الاختلاف القراءات بمعنى آخر - الكثرة في الاحاد 

الكتاب : البيان في تفسـير القرآن - خطبـة الكتاب   ||   القسم : التفسير   ||   القرّاء : 6013


ــ[187]ــ

6 ـ الاختلاف في القراءات:
إن الأحرف السبعة هي وجوه الاختلاف في القراءات. قال بعضهم: إني تدبرت وجوه الاختلاف في القراءة فوجدتها سبعا.
فمنها: ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته مثل: {هن أطهر لكم} بضم أطهر وفتحه.
ومنها: ما تتغير صورته ويتغير معناه بالإعراب مثل: {ربنا باعد بين أسفارنا} بصيغة الأمر والماضي.
ومنها: ما تبقى صورته ويتغير معناه باختلاف الحروف مثل: "كالعهن المنفوش" و "كالصوف المنفوش".
ومنها: ما تتغير صورته ومعناه مثل: "وطلح منضود" و "طلع منضود".
ومنها: بالتقديم والتأخير مثل: "وجاءت سكرة الموت بالحق"، و "جاءت سكرة الحق بالموت".
ومنها: بالزيادة والنقصان. "تسع وتسعون نعجة انثى". و"أما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مومنين". "فإن الله من بعد اكراههن لهن غفور رحيم".
ويرده:
1 ـ ان ذلك قول لا دليل عليه، ولا سيما ان المخاطبين في تلك الروايات لم يكونوا يعرفون من ذلك شيئا.
2 ـ ان من وجوه الاختلاف المذكورة ما يتغير فيه المعنى وما لا يتغير، ومن الواضح أن تغير المعنى وعدمه لا يوجب الانقسام إلى وجهين، لأن حال اللفظ

ــ[188]ــ

والقراءة لا تختلف بذلك، ونسبة الاختلاف إلى اللفظ في ذلك من قبيل وصف الشيء بحال متعلقه. ولذلك يكون الاختلاف في "طلح منضود. وكالعهن المنفوش" قسما واحداً.
3 ـ ان من وجوه الاختلاف المذكور بقاء الصورة للفظ، وعدم بقائها، ومن الواضح أيضا أن ذلك لا يكون سببا للانقسام، لأن بقاء الصورة إنما هو في المكتوب لا في المقروء، والقرآن اسم للمقروء لا للمكتوب والمنزل من السماء إنما كان لفظا لا كتابة. وعلى هذا يكون الاختلاف في "وطلح. وننشزها" وجها واحدا لا وجهين.
4 ـ ان صريح الروايات المتقدمة أن القرآن نزل في ابتداء الأمر على حرف واحد. ومن البين أن المراد بهذا الحرف الواحد ليس هو أحد الاختلافات المذكورة، فكيف يمكن أن يراد بالسبعة مجموعها !.
5 ـ ان كثيرا من القرآن موضع اتفاق بين القراء، وليس موردا للاختلاف، فإذا أضفنا موضع الاتفاق إلى موارد الاختلاف بلغ ثمانية. ومعنى هذا أن القرآن نزل على ثمانية أحرف.
6 ـ أن مورد الروايات المتقدمة هو اختلاف القراء في الكلمات، وقد ذكر ذلك في قصة عمر وغيرها. وعلى ما تقدم فهذا الاختلاف حرف واحد من السبعة، ولا يحتاج رسول الله (صلى الله عليه وآله) في رفع خصومتهم إلى الاعتذار بأن القرآن نزل على الأحرف السبعة، وهل يمكن أن يحمل نزول جبريل بحرف، ثم بحرفين، ثم بثلاثة. ثم بسبعة على هذه الاختلافات؟! وقد أنصف الجزائري في قوله: "والأقوال في هذه المسألة كثيرة، وغالبها بعيد عن الصواب". وكأن القائلين بذلك ذهلوا عن مورد

ــ[189]ــ

حديث انزل القرآن على سبعة أحرف، فقالوا ما قالوا(1).
7 ـ اختلاف القراءات بمعنى آخر:
ان الأحرف السبعة هي وجوه الاختلاف في القراءة، ولكن بنحو آخر غير ما تقدم. وهذا القول اختاره الزرقاني، وحكاه عن أبي الفضل الرازي في اللوائح. فقال: الكلام لا يخرج عن سبعة أحرف في الاختلاف الأول: اختلاف الأسماء من إفراد، وتثنية، وجمع، وتذكير، وتأنيث. الثاني: اختلاف تصريف الأفعال من ماض، ومضارع، وأمر. الثالث: اختلاف الوجوه في الإعراب. الرابع: الاختلاف بالنقص والزيادة. الخامس: الاختلاف بالتقديم والتأخير. السادس: الاختلاف بالإبدال. السابع: اختلاف اللغات "اللهجات" كالفتح، والامالة، والترقيق، والتفخيم، والاظهار، والادغام، ونحو ذلك.
ويرد عليه:
ما أوردناه على الوجه السادس في الإشكال الأول والرابع والخامس منه، ويرده أيضا: أن الاختلاف في الأسماء يشترك مع الاختلاف في الأفعال في كونهما اختلافا في الهيئة، فلا معنى لجعله قسما آخر مقابلا له. ولو راعينا الخصوصيات في هذا التقسيم لوجب علينا أن نعد كل واحد من الاختلاف في التثنية، والجمع، والتذكير، والتأنيث، والماضي، والمضارع، والأمر قسما مستقلا. ويضاف إلى ذلك أن الاختلاف في الادغام، والاظهار، والروم، والاشمام، والتخفيف والتسهيل في اللفظ الواحد لا يخرجه عن كونه لفظا واحدا. وقد صرح بذلك ابن قتيبة على ما حكاه الزرقاني
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) التبيان: ص 59.

ــ[190]ــ

عنه(1).
والصحيح أن وجوه الاختلاف في القراءة ترجع إلى ستة أقسام:
الأول: الاختلاف في هيئة الكلمة دون مادتها، كالاختلاف في لفظة (باعد) بين صيغة الماضي والأمر، وفي كلمة (أمانتهم) بين الجمع والافراد.
الثاني: الاختلاف في مادة الكلمة دون هيئتها، كالاختلاف في لفظة "ننشرها" بين الراء والزاي.
الثالث: الاختلاف في المادة والهيئة كالاختلاف في "العهن والصوف".
الرابع: الاختلاف في هيئة الجملة بالإعراب، كالاختلاف "وأرجلكم" بين النصب والجر.
الخامس: الاختلاف بالتقديم والتأخير، وقد تقدم مثال ذلك.
السادس: الاختلاف بالزيادة والنقيصة، وقد تقدم مثاله أيضا.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مناهل العرفان: ص 154.

8 ـ الكثرة في الآحاد:
ان لفظ السبعة يراد منه الكثرة في الآحاد، كما يراد من لفظ السبعين والسبعمائة الكثرة في العشرات أو المئات. ونسب هذا القول إلى القاضي عيّاض ومن تبعه.
ويرد5:
ان هذا خلاف ظاهر الروايات، بل خلاف صريح بعضها. على أن هذا لا يعد قولا مستقلا عن الوجوه الأخرى، لأنه لم يعين معنى الحروف فيه، فلابد وان يراد من الحروف أحد المعاني المذكورة في الوجوه المتقدمة، ويرد عليه ما يرد من

ــ[191]ــ

الإشكال على تلك الوجوه.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net