5 ـ تداخل الأسباب والمسببات \ اختصاص محل النزاع بعدم وجود دليل على التداخل 

الكتاب : محاضرات في اُصول الفقه - الجزء الرابع   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4637


[ تداخل الأسباب والمسببات ]

الأمر الخامس: إذا تعدد الشرط واتحد الجزاء وثبت من الخارج أو من نفس ظهور القضيتين أو القضايا كون كل شرط مستقلاً في ترتب الجزاء عليه، فهل القاعدة في مثل ذلك تقتضي تداخل الشروط في تأثيرها أثراً واحداً أو لا؟ مثلاً إذا اجتمع أسباب عديدة للوضوء أو الغسل في شخص واحد كالنوم والبول وخروج الريح والجنابة ومسّ الميت والحيض وما شاكل ذلك فهل تستدعي أثراً واحداً أو متعدداً، وعلى تقدير اقتضائها التعدد فهل القاعدة تقتضي تداخل الجزاء أو لا؟ ونقصد بتداخل الجزاء الاكتفاء بوضوء واحد أو غسل في مقام الامتثال، وبعدم تداخله عدم الاكتفاء به في هذا المقام، بل لا بدّ من الاتيان به متعدداً حسب تعدد الشرط.
وبعد ذلك نقول: إنّ الكلام يقع في مقامين: الأوّل: في تداخل الأسباب. الثاني: في تداخل المسببات. وقبل البحث عنهما ينبغي تقديم خطوط تالية:

ــ[253]ــ

الأوّل: أنّ الكلام في التداخل أو عدمه إنّما هو فيما إذا لم يعلم من الخارج ذلك وإلاّ فهو خارج عن محل الكلام، كما هو الحال في بابي الوضوء والغسل حيث علم من الخارج أ نّه لا يجب على المكلف عند اجتماع أسبابه إلاّ وضوء واحد، وكذا الحال في الغسل. ومنشأ هذا العلم هو الروايات الدالة على ذلك في كلا البابين.
أمّا في باب الوضوء، فلأنّ الوارد في لسان عامة رواياته هو التعبير بالنقض مثل: «لا ينقض الوضوء إلاّ حدث»(1) وما شاكل ذلك، ومن الطبيعي أنّ صفة النقض لاتقبل التكرر والتكثر، وعليه فبطبيعة الحال يكون المتحصّل من نصوص الباب أنّ أسباب الوضوء إنّما تؤثر في وجود صفة واحدة وهي المعبّر عنها بالحدث، إن اقترنت أثر مجموعها في هذه الصفة على نحو يكون كل واحد منها جزء السبب لاتمامه، وإن ترتبت تلك الأسباب استند الأثر إلى المتقدم منها دون المتأخر كما هو الحال في العلل المتعددة التي لها معلول واحد. فالنتيجة على ضوء هذا البيان: أنّ التداخل في باب الوضوء إنّما هو في الأسباب دون المسببات.
وأمّا في باب الغسل، فلأنّ الوارد في لسان عدة من رواياته هو إجزاء غسل واحد عن المتعدد كصحيحة زرارة «إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك ذلك للجنابة والجمعة وعرفة والنحر والحلق والذبح والزيارة، فاذا اجتمعت عليك حقوق (الله) أجزأها عنك غسل واحد ـ ثمّ قال ـ وكذلك المرأة يجزئها غسل واحد لجنابتها وإحرامها وجمعتها وغسلها من حيضها وعيدها»(2) وموثقته عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «إذا حاضت المرأة وهي جنب
ـــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 1: 253 / أبواب نواقض الوضوء ب 3 ح 4.
(2) الوسائل 2: 261 / أبواب الجنابة ب 43 ح 1.

ــ[254]ــ

أجزأها غسل واحد»(1) وصحيحة شهاب بن عبد ربّه قال: «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الجنب يغسل الميت أو من غسل ميتاً، له أن يأتي أهله ثمّ يغتسل؟ فقال: سواء، لا بأس بذلك إذا كان جنباً غسل يده وتوضأ وغسل الميت وهو جنب. وإن غسل ميتاً توضأ ثمّ أتى أهله ويجزئه غسل واحد لهما»(2) ونحوها غيرها.
فالنتيجة: أنّ المستفاد من هذه الروايات هو أنّ التداخل في باب الغسل إنّما هو في المسببات لا في الأسباب، هذا فيما إذا علم بالتداخل في الأسباب أو المسببات. وأمّا إذا لم يعلم بذلك كما إذا أفطر الصائم مثلاً في نهار شهر رمضان بالأكل أو الشرب أو الجماع أو نحو ذلك مرات عديدة فالمرجع فيه ما تقتضيه القاعدة، وسيأتي بيانه بشكل موسع في ضمن البحوث الآتية إن شاء الله تعالى(3).
ـــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 2: 263 / أبواب الجنابة ب 43 ح 4.
(2) الوسائل 2: 263 / أبواب الجنابة ب 43 ح 3.
(3) في ص 269.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net