وجه الظهور: أي ظهور النقد، هو ما عرفت من أ نّه لا يمكن التمسك بالعموم في الشبهات المصداقية في القضايا الحقيقية بشتى أنواعها وأشكالها ومن دون فرق بين كون المخصص له لفظياً أو لبياً. وأمّا في القضايا الخارجية فإن كان المخصص لفظياً، أو كان لبياً وقامت قرينة على أنّ المولى أوكل أمر التطبيق وإحراز الموضوع إلى نفس المكلف، فأيضاً لا يمكن التمسك بالعموم فيها في موارد الشك في المصداق. نعم، إذا كان المخصص لها لبياً ولم تقم قرينة على إيكال المولى أمر التطبيق إلى نفس المكلف كانت القضية بنفسها ظاهرةً في أنّ المولى لاحظ بنفسه الأفراد الخارجية واشتمالها على الملاك ثمّ جعل الحكم عليها، ومن المعلوم أنّ هذا الظهور حجة ولا يمكن رفع اليد عنه إلاّ فيما علم بعدم
ــ[359]ــ
اشتمال فرد على الملاك، فيكون سكوت المولى عن استثنائه لعله لأجل مصلحة في السكوت أو لأجل مفسدة في الاستثناء، أو لأجل جهل المولى به، أو غفلته عنه كما ربّما يتفق ذلك في الموالي العرفية، وقد تقدم تفصيل ذلك بصورة موسعة. وأمّا ما أفاده (قدس سره) من أنّ إحراز اشتمال المتعلق على الملاك وظيفة الحاكم فهو وإن كان صحيحاً إلاّ أنّ العلم بعدم اشتمال فرد على الملاك لا ينفك عن العلم بعدم كونه واجداً لخصوصية موجودة في بقية الأفراد وإن كانت تلك الخصوصية أمراً عدمياً، ومن الطبيعي أنّ العلم بدخل هذه الخصوصية في ملاك الحكم ملازم للعلم بأخذها في موضـوعه، وعليه فلا يجوز التمسك بالعمـوم لا محالة فيما إذا شك في انطباق الموضوع بتمام قيوده على فرد مّا في الخارج إذا لم يكن أمر التطبيق بيد المولى، هذا من ناحية. ومن ناحية اُخرى: أنّ ما أفاده (قدس سره) من أنّ المخصص اللبي قد يدور أمره بين أن يكون كاشفاً عن ملاك الحكم وأن يكون قيداً للموضوع لا يمكن المساعدة عليه بوجه، والسبب فيه: أ نّه لا يوجد مورد يشك في كون ما أدركه العقل من قبيل قيود الموضـوع أو من قبيل الملاك المقتضي لجعل الحكم على موضوعه، حيث إنّ كل ما يمكن انقسام الموضوع بالنسبة إليه إلى قسمين أو أزيد يستحيل أن يكون من قبيل ملاكات الأحكام، بل لا بدّ من أن يكون الموضوع بالاضافة إليه مطلقاً أو مقيداً بوجوده أو بعدمه، كما أنّ كل ما يكون مترتباً على فعل المكلف في الخارج من المصالح أو المفاسد يستحيل كونه قيداً لموضوع الحكم وإنّما هو متمحض في كونه ملاكاً له ومقتضياً لجعله على موضوعه. فالنتيجة: أنّ ما أفاده شيخنا الاُستاذ (قدس سره) من التفصيل خاطئ جداً ولا واقع موضوعي له أصلاً، وما اخترناه من التفصيل هو الصحيح.
|