التنبيه التاسع : خروج بعض الأطراف عن محل الابتلاء 

الكتاب : مصباح الاُصول - الجزء الاول   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4527


التنبيه التاسع

 لا ينبغي الشك في أ نّه يعتبر في تنجيز العلم الاجمالي أن يكون جميع أطرافه مقدوراً للمكلف، إذ لو كان بعضها غير مقدور له كان التكليف بالنسبة إليه ساقطاً يقيناً، لاعتبار القدرة في التكليف، ويكون التكليف في الطرف الآخر مشكوك الحدوث فتجري أصالة البراءة. وبعبارة اُخرى: لو كان بعض الأطراف غير مقدور للمكلف يؤول الأمر إلى الشك في التكليف لا الشك في المكلف به، فيكون المرجع أصالة البراءة لا أصالة الاحتياط، وهذا واضح.

 وذكر شيخنا الأنصاري (قدس سره) (1) شرطاً آخر لتنجيز العلم الاجمالي في خصوص الشبهة التحريمية، وهو أن يكون جميع الأطراف في محل الابتلاء، فالتزم بعدم التنجيز فيما إذا كان بعض الأطراف خارجاً عن محل الابتلاء وإن كان مقدوراً له، لأ نّه يعتبر في صحّة النهي عن شيء وحسنه كونه في معرض الابتلاء بحيث يتعلّق بفعله إرادة المكلف عادةً، وإلاّ كان النهي عنه لغواً مستهجناً صدوره عن الحكيم.

 وبعبارة اُخرى: الغرض من جعل التكليف التحريمي إحداث المانع للمكلف عن فعله، فلو فرض عدم كونه في معرض الابتلاء وعدم الداعي له إلى فعله، كان تركه مستنداً إلى عدم المقتضي، فاحداث المانع له لغو محض، وعليه فلو كان بعض الأطراف خارجاً عن محل الابتلاء، كان التكليف بالنسبة إليه منتفياً

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فرائد الاُصول 2: 420.

ــ[458]ــ

يقيناً، وفي الطرف الآخر مشكوك الحدوث، فلا مانع من الرجوع إلى أصالة البراءة فيه، فلا يكون العلم الاجمالي منجّزاً. فلو علم المكلف اجمالاً بنجاسة إنائه أو إناء الملك مثلاً، كان إناء الملك خارجاً عن محل الابتلاء، إذ لا داعي له في تحمل المشقّة وتوطئة الأسباب للتصرف في إناء الملك ولو كان مقدوراً له بالارتباط إلى بعض غلمانه مثلاً، فالتكليف بالنسبة إليه منتف يقيناً، فلا مانع من الرجوع إلى الأصل في إنائه.

 ووسّع الأمر صاحب الكفاية (قدس سره) في هامش الرسائل (1)، وذكر أنّ الملاك المذكور موجود في الشبهة الوجوبية أيضاً، فلا يكون العلم الاجمالي فيها أيضاً منجّزاً إلاّ فيما إذا كان جميع الأطراف محلاً للابتلاء من حيث الترك، لأنّ التكليف الوجوبي والبعث نحو شيء أيضاً لا يصحّ إلاّ فيما إذا كان للمكلف داع إلى تركه عادةً، إذ لو كان الشيء ممّا يفعله المكلف بطبعه ولا داعي له إلى تركه، كان جعل التكليف الوجوبي بالنسبة إليه لغواً محضاً، وعليه فلو كان بعض أطراف العلم الاجمالي في الشبهة الوجوبية خارجاً عن محل الابتلاء، بمعنى أنّ المكلف لا يبتلى بتركه عادةً ويأتي به بطبعه، كان التكليف بالنسبة إليه منتفياً يقيناً، وفي الطرف الآخر مشكوك الحدوث، فيكون المرجع هو الأصل الجاري بلا معارض.

 وأورد عليه المحقق النائيني (قدس سره) (2) بأنّ متعلّق التكليف الوجوبي هو الفعل، وهو مستند إلى الارادة والاختيار حتّى فيما إذا كان مفروض التحقق عادةً بدون أمر من المولى، فصحّ تعلّق التكليف به ولا يكون مستهجناً، بخلاف

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [ الظاهر أ نّه من سهو القلم والصحيح هامش الكفاية: 361 ].

(2) أجود التقريرات 3: 431 و 432.

ــ[459]ــ

متعلّق التكليف التحريمي فانّه الترك وهو عدمي لا يحتاج إلى العلّة الوجوبية، بل يكفيه عدم إرادة الفعل وهو أيضاً عدمي، فلو كان الترك حاصلاً بنفسـه عادةً لأجل عدم الداعي للمكلف إلى الفعل، كان النهي عنه لغواً مستهجناً.

 والتحقيق أن يقال: إنّه لو بنينا على أنّ التكليف بما هو حاصل عادةً وإن كان مقدوراً فعله وتركه يكون لغواً، فلا فرق بين التكليف الوجوبي والتحريمي، فانّه كما يقال إنّ النهي عن شيء متروك في نفسه حسب العادة لغو مستهجن، كذلك يقال إنّ البعث نحو شيء حاصل بنفسه لغو مستهجن، فيعتبر حينئذ في تنجيز العلم الاجمالي عدم كون بعض الأطراف خارجاً عن محل الابتلاء عادةً في المقامين، كما ذكره صاحب الكفاية (قدس سره).

 وإن بنينا على أنّ التكليف بما هو حاصل عادةً لا يكون لغواً، ولا يشترط في صحّة التكليف أزيد من القدرة، فلا فرق أيضاً بين التكليفين، ولا يعتبر في تنجيز العلم الاجمالي عدم خروج بعض الأطراف عن معرض الابتلاء في المقامين.

 وهذا هو الصحيح، إذ ليس الغرض من الأوامر والنواهي الشرعية مجرد تحقق الفعل والترك خارجاً، كما في الأوامر والنواهي العرفية، فانّ غرضهم من الأمر بشيء ليس إلاّ تحقق الفعل خارجاً، كما أنّ غرضهم من النهي عن شيء لا يكون إلاّ انتفاء هذا الشيء خارجاً، وحينئذ كان الأمر بشيء حاصل بنفسه عادةً لغواً وطلباً للحاصل لا محالة، وكذا النهي عن شيء متروك بنفسه لغو مستهجن بشهادة الوجدان. وهذا بخلاف الأوامر والنواهي الشرعية، فانّ الغرض منها ليس مجرد تحقق الفعل والترك خارجاً، بل الغرض صدور الفعل استناداً إلى أمر المولى، وكون الترك مستنداً إلى نهيه ليحصل لهم بذلك الكمال النفساني،

ــ[460]ــ

كما اُشير إليه بقوله تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ)(1) ولا فرق في هذه الجهة بين التعبدي والتوصلي، لما ذكرناه في مبحث التعبدي والتوصلي (2) من أنّ الغرض من الأمر والنهي في كليهما هو الاستناد في الأفعال والتروك إلى أمر المولى ونهيه، بحيث يكون العبد متحركاً تكويناً بتحريكه التشريعي، وساكناً كذلك بتوقيفه التشريعي، ليحصل لهم بذلك الترقي والكمال النفساني. إنّما الفرق بينهما في أنّ الملاك ـ أي المصلحة في متعلق الأمر والمفسدة في متعلق النهي ـ لو توقف حصوله على قصد القربة فهو تعبدي وإلاّ فهو توصلي، ومع كون الغرض من التكليف الشرعي هو الفعل المسـتند إلى أمر المولى والترك المستند إلى نهيه لا مجرد الفعل والترك، لا قبح في الأمر بشيء حاصل عادةً بنفسه، ولا في النهي عن شيء متروك بنفسه، إذ ليس الغرض مجرد الفعل والترك حتّى يكون الأمر والنهي لغواً وطلباً للحاصل.

 ويشهد بذلك: وقوع الأمر في الشريعة المقدّسة بأشياء تكون حاصلة بنفسها عادة كحفظ النفس والانفاق على الأولاد والزوجة. وكذا وقوع النهي عن أشياء متروكة بنفسها، كالزنا بالاُمّهات وأكل القاذورات ونحو ذلك ممّا هو كثير جداً.

 والمتحصّل ممّا ذكرناه: أ نّه لا يعتبر في تنجيز العلم الاجمالي عدم كون بعض الأطراف خارجاً عن معرض الابتلاء، لا في الشبهة الوجوبية ولا في الشبهة التحريمية، بل المعتبر كون جميع الأطراف مقدوراً للمكلف على ما تقدّم بيانه. ولا يخفى أنّ الغالب في الأمثلة التي ذكروها لخروج بعض الأطراف عن محل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) البيِّنة 98: 5.

(2) محاضرات في اُصول الفقه 1: 551.

 
 

ــ[461]ــ

الابتلاء كونها أمثلة لخروج بعض الأطراف عن القدرة، فراجع رسائل الشيخ (قدس سره) (1).

 ثمّ إنّ الداعي النفساني إلى الفعل أو الترك لا ينافي قصد القربة المعتبر في صحّة العبادات، وفي تحقق الامتثال في غيرها بنحو الاطلاق، بل قد يجتمعان، بيان ذلك: أ نّه تارةً يكون الداعي للمكلف إلى الفعل أو الترك هو أمر المولى أو نهيه، ويكون الداعي النفساني تابعاً ومندكاً فيه. ولا إشكال في صحّة العبادة وحصول الامتثال في هذه الصورة.

 واُخرى: يكون عكس ذلك، بأن يكون الداعي إلى الفعل أو الترك ميله النفساني، وتكون داعوية أمر المولى أو نهيه مندكاً فيه. ولا إشكال في عدم صحّة العبادة وعدم حصول الامتثال في هذه الصورة، فانّ الفعل أو الترك لم يستند في الحقيقة إلى أمر المولى ونهيه، كما هو ظاهر.

 وثالثة: يكون قصد القربة والداعي النفساني كلاهما داعياً إلى الفعل أو الترك. وهذه الصورة تتصوّر على وجهين:

 الأوّل: أن يكون كل منهما دخيلاً في تحقق الفعل أو الترك، بأن يكون كل واحد منهما جزءاً للسبب. ولا ينبغي الاشكال في عدم صحّة العبادة وعدم حصول الامتثال بعد عدم كون أمر المولى أو نهيه كافياً ومؤثراً في تحقق الفعل أو الترك، ولذا ورد في الحديث حكاية عنه تعالى: «أنا خير شريك من عمل لي ولغيري جعلته لغيري» (2).

 الثاني: أن يكون كل واحد منهما سبباً تامّاً في عالم الاقتـضاء، بمعنى أن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فرائد الاُصول 2: 420 ـ 422.

(2) الوسائل 1: 72 / أبواب مقدّمة العبادات ب 12 ح 7 (باختلاف يسير).

ــ[462]ــ

يكون كل واحد منهما كافياً في تحقق الفعل أو الترك مع عدم الآخر، وإن كان صدور الفعل خارجاً مستنداً إليهما فعلاً، لاستحالة صدور الواحد من السببين المستقلين في التأثير. والأقوى فيه أيضاً هو الحكم بصحّة العبادة، وحصول الامتثال، لصحّة استناد الفعل إلى أمر المولى بعد كونه سبباً تامّاً في التأثير.

 بقي الكلام في مسألتين:

 المسألة الاُولى: أ نّه إذا شككنا في أنّ الدخول في محل الابتلاء معتبر في صحّة التكليف أم لا، أو شككنا في كون بعض الأطراف خارجاً عن محل الابتلاء من جهة الشك في مفهومه وعدم تعيّن حدّه، بناءً على اعتبار الدخول في محل الابتلاء في صحّة التكليف، فهل يرجع إلى إطلاقات أدلة التكليف ويحكم بالتنجيز في الطرف المبتلى به، أو إلى أصالة البراءة؟

 ذهب شيخنا الأنصاري (قدس سره)(1) وتبعه المحقق النائيني (قدس سره)(2)إلى الأوّل، بدعوى أنّ الاطلاق هو المرجع ما لم يثبت التقييد، فلا مجال لجريان الأصل، فانّ مقتضى الاطلاق هو العلم بالتكليف الفعلي، فلا يجري الأصل في أطرافه.

 وذهب صاحب الكفاية (3) (قدس سره) إلى الثاني، بدعوى أنّ التمسك بالاطلاق في مقام الاثبات إنّما يصحّ فيما إذا أمكن الاطلاق بحسب مقام الثبوت، ليستكشف بالاطلاق في مقام الاثبات الاطلاق في مقام الثبوت، ومع الشك في إمكان الاطلاق ثبوتاً لا أثر للاطلاق إثباتاً. والمقام من هذا القبيل، فانّه بعد

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فرائد الاُصول 2: 422.

(2) أجود التقريرات 3: 435، فوائد الاُصول 4: 57 و 58.

(3) كفاية الاُصول: 361.

ــ[463]ــ

الالتزام باعتبار الدخول في محل الابتلاء في صحّة التكليف عقلاً، كان الشك في دخول بعض الأطراف في محل الابتلاء من حيث المفهوم شكّاً في إمكان الاطلاق بالنسبة إليه، ومع الشك في الامكان ثبوتاً لا ينفع الرجوع إلى الاطلاق في مقام الاثبات. وكذا الحال عند الشك في أصل اعتبار الدخول في محل الابتلاء في صحّة التكليف، فانّه أيضاً شك في الامكان ثبوتاً، فلايمكن الرجوع إلى الاطلاق إثباتاً.

 والتحقيق صحّة ما ذهب إليه الشيخ (قدس سره) لما ذكرناه (1) في أوائل بحث حجّية الظن من أنّ بناء العقلاء على حجّية الظواهر ما لم تثبت القرينة العقلية أو النقلية على إرادة خلافها. ومجرد احتمال الاستحالة لا يعدّ قرينةً على ذلك، فانّه مَن ترك العمل بظاهر خطاب المولى لاحتمال استحالة التكليف لا يعدّ معذوراً عند العقلاء، فإذا أمر المولى باتباع خبر العادل وترتيب الأثر عليه، واحتملنا استحالة حجّيته، لاستلزامه تحليل الحرام وتحريم الحلال أو الالقاء في المفسدة وتفويت المصلحة، أو غير ذلك ممّا ذكروه في استحالة العمل بالظن، لا يكون هذا الاحتمال عذراً في مخالفة ظاهر كلام المولى. والمقام من هذا القبيل بعينه، فلا مانع من التمسك بالاطلاق عند الشك في الدخول في محل الابتلاء مفهوماً، أو الشك في اعتبار الدخول في محل الابتلاء في صحّة التكليف، فانّ الاطلاق في مقام الاثبات كاشف عن الاطلاق في مقام الثبوت كشفاً تعبدياً.

 المسألة الثانية: أ نّه إذا شككنا في خروج بعض أطراف العلم الاجمالي عن تحت القدرة أو خروجه عن محل الابتلاء لشبهة مصداقية، بناءً على اعتبار الدخول في محل الابتلاء في تنجيز العلم الاجمالي، فهل يرجع في غيره من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 105.

ــ[464]ــ

الأطراف إلى البراءة أو إلى الاطلاق أيضاً؟

 الظاهر هو الأوّل لما ذكرناه في مباحث الألفاظ (1) من عدم جواز التمسك بالعموم في الشبهات المصداقية، ولا سيّما في موارد التخصيصات اللبية التي هي من قبيل القرائن المتصلة الموجبة لعدم انعقاد الظهور من أوّل الأمر إلاّ في الأفراد الباقية. والمقام كذلك، فان إطلاقات الأدلة الأوّلية الدالة على التكليف ليس لها ظهور في أوّل الأمر إلاّ في المقدور من جهة القرينة القطعية العقلية. وكذا ليس لها ظهور إلاّ في موارد الابتلاء بناءً على اعتبار الدخول في محل الابتلاء في صحّة التكليف، وحيث إنّه لا يمكن الرجوع في الطرف المشكوك في كونه تحت القدرة أو في كونه المبتلى به إلى الاطلاقات، لما ذكرناه من عدم جواز الرجوع إلى العام في الشبهة المصداقية، لايمكن الرجوع فيه إلى أدلة البراءة أيضاً، لأن كل مورد لا يكون قابلاً لوضع التكليف فيه لا يكون قابلاً للرفع أيضاً، فإذا احتملنا عدم القدرة أو عدم الابتلاء في بعض الأطراف لا يمكننا الرجوع إلى أدلة البراءة، لكون الشبهة مصداقية، وحينئذ لا مانع من الرجوع إلى البراءة في الطرف الآخر، وهو الطرف المحرز كونه تحت القدرة ومحلاًّ للابتلاء، لعدم المعارضة بين الأصل في الطرفين.

 وعلى ما ذكرناه من الرجوع إلى البراءة في الطرف المقدور عند الشك في خروج بعض الأطراف عن تحت القدرة تقل الثمرة بيننا وبين القائل باعتبار الدخول في محل الابتلاء في تنجّز العلم الاجمالي، فانّ غالب الموارد التي ذكرها للخروج عن محل الابتلاء تكون من موارد الشك في القدرة، فلا يكون العلم

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) محاضرات في اُصول الفقه 4: 343 وما بعدها.

ــ[465]ــ

الاجمالي منجّزاً للشك في القدرة على ما ذكرناه، أو للخروج عن محل الابتلاء على ما ذكره القائل، باعتبار الدخول في محل الابتلاء. وتنحصر الثمرة بيننا فيما إذا كان جميع الأطراف مقدوراً يقيناً، وكان بعضها خارجاً عن محل الابتلاء، فانّا نقول فيه بالتنجيز والقائل باعتبار الدخول في محل الابتلاء يقول بعدمه.

 بقي في المقام إشكال: وهو أ نّه كيف تجري البراءة في المقام مع أنّ الشك في التكليف فيه ناشئ من الشك في القدرة، ومن الواضح المتسالم عليه أنّ الشك في القدرة لايكون مورداً للبراءة، بل يجب الفحص ليتحقق الامتثال، أو يحرز عجزه ليكون معذوراً، فإذا شكّ المكلف في قدرته على حفر الأرض لدفن ميّت، فهل يجوز تركه للشك في القدرة واحتمال العجز. وكذا إذا شكّ الجنب في أنّ باب الحمام مثلاً مفتوح حتّى يكون قادراً على الغسل أو لا، فهل يجوز له الرجوع إلى البراءة عن وجوب الغسل وترك الفحص، والمقام من هذا القبيل.

 والجواب: أ نّه لا يجوز الرجوع إلى البراءة عند الشك في القدرة فيما إذا علم فوات غرض المولى بالرجوع إلى البراءة كما في المثال، وقد ذكرنا في بحث الإجزاء أنّ العلم بالغرض بمنزلة العلم بالتكليف (1)، فبعد العلم بالغرض وجب الفحص بحكم العقل حتّى لا يكون فوت غرض المولى مستنداً إلى تقصيره. وبعد الفحص إن انكشف تمكنه من الامتثال فيمتثل، وإلاّ كان فوت غرض المولى مستنداً إلى عجزه فيكون معذوراً، بخلاف ما إذا لم يعلم ذلك كما في المقام، إذ لم يحرز وجود غرض المولى في الطرف المقدور أو الطرف المبتلى به، فلا يكون في الرجوع إلى البراءة إلاّ احتمال فوات غرض المولى، وهو ليس بمانع لوجوده في جميع موارد الرجوع إلى البراءة، حتّى الشبهات البدوية.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) محاضرات في اُصول الفقه 2: 55.

ــ[466]ــ

وبعبارة اُخرى: الفرق بين المثال والمقام أنّ الغرض في المثال معلوم والقدرة مشكوك فيها، وفي المقام الغرض مشكوك فيه والقدرة معلومة فكم فرق بينهما.
 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net