الفرق بين علم الجنس واسم الجنس 

الكتاب : محاضرات في اُصول الفقه - الجزء الرابع   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 5098

خصوصية من الخصوصيات فيه.
فالنتيجة: أنّ السريان ليس خصوصية وجودية مأخوذة في الماهية لتصبح الماهية المطلقة الماهية بشرط شيء، بل هو عبارة عن انطباق نفس الماهية على أفرادها في الخارج ولا واقع موضوعي له ما عدا هذا، وعليه فما أفاده المحقق صاحب الكفاية (قدس سره) من أنّ الماهية المطلقة غير قابلة للانطباق على الخارجيات حيث لا موطن لها إلاّ الذهن خاطئ جداً ولا واقع له أصلاً، هذا كلّه في أسماء الأجناس.
وأمّا أعلام الأجناس فقد قال جماعة إنّه لا فرق بينها وبين أسماء الأجناس إلاّ في نقطة واحدة، وهي أنّ أسماء الأجناس موضوعة للماهية المهملة من جميع الجهات والخصوصيات الذهنية والخارجية، وأعلام الأجناس موضوعة لتلك الماهية لكن بشرط تعيينها في الذهن، ومن هنا يعاملوا معها معاملة المعرفة دون أسماء الأجناس.
وقد أورد على هذه النقطة المحقق صاحب الكفاية (قدس سره)(1) ببيان أنّ أعلام الأجناس لو كانت موضوعةً للماهية المتعينة في الذهن فلازم ذلك أ نّها
ـــــــــــــــــــــ
(1) كفاية الاُصول: 244.

ــ[520]ــ

بما لها من المعنى غير قابلة للحمل على الخارجيات حيث لا موطن لها إلاّ الذهن، ومن الطبيعي أنّ ما لا موطن له إلاّ الذهن فهو غير قابل للانطباق على ما في الخارج، مع أ نّه لا شـبهة في صحة انطـباقها بما لها من المعنى على الخارجـيات من دون تصرف ولحاظ تجرد فيها أصـلاً، على الرغم من أنّ الخصوصية الذهنية لو كانت مأخوذةً في معانيها لم يمكن انطباقها عليها بدون التصرف ولحاظ التجرد، ومن الواضح أنّ صحة الانطباق بدون ذلك تكشف كشفاً قطعياً عن أنّ تلك الخصوصية غير مأخوذة فيها.
هذا مضافاً إلى أنّ وضعها لخصوص معنى يحتاج إلى تجريده عن الخصوصية في مقام الاستعمال لا يصدر عن جاهل فضلاً عن الواضع الحكيم، حيث إنّه لغو محض، ومن الطبيعي أ نّه لا معنى لوضع لفظ لمعنىً لم يستعمل فيه أبداً.
ومن هنا قال (قدس سره): التحـقيق أ نّه لا فرق بين أسماء الأجناس وأعلام الأجناس، فكما أنّ الاُولى موضوعة لصرف الطبيعة من دون لحاظ شيء من الخصوصية ـ الذهنية أو الخارجية ـ معها، فكذلك الثانية يعني أعلام الأجناس. والدليل على عدم الفرق بينهما ما عرفت من أ نّه لا يمكن أن تكون الخصوصية الذهنية مأخوذةً في معناها الموضوع له، والخصوصية الخارجية مفروضة العدم. فاذن بطبيعة الحال لا فرق بينهما من هذه الناحية أصلاً. وأمّا أ نّهم يعاملون معها معاملة المعرفة دون أسماء الأجناس فالظاهر أنّ التعريف فيها لفظي كالتأنيث اللفظي، فكما أنّ العرب قد تجري على بعض الألفاظ حكم التأنيث مع أ نّه ليس فيه تأنيث حقيقةً كلفظ اليد والرجل والاُذن والعين وما شاكلها، فكذلك قد تجري على بعض الألفاظ حكم التعريف وآثاره مع أ نّه ليس فيه تعريف أصلاً، كلفظ اُسامة حيث إنّه لا فرق بينه وبين لفظ أسد في المعنى الموضوع له، فالفرق بينهما إنّما هو من ناحية جريان أحكام التعريف على

 
 

ــ[521]ــ

الأوّل لفظاً فقط، يعني لا يدخل عليه الألف واللام ولا يقع مضافاً دون الثاني.
وعلى الجملة: فاللغة تتبع السماع ولا قياس فيها، وحيث إنّ المسموع والمنقول فيها من أهلها كذلك فلا بدّ من متابعته مع عدم الفرق بينهما بحسب المعنى في الواقع والحقيقة، كما هو الحال في المؤنث اللفظي السماعي حيث إنّ المسموع منهم جريان أحكام التأنيث عليه مع عدم التأنيث فيه حقيقة فلا بدّ من متابعته.
وهذا الذي أفاده (قدس سره) متين جداً. نعم، يمكن المناقشة في البرهان الذي ذكره على عدم أخذ التعين الذهني في المعنى الموضوع له لأعلام الأجناس، بيان ذلك: أنّ أخـذه في المعنى الموضـوع له تارةً يكون على نحو الجزئية، يعني كل من التقيد والقيد داخل فيه، وتارة اُخرى يكون على نحو الشرطية، بمعنى أنّ القيد خارج عن المعنى الموضوع له والتقيد داخل فيه، فالتعين الذهني على الأوّل مثل أجزاء الصلاة التي هي داخلة فيها قيداً وتقيداً كالتكبيرة والفاتحة والركوع والسجود وما شاكل ذلك، وعلى الثاني كشرائطها التي هي داخلة فيها [ تقيداً لا ] قيداً كاستقبال القبلة وطهارة البدن والثوب وما شاكلها، وثالثةً يكون على نحو المرآتية والمعرّفية فحسب من دون دخله في المعنى الموضوع له لا بنحو الجزئية ولا بنحو الشرطية.
فما أفاده صاحب الكفاية (قدس سره) من البرهان على عدم أخذ التعين الذهني في المعنى الموضوع له، وهو أ نّه لو كان مأخوذاً فيه لم يكن المعنى قابلاً للانطباق على الخارجـيات، إنّما يتم إذا كان أخـذه فيه على أحد النحوين الأوّلين. وأمّا إذا كان أخذه على النحو الثالث فهو غير مانع عن انطباقه على الخارجيات. فاذن لو كان مراد القائلين بأخذه في المعنى الموضوع له لأعلام الأجناس هو النحو الثالث لم يرد عليه ما أورده (قدس سره) من عدم الانطباق

ــ[522]ــ

على الخارجيات.
وكيف كان، فما أفاده (قدس سره) من أ نّه لا فرق بين اسم الجنس وعلم الجنس في المعنى الموضوع له متين جداً، لأ نّه مطابق للمرتكزات الوجدانية من ناحية، والاستعمالات المتعارفة من أهل اللسان من ناحية اُخرى، ضرورة أنّ لفظ اُسامة استعمل في المعنى الذي استعمل فيه بعينه لفظ أسد، فلا فرق بينهما من هذه الناحية أصلاً، وإنّما الفرق بينهما في اللفظ فقط بترتيب آثار المعرفة على لفظ اُسامة دون لفظ أسد كما عرفت.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net