5 ـ الاستدلال بآية الاُذن 

الكتاب : مصباح الاُصول - الجزء الاول   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 5058


 ومن جملة الآيات: آية الاذن، وهي قوله تعالى: (وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْر لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ)(2). وتقريب الاستدلال بها أنّ الله (سبحانه وتعالى) مدح نبيّه (صلّى الله عليه وآله) بتصديقه للمؤمنين، ولو لم يكن تصديقهم أمراً حسناً لما مدحه به.

 وفيه: أ نّه لا ملازمة بين تصديق المخبر والعمل باخـباره وترتيب الأثر

ـــــــــــــ
(2) التوبة 9: 61.

 
 

ــ[221]ــ

عليه، إذ قد يراد من تصديقه عدم المبادرة إلى تكذيبه، وعدم نسبة الكذب إليه بالمواجهة، وهذا أمر أخلاقي دلّ عليه بعض الروايات، كقوله (عليه السلام): «كذّب سمعك وبصرك عن أخيك، فإن شهد عندك خمسون قسامة أ نّه قال قولاً، وقال لم أقله فصدّقه وكذّبهم»(1) ومن الظاهر أ نّه ليس المراد من التصديق هو العمل بقوله وترتيب الأثر عليه، وإلاّ لم يكن وجه لتقديم إخبار الواحد على إخبار الخمسين، مع كونهم أيضاً من المؤمنين. بل المراد اظهار تصديقه وعدم تكذيبه.

 وممّا يؤيّد ذلك: ما في تفسير علي بن إبراهيم القمي (2) من أنّ الآية الشريفة نزلت في عبدالله بن نفيل، فانّه كان يسمع كلام النبي (صلّى الله عليه وآله) وينقله إلى المنافقين حتّى أوقف الله نبيّه (صلّى الله عليه وآله) على هذه النميمة، فأحضره النبي (صلّى الله عليه وآله) وسأله عنها، فحلف أ نّه لم يكن شيء ممّا ينم عليه، فقبل منه النبي (صلّى الله عليه وآله) فأخذ هذا الرجل يطعن عليه (صلّى الله عليه وآله) ويقول: إنّه اُذن يقبل كل ما يسمع، أخبره الله أنِّي أنم عليه فقبل، وأخبرته أنِّي لم أفعل فقبل، فردّ عليه الله سبحانه بقوله: (قُلْ أُذُنُ خَيْر لَكُمْ) الآية، ومن المعلوم أنّ تصديقه (صلّى الله عليه وآله) للمنافق لم يكن إلاّ بمعنى عدم اظهار تكذيبه.

 هذا واستشهد الشيخ (قدس سره) على ما ذكرناه باختلاف السياق، وهو أنّ تعدية كلمة يؤمن بالباء في الجملة الاُولى وباللام في الجملة الثانية تدل على اختلاف المراد من الإيمان في المقامين (3).

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 12: 295 / أبواب أحكام العشرة ب 157 ح 4.

(2) تفسير القمي 1: 300.

(3) فرائد الاُصول 1: 184.

ــ[222]ــ

 وفيه: أنّ الإيمان بمعنى التصديق القلبي، فإن كان متعلقاً بوجود شيء تكون تعديته بالباء، كما في قوله تعالى: (وَا لْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ) الآية (1) وإن كان متعلقاً بقول شخص كانت تعديته باللام كما في قوله سبحانه: (وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِن لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ)(2) وحينئذ تدل التعدية باللام بالاضافة إلى المؤمنين على إرادة تصديق قولهم، فلا شهادة للسياق على ما ذكر.

 لا يقال: على هذا لا يناسب تعديته بالباء في الجملة الاُولى، لأنّ المصدّق به فيها إنّما هو قوله تعالى وإخباره عن نميمة عبدالله بن نفيل على ما تقدّم.

 فانّه يقال: لما كانت لفظة «الله» علماً لذات الواجب المستجمع لجميع صفات الكمال، فالتصديق بوجوده مستلزم للتصديق بقوله، فجعل المصدّق به ذات الواجب إشارة إلى أنّ الإيمان بوجوده تعالى مستلزم للإيمان بقوله، ولو كانت التعدية باللام كما في الجملة الثانية لم يستفد منها إلاّ التصديق بقوله فقط. وكيف كان فلا دلالة للآية على حجّية الخبر.
ــــــــــــــ

(1) البقرة 2: 285.

(2) يوسف 12: 17.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net