تنبيه : أنّ ثمرة الاختلاف المتقدّم في استفادة الوجوب من الصيغة بالوضع أو العقل تظهر عند استعمالهما في مثل : اغتسل للجنابة والجمعة ، مع العلم بأنّ غسل الجمعة ليس بواجب .
فبناءً على مسلكنا من استفادة الوجوب بحكم العقل فالأمر واضح ، لأنّ المولى قد أبرز ما في نفسه من الاعتبار بكلمة اغتسل ، وألقاه على ذمّة المكلّف في كل منهما ، وهو معنى حقيقي لها ، غاية الأمر أنّ دليل الترخيص قام على جواز ترك بعض ما ذكر في الكلام ، وهو غسل الجمعة في المثال ، ولم يقم على البعض الآخر . فالعقل لا يلزم العبد بالامتثال بالإضافة إلى ما قام عليه دليل الترخيص ، ويلزمه بالإضافة إلى ما لم يقم عليه الدليل المذكور ، رسماً للعبودية .
نعم على مسلك غيرنا كصاحب الكفاية (قدّس سرّه) ففيه تأمّل ، لأنّ الصيغة لم تستعمل في الوجوب قطعاً ، وقد خرجت عن معناها الحقيقي ، فحينئذ لا مناص من أن يكون المستعمل فيه مطلق الطلب الجامع بين الوجوب والندب ، وتكون إرادة كل واحد منهما محتاجة إلى القرينة ، ومع عدمها لا تتعيّن إرادة الوجوب .
|