عدم سراية حرمة الأكل والشرب إلى المأكول والمشروب - معنى الافطار على الحرام 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 9199


ــ[298]ــ

المأكول والمشروب لا يصير حراماً ((1)) فلو كان في نهار رمضان لا يصدق أنه أفطر على حرام ، وإن صدق أن فعل الافطار حرام (1) ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من غير تقييدهما بمباشرة الفم للاناء ، فمقتضى إطلاقهما حرمة الأكل والشرب من آنية الذهب والفضة مطلقاً كانا من غير واسطة أو معها ، إذ لا موجب لانصرافهما إلى الأكل والشرب بلا واسطة .

   (1) وقع الكلام في أن الحرمة والحزازة في الأكل والشرب من آنية الذهب والفضة هل تختصان بالأكل والشرب فقط أو يعمان المأكول والمشروب أيضاً ؟

   نسب إلى المفيد (2) وظاهر أبي الصلاح(3) والعلاّمة الطباطبائي (قدس سرهم) القول بحرمة المأكول والمشروب أيضاً ، ويظهر من الحدائق الميل إليه حيث ذكر توجيهاً لكلام المفيد (قدس سره) أن النهي أولاً وبالذات وإن كان عن تناول المأكول والمشروب لكن يرجع ثانياً وبالعرض إلى المأكول بأن يقال إن هذا المأكول يكون حراماً متى اُكل على هذه الكيفية ، وظاهر النصوص يساعده إلى آخر ما أفاده (4) . والمشهور عدم تعدِّي الحرمة إلى المأكول والمشروب .

   ولقد رتبوا على هذا النزاع أنه بناء على سراية الحرمة إلى المأكول والمشروب لو أكل المكلف أو شرب من آنيتهما في نهار شهر رمضان فقد أفطر على الحرام ووجب عليه الجمع بين الكفارات الثلاث نظير ما إذا أفطر بالخمر أو الميتة ونحوهما ، وهذا بخلاف ما إذا قلنا بالاختصاص وعدم سراية الحرمة إليهما لأنه على ذلك إفطار بالحلال لعدم حرمة المشروب والمأكول حينئذ ، هذا .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) لا وقع لهذا الكلام إذ لا معنى لحرمة المأكول والمشروب إلاّ حرمة أكله وشربه ، نعم الأكل من الآنية المغصوبة لا يكون من الافطار على الحرام ، والفرق بين الموردين ظاهر .

(2) نسب إليه في الذكرى : 18 السطر 19 ، لاحظ المقنعة : 584 .

(3) حكاه عنه في الذكرى : 18 السطر 20 ، ولاحظ الكافي لأبي الصلاح : 278 ، 279 .

(4) الحدائق 5 : 508 .

ــ[299]ــ

   والتحقيق أنه لا معنى محصل لهذا النزاع لوضوح أن الأحكام التكليفية لا تتعلق على الذوات الخارجية بما هي ، وإنما تتعلق عليها بلحاظ الفعل المتعلق بها ، فلا معنى لحرمة الميتة أو الخمر مثلاً إلاّ حرمة أكلها أو شربها ، وعليه فلا معنى محصل لحرمة المأكول والمشروب في نفسهما بعد حرمة الفعل المتعلق بهما أعني الأكل والشرب .

   ثم إن معنى الافطار بالحرام هو أن يكون المفطر محرماً في نفسه مع قطع النظر عن كونه مفطراً كأكل الميتة وشرب الخمر ونحوهما ، وبما أن الأكل والشرب من آنية الذهب والفضة كذلك لحرمتهما في نفسهما فيكون الاقدام عليهما في نهار شهر رمضان إفطاراً على الحرام .

   نعم ، هناك كلام في أن الحرمة في الافطار على الحرام الموجب للجمع بين الخصال هل تعتبر أن تكون ذاتية بأن تكون ثابتة على المحرم بالعنوان الأولي كما في أكل الميتة وشرب الخمر ونحوهما ، أو أن الحرمة العرضية الطارئة على المحرم بالعنوان الثانوي أيضاً تقتضي كفارة الجمع ، كما إذا أفطر بالطعام المغصوب مثلاً إذ الطعام مباح في نفسه وإن حرم بعنوان أنه غصب وتصرف في مال الغير من غير رضاه ، أو أفطر بالأكل أو الشرب من آنية الذهب والفضة فان الطعام والشراب الموجودين في آنيتهما وإن كانا مباحين في ذاتيهما إلاّ أنهما محرمان بالعنوان الثانوي وهو كونه أكلاً أو شرباً من آنيتهما ؟

   والصحيح ـ كما يأتي في محلِّه (1) ـ بناء على أن الافطار على الحرام موجب للجمع بين الخصال ، عدم الفرق بين الحرمة الذاتية والعرضية لاطلاق الدليل ، هذا .

   ثم إن هناك نزاعاً آخر وهو أن الأكل مثلاً قد يكون محرماً بعنوان أنه مفطر ولا إشكال في أن ذلك من الأفطار على الحرام وبه يجب الجمع بين الخصال الثلاث سواء أ كانت حرمته ذاتية أم كانت عرضية ، كما إذا أكل الميتة أو الطعام المغصوب في نهار شهر رمضان ، وقد يكون محرماً لا بعنوان أنه مفطر بل بعنوان آخر وإن كان قد ينطبق على المفطر ، كما إذا أكل طعاماً مضراً له وهو ملكه ، فان الأكل وإن كان محرماً حينئذ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في المسألة [ 2472 ] .

ــ[300]ــ

وكذلك الكلام في الأكل والشرب من الظرف الغصبي (1) .

   [ 409 ] مسألة 12 : ذكر بعض العلماء أنه إذا أمر شخص خادمه فصبّ الچاي من القـوري من الذّهب أو الفضّة في الفنجان الفرفوري وأعـطاه شخصاً آخر فشرب ، فكما أن الخادم والآمر عاصيان كذلك الشارب لا يبعد ((1)) (2) أن يكون عاصياً ، ويعدّ هذا منه استعمالاً لهما .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بناء على أن الإضرار بالنفس حرام إلاّ أنه لكونه مضراً له لا لأجل كونه مفطراً ، وإن كان قد ينطبق عليه كما إذا أكله في نهار رمضان وهو صائم ، فهل تكون الحرمة من غير جهة الأكل والافطار أيضاً موجبة للافطار على الحرام ويجب معه الجمع بين الكفارات كما في المحرم بعنوان المفطر أولاً ؟

   الصحيح ـ كما يأتي في محله (2) ـ أن الحرمة من جهة اُخرى غير موجبة للجمع بين الخصال ولا يكون الافطار معها إفطاراً على الحرام .

   (1) قد اتضح مما سردناه في التعليقة المتقدِّمة أن الأكل والشرب من آنية الذّهب والفضّة وكذا أكل المغصوب وشربه غير الأكل أو الشرب من الآنية المغصوبة ـ  مع حلِّيّة ما فيها من الطعام والشراب  ـ  وذلك لأن الثاني ليس من الافطار بالحرام وإنما هو افطار بالمباح ، لأن الطعام ملكه أو أنه لغيره إلاّ أنه مجاز في أكله والمحرم تناول الطعام والشراب من الآنية لأنه تصرف في مال الغير وهو حرام فالأكل حلال وإن كانت مقدمته محرمة ، وهذا بخلاف الأكل أو الشرب من آنية الذهب والفضة أو أكل المغصوب لما مر ، فما صنعه الماتن (قدس سره) من إلحاق الأكل والشرب من الآنية المغصوبة بالأولين مما لا يمكن المساعدة عليه .

   (2) بل هو بعيد وإن كان أمر الآمر وفعل الخادم محرماً ، وذلك لأن الأخبار الواردة في المقام على طائفتين :

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بل هو بعيد .

(2) لاحظ المسألة [ 2472 ] .

 
 

ــ[301]ــ

   [ 410 ] مسألة 13 : إذا كان المأكول أو المشروب في آنية من أحدهما ففرّغه في ظرف آخر بقصد التخلص من الحرام لا بأس به ولا يحرم الشرب أو الأكل بعد هذا (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   إحداهما : الأخبار المشتملة على النهي عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة وهذه الطائفـة لا تشمل الشارب بوجه ، لأن شرب الچاي من الاناء الفرفـوري لا يصدق عليه الأكل والشرب من الآنيتين بل عده كذلك من الاغلاط ، لأنه نظير أن يقال زيد أكل من القدر باعتبار أنه أكل في المشقاب طعاماً طبخ في القدر وهو غلط لعدم أكله من القدر وإنما القدر ما طبخ فيه الطعام ، وكذا الحال في القوري لأنه ظرف قد طبخ فيه الچاي لا أن الشارب شرب الچاي منه .

   وثانيتهما : الأخبار المشتملة على النهي عن أوانيهما وأنهما مكروهتان وهي أيضاً غير شاملة للشارب ، لما تقدم من أن المقدر فيها خصوص الأكل والشرب أو مطلق الاستعمال ، والشارب لم يستعمل القوري في المقام ولا أنه أكل أو شرب منه فلا  عصيان في حقِّه . نعم استعملها الآمر والخادم كلاهما أحدهما بالمباشرة والآخر بالتسبيب والأمر به ، وحيث إن استعماله المباشري محرم وعصيان حرم التسبيب إليه بالأمر به لأنه أمر بالحرام والعصيان وهو حرام .

   (1) لعلّه أراد بذلك ما إذا لم يصدق على تفريغ الطعام أو الشراب من آنيتهما في غيرهما استعمال الآنيتين عرفاً وتوضيحه : أن استعمال كل إناء بحسبه ، فان استعمال آنية الذّهب والفضّة في الشرب أو الأكل قد يكون مع الواسطة لدى العرف كالقدر والسماور ونحوهما فان الأكل والشرب في مثلهما إنما هو بصب الطعام والشراب منهما في المشقاب والفنجان فان الأكل أو الشرب منهما من غير واسطة غير معهود ، بل ربما تكون الواسطة شيئاً معيناً عندهم كتوسط الصيني والمشقاب في القدر . وقد يكون بلا  واسطة وذلك كالشرب من الكأس والأكل في المشقاب ، فاذا أكل من آنيتهما مع الواسطة المعينة ـ  فيما يحتاج فيه إلى التوسط  ـ أو من غير واسطة ـ  فيما لا حاجة إليها  ـ صدق أنه استعملهما في الأكل أو الشرب وهو حرام فلا يجوز تفريغ الطعام من القدر




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net