ــ[324]ــ
الواجب المطلق والمشروط
ليس للاُصوليين في تعريف المطلق والمشروط اصطلاح خاص ، بل المراد منهما هو نفس المعنى اللغوي ، كما ذكره صاحب الكفاية (قدّس سرّه)(1). فمعنى الإطلاق هو الإرسال ، ومعنى التقييد جعل شيء ذا قيد قبال إرساله ، ومنه طلاق المرأة ، فإنّه بمعنى إرسالها عن قيد الزوجية .
وهذان الأمران قد يتّصف الوجوب بهما ، كما في اتّصاف وجوب الحجّ ـ مثلا ـ بكونه مقيّداً بالاستطاعة وغير مقيّد بالزوال ، وقد يتّصف بهما الواجب كاتّصاف الصلاة بتقييدها بالطهارة وعدم تقييدها بالإحرام مثلا . ومورد النزاع هو الأول ـ دون الثاني ـ وهو الذي حرّر هذا البحث له . فنسبة الاتّصاف في عنوان المسألة هنا إلى الواجب لا تخلو من مسامحة .
والإطلاق والتقييد أمران إضافيان ، فقد يكون شيء بالإضافة إلى شيء آخر مقيّداً به ، وبالإضافة إلى آخر غير مقيّد به . فوجوب الحجّ ـ مثلا ـ مقيّد بالاستطاعة ، ولكنّه غير مقيّد بالزوال ، بخلاف الصلاة ، فإنّها على العكس . وهذا دليل على أنّ الإطلاق والتقييد أمران إضافيان .
ثمّ إنّ نزاعاً وقع بين الشيخ (قدّس سرّه) وغيره ، وهو أنّ القيود المأخوذة في
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كفاية الاُصول : 95 .
ــ[325]ــ
لسان الأدلّة هل تعود إلى مدلول الهيئة ، أو إلى نفس المادّة . وقد نسب المقرّر إلى الشيخ (رحمه الله) دعوى استحالة رجوع القيد إلى الهيئة ، ولزوم رجوعه إلى المادّة(1)، ثمّ أفاد (رحمه الله) أنّه لو لم يستحل ذلك فالقرينة الخاصّة تلزم بالرجوع إلى المادّة ، وبذلك لابدّ من رفع اليد عمّا تقتضيه القواعد العربية من رجوع القيد إلى مفاد الهيئة . ـــــــــــــــ
(1) مطارح الأنظار : 45 ، 46 ، 52 .
|