الأمر الثاني : في المراد من كلمة الاقتضاء .
والظاهر أنّ المراد منه هنا العلّية والتأثير ، وذلك لنسبته إلى الإتيان بالمأمور به ، لا إلى الأمر ، باعتبار أنّ الأمر الصادر من المولى لابدّ وأن يكون ناشئاً عن غرض ، فلو امتثل العبد المأمور به ، وجاء بما هو المطلوب منه حصل الغرض خارجاً ، ومتى حصل ذلك خارجاً سقط الأمر . فالمراد بالاقتضاء هنا العلّية والتأثير .
الأمر الثالث : في المراد من كلمة الإجزاء .
والظاهر أنّ المراد منها هو نفس مدلولها اللغوي ـ دون أن يكون لهم فيها اصطلاح خاص ـ وهو الكفاية . فمعنى إجزاء المأتي به عن المأمور به هو كفايته عمّا اُمر به ، من دون حاجة إلى الإعادة أو القضاء ، أو إلى القضاء فقط فيما دلّ الدليل على لزوم الإعادة فيه ، كالمسافر الذي يتمّ صلاته نسياناً ثمّ يتذكّر في الوقت ، حيث اُمر بإعادة صلاته ، ويكون معنى الإجزاء بالنسبة له سقوط القضاء عنه فيما لو تذكّرها خارج الوقت . وكمن صلّى في النجس نسياناً ، فإنّه إذا تذكّر في الوقت وجبت عليه الإعادة ، وإذا تذكّر خارج الوقت لم يجب عليه القضاء ، على قول نسب
ــ[274]ــ
إلى المشهور بين المتأخّرين .
الأمر الرابع : أنّه ربما يتوهّم عدم الفرق بين هذه المسألة ومسألة المرّة والتكرار ، وكذلك بين هذه المسألة ومسألة تبعية القضاء للأداء ، باعتبار أنّ القائل بعدم الإجزاء يلتزم بإعادة العمل ، تفريغاً للذمّة عن الواقع ، ولا يكتفي بالامتثال الأول . وهذا المعنى موافق لما يدّعيه القائل بالتكرار . وكذا القائل بالإجزاء لا يلتزم بالإعادة ، فهو أمر موافق للقول بالمرّة .
كما أنّ الأمر كذلك بالنسبة لتبعية القضاء للأداء ، فإنّ القائل بالتبعية يلتزم ببقاء الطلب خارج الوقت إذا لم يأت به المكلّف في الوقت ، وهو متّحد نتيجة مع القائل بعدم الإجزاء . إذن لا فرق بين ما نحن فيه وما ذكر .
وغير خفي أنّ الاتّحاد بحسب النتيجة لا يوجب الاتّفاق بين المسألتين .
|