وقد ادّعى بعض الأساطين (قدّس سرّه)(1) أنّ الثمرة المترتّبة على عدم اتّصاف الأجزاء بالمقدّمية هي انحلال العلم الإجمالي بين الأقل والأكثر إلى متيقّن تفصيلا ، ومشكوك بدواً ، كما لو علمنا بوجوب أحد الأمرين : الأقل أو الأكثر . فعلى القول بعدم اتّصاف الأجزاء بالوجوب الغيري فالعلم الإجمالي بوجوب أحدهما وجوباً نفسياً ينحلّ إلى علم تفصيلي متعلّق بوجوب الأقل ، وشكّ بدوي متعلّق بوجوب الأكثر ، وحينئذ تجري البراءة في الزائد .
وأمّا على القول باتّصاف الأجزاء بالوجوب الغيري ، فما ادّعي وجهاً للانحلال ـ من أنّ الأقل معلوم الوجوب تفصيلا بنحو الجامع بين النفسي والغيري ـ لا يوجب الانحلال ما لم يرجع إلى العلم التفصيلي بالوجوب النفسي ، فإنّ المعلوم بالتفصيل إذا لم يكن من سنخ المعلوم الإجمالي لم يكن وجه لانحلال العلم الإجمالي .
وغير خفي أنّ الانحلال لا يترتّب على القول بعدم اتّصاف الأجزاء بالوجوب الغيري ، بل يجري على القول الآخر أيضاً ، وذلك فإنّ الوجوب المتعلّق بالمجموع المركّب إن قلنا بانبساطه على الأجزاء ، بحيث كان كل جزء متّصفاً بالوجوب النفسي الضمني ، فلابدّ من الالتزام بانحلال العلم الإجمالي ، باعتبار أنّ الأقل متيقّن الوجوب النفسي إمّا ضمناً أو استقلالا ، فهو واجب على كل تقدير ووجوب الأكثر مشكوك فيه . وإن لم نقل بالانبساط فالمكلّف لا يعلم ما هو الواجب عليه من الأقل أو الأكثر ، ويلزمه الإتيان بالأكثر ، لقاعدة الاشتغال ، من دون فرق في ذلك بين اتّصاف الأقل بالوجوب الغيري وعدمه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نهاية الأفكار 1 : 269 .
ــ[314]ــ
فالمناط في الانحلال وعدمه انبساط الأمر المتعلّق بالمركّب على الأجزاء وعدمه ، ولا ربط له باتّصاف الأجزاء بالوجوب الغيري وعدمه .
فالمتحصّل من جميع ما قلناه : أنّ المقدّمة الداخلية خارجة عن مورد النزاع والذي هو مورد البحث المقدّمة الخارجية بكلا قسميها .
|