ثانيها : تقسيم المقدّمة إلى الوجوبية ، والعلمية ، والوجودية ، والصحّة . ولو أمعنا النظر في هذه الأقسام لوجدناها بين ما هو راجع إلى المقدّمات السابقة الثلاث ، وما هو خارج عن محل البحث .
أمّا المقدّمة الوجوبية فهي خارجة عن البحث ما دام الوجوب معلّقاً على حصولها ـ كالاستطاعة للحجّ ـ إذ قبل حصولها لا وجوب ليلزم تحصيلها ، وبعد حصولها لا معنى لإيجابها ، فإنّه من طلب الحاصل .
وأمّا المقدّمة العلمية ـ كالصلاة إلى الجهات الأربع لتحصيل العلم بوقوعها إلى القبلة ـ فهي خارجة عن البحث أيضاً ، لأنّ الصلاة التي وقعت إلى القبلة ـ كما في المثال ـ هي نفس الواجب ، وليست مقدّمة له . وأمّا غيرها فهي لا تكون مقدّمة للواجب ، وإنّما هي مقدّمة للعلم بالتخلّص عمّا انشغلت به الذمّة من التكليف والأمن من العقوبة .
وأمّا المقدّمة الوجودية : وهي التي يتوقّف وجود الواجب عليها خارجاً بحيث لولا وجودها لما حصل الواجب نفسه ، فهي تعود إلى المقدّمة الخارجية بالمعنى الأخص .
وأمّا مقدّمة الصحّة : وهي التي تتوقّف صحّة الواجب عليها خارجاً ، فهي ترجع إلى المقدّمة الخارجية بالمعنى الأعم .
ثالثها : تقسيم المقدّمة إلى العقلية ; والشرعية ، والعادية .
أمّا المقدّمة العقلية : فهي حقيقة المقدّمة ، والأمر فيها واضح .
ــ[315]ــ
وأمّا المقدّمة الشرعية : فالمراد بها ما اعتبر التقيّد بها دخيلا في الواجب وحينئذ ترجع إلى المقدّمة العقلية ، بداهة استحالة تحقّق المشروط بدون الشرط .
وبعبارة اُخرى : إن اُريد بها الأجزاء الداخلية فهي خارجة عن مورد النزاع ، وإن اُريد بها الشروط التي تقيّد الواجب بها فهي راجعة إلى المقدّمات العقلية .
وأمّا المقدّمة العادية : فإن اُريد منها ما جرت العادة على إتيانها قبل الواجب ، وإن لم يكن تحصيل الواجب مستحيلا بدونها ، فهي خارجة عن مورد النزاع ، إذ لا يتوقّف الواجب عليها .
وإن اُريد منها ما يستحيل تحقّق الواجب بدونها عادة ، من جهة عدم التمكّن من غيرها عادة ، كنصب السلّم للصعود على السطح ، حيث يستحيل تحقّق الواجب بدونه بحسب العادة ، فإنّ الفرد الآخر من المقدّمة ـ أعني الطيران ـ مستحيل التحقّق عادة ، فهي ترجع إلى المقدّمة العقلية أيضاً ، فلا معنى لذكر العادية في قبالها .
|