اعتبار الطّهارة في حجر الاستنجاء - عدم اعتبار البكارة في حجر الاستنجاء 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 5777


ــ[373]ــ

   ويعتبر فيه الطهارة (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ولكن الاستدلال بها أيضاً غير تام ، لأن إطلاق الموثقة وإن لم يكن قابلاً للانكار لما تقدّم ـ  من أنها تشمل الاذهاب بكل من الغسل والمسح ولا فرق في ذلك بين الحجر وغيره  ـ إلاّ أن إطلاقها لا يشمل الأصابع ، لأنها بصدد بيان ما اعتبر في الوضوء ومقدماته ، ومن الظاهر أن طهارة الأصابع أولى بالاشتراط من غيرها ، لأنها من مواضع الوضوء وبالاستنجاء بها يتنجّس بالعذرة لا محالة ، ومعه يبطل الوضوء . على أنها بظاهرها اعتبرت طهارة الذكر وموضع الغائط في الوضوء فكيف لا تعتبر الطهارة في أعضاء الوضوء ، إذن لا يمكن أن يراد من إذهاب الغائط ما يعم الاستنجاء بالأصابع . نعم إطلاقها بالاضافة إلى غير الأصابع مما لا خدشة فيه .

   فالصحيح أن الاستنجاء بكل جسم قالع للنجاسة كاف في طهارة المحل عدا الأصابع كما عرفت .

   (1) قد يفرض الكلام في الاستنجاء بالأعيان النجسة أو المتنجِّسة فيما إذا أصابت المحل وهو رطب ، واُخرى في الاستنجاء بها إذا لم تصب المحل أو أصابته وهو يابس .

   أما إذا كان المحل رطباً ، فلا شبهة في أن الاستنجاء بغير الأجسام الطاهرة لا يكفي في طهارته ، لوضوح أن النجس أو المتنجِّس حينئذ ينجسان الموضع بملاقاتهما فلا  يكون التمسح بها موجباً للطهارة ، بل يسقط المحل بذلك عن كونه قابلاً للطهارة بالاستجمار ، بحيث لو تمسح بعد ذلك بالأجسام الطاهرة لم يحكم بطهارته ، والوجه فيه أن المحل إذا تنجس بغير النجاسة الخارجة من نفسه لم تشمله الأدلّة الواردة في الاستجمار ، لاختصاصها بما إذا تنجس بالغائط الخارج منه كما أشار إليه الماتن (قدس سره) .

   ودعوى أن المتنجِّس لا يتنجّس ثانياً ، مندفعة بأن الملاقي للمتنجِّس إذا كان له أثر مغاير لأثر المتنجِّس ، فبمقتضى إطلاق أدلته يرتب ذلك الأثر عليه وإن قلنا بأن المتنجِّس لا يتنجّس ثانياً ، مثلاً إذا دلّ الدليل على أن ما لاقاه بول يجب أن يغسل مرّتين وفرضنا أنه لاقى متنجساً تكفي فيه الغسلة الواحدة وجب غسل المتنجِّس

ــ[374]ــ

مرّتين ، وهذا لا لأن المتنجِّس يتنجّس ثانياً بل لاطلاق ما دلّ على التعدّد فيما لاقاه بول مثلاً ، إذ معه لا بدّ من ترتيب الأثر الزائد على المتنجِّس وإن قلنا إن المتنجِّس لا  يتنجّس ثانياً . فتحصل أنه إذا استنجى بشيء من الأعيان النجسة أو المتنجِّسة لم يكف التمسّح بعد ذلك في تطهير المحل ووجب الاقتصار فيه على الماء ، لاطلاق الأدلّة الدالّة على وجوب الغسل فيما لاقى نجساً .

   وأما إذا كان المحل يابساً أو أن العين لم تصبه أصلاً كما إذا أصابت الغائط فقط فالظاهر أن الأمر أيضاً كذلك وأن ما يتمسّح به لا بدّ أن يكون طاهراً ، وهذا يمكن الاستدلال عليه بوجوه :

   الأوّل : الاجماع على عدم كفاية التمسح بالأجسام غير الطاهرة . وهذا يمكن المناقشة فيه بما أوردناه على دعوى الاجماع في سائر المقامات .

   الثاني : الارتكاز المتشرعي ، لأنه يدل على أن النجس والمتنجِّس لا يكونان مطهرين في الشريعة المقدسة ، ويؤكده أ نّا لا نعهد مطهراً من دون أن يكون محكوماً بالطهارة في نفسه ، وعلى ذلك فيعتبر في المطهر أن يكون طاهراً لا محالة .

   الثالث : صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : «لا صلاة إلاّ بطهور ويجزئك من الاستنجاء ثلاثة أحجار ، بذلك جرت السنة من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وأما البول فانّه لا بدّ من غسله» (1) وتقريب الاستدلال بها أن الطهور أعم من الطهارة الحدثية والخبثية بقرينة ذكر الاسـتنجاء من الغائط والبول نعم لو لا ذلك أمكن دعوى أن الطهور ظاهره الطهارة الحدثية فحسب ، والطهور على ما قدّمناه في أوائل الكتاب هو ما يكون طاهراً في نفسه ومطهراً لغيره ، وحيث إنه شرط في الصلاة فلا مناص من أن يكون المستعمل في كل من الطهارة الحدثية والخبثية طاهراً في نفسه ومطهراً لغيره ، لأنه لو لم يكن مطهراً لغيره أو لم يكن طاهراً في نفسه لم يصدق عليه الطهور ، ويترتب عليه بطلان الصلاة لأنها وقتئذ فاقدة لشرطها وهو الطهور ، فعلى ذلك يشترط الطهارة فيما يتمسح به حتى يصدق عليه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 315 / أبواب أحكام الخلوة ب 9 ح 1 .

ــ[375]ــ

ولا يشترط البكارة(1) فلا يجزئ النجس، ويجزئ المتنجِّس بعد غسله ، ولو مسح بالنجس أو المتنجِّس لم يطهر بعد ذلك إلاّ بالماء (2) إلاّ إذا لم يكن لاقى البشرة بل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطهور ويصح الاكتفاء به في الصلاة ، وظني أن هذا أحسن استدلال على اعتبار الطهارة فيما يستنجى به فلاحظ .

   (1) اختلفت كلماتهم في معنى البكارة فيما يستجمر به ، ففسّرها المحقِّق (قدس سره) في محكي معتبره بأن لا يكون ما يستجمر به مستعملاً في الاستنجاء بوصف كونه متنجِّساً ومستعملاً ، وأما لو طهر الموضع المتنجِّس فيه أو انكسر أو كسره جاز استعماله في الاستنجاء ثانياً (1) . وهذا المعنى من البكارة يرجع إلى اشتراط الطهارة فيما يتمسح به وليس شرطاً على حدة ، وإن أمكن الفرق بينهما من بعض الجهات . وقد تكلّمنا في اشتراط الطهارة عن قريب .

   وعن بعضهم أن البكارة بمعنى أن لا يستعمل في الاستجمار قبل ذلك ، فالمستعمل فيه لا يكفي في التمسّح به سواء غسل الموضع المتنجِّس منه أو كسر أم لم يغسل ولم يكسر .

   وهذا المعنى من البكارة ـ مضافاً إلى أنه مستبعد في نفسه ـ يحتاج إلى دليل ، ولم يرد اعتبار البكارة في شيء من رواياتنا سوى ما عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «جرت السنّة في الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار ويتبع بالماء» (2) إلاّ أنها ضعيفة السند بالرفع والارسال ، ودلالتها أيضاً لا تخلو عن مناقشة وذلك لأن إتباع الأحجار بالماء مسـتحب ، وهو قرينة على أن البكارة أيضاً مستحبة ولكن المهم هو ضعف السـند فهذا المعنى من البكارة لم يقم عليه دليل .

   (2) كما تقدّم (3) .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المعتبر 1 : 133 .

(2) الوسائل 1 : 349 / أبواب أحكام الخلوة ب 30 ح 4 .

(3) في ص 373 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net