ما أفاده النائيني في عدم الحاجة إلى الدليل على الوضع لخصوص المتلبّس 

الكتاب : مصابيح الاُصول - الجزء الأوّل من مباحث الألفاظ   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4391


ــ[161]ــ

الأدلّة على الوضع لخصوص المتلبّس

ذكر شيخنا الاُستاذ (قدّس سرّه)(1) أنّه لا حاجة إلى إقامة الدليل على الوضع لخصوص المتلبّس ، فإنّ القائل بالوضع للأعم لابدّ له من تصوير جامع بين المتلبّس والمنقضي عنه المبدأ ، ليكون هو الموضوع له على مذهبه ، وهو غير معقول على القول ببساطة المفاهيم الاشتقاقية والقول بتركّبها .

أمّا على البساطة : فلأنّ معناه أنّ مفهوم المشتق عين المبدأ ، وليس بينهما فرق إلاّ من ناحية الاعتبار واللحاظ . فالمبدأ لوحظ بشرط لا ، فلا يصحّ معه الحمل . والمشتق لوحظ لا بشرط ، وهو يقبل الحمل ، وإذا صار كل منهما عين الآخر والاختلاف في مرحلة اللحاظ ، فلو انقضى التلبّس عن زيد ، وزالت عنه صفة العلم مثلا ، لا يكون هناك شيء يصدق عليه العلم ، فينتفي صدق العالم حينئذ ، لأنّهما متّحدان . فأي جامع بين الواجد والفاقد ليوضع له هيئة المشتق .

بل المشتقّات بهذا المعنى أسوأ حالا من الجوامد ، فإنّ الجوامد تدلّ على مادّة متّصفة بصورة نوعية . فلو زالت الإنسانية ـ مثلا ـ وتبدّلت إلى صورة اُخرى ، فقد انسلخت الصورة النوعية من المادّة الاُولى ، وتصوّرت بصورة ثانية ، أمّا المادّة الأصلية فهي لا تزال محفوظة . وهذا بخلاف المشتقّات ، فإنّها بعد أن كانت عين المبدأ ، فبانقضائه لا يبقى شيء أصلا .

وأمّا على التركيب : فلأنّ غاية ما يدّعيه القائل بالوضع للأعم أنّ المشتق موضوع للذات المقيّدة بالمبدأ معرّىً عن الزمان ، بداهة خروجه عن مدلول الأسماء  ، ولكنّه من المعلوم أنّه ليس هناك جامع بين الانقضاء والتلبّس إلاّ الزمان . فلو كان الزمان جزء مدلول المشتق ، لأمكن للقائل بالتركيب أن يدّعي أنّ الهيئة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أجود التقريرات 1 : 111 .

ــ[162]ــ

موضوعة للذات التي يثبت لها المبدأ في زمن ما ، الصادق على المتلبّس والماضي . وأمّا لو لم يكن الزمان جزء مدلول اللفظ ، فلا يكون هناك جامع يمكن وضع اللفظ بازائه . فعلى كلا القولين لا يمكن تصوير الجامع للأعم ، فيتعيّن الوضع لخصوص المتلبّس بالمبدأ ، هذا .

ولا يخفى أنّه يمكن تصوير الجامع على القول بالتركيب بأحد أمرين :

الأول : أن يكون مفهوم المشتق ما خرج من مرحلة عدم الاتّصاف بالمبدأ إلى مرحلة الاتّصاف به ، بمعنى أنّ الذات المبهمة المأخوذة في المفهوم الاشتقاقي حيث كانت في نفسها غير متّصفة بهذه الصفة ، فقد اُخذت فيه عنواناً للمتّصف بها ، على الوجه الأعم من اتّصافها حال النسبة والجري أو قبل ذلك .

أو فقل : الوصف المأخوذ في الذات قد اعتبر خروجه من مرحلة العدم إلى الوجود ، من دون اعتبار امتداده وبقائه في الوجود ، وبهذا يشمل أحوال التلبّس كلّها .

الثاني : أن يؤخذ عنوان أحدهما في مفهوم المشتق ، فيتصوّر الواضع عنوان المتلبّس بالمبدأ ، ويتصوّر عنوان المنقضي عنه ، ثمّ يضع المشتق للجامع بينهما بعنوان أحدهما ، كما تقدّم هذا في تصوير الجامع الانتزاعي في الأركان على القول بالوضع للأعم من الصحيح والفاسد(1)، وحينئذ يكون مفهوم أحدهما لا واقعه قدراً جامعاً بين الأمرين .

وأمّا بناءً على البساطة ، فتصوير الجامع وإن لم يمكن ، إلاّ أنّ البساطة بهذا المعنى لا أساس ولا واقعية لها ، على ما ستعرف إن شاء الله تعالى . هذا كلّه ثبوتاً .

وأمّا إثباتاً : فالظاهر أنّ المشتق موضوع لخصوص المتلبّس بالمبدأ ،

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص113 ـ 114 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net