ــ[316]ــ
الشرط المتأخّر
وتنقسم المقدّمة ثانياً : إلى المقدّمة المتقدّمة ، والمقارنة ، والمتأخّرة .
وقد اُشكل على المقدّمة المتأخّرة بأنّ المقدّمة من أجزاء العلّة ، وشأن كلّ علّة أن تتقدّم على معلولها رتبة ، وتقارنه زماناً ، ومعه كيف صارت المقدّمة متأخّرة عن المعلول زماناً ؟
وربما يقال بأنّ الشرط ليس هو ذات الوجود الخارجي ليستحيل تأخّره عن المشروط ، وإنّما الشرط هو الوجود المتأخّر بوصف تأخّره ، فالعلّة لم تتأخّر عن المعلول ، بل المتأخّر بوصف تأخّره يكون علّة .
والجواب عنه : أنّ لازم هذا أن يكون المعدوم بوصف أنّه معدوم مؤثّراً في الوجود ، إذ المفروض أنّ الشرط من أجزاء العلّة المؤثّرة في وجود المعلول ، فكيف يعقل وجود المعلول والعلّة التامّة بعدُ غير موجودة . فهذا الكلام ساقط جدّاً .
وقد سرّى الإشكال صاحب الكفاية (قدّس سرّه)(1) إلى المقدّمة المتقدّمة باعتبار أنّ الشرط من أجزاء العلّة ، ولابدّ من مقارنتها مع المعلول زماناً فكما يستحيل تأخّر الشرط عن مشروطه ، يستحيل تقدّمه عليه إذا كان الشرط منصرماً ومنعدماً حين وجود المشروط ، فالإشكال الجاري في تأخّر الشرط جار
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كفاية الاُصول : 92 .
ــ[317]ــ
في الشرط المتقدّم أيضاً .
وغير خفي أنّ ما جاء به صاحب الكفاية (قدّس سرّه) من سراية الإشكال إلى الشرط المتقدّم غير تامّ ، وذلك لأنّ التقدّم الزماني للشرائط ـ التي هي بحسب الحقيقة ممّا يؤثّر أثراً إعدادياً ـ لا مانع منه ، بل هو واقع في التكوينيات فضلا عن التشريعيات ، ولا يجب أن يكون كل ما له دخل في تحقّق المعلول مقارناً له زماناً .
مثلا قتل زيد والقضاء على حياته يتوقّف خارجاً على فري الأوداج ، ثمّ رفض العروق جميع الدم إلى الخارج ، ثمّ وقف الحركة القلبية ، وبعده يتحقّق القتل وبديهي أنّ فري الأوداج قد تقدّم على الموت زماناً . وإذا جاز ذلك في الاُمور التكوينية جاز في الاُمور التشريعية أيضاً ، هذا .
|