التنبيه العاشر
يعتبر في تنجيز العلم الاجمالي أن يكون لكل واحد من الأصلين في الطرفين أثر عملي فعلي، فلو لم يكن للأصل في أحد الطرفين أثر فعلي لا يجري فيه الأصل لعدم ترتب أثر عليه. وحينئذ لا مانع من جريان الأصل في الطرف الآخر، فلا يكون العلم الاجمالي منجّزاً، لما ذكرناه مراراً (1) من أنّ تنجيزه متوقف على تساقط الاُصول في أطرافه، فلو علم المكلف بنجاسة أحد ثوبين، وعلم بكون أحدهما المعيّن مغصوباً، لا مانع من الرجوع إلى قاعدة الطهارة في غير المغصوب، لعدم جريانها في المغصوب حتّى تسقط بالمعارضة، إذ لا أثر عملي لجريانها فيه بعد العلم بحرمة استعماله على تقديري الطهارة والنجاسة، فتجري القاعدة في الطرف الآخر بلا معارض. ولا يكون العلم الاجمالي بنجاسة أحدهما منجّزاً.
وإن شئت قلت: إنّه كما يعتبر في تنجيز العلم الاجمالي القدرة العقلية في جميع الأطراف، كذلك تعتبر القدرة الشرعية فيها، فانّ الممنوع شرعاً كالممتنع عقلاً، فلو خرج بعض الأطراف عن تحت قدرته شرعاً ـ كما في المثال المذكور ـ لا يكون العلم الاجمالي منجّزاً، لجريان الأصل في الطرف الآخر بلا مُعارِض.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع على سبيل المثال ص 404.
|