قطع القطّاع 

الكتاب : مصباح الاُصول - الجزء الاول   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 5262


قطع القطّاع

 وليعلم أ نّه ليس المراد من القطّاع من يحصل له القطع كثيراً، لكونه عالماً بالملازمات في غالب الأشياء بالفراسة الفطرية أو بالاكتساب، إذ قطعه حاصل من المبادئ المتعارفة التي لو اطّلع غيره عليها حصل له القطع أيضاً، غاية الأمر أ نّه عارف بتلك المبادئ دون غيره، بل المراد من القطّاع من يحصل له القطع كثيراً من الأسباب غير العادية، بحيث لو اطّلع غيره عليها لا يحصل له القطع منها.

 إذا عرفت المراد من القطّاع، فاعلم أ نّه ربّما يقال بعدم الاعتبار بقطعه، ولكن الصحيح خلافه، لما عرفت سابقاً (2) من أنّ حجّية القطع ذاتية لا تنالها يد الجعل إثباتاً ونفياً، فهي غير قابلة للتخصيص بغير القطّاع. هذا في القطع الطريقي. وأمّا القطع الموضوعي فأمره سعةً وضيقاً وإن كان بيد المولى، فله أن يجعل موضـوع حكمه نوعاً خاصاً من القطع، وهو القطع الحاصل من الأسباب المتعارفة العادية، إلاّ أ نّه لا أثر في ذلك، إذ القاطع وإن كان ملتفتاً إلى حاله في الجملة، وأنّ قطعه قد يحصل من سبب غير عادي، إلاّ أ نّه لا يحتمل ذلك في كل قطع بخصوصه، لأنّ القاطع بشيء يرى أنّ قطعه حصل من سبب ينبغي حصوله منه، ويخطّئ غيره في عدم حصول القطع له من ذلك السبب، فلا أثر للمنع عن العمل بالقطع الحاصل من سبب غير عادي بالنسبة إلى القطّاع.

ـــــــــــــ
(2) في ص 15.

ــ[58]ــ

 الكلام في إمكان المنع عن العمل بالقطع الحاصل من غير الكتاب والسنّة، ويقع الكلام تارةً في الصغرى وحصول القطع بالحكم الشرعي من المقدمات العقلية. واُخرى في الكبرى وحجّية القطع بالحكم الشرعي الحاصل من المقدّمات العقلية.

 ذكر صاحب الكفاية (1) (قدس سره) أ نّه وإن نسب إلى بعض الأخباريين منع الكبرى وأ نّه لا اعتبار بالقطع الحاصل من المقدّمات العقلية، إلاّ أنّ مراجعة كلماتهم تشهد بكذب هذه النسبة، وأ نّهم في مقام المنع عن الصغرى، فانّ بعضهم في مقام منع الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع. واستشهد في ذلك بما حكي عن السيّد الصدر (قدس سره) في باب الملازمة، وبعضهم في مقام بيان عدم جواز الاعتماد على المقدمات العقلية، لأ نّها لا تفيد إلاّ الظن. واستشهد لذلك بكلام المحدِّث الاسترابادي (قدس سره). ومن الواضح أنّ كلا الكلامين راجع إلى منع الصغرى وعدم حصول القطع من المقدمات العقلية، انتهى ملخّصاً.

 وما نقله عن المحـدِّثين المذكورين وإن كان راجعاً إلى منع الصغرى، كما ذكره، إلاّ أنّ كلام جملة منهم صريح في منع الكبرى، وأ نّه لا يجوز العمل بالقطع الحاصل من غير الكتاب والسنّة، فراجع رسائل شيخنا الأعظم الأنصاري (2)(قدس سره) فانّه قد استقصى في نقل كلماتهم. ومن العجيب أنّ هذا الكتاب بمرأى من صاحب الكفاية (قدس سره) ومع ذلك أنكر منع الأخباريين عن العمل بالقطع الحاصل من غير الكتاب والسنّة.

 وكيف كان فتحقيق الكلام في الصـغرى: أنّ الحكم العقلي ـ بمعنى إدراك

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كفاية الاُصول: 270 و 271.

(2) فرائد الاُصول 1: 61 ـ 65.

ــ[59]ــ

العقل ـ يتصوّر على أقسام ثلاثة:

 الأوّل: أن يدرك العقل وجود المصلحة أو المفسدة في فعل من الأفعال، فيحكم بالوجوب أو الحرمة، لتبعية الأحكام الشرعية للمصالح والمفاسد عند أكثر الإمامية والمعتزلة.

 الثاني: أن يدرك العقل الحسن أو القبح، كادراكه حسن الطاعة وقبح المعصية، فيحكم بثبوت الحكم الشرعي في مورده، لقاعدة الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع.

 الثالث: أن يدرك العقل أمراً واقعياً مع قطع النظر عن ثبوت شرع وشريعة، نظير إدراكه استحالة اجتماع النقيضين أو الضدّين، ويسمى بالعقل النظري، وبضميمة حكم شرعي إليه يكون بمنزلة الصغرى، يستكشف الحكم الشرعي في مورده.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net