصلاً ولا مانع من الحكم بصحته.
فالنتيجة: أنّ المستفاد من الروايات: هو أنّ الفساد يدور مدار النهي الإلهي حدوثاً وبقاءً، غاية الأمر أ نّه إذا كان ناشئاً من تفويت حقّ الغير فهو إنّما يوجب فساد المعاملة فيما إذا كان النهي باقياً ببقاء ملاكه وموضوعه، وأمّا إذا ارتفع حقّ الغير بارتفاع موضوعه باجازة مَن له الحق تلك المعاملة ارتفع النهي عنها أيضاً.
وقد تحصّل من ذلك: أنّ هذه الروايات تدل على أنّ النهي عن المعاملة ذاتاً يوجب فسادها وأنّ صحتها لا تجتمع مع عصيانه تعالى. نعم، إذا كان العصيان ناشئاً من تفويت حق مَن له الحق توقفت صحة المعاملة على إجازته

ــ[187]ــ

كما عرفت.
ومن ضوء هذا البيان يظهر حال التعليل الوارد فيها وهو قوله (عليه السلام): «إنّه لم يعص الله وإنّما عصى سيده فاذا أجاز جاز» فانّ المراد من أ نّه لم يعص الله يعني أ نّه لم يأت بما هو منهي عنه بالذات ومبغوض له تعالى من ناحية اشـتماله على مفسدة ملزمة، وإنّما أتى بما هو مبغوض لسيده فحسب من جهة تفويت حقه فلا يكون مبغوضاً له تعالى إلاّ بالتبع، ومن هنا يرتفع ذلك برضا سيده بما فعله وعصاه فيه.
أو فقل: إنّ نكاح العبد بما أ نّه ليس من أحد المحرّمات الإلهية في الشريعة المقدّسة، بل هو أمر سائغ في نفسه ومشروع كذلك وإنّما هو منهي عنه من ناحية إيقاعه خارجاً بدون إذن سيده، وعليه فبطبيعة الحال يرتفع النهي عنه باذن سيده وإجازته، ومع الارتفاع لا موجب للفساد أصلاً.
ولنأخذ بالنقد على ما أفاده (قدس سره): وهو أ نّه لايمكن أن يراد من العصيان في الروايات العصيان التكليفي، بل المراد منه العصيان الوضعي في كلا الموردين، والسبب في ذلك: هو أنّ النكاح المزبور بما أ نّه مشروع في نفسه في الشريعة المقدسة لا يكون مانع من صحته ونفوذه بمقتضى العمومات إلاّ عدم رضا السيد به وعدم إجازته له، فاذا ارتفع المانع بحصول الاجازة جاز النكاح، هذا من ناحية. ومن ناحية اُخرى: قد تقدم منّا في ضمن البحوث السالفة أنّ حقيقة المعاملات عبارة عن الاعتبارات النفسانية المبرزة في الخارج بمبرز مّا من قول أو فعل أو كتابة أو نحو ذلك، ومن الطبيعي أنّ إبراز ذلك الأمر الاعتباري النفساني في الخارج بمبرز مّا ليس من التصرفات الخارجية ليقال إنّه حيث كان بدون إذن السيد فهو محكوم بالحرمة، بداهة أ نّه لا يحتمل إناطة جواز تكلم العبد باذن سيده، ومن هنا لو عقد العبد لغيره لم يحتج نفوذه

ــ[188]ــ

إلى إذن سيده جزماً، فلو كان مجرد صدور العقد منه بدون إذنه معصية له فبطبيعة الحال كان نفوذه يحتاج إلى إذنه بمقتضى روايات الباب مع أنّ الأمر ليس كذلك.
وعلى الجملة: فلا نحتمل أن يكون تكلم العبد بصيغة النكاح بدون إذن سيده محرّماً شرعاً، كما أ نّا لا نحتمل أنّ اعتباره الزوجية في اُفق النفس بدون إذنه من أحد المحرّمات في الشريعة، ومن هنا تكون النسبة بين توقف نفوذ العقد على إجازة السيد وبين صدور العقد من العبد عموماً من وجه، فانّه قد يصدر العقد من العبد ومع ذلك لا يتوقف نفوذه على إجازة سيده كما إذا أوقعه لغيره، وقد يصدر العقد من غيره ولكن مع ذلك يتوقف نفوذه على إجازته كما إذا أوقعه للعبد مع أ نّه لا عصيان هنا من أحد، وقد يجتمع الأمران كما إذا أوقع العبد العقد لنفسه.
فالنتيجة في نهاية المطاف: هي أ نّه لا مناص من القول بأنّ المراد من العصيان في الروايات العصيان الوضعي، وعلى هذا الضوء فحاصل معنى الروايات: هو أنّ النكاح لو كان غير مشروع في نفسه كما إذا كان العقد في العدة أو ما شاكل ذلك لكان باطلاً وغير قابل للصحة أصلاً. وأمّا إذا كان مشروعاً في نفسه، غاية الأمر يتوقف نفوذه خارجاً وترتب الأثر عليه على رضا السيد به فهو بطبيعة الحال يدور فساده مدار عدم رضاه به حدوثاً وبقاءً، فاذا رضي صحّ ونفذ.
إلى هنا قد انتهينا إلى هذه النقطة: وهي أنّ هذه الروايات كما لا تدل على أنّ النهي عن المعاملات يقتضي الفساد كذلك لا تدل على أ نّه يقتضي الصحة فهي ساكتة عن ذلك بالكلية.
فالصحيح هو ما حققناه من عدم الملازمة بين حرمة المعاملة شرعاً

ــ[189]ــ

وفسادها. ومما يؤكد ذلك: أ نّنا إذا افترضنا حرمة المعاملة بعنوان ثانوي كما إذا أوقع العقد قاصداً به وقوع الضرر على غيره أو نحو ذلك لم يحكم بفساده جزماً مع أ نّه محرّم شرعاً.
نتائج البحوث السالفة عدة نقاط:
الاُولى: أنّ الجهة المبحوث عنها في مسألتنا هذه تغاير الجهة المبحوث عنها في مسألة اجتماع الأمر والنهي المتقدمة، حيث إنّها في تلك المسألة في الحقيقة عن إثبات الصغرى لمسألتنا هذه.
الثانية: أنّ مسألتنا هذه من المسائل الاُصولية العقلية، أمّا كونها اُصولية فلتوفر ركائز المسائل الاُصولية فيها، وأمّا كونها عقلية فلأنّ الحاكم بها هو العقل ولا صلة لها باللفظ.
الثالثة: أنّ القضايا العقلية على شكلين: مستقلة وغير مستقلة، وتقدم ما هو ملاك الاستقلال وعدمه.
الرابعة: أنّ محل النزاع في المسألة إنّما هو في النواهي المولوية المتعلقة بالعبادات والمعاملات. وأمّا النواهي الارشادية فهي خارجة عن محل النزاع حيث لا نزاع بين الأصحاب في دلالتها على الفساد.
الخامسة: لا شبهة في أنّ النهي التحريمي المتعلق بالعبادة داخل في محل النزاع، وكذا النهي التنزيهي المتعلق بها إذا كان ناشئاً عن حزازة ومنقصة في ذاتها. نعم، إذا كان ناشئاً عن حزازة ومنقصة في تطبيقها على حصة خاصة منها فهو خارج عن محل الكلام. وأمّا النهي الغيري فهو أيضاً خارج عنه ولا يوجب الفساد.
السادسة: أنّ المراد من العبادة في محل الكلام هو العبادة الشأنية لا الفعلية،

ــ[190]ــ

لاستحالة اجتماعها مع النهي الفعلي. والمراد من المعاملات كل أمر اعتباري قصدي بحيث يتوقف ترتب الأثر عليه شرعاً أو عرفاً على قصد إنشائه واعتباره، فما لا يتوقف ترتيب الأثر عليه على ذلك فهو خارج عن محل الكلام.
السابعة: أنّ الصحة والفساد أمران منتزعان في العبادات ومجعولان شرعاً في المعاملات، وعلى كلا التقديرين فهما صفتان عارضتان على الموجود المركب في الخارج باعتبار ما يترتب عليه من الأثر وعدمه، فالماهية لا تتصف بهما كالبسيط.
الثامنة: أنّ النهي تارةً يتعلق بذات العبادة واُخرى بجزئها وثالثةً بشرطها ورابعةً بوصفها الملازم لها وخامسةً بوصفها المفارق. أمّا الأوّل: فلا شبهة في استلزامه الفساد من دون فرق بين كونه ذاتياً أو تشريعياً، لاستحالة التقرب بما هو مبغوض للمولى. وأمّا الثاني: فالصحيح أ نّه لا يدل على فساد العبادة، نعم لو اقتصر المكلف عليه في مقام الامتثال بطلت العبادة من جهة كونها فاقدةً للجزء. وأمّا ما ذكره شيخنا الاُستاذ (قدس سره) من أنّ النهي عنه يدل على فساد العبادة فقد تقدم نقده بشكل موسع. وأمّا الثالث: فحاله حال النهي عن الجزء من ناحية عدم انطباق الطبيعة المأمور بها على الحصة المنهي عنها على تفصيل قد سبق. وأمّا الرابع: فهو يرجع إلى أحد هذه الأقسام وليس قسماً آخر في قبالها. وأمّا الخامس: فهو خارج عن مسألتنا هذه وداخل في مسألة اجتماع الأمر والنهي. نعم على القول بالامتناع يدخل مورد الاجتماع في أحد الأقسام المزبورة.
التاسعة: أ نّه لا أصل في المسألة الاُصولية ليعتمد عليه عند الشك وعدم قيام الدليل عليها إثباتاً أو نفياً. نعم، الأصل في المسألة الفرعية موجود،

ــ[191]ــ

ومقتضاه الفساد مطلقاً في العبادات والمعاملات.
العاشرة: نسب إلى أبي حنيفة والشيباني دلالة النهي عن المعاملة على صحتها، واختاره المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) وقد تقدم نقده بصورة موسعة، والصحيح هو أنّ النهي عنها لا يدل على صحتها ولا على فسادها، يعني لا ملازمة بين حرمتها وفسادها.
الحاية عشرة: أنّ نسبة صيغ العقود إلى الملكية المنشأة ليست نسبة السبب إلى المسبب، ولا نسبة الآلة إلى ذيها، بل نسبتها إليها نسبة المبرز إلى المبرز، فالملكية من الأفعال القائمة بالمتعاقدين بالمباشرة لا بالتسبيب. وأمّا نسبة الصيغ إلى الملكية الشرعية أو العقلائية فهي نسبة الموضوع إلى الحكم لا غيرها، وعليه فلا معنى لفرض تعلق النهي بالسبب تارةً وبالمسبب اُخرى.
الثانية عشرة: أنّ حقيقة الأحكام الشرعية بأجمعها من التكليفية والوضعية اُمور اعتبارية لا واقع موضوعي لها إلاّ اعتبار من بيده الاعتبار فلا دخل للّفظ أو لغيره من الاُمور الخارجية بها أصلاً.
الثالثة عشرة: أنّ شيخنا الاُستاذ (قدس سره) قد فصّل بين تعلق النهي بالسبب وتعلقه بالمسبب، والتزم بأ نّه على الأوّل لا يدل على الفساد وعلى الثاني يدل عليه، وقد تقدم نقده بشكل مفصّل فلاحظ.
الرابعة عشرة: أنّ الروايات الواردة في نكاح العبد بدون إذن سيده لا تدل على فساد النكاح ولا على صحته وأ نّها أجنبية عن ذلك، وما ذكره شيخنا الاُستاذ (قدس سره) من أ نّها تدل على الفساد بتقريب أنّ المراد من العصيان فيها هو العصيان التكليفي لا الوضعي، قد سبق نقده وقلنا إنّ المراد منه العصيان الوضعي ولا يمكن أن يكون المراد منه العصيان التكليفي.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net