بساطة المشتق وتركبه - الاستدلال على التركّب - ما استدّل به البساطة 

الكتاب : مصابيح الاُصول - الجزء الأوّل من مباحث الألفاظ   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 5671


تنبيهات

التنبيه الأول : في بساطة المشتق وتركّبه :

اختلف القول في المفاهيم الاشتقاقية ، وهل جعلت بازاء المفاهيم البسيطة أو المركّبة . والمعروف بين المتأخّرين القول بالبساطة ، وخالف بعضهم ـ كصاحب

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل في خاتمة بحث الاستصحاب ، راجع فرائد الاُصول 2 : 691 وما بعدها .

ــ[172]ــ

شرح المطالع(1)ـ فذهب إلى التركيب ، حيث عرّف النظر بأنّه ترتيب اُمور حاصلة يتوصّل بها إلى تحصيل غير الحاصل .

وأورد عليه بأنّ الشيء ربما يعرّف بخاصّة من خواصه ، المعبّر عنه بالرسم فيوجب تصوّر تلك الخاصّة الانتقال إلى ذلك الشيء ، مع أنّه أمر واحد أوصل إلى أمر واحد مجهول ، وليس باُمور معلومة أوصلت إلى اُمور مجهولة .

وأجاب عن ذلك بأنّ الخاصّة أو الفصل وإن كان أمراً واحداً في بداية الأمر لكنّه عند الدقّة ينحل إلى شيء له النطق أو الضحك مثلا ، فيكون في الحقيقة اُموراً معلومة .

وأورد عليه السيد الشريف في حاشيته على الكتاب(2) بأن الشيء لا يعقل أخذه في المفاهيم الاشتقاقية ، وذلك إن اُريد بالشيء مفهومه لزم دخول العرض العام في الفصل ، وهو محال . وإن اُريد به ما صدق عليه الشيء لزم انقلاب القضية الممكنة إلى الضرورية ، لأنّ جملة (الإنسان ضاحك) قضية ممكنة ، فإذا انحلّت إلى جملة (الإنسان إنسان ثبت له الضحك) كانت قضية ضرورية ، لأنّ ثبوت الشيء لنفسه ضروري ، وهو خلف .

والذي يظهر من النزاع المتقدّم أنّ مركز البحث هو التركيب بحسب التحليل لا التركيب بحسب الإدراك . فكلمة الإنسان إذا اُطلقت ينتقل السامع إلى مفهوم واحد ، ولدى التحليل ينتقل إلى مفهومين هما : الحيوان ، الناطق . فالنزاع من حيث البساطة والتركيب إنّما هو من حيث التحليل العقلي ، دون الإدراك والتصوّر فإنّه بسيط وجداناً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) شرح المطالع : 11 .

(2) راجع حاشية شرح المطالع : 11 .

ــ[173]ــ

ويؤيّد هذا احتياج السيّد الشريف إلى إقامة البرهان على البساطة بما حاصله : الالتزام بالتركيب يقتضي دخول العرض العام في الفصل ، أو انقلاب القضية الممكنة إلى الضرورية ، وبديهي أنّ مرحلة الإدراك لا تفتقر إلى استدلال بل يكفي فيها تبادر أهل العرف أو اللغة ، وقد عرفت أنّهم يدركون من ذلك مفهوماً واحداً .

ومن هنا يفهم أنّ صاحب الكفاية (قدّس سرّه) من القائلين بالتركيب ، وإن أصرّ على البساطة ، حيث جعل النزاع واقعاً في المرحلة الاُولى وهي مرحلة الإدراك ، وادّعى بساطة مفهوم المشتق ، ثمّ جوّز أن يكون المفهوم بحسب التحليل مركّباً ، ونفى المنافاة في ذلك(1). ومنه يعلم أنّه قائل بالتركيب .

وكيف كان ، فالمعروف بين الفلاسفة والمتأخّرين وبعض(2) الاُصوليين منهم شيخنا الاُستاذ (قدّس سرّه)(3) القول بالبساطة ، إلاّ أنّ صاحب شرح المطالع ذهب إلى التركيب ، مدّعياً أنّ الموجود خارجاً اُمور ثلاثة : ذات ، ومبدأ ، واتّصاف تلك الذات بالمبدأ .

ولابدّ من تحقيق الأمر أوّلا في أنّ المفاهيم الاشتقاقية بسيطة أو مركّبة وعلى تقدير التركيب فهل المأخوذ في المشتق مفهوم الشيء ، أو واقعه .

أمّا تركّب المشتق من واقع الشيء فباطل ، لأنّه يلزم التكثّر والتكرّر في المعنى  ، إذ لا ريب في اختلاف الذوات بعضها عن بعض خارجاً . فذات زيد غير ذات عمرو ، وهكذا . فلو كان ضارب ـ مثلا ـ عبارة عن ذات ثبت لها الضرب

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع كفاية الاُصول : 54 .

(2) لعلّ الأنسب أن يقال : « والمتأخّرين من الاُصوليين منهم ... » كما في المحاضرات 1 : 304 .

(3) أجود التقريرات 1 : 97 .

ــ[174]ــ

كان متكثّراً بحسب الوضع ، باعتبار الوضع لزيد ولعمرو ولبكر ، بنحو يكون الوضع عاماً والموضوع له خاصّاً ، وقد قلنا إنّ المشتقّات كالجوامد ، فحيث لم تكن معانيها متكثّرة فالمشتقّات مثلها .

وأمّا تركّبه من مفهوم الشيء فلا مانع منه ، بيانه : أنّ الشيء الذي اُخذ في المشتقات مبهم ومعرّى عن كل خصوصية من الخصوصيات ، وقد اُريد منه الإشارة إلى هذا المعنى ، فهو كالموصولات التي لا تفيد تعيّناً إلاّ من جهة صلتها . فإذا قيل (الضارب) فلا يراد منه إلاّ الذي ثبت له الضرب ، أو ما ثبت له الضرب ، أو من ثبت له ذلك ، على اختلاف الموضوعات ، فمنها من يعقل ، ومنها من لا يعقل . وجميع ذلك لا محذور فيه .

وبالجملة : المفاهيم الاشتقاقية مركّبة من مفهوم الشيء ونفس المبدأ وليست ببسيطة . ولا نقصد من الشيء إلاّ ما أوضحناه فعلا ، وهو المفهوم المبهم المعرّى عن كل خصوصية .

وربما يورد على اعتبار أخذ مفهوم الشيء في المبادئ الاشتقاقية ، وتركّبها منه ومن المبدأ باُمور :

الأول : ما جاء به صاحب الكفاية (قدّس سرّه)(1) من لزوم تكرّر الموصوف في قولنا : زيد الكاتب .

وغير خفي أنّ المحذور المذكور يتأتّى لو أخذنا واقع الشيء في المبدأ الاشتقاقي  ، أمّا لو أخذنا مفهومه فلا يلزم ذلك ، إذ لا فرق بين جملة زيد الكاتب وزيد الذي له الكتابة . ومن الظاهر أنّه لا تكرار في الجملة الثانية ، فكذلك الاُولى على التركيب  .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كفاية الاُصول : 54 .

ــ[175]ــ

الثاني : ما أورده السيد الشريف(1) أنّه يلزم دخول العرض العام في الفصل وهو محال .

وغير خفي أنّ الجواب عنه هو ما ذكره صاحب الكفاية(2) والفلاسفة المتأخّرون ، ومنهم المحقّق السبزواري ـ في حاشية له على منظومته(3)ـ بأنّ الناطق ليس بفصل حقيقي للإنسان ، بل فصل مشهوري ، وحقيقته أنّه خاصّة من خواصه وضع ليشير إلى الفصل ، فهو في محل الفصل الحقيقي ، ولا يعرف الفصل الحقيقي إلاّ الله  .

والوجه في ذلك : أنّ الناطق تارةً يراد به التكلّم والبيان فهو خاصّة من خواص البشر ، وقد منحهم الله تعالى إيّاه ، فأخذوا يعملون ذلك في مقام التعبير . واُخرى يراد به إدراك الكلّيات بمعنى العلم ، فهو من عوارض الإنسان دون سائر المخلوقات . وكلاهما أجنبيان عن الفصل المقومّ للذات .

ويؤيّد هذا أنّهم أخذوا الناهق فصلا للحيوان ، مع أنّه ليس مقوّماً للحمار . بل ربما يذكرون خاصّتين لشيء واحد فيقولون : الحيوان جسم حسّاس متحرّك بالإرادة ، فإنّ الحسّاس والمتحرّك بالإرادة خاصّتان للحيوان ، وليستا بفصلين له إذ الشيء الواحد لا يتقوّم بفصلين ومقوّمين .

وعليه فلا يلزم من التركّب دخول العرض العام في الفصل ، بل دخوله في الخاصّة ، ولا محذور فيه ، لأنّها ليست من الذاتيات.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع حاشية شرح المطالع : 11 .

(2) كفاية الاُصول : 52 .

(3) شرح المنظومة (المنطق) : 35 .

ــ[176]ــ

ومن الغريب أنّ شيخنا الاُستاذ (قدّس سرّه)(1) ادّعى أنّ الشيء ليس عرضاً عاماً ، بل جنس للماهيات مشترك بين جميعها ، سواء قلنا إنّ الناطق فصل ، أم عرض عام ، أم خاص . فالمحذور موجود ، لأنّ الجنس غير قابل للدخول في الفصل  ، ولا للدخول في العرض الخاصّ .

والجواب عنه : أنّ الشيء ليس جنساً للأشياء ، فإنّه يصدق على الجوهر والعرض ، والممكن ، والواجب ، والممتنع ، والمستحيل . فيقال : اجتماع الأمر والنهي شيء مستحيل . كما وأنّه يصدق على الماهيات المتأصّلة والاعتبارية فيستحيل أن يكون جنساً تندرج تحته الأجناس العالية .

الثالث : ما ذكره صاحب الفصول (قدّس سرّه)(2) من انقلاب القضية الممكنة إلى الضرورية . فقولنا : زيد كاتب ، أو الإنسان كاتب . من القضايا الممكنة باعتبار أنّ كلا من كتابة زيد وعدمها ممكن . فلو قلنا : إنّ معنى الكاتب منحل إلى شيء له الكتابة فالقضية ضرورية ، فإنّ الشيء وإن كان من العوارض العامّة ، إلاّ أنّ ثبوته للإنسان ضروري ، فلو كان مأخوذاً في المفهوم الاشتقاقي لزم انقلاب القضية الممكنة ضرورية .

وغير خفي أنّ الجواب عنه هو ما ذكره صاحب الكفاية(3) وشيخنا الاُستاذ(4) (قدّس سرّهما) وهو أنّ الشيء في مقام الحمل تارةً يؤخذ لا بشرط من كل قيد ، فيقال : الإنسان شيء ، وهو ضروري . واُخرى يؤخذ بشرط شيء ومقيّداً

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أجود التقريرات 1 : 102 .

(2) الفصول الغروية : 61 .

(3) كفاية الاُصول : 54 .

(4) أجود التقريرات 1 : 106 ـ 107 .

ــ[177]ــ

بقيد ، وهو وصف ثبوت الضحك له . وحمل هذا على الذات ليس بضروري ، بل ممكن . والشيء المبحوث عنه هنا ما كان بالنحو الثاني ، فلا محذور في ذلك .

ثمّ إنّ المراد من كون الشيء عرضاً عاماً بحيث يصدق عليه تعالى ليس بمعنى العرض قبال الجوهر ، ليقال إنّه يستحيل أن يكون الواجب تعالى محلا لعروض العوارض ، فكيف يصدق عليه تعالى الشيء ، بل المراد أنّه عرضي ـ أي خارج عن مقام الذات ـ وليس من ذاتيات الموضوع ، ولكنّه محمول عليه . فالشيء عرضي لا عرض  ، والفرق بينهما ظاهر .

الرابع : ما ذكره شيخنا الاُستاذ (قدّس سرّه)(1) من لزوم اللغو وعدم الأثر في اعتبار مفهوم الشيء في المفاهيم الاشتقاقية .

وغير خفي أنّه لا لغوية في اعتبار ذلك ، لاحتياج توسّط مفهوم الشيء بين حمل العرض على الذات . أو فقل الحاجة تدعو إلى اتّخاذ الشيء بمفهومه ، لتوقّف حمل المشتقّات على موضوعاتها ، لأنّ المشتقّ مركّب من شيء له المادّة ، فلو جرّد عن الشيئية امتنع حمل المادّة على الموضوع ، فلا يقال زيد علم .

الخامس : ما أورده شيخنا الاُستاذ (قدّس سرّه)(2) من أنّ أخذ مفهوم الشيء في المفهوم الاشتقاقي يستلزم بناء المشتق ، لاشتمال كل مشتق على نسبة وربط بين الشيء والمادّة ، وشأن الحروف المبنية إفادة النسب ، فيلزمه أن يكون كل ما شابهها من إفادة هذا المعنى ـ كالمشتقّات ـ مبنياً .

وغير خفي أنّ هذه القاعدة ليست عامّة لكل مشابه للحروف ، وإنّما هي خاصّة فيما شابهها من الأسماء المشتملة على النسب بمادّتها وهيئتها كأسماء الموصول

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أجود التقريرات 1 : 99 .

(2) أجود التقريرات 1 : 98 .

ــ[178]ــ

مثلا ، أمّا المشتملة على النسبة بهيئتها فقط كالضارب ـ مثلا ـ فهي ليست كذلك . وليس لنا دليل على أنّ مطلق المشابهة موجب للبناء .

فتحصّل من كل ذلك : أنّه لا مانع من تركّب المشتق من مفهوم الشيء المبهم ومن المادّة ، بل البرهان قام على ذلك ، كما عرفته في الجواب عن الأمر الرابع .

ثمّ إنّ بعض القائلين ببساطة المشتق منهم شيخنا الاُستاذ (قدّس سرّه)(1)ذكر أنّ العرض قد يلحظ بما أنّه وجود في نفسه في مقابل الجوهر ، فيكون ملحوظاً بشرط لا ، وحينئذ لا يقبل الحمل على سائر الموضوعات ، ويعبّر عنه بالمبدأ . وقد يلحظ بما أنّه عارض على الموضوع ، وأنّ وجوده في نفسه عين وجوده لموضوعه ويؤخذ معه قيداً لا بشرط ، فيصحّ الحمل على سائر الموارد ، ويعبّر عنه بالمشتقّ . فالمشتقّ والمبدأ مختلفان لحاظاً ، ومتّحدان معنى . فإذا كان المبدأ بسيطاً فلابدّ وأن يكون المشتقّ مثله  .

والجواب عنه أوّلا : أنّ الفرق المذكور وإن كان فرقاً صحيحاً ، ولكنّه ليس فرقاً في الحقيقة بين المشتق ومبدئه ، بل هو بين المصدر واسم المصدر ، ذلك فإنّ العرض ـ كالضرب ـ قد يلحظ باعتبار كونه موجوداً في نفسه قبال الجوهر ويسمّى الدال عليه باسم المصدر . وقد يلحظ باعتباره من شؤون الموضوع وعوارضه وأطواره ، وأنّ وجوده في نفسه عين وجوده لموضوعه ، وقد اعتبر فيه نسبته إلى فاعل ما ، ويسمّى الدال عليه بالمصدر . ولأجل هذا الاختلاف يعبّر عن وجوده بالاعتبار الأول بالوجود المحمولي ، وبالاعتبار الثاني بالوجود النعتي .

وقلّما يحصل تغاير بين الصيغتين في اللغة العربية ، بل الأكثر جمعها بصيغة واحدة ، ولكنّه يحصل التغاير بين الصيغتين في اللغة الفارسية كثيراً ، فيقال : كتك

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أجود التقريرات 1 : 108 .

ــ[179]ــ

وزدن . پاكيزه گى ، وپاكيزه بودن . نمايش ، ونمايش دادن .

ومن هنا يظهر أنّ المادّة المشتركة في كلمة (ضرب) التي هي عبارة عن الضاد والراء والباء ، هي مبدأ لجميع المشتقّات . فالمصدر أو اسم المصدر ليس مبدأً للمشتق  ، لاشتمال كل منهما على خصوصية زائدة على ما يستفاد من نفس المادّة .

ومن هنا يظهر أنّ هذا الفارق لا يكون فارقاً بين المبادئ والمشتقّات لمباينة العرض للجوهر ، ومعه كيف يقال : العرض إن لوحظ لا بشرط ، وأنّ وجوده في نفسه وجوده لغيره يكون متّحداً مع الجوهر ، وقد أشرنا في بحث صحّة السلب(1)إلى أنّ حمل شيء على شيء يتوقّف على مغايرة من جهة ، واتّحاد من اُخرى . ومن الواضح عدم الاتّحاد بين العرض والجوهر مفهوماً ، أمّا في الوجود فهما متغايران حسب الفرض ، فأين الاتّحاد بينهما .

ثانياً : لو قلنا إنّ وجود العرض في نفسه عين وجوده لموضوعه فليس المشتقّات مختصّة بالعوارض دواماً ، فقد تكون من الاُمور الاعتبارية كالإمكان والممكن ، ومن الاُمور العدمية كالعدم والمعدوم والامتناع والممتنع . وكيف يتّحد الإمكان مع الإنسان الذي هو ممكن إذا لوحظ لا بشرط ، إذ الإمكان ليس من أعراض الإنسان ليقال : عرض الشيء طور من أطواره ، ووجوده في نفسه عين وجوده لموضوعه . بل هو من الاعتباريات التي لا وجود لها أصلا .

وهكذا العدم كيف يتّحد مع الذات إذا لوحظ لا بشرط ، إذ لا وجود له ليقال إنّ وجوده في نفسه عين وجوده لموضوعه . وهكذا الممتنع والواجب ، وسائر الأحكام الشرعية من الاستحباب والكراهة ، فإنّها اُمور اعتبارية ، لا وجود لها في الخارج .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص87 .

ــ[180]ــ

ومع غضّ النظر عن ذلك كلّه فنقول : إنّه لو تمّ فإنّما يتمّ فيما إذا كان المبدأ من عوارض الذات ، فيقال : إنّ وجود العرض في نفسه عين وجوده لموضوعه . وأمّا في سائر المشتقّات التي لا يكون المبدأ فيها من عوارض الذات ، فالحديث المذكور لا يتمّ فيها ، وذلك كاسم الآلة ، واسم المكان والزمان . فإنّ الفتح في المفتاح إذا لوحظ لا بشرط كيف يكون عين الحديد ـ أعني الذات ـ إذ ليس من أعراض الحديد ليقال وجود العرض في نفسه عين وجوده لموضوعه .

وكذا مضرب ، فإنّ الضرب إن لوحظ لا بشرط لا يتّحد مع الزمان والمكان حيث قالوا : إنّ وجوده في نفسه عين وجوده لموضوعه ، ولم يقولوا : وجوده في نفسه عين وجوده لزمانه أو مكانه .

وكذا مضروب ، فإنّ الضرب لا يتّحد مع ذات المضروب ولو لوحظ لا بشرط ، لأنّه ليس من عوارض من وقع عليه الفعل ليقال وجوده في نفسه عين وجوده لموضوعه ، بل هو من عوارض الفاعل .

والتفكيك في المشتقّات بين تلك الموارد والموارد التي يكون المبدأ فيها من أعراض الذات بتركّب الأول وبساطة الثاني ، كما ترى ، لأنّ وضع المشتقّات واحد  ، فإن كان بسيطاً ففي الجميع ، أو مركّباً فكذلك .

فالمتحصّل من هذا : أنّ المفاهيم الاشتقاقية مركّبة من مفهوم الشيء وثبوت المبدأ له ، ولولا مفهوم الشيء لما أمكن الحمل .

ويؤيّد ما ذكرناه فهم العرف لذلك ، فقد يحمل مشتق على مشتق فيقال : كل كاتب متحرّك الأصابع ، أو : كلّ كاتب ضاحك . فالمحمول عليه المبدأ ليس نفس المبدأ ليقال الكتابة حركة أو ضحك ، كما وأنّه ليس المبدأ مع النسبة ليقال الكتابة المنسوبة إلى زيد حركة ، بل الغرض إثبات كل واحد من الكتابة والضحك على معروض واحد ، وهو إنّما يتحقّق بدخول مفهوم الشيء في المفاهيم الاشتقاقية

 
 

ــ[181]ــ

فيقال : كل ما ثبت له الكتابة فهو متحرّك الأصابع ، أو أنّه ضاحك ، فيصبح الشيء بمفهومه المبهم المندمج مأخوذاً في جميع المشتقّات .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net