فصل في شرائط وجوبها‌ 

الكتاب : فقه العترة في زكاة الفطرة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7272

فصل في شرائط وجوبها

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 20‌

شرائط وجوب زكاة الفطرة التكليف عدم الإغماء الحرية الغنى الإسلام

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 21‌

فصل في شرائط وجوبها

[الأوّل التكليف]

الأوّل التكليف فلا تجب على الصبي (1)

______________________________
(1) الحكم متّفق عليه، و ادّعيَ عليه الإجماع في كلام غير واحد، إلّا أنّ الكلام في إثبات ذلك من غير جهة الإجماع، و يدلّ عليه:

أوّلًا: رفع القلم عن الصبي و اشتراط التكليف بالبلوغ ففي موثقة عمّار عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: سألته عن الغلام متى تجب عليه الصلاة؟ قال: إذا أتى عليه ثلاث عشرة سنة، فإن احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة، و جرى عليه القلم، و الجارية مثل ذلك إن أتى لها ثلاث عشرة سنة، أو حاضت قبل ذلك، فقد وجبت عليها الصلاة، و جرى عليها القلم «1».

المؤيّدة برواية ابن ظبيان: قال أتي عمر بامرأة مجنونة قد زنت فأمر برجمها، فقال علي (عليه السلام): أ مَا علمت أنّ القلم يُرفع عن ثلاثة: عن الصبي حتى يحتلم، و عن المجنون حتى يفيق، و عن النائم حتى يستيقظ؟! «2» و لكن نوقش‌

______________________________
(1) الوسائل: ج 1، ص 32، الحديث 12 من الباب 4 من أبواب مقدّمة العبادات.

(2) المصدر المتقدم، الحديث 11.

و هي ضعيفة بابن ظبيان و هو يونس بن ظبيان فإنّه لم يوثق، و لو كان أبو ظبيان على ما قيل فهي ضعيفة أيضاً لأنّه أيضاً لم يوثق.

فائدة: نذكر أحاديث الرفع بشرح مفصّل في هامش الصفحة 144.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 22‌

..........

______________________________
في الاستدلال (على عدم وجوب زكاة الفطرة) برفع القلم بأنّه رافع للحكم التكليفي أي: الوجوب، و أمّا الحكم الوضعي: أي: ثبوت الزكاة في المال
«1» فلا يكون رافعاً له، و مقتضى ما دلّ على اشتغال الذمّة بزكاة الفطرة كما في زكاة المال وجوب الإخراج من مال الصبي و بما انّه ممنوع عن التصرّف في أمواله وجب على الولي الإخراج من مال الصبي.

و الجواب عن النقاش: إنّ الظاهر من الرفع رفع قلم التشريع، بمعنى عدم كتابة شي‌ء عليه من الأحكام التكليفية و الوضعية كالخمس و الزكاة.

نعم: يخصص رفع القلم من جهة وروده في مقام الامتنان بما يكون في رفعه خلاف الامتنان على الآخرين كالضمان فيما لو أتلف الصبي مال الغير فإنّه لا يرتفع بحديث الرفع.

______________________________
(1) و تدلّ على الحكم الوضعي طائفتان من الروايات:

الاولى ما دلّت على تشريك الفقراء في أموال الأغنياء و ستأتي الإشارة إليها في هامش الصفحة 50.

الثانية الروايات الواردة في تعيين مقدار الزكاة في الأموال الزكوية و سيشير إليها سيّدنا الأُستاذ في ص 23 كقوله (عليه السلام): (في صدقة الإبل في كل خمس شاة) و (في كل أربعين شاة شاة).

و غيرها ممّا تراه في الوسائل ج 6، الباب 2 و 4 و 6 من أبواب زكاة الأنعام، و الباب 1 و 2 من أبواب زكاة الذهب و الفضّة، و الباب 1 من أبواب زكاة الغلات و غيرها.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 23‌

..........

______________________________
و بذلك يظهر عدم تمامية ما ذهب إليه المشهور من ثبوت الخمس في مال الصبي استناداً إلى عدم ورود نصّ خاص لرفع الخمس بالنسبة إليه، و هو حكم وضعي ثابت في المال و أمّا عدم وجوب زكاة المال عليه فللنصّ
«1» فالمقدار الواجب خمساً خارج عن ملكه.

و على ضوء ما ذكرناه لا مقتضي لإخراج الخمس و الزكاة من مال الصبي و ذلك لعدم جريان التشريع عليه، و تصرّف الولي حينئذٍ تصرّف في مال الغير بلا موجب.

و الحاصل: أنّ الحكم بعدم وجوب زكاة الفطرة على الصبي هو الصحيح.

بل للمناقشة في كون زكاة الفطرة من قبيل الوضع مجال واسع لعدم الدليل عليه.

نعم: يصحّ ذلك في زكاة المال لموثقة أبي المغراء عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: إنّ اللّٰه تبارك و تعالى أشرك بين الأغنياء و الفقراء في الأموال، فليس لهم أن يصرفوا إلى غير شركائهم «2».

و صحيحة الفضلاء عن أبي جعفر و أبي عبد اللّٰه (عليهما السلام)، قالا في صدقة الإبل: في كلّ خمس شاة «3». في البقر في كلّ ثلاثين بقرة تبيع حولي «4». في كلّ أربعين شاة شاة «5». في الذهب في كلّ أربعين مثقالًا‌

______________________________
(1) تقدّم الكلام عنه في ج 4 من كتاب الزكاة (فقه العترة) مفصّلًا و ترى رواياته في الوسائل ج 6، ص 54، الباب 1 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه.

(2) الوسائل: ج 6، ص 150، الحديث 4 من الباب 4 من أبواب المستحقّين للزكاة.

(3) المصدر ص 74، الباب 2 من زكاة الأنعام، الحديث 6.

(4) المصدر ص 77، الباب 4، الحديث 1.

(5) المصدر ص 78، الباب 6، الحديث 1.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 24‌

..........

______________________________
مثقال
«6». في الورق في كلّ مائتين خمسة دراهم «7».

و صحيحة زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: ما أنبتت الأرض من الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب ما بلغ خمسة أوساق، و الوسق ستون صاعاً فذلك ثلاثمائة صاع، ففيه العشر، و ما كان منه يسقى بالرشا و الدوالي و النواضح ففيه نصف العشر. «8».

و غيرها من الروايات «9».

و على هذا فمقدار الزكاة الثابت في المال الزكوي خارج عن ملك المالك.

أمّا زكاة الفطرة فلا دليل على كون وجوبها حكماً وضعياً كما كان الحال في زكاة المال حتى يكون ديناً على المكلّف ليقال: إن حديث الرفع لا يشملها لكونها حكماً وضعياً، بل من المحتمل قوياً كون زكاة الفطرة حكماً تكليفياً محضاً أي: يجب على كل مسلم إعطاء الفطرة بعد هلال شوال من دون انشغال الذمّة بها.

فالقول بأنّ زكاة الفطرة حكم وضعي كزكاة المال لا نرى له وجهاً.

و ما في الحدائق من الاستدلال على عدم الوجوب ب‍ (عدم توجّه الخطاب إليهما «1» و رفع القلم عنهما، و خطاب الولي يحتاج إلى دليل و ليس فليس،

______________________________
(6) المصدر ص 95، الباب 1 من زكاة الذهب و الفضة، الحديث 13.

(7) المصدر ص 97، الباب 2 من زكاة الذهب و الفضّة، الحديث 7.

(8) المصدر ص 120، الباب 1 من أبواب زكاة الغلات، الحديث 5.

(9) و تدلّ عليه باقي روايات التشريك و نذكرها في هامش الصفحة 50 مفصّلًا.

(1) أي: إلى الصبي و المجنون.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 25‌

..........

______________________________
فيكون ساقطاً بالأصل)
«2» هو الصحيح.

و ثانياً: صحيحة محمّد بن القاسم بن الفضيل قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أسأله عن الوصي يزكّي زكاة الفطرة عن اليتامى إذا كان لهم مال؟ فكتب: لا زكاة على مال اليتيم «3».

و دلالتها على المطلوب ظاهرة فإنّ الموضوع في الصحيحة و إن كان عنوان اليتيم إلّا أنّ عنوان اليتم لا دخل له في الحكم بنظر العرف، فالمراد منه الصغير «4».

______________________________
(2) الحدائق: ج 12، ص 258.

(3) و نصّ هذه الرواية على نسخة التهذيب راجع التهذيب: ج 4، ص 30، الحديث 74.

و صاحب الوسائل رواها في موردين من الجزء السادس:

(الأوّل): في ص 55 في الباب 1 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه، الحديث 4 عن الكليني، ثمّ قال: و رواه الصدوق بإسناده عن محمّد بن القاسم بن الفضيل، و رواه الشيخ بإسناده عن سعد، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن القاسم إلّا أنّه قال: لا زكاة على مال اليتيم.

(الثاني): في ص 226 في الباب 4 من زكاة الفطرة، الحديث 2 باختلاف عن الأوّل في التعبير بعد ما رواها عن الصدوق قال: و رواه في المقنع أيضاً كذلك، و رواه الكليني و الشيخ كما سبق.

(4) أقول: الروايات الواردة في الموضوع كلّها واردة بعنوان اليتيم من دون تصريح في رواية معتمدة بالصبي أو الصغير أو الطفل سواء في زكاة الفطرة أو المال.

راجع الوسائل: ج 6، الباب 1 ممن تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه، ص 54.

إلّا صحيحة يونس التي فيها التعبير ب‍ (اخوة صغاراً) و هي واردة في زكاة المال و تراها في الوسائل: ج 6، ص 55، الحديث 5، من الباب 1 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 26‌

..........

______________________________
(تحقيق سند الرواية) رواها المشايخ الثلاثة في التهذيب و الفقيه و الكافي:

سند التهذيب صحيح فإنّ الشيخ رواها بإسناده عن سعد، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن القاسم «1» و طريق الشيخ إلى سعد صحيح، و أحمد بن محمّد و إن كان مردّداً بين ابن خالد و ابن عيسى إلّا أنّ كليهما ثقة، كما أنّ الأخير أي: محمّد بن القاسم ثقة.

سند الفقيه رواها الصدوق بإسناده عن محمّد بن القاسم بن الفضيل البصري، و طريق الصدوق إلى محمّد بن القاسم بن الفضيل ضعيف. لأنّه يروي عن شيخه: الحسين بن إبراهيم، الملقّب بالكاتب تارة، و بالمؤدّب اخرى، و هو و إن كان من مشايخ الصدوق إلّا أنّه لم يرد فيه مدح أو توثيق، و لا يكفي لتوثيقه كونه شيخاً‌

______________________________
(1) الوسائل: ج 6، ص 55، ذيل الحديث 4، الباب 1 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه.

أقول: رواها الشيخ في موردين من التهذيب ج 4.

أحدهما: في ص 30، الحديث رقم 74.

الثاني: في ص 334، رقم 1049، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين، عن محمّد بن القاسم بن الفضيل، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: كتبت إليه: الوصي يزكّي. فكتب (عليه السلام): لا زكاة على يتيم.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 27‌

..........

______________________________
له، و إن قال المجلسي: و طريقه إليه من الحسن
«1».

لكن لا نعرف له وجهاً، فإنّ كونه شيخاً له لا يوجب التوثيق «2».

سند الكافي رواها الكافي في موردين: مرّة في كتاب الزكاة «3» و أُخرى في زكاة الفطرة في أواخر الصوم «4».

و (الاولى) سندها صحيح.

و (الثانية) سندها ضعيف، فإنّه رواها عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن القاسم بن الفضيل البصري.

و من الظاهر أنّ الكليني لم يدرك محمّد بن الحسين فلا بدّ من وجود واسطة في البين و هو مجهول فالرواية مرسلة.

______________________________
(1) راجع هامش الكافي: ج 4، ص 173 عن مرآة العقول.

(2) راجع معجم رجال الحديث: ج 1، ص 85 من المقدمة فقد بيّن دام ظلّه عدم التوثيق بمثل ذلك.

(3) الكافي: ج 3، ص 541، الحديث 8 من باب زكاة مال اليتيم من كتاب الزكاة رواها عن محمّد ابن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن القاسم بن الفضيل قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) أسأله عن الوصي أ يزكّي زكاة الفطرة عن اليتامى إذا كان لهم مال؟ قال: فكتب (عليه السلام): لا زكاة على يتيم.

(4) الكافي: ج 4، ص 172، الحديث 13، من باب الفطرة من كتاب الصيام. رواها عن محمّد ابن الحسين، عن محمّد بن القاسم بن الفضيل البصري، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: كتبت إليه: الوصي يزكّي عن اليتامى زكاة الفطرة إذا كان لهم مال، فكتب: لا زكاة على يتيم.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 28‌

و المجنون (1) و لا على وليّهما أن يؤدي عنهما من مالهما،

______________________________
و صاحب الوسائل ذكر في صدر سند هذه الرواية الثانية محمّد بن يحيى
«1» لكنّه ليس كذلك في الكافي.

و لا يهمّنا ضعف هذا الطريق كضعف سند الفقيه و ذلك لصحّة الرواية بسند التهذيب و المورد الأوّل من الكافي.

و صاحب الحدائق لما تعرّض لهذه الرواية قال: (ما رواه الشيخ في الصحيح.) «2».

و لعلّ تخصيصه بالشيخ لعدم اطّلاعه على ما هو الصحيح من طريق الكليني (قدّس سرّه).

(1) للروايات الدالّة على اشتراط العقل في التكليف و رفع القلم عن المجنون و هي كثيرة، منها: ما دلّت على أنّ الأمر و النهي و الثواب و العقاب منوطة بالعقل «3» كصحيحة محمّد بن مسلم بن أبي جعفر (عليه السلام) قال: لمّا خلق اللّٰه العقل استنطقه ثمّ قال له: أقبل فأقبل، ثمّ قال له: أدبر فأدبر، ثمّ قال: و عزّتي و جلالي ما خلقت خلقاً هو أحبّ إليَّ منك و لا أكملتك إلّا فيمن أُحبّ،

______________________________
(1) فإنّه رواها في ج 6، ص 226، الباب 4 من زكاة الفطرة، الحديث 2.

ثمّ قال: و رواه الكليني كما سبق.

و قوله: (كما سبق) إشارة إلى السند الذي أورده في ص 55 و هو عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن القاسم بن الفضيل.

(2) الحدائق: ج 12، ص 258.

(3) الوسائل: ج 1، ص 27، الباب 3 من أبواب مقدّمة العبادات.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 29‌

بل يقوى سقوطها عنهما بالنسبة إلى عيالهما أيضاً- [1].

______________________________
أما إنّي إيّاك آمر، و إيّاك أنهى، و إيّاك أُعاقب، و إيّاك أُثيب
«1» و عليه فلا تكليف على المجنون، و لا تجب عليه زكاة الفطرة، لكن المشهور ذهبوا إلى ثبوت الخمس و الزكاة في ماله بدعوى: أنّ الروايات رفعت عنه الحكم التكليفي، أمّا الوضعي فهو ثابت على ما تقدّم تقريره في الصبي مفصّلًا «2» و الجواب الجواب «3».

(1) و هو الصحيح.

إلّا أنّ هنا رواية تدلّ على وجوب زكاة فطرة عائلة الصبي عليه، و لا أقلّ من دلالتها على وجوب زكاة مملوكه عليه حتى و لو لم تجب زكاة نفسه عليه رواها الكليني ذيل الرواية السابقة «4» عن محمّد بن القاسم بن الفضيل.

و رواها الصدوق مستقلة «5» و هذا نصّها و كتب محمّد بن القاسم بن الفضيل إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) يسأله عن المملوك يموت عنه مولاه و هو غائب عنه في بلدة أُخرى أو في يده مال لمولاه و تحضره الفطرة يزكّي عن نفسه من مال مولاه و قد صار لليتامى؟ فقال: نعم «6» و هنا نقاش حولها سنداً و دلالة:

______________________________
(1) المصدر المتقدّم، الحديث 1.

(2) في ص 21 قوله: و لكن نوقش في الاستدلال.

(3) في ص 22 قوله: و الجواب عن النقاش.

(4) المتقدّمة في ص 25 و هي صحيحة الفضيل و أشرنا إلى المصدر في ص 27 الهامش رقم 4.

(5) الفقيه: ج 2، ص 117، الحديث 13 من باب الفطرة.

(6) الوسائل: ج 6، ص 226، الحديث 3، الباب 4 من أبواب زكاة الفطرة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 30‌

..........

______________________________
أمّا السند.

فضعيف على الطريقين الكافي و الفقيه لما تقدّم من أن الصدوق يرويها عن شيخه: الحسين بن إبراهيم الملقّب بالكاتب تارة و بالمؤدّب اخرى، و هو لم يوثق، و قلنا إنّه لا يكفي للتوثيق كونه شيخاً للصدوق «2» و إنّ الكليني رواها ذيل الرواية السابقة «3» و إليك نصّها كاملة عن الكافي «4» (محمّد بن الحسين، عن محمّد بن القاسم بن الفضيل البصري، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: كتبت إليه: الوصي يزكّي عن اليتامى زكاة الفطرة إذا كان لهم مال؟ فكتب: لا زكاة على يتيم «5» و عن مملوك يموت مولاه و هو عنه غائب في بلد آخر و في يده مال لمولاه و يحضر الفطر أ يزكّي عن نفسه من مال مولاه و قد صار لليتامى؟ قال: نعم «6» و الاختلاف بين متني روايتي الصدوق و الكليني بسيط لا يؤثر في الرواية إلّا أن هذا السند أيضاً ضعيف، و ذلك لأنّ الكليني يرويها عن محمّد ابن الحسين و هو ابن أبي الخطّاب «1» مباشرة، و هو لم يدركه و لا بدّ من وجود‌

______________________________
(2) تقدّم ذلك في ص 26.

(3) المتقدّمة في ص 25.

(4) الكافي: ج 4، ص 172، الحديث 13، من باب الفطرة كتاب الصيام.

(5) إلى هنا رواها الصدوق مستقلة، و روى الباقي رواية مستقلة أُخرى. كما هي كذلك في الوسائل: ج 6، ص 226، الحديث 2 و 3 من الباب 4 من أبواب زكاة الفطرة باختلاف بسيط.

(6) الكافي: ج 4، ص 172، الحديث 13، من باب الفطرة كتاب الصيام.

(1) راجع ترجمته و شرح حاله و تصريح النجاشي و الشيخ و ابن شهرآشوب بتوثيقه في معجم رجال الحديث: ج 15، ص 324، و في آخر ص 325 يشير إلى أُمور، منها: عدم رواية الكليني عنه بلا واسطة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 31‌

..........

______________________________
واسطة في البين، و لا نعرفه، فتصبح الرواية مرسلة، و إلى هذا أشار صاحب المعالم في المنتقى على ما ذكره المجلسي في مرآة العقول حيث قال: قد أشرنا سابقاً إلى إرسال هذا الطريق، و إن قال المجلسي في المرآة: و لكن يغلب على الظن اتصاله بمحمّد بن يحيى و إن تركه اتّفق سهواً
«2».

و صاحب الوسائل ذكر في صدر السند: محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن القاسم بن الفضيل قال:. «3».

أقول: لا أدري كيف أثبت أنّ الرواية رواها الكليني عن محمّد بن يحيى، كما غلب على ظنّ المجلسي (قدّس سرّهما).

و الذي أظن: انّ في الرواية سقطاً بين الكليني و محمّد بن الحسين و لا نعرف من هو، فهي على هذا مرسلة.

و لم أرَ في الكافي مثل هذا، بأن يبدأ السند بشخص بدون ذكر واسطة لا بدّ منها إلّا بذكر ما يدلّ على وجوده في البين.

و ممّا يؤيّد ذلك أيضاً: أنّ الوافي رواها عن الكافي عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن القاسم بن الفضيل و لم يذكر محمّد بن يحيى «1».

و بهذا تعرف ما في الجواهر حيث عبّر عنها بالصحيحة «2».

فالرواية ساقطة سنداً.

______________________________
(2) ما نقلناه عن المنتقى و المجلسي موجود في هامش الكافي ج 4، ص 173.

(3) الوسائل: ج 6، ص 55، الحديث 4، الباب 1 من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب عليه.

(1) الوافي: المجلد الثاني ج 6، وسط ص 33.

(2) الجواهر: ج 15، ص 485 فإنّه ذكر الرواية صدراً و ذيلًا و عبّر عنها بالصحيحة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 32‌

[الثاني عدم الإغماء]

الثاني عدم الإغماء فلا تجب على من أهلّ شوّال عليه و هو مغمى عليه (1).

______________________________
و أمّا الدلالة.

ففيها (أوّلًا): عدم العامل بها، و قد صرّح صاحب الجواهر بذلك و قال: «لم أجد عاملًا به فلا يصلح دليلًا لما خالف الأُصول» «3».

و (ثانياً): لا يمكن العمل بها لعدم جواز تصرّف المملوك في مال المولى بعد موته مع انّه ليس على فرض الوجوب على الصغير وليّاً و لا وصيّاً.

و أمّا حمل الوسائل إيّاها على موت المولى بعد الهلال «4» فبعيد جدّاً لظهور الرواية في موت المولى قبله لقوله: «يموت مولاه. و يحضر الفطر.».

فالرواية ساقطة سنداً و دلالة.

و الصحيح: عدم الوجوب على الصبي لنفسه و لا لعائلته المملوك و غيره.

(1) ذكر غير واحد أنّ هذا الحكم متسالم عليه، و قال في المدارك: «انّه مقطوع به في كلام الأصحاب» «5» لكنّه قال: «قد ذكره العلّامة و غيره مجرّداً عن الدليل، و هو مشكل على إطلاقه، نعم لو كان الإغماء مستوعباً لوقت الوجوب اتّجه ذلك» «1».

و هنا موردان للبحث:

الأوّل: من أُغمي عليه عند هلال شوال ثم أفاق بعده قبل صلاة العيد.

______________________________
(3) المصدر السابق.

(4) الوسائل: ج 6، ص 226، ذيل الحديث 3، الباب 4، من أبواب زكاة الفطرة.

(5) الجواهر: ج 15، ص 485.

(1) المصدر المتقدّم.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 33‌

..........

______________________________
الثاني: من أغمي عليه عند هلال شوال و استمر به الإغماء إلى آخر وقت صلاة العيد.

استشكل صاحب المدارك في عدم وجوب الفطرة في المورد الأوّل، كما ذهب إلى عدم وجوبها في المورد الثاني.

تحقيق المورد الأوّل المشهور على عدم الوجوب، و قد عرفت استشكال المدارك في ذلك بعدم الدليل على عدم الوجوب «2».

و أورد عليه صاحب الجواهر بأنّ «الدليل الأصل، بعد ظهور الأدلّة في اعتبار حصول الشرائط عند الهلال» «3».

و مراده: وجود الدليل على عدم الوجوب و هو أصالة البراءة، و أنّ العبرة بحصول الشرائط عند الهلال و لم تحصل لأجل الإغماء، و لا عبرة بحال الأداء الذي هو بين الهلال و صلاة العيد.

و (الظاهر): أنّ ما ذكره صاحب المدارك هو الصحيح؛ لعدم دليل لفظي على اعتبار عدم الإغماء عند الهلال ليتمسّك به، فلو كان إجماع قطعي عليه أي: على انّ المغمى عليه أوّل الوقت لا تجب عليه زكاة الفطرة صحّ ما ذكره، و إلّا فلا دليل على كون العبرة بأوّل الوقت.

بل الإطلاقات الواردة في وجوب زكاة الفطرة تشمل من أُغمي عليه وقت‌

______________________________
(2) بقوله: «قد ذكره العلامة و غيره مجرّداً عن الدليل».

(3) الجواهر: ج 15، ص 485.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 34‌

[الثالث الحرية]

الثالث الحرية فلا تجب على المملوك (1) و إن قلنا انّه يملك، سواء كان

______________________________
الهلال و أفاق بعده في الفترة بين هلال شوال إلى صلاة العيد نظير النائم في أوّل الوقت فقط، و لا مجال للرجوع إلى أصالة البراءة، فإنّ الرجوع إليها إنّما يكون حال عدم الدليل على الوجوب، و قد عرفت وجوده و هو الإطلاقات الواردة في وجوب زكاة الفطرة على المكلّف الشاملة لمن أُغمي عليه حال الغروب و أفاق بعده قبل صلاة العيد، فما ذكره صاحب المدارك من الإشكال في عدم وجوب الفطرة هو الصحيح.

تحقيق المورد الثاني و هو من أهلَّ شوال عليه و هو مغمى عليه و استمر به الإغماء إلى صلاة العيد.

و الظاهر عدم وجوب الفطرة عليه، كما ذكره صاحب المدارك؛ لعدم تكليفه في مجموع الوقت بالفطرة، و التكليف بالقضاء يحتاج إلى دليل فإنّ القضاء خلاف الأصل، و لا بدّ للقضاء من أمر جديد و دليل خاصّ، و لا يفي التكليف الأوّل بذلك لأنّه كان مقيداً بوقت خاص.

و على ضوء ذلك: لا بدّ من التفصيل بين الإغماء المستوعب لجميع الوقت فيصحّ ما ذكره المشهور من عدم الوجوب، و بين الإغماء في أوّل الوقت فقط فالوجوب للإطلاقات.

و ما ذكرناه يجري في غير المغمى عليه من المعذورين كالنائم و الغافل و الناسي و أمثال ذلك.

(1) ذكرنا في بحث زكاة المال: انّ الحرية شرط فيها، و النصوص متضافرة‌

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 35‌

..........

______________________________
في ذلك:

(منها) قوله عليه السلام: «ليس في مال المملوك شي‌ء و لو كان له ألف ألف.» «1» أمّا بالنسبة إلى زكاة الفطرة، فالحكم بعدم الوجوب على المملوك متسالم عليه في غير المكاتب و سيجي‌ء الكلام حوله «2»، فنقول:

إن تمّ الإجماع عليه و الظاهر: انّه تام فهو، و إلّا فلا بدّ من إقامة الدليل عليه.

و قد استدلّ عليه في الجواهر: «باستفاضة الروايات على أنّ زكاة العبد على مولاه» «3».

لكنّه لا يتمّ، لأنّ الظاهر: أنّها ليست في مقام بيان كون زكاته على المولى بعنوان العبد و المولى، بل هي ظاهرة على اعتبار العيلولة، و لذا ذكرت تلك الروايات نفسها مع العبد: الحرّ، و رقيق الزوجة «1»، و لم ترد رواية بعنوان: «زكاة المملوك على مالكه».

و إليك مجموعة من عناوين روايات الباب، حتى تظهر تمامية الجواب.

______________________________
(1) و هذه صحيحة عبد اللّٰه بن سنان. و هي في الوسائل: ج 6، ص 59، الحديث 1، من الباب 4، من أبواب من تجب عليه الزكاة و من لا تجب.

(2) في ص 37.

(3) الجواهر: ج 15، ص 486.

و تلك الروايات المستفيضة تراها في الوسائل ج 6، ص 227، الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة، و غيره.

(1) و هذه رواية حمّاد بن عيسى التي نحقّقها في ص 40. و مرفوعة محمّد بن أحمد المحقَّقة في ص 38.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 36‌

..........

______________________________
«كل من ضممت إلى عيالك من حرّ أو مملوك»
«2».

«. الفطرة واجبة على كلّ من يعول من ذكر أو أُنثى، صغير أو كبير، حرّ أو مملوك» «3».

«. العيال: الولد و المملوك و الزوجة و أُمّ الولد» «4».

«صدقة الفطرة على كلّ رأس من أهلك: الصغير و الكبير و الحرّ و المملوك و الغني و الفقير» الحديث «5».

و هذه العناوين كلّها بعنوان العيال سواء الغني و الفقير، و الحرّ و العبد، و الصغير و الكبير لا بعنوان العبد و المولى.

و يمكن الاستدلال عليه بالاطمئنان بعدم الفرق بين زكاة المال و زكاة الفطرة، المؤيد بما ورد من أنّه «تجب الفطرة على كلّ من تجب عليه الزكاة» «1» أي: زكاة المال.

و يمكن الاستدلال عليه بحجر العبد عن التصرّف في ماله.

توضيح ذلك:

إنّ العبد لو قلنا بملكيته و كان له مال فهو ممنوع من التصرّف، و إن لم يكن له‌

______________________________
(2) هذه صحيحة عبد اللّٰه بن سنان في الوسائل: ج 6، ص 229، الحديث 8، الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة.

(3) هذه صحيحة عمر بن يزيد في المصدر ص 227، الحديث 2.

(4) هذه صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج في المصدر ص 227، الحديث 3.

(5) هذه صحيحة الحلبي في المصدر ص 229، الحديث 10.

(1) الوسائل: ج 6، ص 226، الحديث 1 من الباب 4 من أبواب زكاة الفطرة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 37‌

قناً أو مدبراً أو أُمّ ولد أو مكاتباً (1) مشروطاً أو مطلقاً و لم يؤدِّ شيئاً، فتجب فطرتهم على المولى،

______________________________
مال أو قلنا بعدم ملكيته فالأمر واضح.

و يستفاد منع العبد عن التصرّف في ماله من قوله تعالى «عَبْداً مَمْلُوكاً لٰا يَقْدِرُ عَلىٰ شَيْ‌ءٍ إلى قوله عزّ و جلّ وَ هُوَ كَلٌّ عَلىٰ مَوْلٰاهُ» «2».

و الروايات الكثيرة الدالّة على عدم حقّ للعبد بالتصرّف من صدقة أو وصية أو غير ذلك «3».

(1) المعروف بين الأصحاب عدم الوجوب كسائر المماليك خلافاً للصدوق (قدّس سرّه) حيث ذهب إلى أنّ فطرته على نفسه، و في الجواهر: «مال إليه بعض متأخري المتأخرين» «4».

استناداً إلى صحيحة علي بن جعفر، أنّه سأل أخاه موسى بن جعفر (عليه السلام) عن المكاتب، هل عليه فطرة شهر رمضان أو على من كاتبه، و تجوز شهادته؟ قال: الفطرة عليه و لا تجوز شهادته «5» السند: لهذه الرواية طريقان:

______________________________
(2) الآية 75 76 من سورة النحل.

(3) و تلك الروايات في موارد عديدة، و إليك بعض مصادرها من الوسائل ج 13، ص 34، الباب 9 من أبواب بيع الحيوان؛ وص 144، كتاب الحجر الباب الرابع؛ وص 466 كتاب الوصايا الباب 78.

(4) الجواهر: ج 15، ص 486.

(5) الوسائل: ج 6، ص 253، الحديث 3 من الباب 17 من أبواب زكاة الفطرة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 38‌

..........

______________________________
الأوّل: الصدوق بإسناده عن علي بن جعفر «3».

الثاني: طريق الشيخ إلى كتاب علي بن جعفر، كما في التهذيب «4» و هو طريق صحيح.

الدلالة: واضحة على مذهب الصدوق، و أمّا اشتمالها على جملة: «و لا تجوز شهادته» فلا يضرّ بالاستدلال لأنّه:

(أوّلًا): قد حملها الصدوق على الإنكار دون الأخبار «5».

و (ثانياً): بناءً على كونها جملة إخبارية فهي معارضة للروايات الدالّة على جواز شهادة العبد، و حينئذٍ لا مانع من رفع اليد عن هذه الجملة بالمعارضة فتحمل على التقية.

و على كل فالجملة الاولى: «الفطرة عليه» لا إشكال فيها.

و بإزاء الصحيحة روايتان تدلّان على عدم الفطرة على المكاتب.

الرواية الأُولى: مرفوعة محمّد بن أحمد، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: يؤدّي الرجل زكاة الفطرة عن مكاتبته و رقيق امرأته و عبده النصراني‌

______________________________
(3) المصدر المتقدّم.

(4) التهذيب: ج 4، ص 332، ط. النجف، و إليك نصّه: علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال: سألته عن مكاتب هل عليه فطرة شهر رمضان أو على من كاتبه؟ و هل تجوز شهادته؟ قال: الفطرة عليه و لا تجوز شهادته.

(5) قال الصدوق: هذا على الإنكار لا على الإخبار، يريد: كيف تجب عليه الفطرة و لا تجوز شهادته، أي: شهادته جائزة، كما أنّ الفطرة عليه واجبة راجع الوسائل: ج 6، ص 254، ذيل الحديث 3 من الباب 17 من أبواب زكاة الفطرة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 39‌

..........

______________________________
و المجوسي و ما أغلق عليه بابه
«1».

و بها ناقش صاحب الجواهر الاستدلال بصحيحة علي بن جعفر بقوله: «. الخبر المزبور» «2» و إن صحّ سنده قاصر عن تقييد ما عرفت خصوصاً بعد معارضته بقول الصادق (عليه السلام) في مرفوع محمّد بن أحمد بن يحيى: «يؤدي الرجل زكاة الفطرة عن مكاتبه و رقيق امرأته و عبده النصراني و المجوسي و ما أغلق عليه بابه» المنجبر بما سمعت «3».

و مراده من قوله: «قاصر عن تقييد ما عرفت»: أنّها لا تقيّد الإجماع و الروايات المستفيضة الدالّة على أنّ زكاة العبد على مولاه.

و فيما قاله صاحب الجواهر نظر فإنّ الإجماع دليل لبّي لا يؤخذ به إلّا في القدر المتيقن و هو غير المكاتب فإنّه محل الكلام و البحث، و ليس في المقام دليل لفظي يتمسّك به و لا يشمله الاستدلال بحجر العبد لأنّ المكاتب غير محجور عن التصرّف و قد عرفت عدم دلالة الروايات المستفيضة على كون فطرة العبد على المولى بعنوان الملكية و الرقية «1»، و على فرض دلالتها عليه تكون هذه الصحيحة «2» مقيّدة لها بالنسبة إلى المكاتب و لا سيّما بضميمة صدرها (هل عليه فطرة شهر رمضان أو على من كاتبه).

______________________________
(1) الوسائل: ج 6، ص 229، الحديث 9 من الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة.

(2) أي صحيحة علي بن جعفر المتقدّمة في ص 37.

(3) الجواهر: ج 15، ص 486.

(1) أي: في الصفحة 36.

(2) أي: صحيحة علي بن جعفر المتقدّمة في الصفحة 37.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 40‌

..........

______________________________
و الجواب عن هذه الرواية «3»: أنّها ساقطة سنداً و دلالة.

أمّا (سنداً) فلكونها مرفوعة.

و أمّا (دلالة) فلأنّها واردة في العيال لا العبد، و ذلك لقوله (عليه السلام): (و ما أغلق عليه بابه) فإنّه قرينة على أنّ وجوب الفطرة على المولى لكون العبد من عياله لا لكونه عبده، و لذا وجبت على الزوج بالنسبة إلى رقيق الزوجة من جهة كونه من عيال البيت، و إلّا فبأيّ وجه يجب على الزوج فطرة رقيق الزوجة على ما ذكر في الرواية «4».

الرواية الثانية: رواية حمّاد، رواها الشيخ بإسناده عن محمّد بن علي بن محبوب، عن علي بن الحسين، عن حمّاد بن عيسى، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: يؤدّي الرجل زكاة الفطرة عن مكاتبه و رقيق امرأته و عبده النصراني و المجوسي و ما أغلق عليه بابه «1».

و الجواب عنها بضعف السند و الدلالة.

أمّا السند فبعلي بن الحسين مع صحّة طريق الشيخ إلى محمّد بن علي بن محبوب، لأنّ الظاهر بقرينة روايته عن حمّاد كونه علي بن الحسين بن الحسن الضرير.

و مجموع رواياته في الكتب الأربعة ست روايات كالتالي:

______________________________
(3) أي: مرفوعة محمّد بن أحمد بن يحيى.

(4) أي: مرفوعة محمّد بن أحمد المتقدّمة في الصفحة 38، و يأتي المضمون في أُختها: رواية حمّاد.

(1) الوسائل: ج 6، ص 229، الحديث 13 من الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 41‌

..........

______________________________
(ثلاث) بعنوان علي بن الحسين بن الحسن الضرير
«2» اثنتان منها في الكافي، و واحدة في التهذيب «3».

(واحدة) بعنوان علي بن الحسين الضرير، و هذه في التهذيب «4».

(روايتان) بعنوان علي بن الحسين، و هاتان في التهذيب أيضاً «1».

و جميع هذه الروايات الست عن حمّاد بن عيسى، فيعلم: أنّ المراد من (علي بن الحسين) المطلق الراوي عن حمّاد علي بن الحسين بن الحسن الضرير و هو مهمل لم يذكر في كتب الرجال بمدح و لا قدح. و على فرض عدم ثبوت أنّه علي بن الحسين بن الحسن الضرير فهو مجهول لم يعرف من هو الذي يروي عن حمّاد و يروي عنه محمّد بن علي بن محبوب.

و (الحاصل): أنّ صحيحة علي بن جعفر الدالّة على أنّ فطرة المكاتب على نفسه كما ذهب إليه الصدوق بلا معارض.

______________________________
(2) أشار سيّدنا الأُستاذ (دام ظلّه) في معجم رجال الحديث ج 11، ص 382، إلى الروايات الثلاث في عنوان رقم 8043 علي بن الحسين بن الحسن الضرير و لم يذكر في عنوان علي بن الحسين المرقّم 8035 شيئاً، بل حوّل إلى رقم 7991، و في الرقم 7991 ذكر علي بن الحسن (الحسين) و أنّه غير الضرير.

(3) أُصول الكافي: ج 2، ص 613، باب قراءة القرآن في المصحف رقم 7، الحديث 2.

و في ج 6، ص 46، باب النشوء رقم 32، الحديث 2؛ و في التهذيب: ج 1، ص 374، الحديث 1146.

(4) التهذيب: ج 3، ص 23، الحديث 81.

(1) التهذيب: ج 4، ص 331، الحديث 1039؛ و التهذيب: ج 10، ص 152، الحديث 609.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 42‌

نعم لو تحرّر من المملوك شي‌ء وجبت عليه و على المولى بالنسبة (1) مع حصول الشرائط.

______________________________
(1) ذكر هذا الحكم غير واحد عملًا بالجهتين فبمقدار ما تحرّر على نفسه، و بمقدار الرقية على المولى
«2».

و (فيه): أنّ المبعّض إذا كان عيالًا ففطرته على مولاه، كيف لا، و قد كانت على المولى لو كان حراً بتمامه إذا كان عيالًا و لا بدّ أن لا يكون هذا محل كلامهم و إن لم يكن عيالًا فلا تجب فطرته على مولاه بعنوان الرقية على ما سبق تحقيقه «1» و إن ذهب صاحب الجواهر إلى أنّ زكاة العبد على مولاه أي: بعنوان الرقية استناداً إلى الروايات المستفيضة، و تقدّم الجواب عنه «2».

و التحقيق: أنّ زكاة المبعض على نفسه إذا لم يكن عيالًا، و الوجه في ذلك:

إنّا إذا عملنا بصحيحة علي بن جعفر المتقدّمة «3» الدالّة على كون فطرة المكاتب على نفسه فالوجه واضح.

و إن لم نعمل بها لا بدّ من الالتزام بذلك أيضاً، أي: كون زكاته على نفسه، و ذلك لأنّه لو لم يكن عيالًا و لم تجب فطرته على مولاه شمله إطلاق روايات وجوب الفطرة خرجنا عن إطلاقها بالنسبة إلى المملوك غير المكاتب لأحد أمرين:

______________________________
(2) الكلام في مملوك مكاتب تحرّر منه شي‌ء بالكتابة، لأنّ غير المكاتب إذا تحرّر منه شي‌ء سرت الحرية إلى تمامه قهراً.

(1) في ص 35 وص 36.

(2) نقلنا كلام الجواهر و استدلاله و الجواب عنه و الإشارة في الهامش إلى المصدر في ص 35 و 36.

(3) في الصفحة 37.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 43‌

..........

______________________________
(الأوّل): الإجماع المدّعى الدالّ على عدم وجوب الفطرة على العبد و تقدّم الكلام فيه و قلنا إنّ الإجماع
«4» تامّ في العبد غير المبعض أمّا المبعّض و هو محل الكلام فلم يكن فيه إجماع حتى به يخرج المبعّض عن الإطلاقات.

(الثاني): حجر العبد عن التصرّف المالي بدون إذن مولاه و إن كان مملوكاً له «5» و هذا أيضاً لا يجري في المقام، لأنّ المفروض كونه مبعضاً و له حقّ التصرّف في قسم من أمواله غاية الأمر عليه دفع شي‌ء للمولى لأجل تحرّره.

و (الحاصل): انّ أيّاً من الأمرين لا يجري في المقام، و عليه فلا بدّ من تكلّفه فطرة نفسه بمقتضى الإطلاقات الدالّة على وجوب الفطرة على كلّ واجد للشرائط حتى مع عدم العمل بالصحيحة المتقدّمة «1».

و على ضوء ما ذكرناه فما ذكره صاحب الجواهر في وجه تقسيم فطرة المبعّض بين نفسه و مولاه من: «عدم وجوب زكاة الجميع على المولى، لأصالة براءة ذمّته بالنسبة إلى الجزء الحرّ، كأصالة براءة ذمّة المكاتب عنها بالنسبة إلى الجزء الرق» «2» لا نعرف له وجهاً حتى لو لم نعمل بصحيحة علي بن جعفر «3» لأنّه لا مورد لأصالة البراءة بعد ما كانت الإطلاقات مقتضية لوجوبها بالنسبة إلى نفسه و عدم الدليل على وجوبها على المولى، و أمّا بناءً على العمل‌

______________________________
(4) سبق ذلك في الصفحة 35.

(5) راجع تحقيقه في الصفحة 36 قوله: و يمكن الاستدلال عليه بحجر العبد.

(1) صحيحة علي بن جعفر تقدّمت في الصفحة 37.

(2) الجواهر: ج 15، ص 487.

(3) المتقدّمة في الصفحة 37.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 44‌

[الرابع الغنى]

الرابع الغنى و هو أن يملك قوت سنة (1) له و لعياله زائداً على ما يقابل الدين و مستثنياته فعلًا أو قوّة بأن يكون له كسب يفي بذلك، فلا تجب على الفقير و هو من لا يملك ذلك (2).

______________________________
بالصحيحة فالحكم واضح بوجوبها على نفسه.

(1) المعروف في تفسير الغنى هو: ملكية قوت السنة فعلًا أو قوّة له و لعياله.

و نسب إلى ابن الجنيد أنّه من يملك نفقة يوم و ليلة له و لعياله و صاعاً زائداً على ذلك، و ذكر صاحب الجواهر أنّ الشيخ حكى هذا القول في الخلاف عن كثير من علمائنا، ثمّ قال صاحب الجواهر: إنّا لم نتحقّقه، بل المتحقّق خلافه «1».

أقول: و يمكن حمل كلام ابن الجنيد على ذي كسب تأتيه مؤنته كلّ يوم مع زيادة صاع.

و على هذا الحمل يرجع كلامه إلى المشهور.

(2) و هو المعروف و المشهور بين الأصحاب، و تدل على اشتراط الغنى روايات عمدتها روايتان و بقيّتها مؤيدات «2» الأُولى: صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: سُئل عن رجل‌

______________________________
(1) الجواهر: ج 15، ص 488.

(2) و هي في الوسائل: ج 6، ص 223، الباب 2 من أبواب زكاة الفطرة، الحديث 3، 4، 7، 8، 9، 5، و الأخيرة ضعيفة بيزيد بن فرقد النهدي لعدم توثيقه و إن عبّر عنها الجواهر في ج 15، ص 489 بالصحيحة و الحديث 3 ضعيف بإسحاق بن المبارك، و الحديث 4 بمحمّد ابن سنان و يزيد بن فرقد، و الحديث 7، 8، 9، بإسماعيل بن سهل.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 45‌

..........

______________________________
يأخذ من الزكاة، عليه صدقة الفطرة؟ قال: لا
«3».

و المراد من الرجل الذي يأخذ من الزكاة: الفقير، لا أخذ الزكاة بعنوان غير الفقر من العناوين الثمانية «1» كالدين و سبيل اللّٰه و العمل للزكاة و ذلك للانصراف.

الثانية: موثقة إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي إبراهيم (عليه السلام): على الرجل المحتاج صدقة الفطرة؟ قال: ليس عليه فطرة «2».

و المراد من «الرجل المحتاج»: الفقير، للانصراف كما تقدّم.

و روايات اخرى تدلّ على عدم وجوب زكاة الفطرة على الفقير «3».

لكن بإزائها روايتين تدلّان على وجوب الفطرة على الفقير.

الاولى: ما رواه الفضيل بن يسار «4» رواها الشيخ بإسناده عن علي بن مهزيار، عن إسماعيل بن سهل، عن حمّاد، عن حريز، عن الفضيل بن يسار، قال: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السلام): أعلى من قَبِلَ الزكاة زكاة؟ فقال: أمّا من قَبِل زكاة المال فإنّ عليه زكاة الفطرة و ليس عليه لما قبله زكاة، و ليس على من‌

______________________________
(3) الوسائل: ج 6، ص 223، الحديث 1، من الباب 2 من أبواب زكاة الفطرة.

(1) التي في الآية المباركة «إِنَّمَا الصَّدَقٰاتُ لِلْفُقَرٰاءِ وَ الْمَسٰاكِينِ وَ الْعٰامِلِينَ عَلَيْهٰا وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقٰابِ وَ الْغٰارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللّٰهِ وَ اللّٰهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» سورة التوبة الآية 60

(2) الوسائل: ج 6، ص 223، الحديث 6، الباب 2 من أبواب زكاة الفطرة.

(3) راجع ص 44 الهامش رقم 2 ففيه الإشارة إلى تلك الروايات.

(4) يأتي تحقيق سندها في الصفحة 47 و يصحّح سيّدنا الأُستاذ (دام ظلّه) هذه الرواية، و راجع الهامش رقم 3 فيها لتوضيح الحال.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 46‌

..........

______________________________
يقبل الفطرة فطرة
«5».

و المستفاد منها: أنّ الفقر لا يمنع أداء الفطرة لكن الذي يأخذه بعنوان الفطرة ليس عليه فطرة.

الثانية: صحيحة زرارة التي رواها الكليني عن علي بن إبراهيم، عن محمّد ابن عيسى، عن يونس، عن عمر بن أُذينة، عن زرارة، قال: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السلام): الفقير الذي يتصدّق عليه، هل عليه صدقة الفطرة؟ فقال: نعم، يعطي ممّا يتصدّق به عليه «1».

و الجواب عن الروايتين: أنّهما ليستا صريحتين في الوجوب، بل يمكن حملهما على الاستحباب و ذلك للجمع العرفي بين الطائفة الأُولى الدالّة على عدم وجوب الفطرة على الفقير «2» و الطائفة الثانية الدالّة على وجوبها عليه.

فإنّ الأُولى صريحة في عدم الوجوب، لقوله (عليه السلام): «لا» و قوله (عليه السلام): (ليس عليه فطرة) «3».

و الثانية ظاهرة في الوجوب، لقوله (عليه السلام): (نعم يعطي).

لكن قوله (عليه السلام): (نعم يعطي)، مقابل (لا) و (ليس عليه فطرة) يفيد‌

______________________________
(5) و هي في الوسائل: ج 6، ص 224، الحديث 10 الباب 2 من أبواب زكاة الفطرة.

(1) الوسائل: ج 6، ص 225، الحديث 2 الباب 3 من أبواب زكاة الفطرة، و لم يظهر وجه تعبير الجواهر عنها بخبر زرارة راجع ج 15، ص 490.

(2) و هي صحيحة الحلبي و موثقة إسحاق بن عمّار المتقدّمتان في ص 44 و 45 و الطائفة الثانية ما رواه الفضيل و صحيحة زرارة راجع الصفحة 45 و صدر هذه الصفحة.

(3) الجواب ب‍ (لا) في صحيحة الحلبي، و الجواب ب‍ (ليس عليه فطرة) في موثقة إسحاق.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 47‌

..........

______________________________
و إن كان الأحوط إخراجها إذا كان مالكاً لقوت السنة، و إن كان عليهِ دين،- استحباب إخراج الفقير الفطرة.

و قد صرّح الشيخ بهذا الحمل «1» و كذا غيره «2».

و أمّا (سندهما) فمعتبر حسب التحقيق التالي:

أمّا (ما رواه الفضيل) و إن كان فيه إسماعيل بن سهل إلّا أنّ للشيخ طريقاً إلى الرواية بإسناده عن علي بن الحسن بن فضّال، عن إبراهيم بن هاشم، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة «3» و طريق الشيخ إلى كتاب ابن فضّال صحيح على‌

______________________________
(1) كما في الوسائل ج 6، ص 224 بعد ذكر رواية فضيل في الحديث 10 الباب 2 من أبواب زكاة الفطرة.

و في الجواهر: ج 15، ص 490: أو تحمل على الندب كما صرّح به الشيخ في كتابي الأخبار، بل به صرّح في المقنعة أيضاً.

(2) كالمفيد في المقنعة على ما سمعت من الجواهر في الهامش المتقدّم.

(3) الوسائل: ج 6، ص 224، الحديث رقم 10، الباب 2 من أبواب زكاة الفطرة.

و رواها في التهذيب: ج 4، ص 74، الحديث تسلسل 207.

أقول: إنّهما روايتان و تختلفان متناً و سنداً، و إن اتفقتا في المضمون.

الأُولى رواية الفضيل و هي ضعيفة بإسماعيل بن سهل.

و الثانية موثقة زرارة التي في سندها علي بن الحسن بن فضال.

و في الاولى جملة: (و ليس عليه لما قبله زكاة) ليست في الثانية.

و إليك نصّها عن التهذيب بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال، عن إبراهيم بن هاشم، عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة قال: (قلت له: هل على من قَبِل الزكاة زكاة؟ فقال: أمّا من قَبِلَ زكاة المال فإنّ عليه زكاة الفطرة و ليس على من قَبِل الفطرة فطرة).

التهذيب: ج 4، ص 74، الحديث تسلسل 207.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 48‌

..........

______________________________
ما حقّقناه
«1».

و أمّا (صحيحة زرارة) فقد ناقش صاحب الجواهر في سندها «2» من دون ذكر وجه المناقشة، و الظاهر تمامية السند.

و يحتمل كون نقاش صاحب الجواهر من جهة محمّد بن عيسى و الظاهر أنّه محمّد بن عيسى بن عبيد، و سيأتي الكلام في توثيقه مفصّلًا «3» و هو و إن كان مشتركاً بين محمّد بن عيسى بن عبيد، و والد أحمد بن محمّد بن عيسى، إلّا أنّه لا إشكال فيهما.

______________________________
(1) ذكر سيّدنا الأُستاذ مراراً: انّ طريق الشيخ إلى علي بن الحسن بن فضّال و إن كان ضعيفاً، إلّا أنّ كتاب علي بن الحسن بن فضال قد وصل إلى الشيخ و إلى النجاشي من استاد واحد، و لما كان طريق النجاشي صحيحاً إلى الكتاب يصبح الكتاب الواصل إلى الشيخ معتبراً و لو كان طريقه الذي ذكره إليه ضعيفاً.

و إلى هذا التصحيح أشار (دام ظلّه) في معجم رجال الحديث: ج 1، ص 95 من المدخل بقوله: «بل لو فرضنا أنّ طريق الشيخ إلى كتاب ضعيف في المشيخة و الفهرست، و لكن طريق النجاشي إلى ذلك الكتاب صحيح و شيخهما واحد، حكم بصحّة رواية الشيخ عن ذلك الكتاب أيضاً، إذ لا يحتمل أن يكون ما أخبره شخص واحد كالحسين بن عبيد اللّٰه بن الغضائري مثلًا للنجاشي مغايراً لما أخبر به الشيخ، فإذا كان ما أخبرهما به واحداً، و كان طريق النجاشي إليه صحيحاً حكم بصحّة ما رواه الشيخ عن ذلك الكتاب لا محالة، و يستكشف من تغاير الطريق أنّ الكتاب الواحد روى بطريقين قد ذكر الشيخ أحدهما و ذكر النجاشي الآخر». انتهى.

(2) أورد الجواهر عدّة روايات دالّة على وجوب الفطرة على الفقير منها ما رواه زرارة، و عبّر عنها بخبر زرارة، ثمّ قال: «كلّ ذلك بعد الإغضاء عمّا في سند الجميع» الجواهر: ج 15، ص 490.

(3) في ص 169 في تحقيق صحيحتي زرارة و ابن مسكان حول اللبن من أجناس الفطرة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 49‌

بمعنى: انّ الدين لا يمنع من وجوب الإخراج و يكفي ملك قوت السنة (1)، بل الأحوط: الإخراج إذا كان مالكاً عين أحد النصب الزكوية «1» أو قيمتها و إن لم يكفه لقوت سنته (2)،

______________________________
(1) تقدّم الكلام حوله في زكاة المال و قلنا: لا دليل على استثناء الدين بل الاعتبار بملكية قوت السنة حتى و لو كان مديوناً.

و مقتضى الروايات: أنّ من له مؤنة السنة بالفعل أو بالقوة فهو غني «2» مضافاً إلى عدم صدق عنوان الفقير على من ملك قوت السنة و هو مديون كرئيس أو تاجر عليه ديات من القتل و الكفارات بحيث لا يفي بذلك جميع أمواله لكنّه يملك قوت السنة.

نعم: لو فرضنا أنّه أدّى دينه و لم يبق شي‌ء أو بقي مقدار لا يفي بمؤنة السنة فهو فقير بلا إشكال.

(2) ذهب الشيخ (قدّس سرّه) إلى أنّه «تجب زكاة الفطرة على من ملك نصاباً تجب فيه الزكاة أو قيمة نصاب» «3».

و لا دليل عليه إلّا ما يتوهّم من الروايات الواردة بمضمون «انّ اللّٰه عزّ و جلّ‌

______________________________
(1) و عليه العجلي كما في الجواهر: ج 15، ص 490، و قال الشيخ: «لا تجب الفطرة إلّا على من ملك نصاباً من الأموال الزكوية» المبسوط: ج 1، ص 240، طبع الحيدرية طهران سنة 1387.

(2) يريد (دام ظلّه) بذلك الروايات الواردة في الباب 8 من أبواب المستحقّين للزكاة من الجزء 6 من الوسائل ص 158، و غيره. و منها صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال سمعته يقول: إنّ الصدقة لا تحل لمحترف و لا لذي مرة سوي قوي فتنزهوا عنها.

(3) الجواهر: ج 15، ص 305، و لكن في المبسوط لم يقيّد بالقيمة راجع الهامش رقم 1 في هذه الصفحة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 50‌

..........

______________________________
فرض للفقراء في أموال الأغنياء ما يكتفون به.»
«1» و استفيد منها: أنّ العبرة في الغنى و الفقر بملكية النصاب الزكوي و عدمها‌

______________________________
(1) و إليك بعض نصوصها عن الوسائل: ج 6، ص 3، الباب 1 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه:

منها: صحيحة زرارة و محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) في حديث قال: «إنّ اللّٰه عزّ و جلّ فرض للفقراء في مال الأغنياء ما يسعهم، و لو علم أنّ ذلك لا يسعهم لزادهم.» المصدر الحديث 2.

و منها: صحيحة عبد اللّٰه بن سنان عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: «. إنّ اللّٰه عزّ و جلّ فرض للفقراء في أموال الأغنياء ما يكتفون به و لو علم انّ الذي فرض لهم لا يكفيهم لزادهم.» المصدر، الحديث 3.

و منها: صحيحة عبد اللّٰه بن مسكان عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: «إنّ اللّٰه عزّ و جلّ جعل للفقراء في أموال الأغنياء ما يكفيهم و لو لا ذلك لزادهم.» المصدر ص 5، الحديث 9.

و منها: صحيحة الأحول في حديث- (انّه سأل أبا عبد اللّٰه (عليه السلام): كيف صارت الزكاة من كلّ ألف خمسة و عشرين درهماً؟ فقال: إنّ اللّٰه عزّ و جلّ حسب الأموال و المساكين فوجد ما يكفيهم من كلّ ألف، خمسة و عشرين، و لو لم يكفهم لزادهم) الوسائل: ج 6، ص 99، الحديث 2، الباب 3 من أبواب الذهب و الفضة.

و منها: صحيحة أبي بصير قال: «قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السلام):. ثمّ قال: إنّ اللّٰه نظر في أموال الأغنياء ثم نظر في الفقراء فجعل في أموال الأغنياء ما يكتفون به، و لو لم يكفهم لزادهم.». الوسائل: ج 6، ص 201، الحديث 2، الباب 41 من أبواب المستحقّين للزكاة.

و يستفاد ذلك من عدّة روايات:

منها: الحديث 1، الباب 3 من أبواب زكاة الذهب و الفضة من الوسائل ج 6، ص 98.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 51‌

بل الأحوط إخراجها إذا زاد على مؤنة يومه و ليلته صاع (1).

[ (مسألة 1): لا يعتبر في الوجوب كونه مالكاً مقدار الزكاة]

(مسألة 1): لا يعتبر في الوجوب كونه مالكاً مقدار الزكاة زائداً على

______________________________
حيث عبّر الإمام (عليه السلام) عن مالك النصاب بالغني و الأغنياء، و من تجب عليه الفطرة لا بدّ أن يكون غنياً بهذا المعنى.

و الجواب (أوّلًا): انّ هذه الطائفة من الروايات واردة لبيان وجوب الصدقة على الأغنياء و إن مصرّفها الفقراء و لا تعرض فيها لتفسير الغنى و الفقر.

نعم قد ثبت بالروايات: أنّ من ملك النصاب تجب عليه الزكاة، و لا دلالة فيها على أنّه غني لا تجري عليه أحكام الفقير، و لتفسيرهما الغني و الفقير يراجع العرف، و الروايات الواردة في ذلك و هي التي جعلت العبرة بملك قوت السنة بالفعل أو بالقوّة «1».

و (ثانياً): على تقدير تسليم دلالة الروايات على كون الغني مالك النصاب الزكوي، فهي واردة في مالك العين الزكوية دون المالك لقيمتها و كان المدّعى ملكية العين أو قيمتها، فالدليل أخصّ من المدّعى، و عليه يكون المناط في الغنى ملكية النصاب فمن لا يملك عين المال الزكوي بقدر النصاب حتى و لو ملك ملايين فهو فقير و لا تجب عليه الفطرة، و هو باطل بالضرورة.

(1) وجه الاحتياط ذهاب ابن الجنيد الإسكافي إلى وجوب الفطرة عليه كما سبق «2».

______________________________
(1) و هي كثيرة ترى بعضاً منها في الوسائل: ج 6، ص 158، الباب 8 من أبواب المستحقّين للزكاة.

(2) في ص 44.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 52‌

مؤنة السنة، فتجب و إن لم يكن له الزيادة (1) على الأقوى و الأحوط.

______________________________
و لم يظهر وجه لذلك و تقدّم الكلام فيه
«1».

و الصحيح: ما ذهب إليه المشهور من كون العبرة مؤنة سنة.

(1) لعلّ المعروف وجوب زكاة الفطرة عليه لأنّه غني.

و في قباله قولان:

القول الأوّل: عن بعضهم كالفاضلين و الشهيد: عدم وجوبها عليه.

و ربما علّل عدم الوجوب: بأنّ الوجوب يلزم من وجوده عدمه، و هو مستحيل حيث لو وجبت الفطرة عليه أصبح فقيراً من جهة نقصان مؤنة السنة بمقدار الفطرة فلا تجب «2».

و (الجواب):

(أوّلًا): بالنقض بأن عدم الوجوب يلزم منه وجوده، حيث لو لم تجب الفطرة أصبح غنياً و تجب عليه الفطرة «3».

و حاصله: استلزام الوجود للعدم، و استلزم العدم للوجود، و كلاهما غير معقول.

و (ثانياً): بأن الحكم الشرعي لا يوجب الفقر، كما أنّه لا يوجب الغنى، بمعنى: انّ وجوب الزكاة عليه لا يجعله فقيراً و لا عدمه غنياً، بل تحقّق ذلك‌

______________________________
(1) في الصفحة 44.

(2) توضيحه: أنّه لو وجبت زكاة الفطرة لصار فقيراً لنقصان مؤنة السنة بمقدار الفطرة و حينما هو فقير لا تجب عليه الفطرة فلزم من وجوده عدمه، أي: من الوجوب عدم الوجوب.

(3) توضيحه: أنّه لو لم تجب زكاة الفطرة فهو غني لأنّه مالك مؤنة السنة و حينما هو غني تجب عليه الفطرة فلزم من عدمه وجوده، أي: لزم من عدم الوجوب الوجوب.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 53‌

..........

______________________________
بالأمر الخارجي، أي: إذا أعطى الفطرة و أوصل المال إلى مورده نقصت مؤنته في مفروض المثال و أصبح فقيراً، فالموجب للفقر هو الإعطاء الخارجي، لا الحكم الشرعي.

و (ثالثاً): لو تنزّلنا عن ذلك و قلنا: إنّ الحكم الشرعي يوجب الفقر في المثال فلا مانع أيضاً من الحكم بالوجوب عليه، و ذلك من أجل أنّ الحكم بالوجوب من جهة غناه مع قطع النظر عن الحكم الشرعي، أي: من كان غنياً لولا الوجوب فعليه الفطرة و إن صار بالوجوب فقيراً، و هذا الشخص غني مع قطع النظر عن الحكم عليه بالوجوب، و إنّما فقره بسبب الوجوب و هو لا ينافي وجوب الفطرة عليه.

و على كلّ فمقتضى الإطلاقات كون العبرة في وجوب الفطرة تملك مؤنة السنة و لو لم يزد عنها شي‌ء.

القول الثاني: ما عن المبسوط من التفصيل بين الغني فعلًا فتجب عليه زكاة الفطرة، و الغني بالقوّة كمن تأتيه مؤنته يومياً فلا تجب عليه «1» و ذلك لأنّها لو وجبت عليه لزم أحد الأمرين: إمّا تقديمها على القوت أو الاستدانة لها «2» و الأوّل ساقط قطعاً، و الثاني لا دليل عليه.

و (الجواب): أنّه لم يظهر وجه لهذا القول.

______________________________
(1) لم أعثر في كتاب الفطرة من المبسوط على هذا التفصيل.

(2) لأنّ المفروض حصول مؤنته يومياً بلا زيادة، و الفطرة شي‌ء زائد على ذلك و لا يملكها فعلًا فلا بدّ من أحد أمرين إن وجبت عليه: إمّا بصرف قوته اليومي في الفطرة فيبقى بلا قوت في ذلك اليوم، و أمّا الاستدانة للفطرة إن لم يصرف قوته في الفطرة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 54‌

[ (مسألة 2) لا يشترط في وجوبها الإسلام]

(مسألة 2) لا يشترط في وجوبها الإسلام، فتجب على الكافر [1]

______________________________
و لو فرض عدم التمكّن إلّا لقوته فلا مانع من تسديد الفطرة بالاستدانة مقدّمة للواجب إلّا إذا كان حرجياً أو لا يتمكّن من الاستدانة فتسقط، على أنّه يمكن تهيئة الفطرة بوجه آخر من هدية أو ضيافة، فلما ذا تسقط الفطرة عنه رأساً؟! و الحاصل: أنّ المُطْلقات الواردة في وجوب زكاة الفطرة على كلّ مكلّف محكمة بالنسبة إلى الغني بالقوة، و ليس في مقابلها ما يقيّدها.

(1) هذا إذا بنينا على تكليف الكافر بالأُصول و الفروع كما عليه المشهور و ادّعى عليه الإجماع لكن الصحيح: عدم تكليف الكافر بالفروع، بل هو مكلّف بالأُصول فقط.

و استدل المشهور على عموم تكليفه بالفروع و الأُصول بأُمور.

الأمر الأوّل: الإجماع.

الأمر الثاني: إطلاق الأدلّة.

من الآيات «1» و الروايات «2» الواردة في التكليف بالفروع.

______________________________
(1) و هي الواردة في التكليف بالفروع من الصلاة و الزكاة و غيرهما.

(2) الروايات الواردة في الفروع كالصلاة و الصوم و الحجّ و الزكاة و الخمس و غيرها من الفروع نوعان.

مطلق أي: غير مقيّد بالمؤمنين و المسلمين، بل في بعضها تصريح ب‍ (الناس) كصحيحة زرارة و محمّد بن مسلم عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) في حديث قال: «إنّ اللّٰه عزّ و جلّ فرض للفقراء في مال الأغنياء ما يسعهم و لو علم أنّ ذلك لا يسعهم لزادهم، إنّهم لم يؤتوا من قبل فريضة اللّٰه عزّ و جلّ، و لكن أُوتوا من منع من منعهم حقّهم، لا ممّا فرض اللّٰه لهم، و لو أنّ الناس أدّوا حقوقهم لكانوا عائشين بخير» الوسائل: ج 6، ص 3، الحديث 2، الباب 1 من أبواب ما تجب فيه الزكاة، و تقدّمت من هذه الطائفة في هامش الصفحة 50 (و هذا النوع محل الشاهد).

و مقيد بالمؤمنين أو المسلمين و هي كثيرة جدّاً.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 55‌

..........

______________________________
بتقريب: أنّها غير مختصة بالمسلمين و المؤمنين و انّها مطلقة من هذه الجهة.

بل في بعضها قد عبّر ب‍ (الناس) كقوله تعالى «يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ» «1» و مقتضى الإطلاق: عدم الفرق بين المسلم و الكافر.

الأمر الثالث: الآيات الخاصّة:

(منها): قوله تعالى «مٰا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ. قٰالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ. وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ. وَ كُنّٰا نَخُوضُ مَعَ الْخٰائِضِينَ. وَ كُنّٰا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ» «2».

تقريب الاستدلال: أنّ هذه الآيات وردت في الكفار، بقرينة تكذيبهم بيوم الدين، و دلّت على اعترافهم بترك الصلاة «لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ»، و ترك الزكاة «وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ» و المراد منه: الزكاة-، و قد اعترفوا بأنّ سبب دخولهم سقر ترك الصلاة و الزكاة، و لو لم يكونوا مكلّفين بها لما أوجب تركها دخول النار.

و (منها): قوله تعالى «وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ. الَّذِينَ لٰا يُؤْتُونَ الزَّكٰاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كٰافِرُونَ» «3».

تقريب الاستدلال: صراحة الآية الشريفة في ثبوت الويل لهم بسبب تركهم الزكاة، فلو لم تكن الزكاة واجبة لما كان تركها من موجبات الويل.

______________________________
(1) الآية 21 من سورة البقرة.

(2) سورة المدّثر الآية 42 46.

(3) الآية 6 و 7 من سورة فصّلت.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 56‌

..........

______________________________
و هذه الآية نصّ في وجوب الزكاة عليهم، كما أنّ الآية الأُولى دلّت على وجوب الصلاة و الزكاة عليهم، كدلالة الآيات المطلقة
«1» على ذلك.

الأمر الرابع: لخصوص وجوب الخمس و الزكاة على الكفار.

أنّه على فرض عدم تكليفهم بالفروع فالخمس و الزكاة ثابتان على الكفّار لكونهما من الأحكام الوضعية، و ذلك من أجل دلالة الأدلّة على اشتراك المال بين الفقير و المالك في الزكاة «2» و بين الإمام و السادة و المالك في الخمس «3» المستفاد منها انّ الخمس و الزكاة من الحكم الوضعي، فلو كان قصور في دليل التكليف يبقى دليل الوضع سالماً.

الأمر الخامس: رواية البزنطي التي رواها الكليني، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن علي بن أحمد بن أشيم، عن صفوان بن يحيى و أحمد بن محمّد بن أبي نصر جميعاً، قالا: ذكرنا له الكوفة و ما وضع‌

______________________________
(1) تقدّمت الاستدلال بها في ص 54 الأمر الثاني.

(2) راجع الروايات الدالّة عليه في أبواب متعدّدة من الوسائل ج 6، (منها) في الباب 1 من أبواب ما تجب فيه الزكاة و ما تستحب فيه ص 3، و الروايات الواردة في تعيين مقدار الزكاة كقوله (عليه السلام): في كل أربعين شاة شاة، في خمس من الإبل: شاة، و في الغلات: العشر، أو: نصفه، و أمثال ذلك فإنّها تدلّ على الحكم الوضعي، و أشرنا إليها في ص 23 و 24 و هامشهما، و كذلك الروايات الواردة في اشتراك المال الزكوي بين الفقير و الغني و أشرنا إليها في هامش الصفحة 50.

(3) راجع الروايات الدالّة عليه في أبواب الخمس، منها الباب 1، 2، 3، 5، 7، 8، و غيرها من أبواب ما يجب فيه الخمس من الوسائل ج 6.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 57‌

..........

______________________________
عليها من الخراج و ما سار فيها أهل بيته، فقال: من أسلم طوعاً تركت أرضه في يده و أخذ منه العشر ممّا سقت السماء و الأنهار، و نصف العشر ممّا كان بالرشا فيما عمّروه منها، و ما لم يعمّروه منها، أخذه الإمام فقبله ممّن يعمّره و كان للمسلمين و على المتقبّلين في حصصهم العشر و نصف العشر، و ليس في أقلّ من خمسة أو ساق شي‌ء من الزكاة، و ما أخذ بالسيف فذلك إلى الإمام يقبّله بالذي يرى كما صنع رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم) بخيبر قبّل سوادها و بياضها، يعني: أرضها و نخلها و الناس يقولون: لا تصلح قبالة الأرض و النخل، و قد قبّل رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم) خيبر، و على المتقبّلين سوى قبالة الأرض: العشر و نصف العشر في حصصهم، و قال: إنّ أهل الطائف أسلموا و جعلوا عليهم العشر و نصف العشر، و إنّ مكّة دخلها رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم) عنوة و كانوا اسراء في يده فأعتقهم، و قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء
«1» و رواها الشيخ عن محمّد بن يعقوب مثله «2» تقريب الاستدلال: انّه (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم) صالح الكفار إضافة على الجزية بالزكاة و هو العشر أو نصفه في الأرض و النخل، فدلّت الرواية على ثبوت الزكاة على الكفار.

و هذه أُمور استدلّ بها على تكليف الكافر بالفروع.

و إليك الجواب عنها.

______________________________
(1) الوسائل: ج 6، ص 124، الحديث 1 الباب 4 من أبواب زكاة الغلات.

(2) المصدر المتقدّم.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 58‌

..........

______________________________
الجواب عن الإجماع بأنّه لم يتمّ (أوّلا)، و بأنّه مدركي (ثانياً)، حيث لم يذهبوا إلى ذلك إلّا لأجل هذه الأُمور و ستعرف النقاش فيها.

الجواب عن الإطلاقات من الآيات و الروايات بحمل المُطْلقات على المسلمين بقرينة ما نستدل به «1» على اختصاص الأحكام بهم فحسب.

الجواب عن الآيات الخاصّة أمّا عن الآية الأُولى «2» فالمراد من قوله تعالى «قٰالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ. وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ» أنّهم لم يكونوا من المسلمين؛ لكنّه لم يصرّح بذلك بل عبّر عن الإسلام بالصلاة و الزكاة.

و المعنى: لم نكن من المسلمين حتى ندخل في جماعتهم فنكون من المصلّين و من المطعمين للمسكين، أي: المزكّين.

و أمّا عن الآية الثانية «3» فيما ذكرنا في الآية الأُولى بأنّ المراد من «لٰا يُؤْتُونَ الزَّكٰاةَ» الإسلام بالتقريب المتقدّم.

______________________________
(1) في ص 61.

(2) و هي قوله تعالى «مٰا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ. قٰالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ. وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ» راجع ص 55.

(3) و هي قوله تعالى «وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ. الَّذِينَ لٰا يُؤْتُونَ الزَّكٰاةَ وَ هُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كٰافِرُونَ» راجع ص 55.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 59‌

..........

______________________________
الجواب عن الأمر الرابع أنّ الأدلّة الوضعية لا إطلاق فيها أبداً «1» بل هي واردة لبيان تعيين المقدار الذي وجب خمساً و زكاة، فهي لم ترد لبيان من تجب عليه الزكاة و الخمس، بل وردت لبيان مقدار الخمس و الزكاة في المال الذي تحقّق فيه الخمس و الزكاة و هذا بعد ثبوت وجوب الخمس و الزكاة على المالك.

إضافة إلى صحيحة زرارة الواردة في الكافي ما مضمونه: انّ الناس يؤمرون بالإسلام فإذا أسلموا أُمروا بالولاية «2» فإنّها تدلّ على أنّ الولاية و هي من فروع الدين بعد الإسلام مع أنّها أعظم ما بني عليه الإسلام فلا يكلّف الكافر بها إلّا بعده، و الولاية أهمّ فروع الدين فكيف ببقيّتها.

و في خصوص زكاة الفطرة قد بيّنا أنّها من الأحكام التكليفية دون الوضعية «3».

و الجواب عن رواية البزنطي الأمر الخامس بوجوه:

الأوّل: ضعف السند بعلي بن أحمد بن أشيم فإنّه لم يوثق في كتب الرجال «4» هذا سنداً، و أمّا دلالة فبالوجوه التالية الثاني: لا تصريح فيها على أنّ تقبيله (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم) كان مع‌

______________________________
(1) حتى تشمل المسلم و الكافر.

(2) و هي صحيحة زرارة التي نذكرها في الصفحة 62 عن أُصول الكافي ج 1، ص 180، الحديث 3 باب معرفة الإمام و الردّ إليه، من كتاب الحجّة.

(3) في الصفحة 24 قوله: «امّا زكاة الفطرة».

(4) ترى ترجمته في معجم رجال الحديث ج 11، ص 265، و انّه موجود في إسناد كامل الزيارات.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 60‌

..........

______________________________
الكفار، بل يحتمل وجود مسلمين كان قبّلهم على ذلك، أي: العشر و نصفه.

الثالث: لو فرضنا كان التقبيل مع اليهود فهو شرط خارجي لا علاقة له بالتكاليف الشرعية على عموم الكفار و بتكليف الكافر بالفروع ابتداء، و إنّما هو اتّفاق بين النبي و جماعة من الكفار، فإنّ له (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم) و للإمام (عليه السلام) العمل في الأُمور حسب المصالح العامة.

و الظاهر كما سبق «1» عدم وجود إجماع تعبّدي في البين حتى يستكشف منه قول المعصوم (عليه السلام)، و لم ينقل أنّه (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم) أو الوصي (عليه السلام) كان يأخذ الزكاة من الكفار حتى يدلّ على أنّ هذا العشر أو نصفه زكاة.

الرابع: عدم معقولية تكليف الكافر بالخمس و الزكاة، على ضوء ما ذكره صاحب المدارك في تكليف الكافر بقضاء الصلاة و أنّه غير معقول حتّى و لو كان تكليفه بالأداء معقولًا، و ذلك لأنّه ما دام كافراً لا يمكنه القضاء لاعتبار الإسلام بل الإيمان في صحّة العمل فإذا أسلم سقط عنه القضاء «2» و عين هذا التقريب يجري في الخمس و الزكاة، بيان ذلك: أنّ الكافر إذا أسلم سقط عنه الخمس و الزكاة، و ما دام لم يسلم لا يصحّ منه فلا يعقل تكليفه بهما.

______________________________
(1) في الجواب عن الاستدلال بالإجماع في الصفحة 58.

(2) على ما يأتي في ص 63 قال صاحب المدارك (و أمّا سقوطه عن الكافر الأصلي فموضع وفاق أيضاً، و في الأخبار دلالة عليه و يستفاد من ذلك أنّه لا يخاطب بالقضاء و إن كان مخاطباً بغيره من التكاليف لامتناع وقوعه منه في حال كفره و سقوطه بإسلامه).

المدارك ص 245 طبع حجري، إيران سنة 1268.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 61‌

..........

______________________________
و (نوقش): في كلا الموردين أي: مسألة القضاء و مسألة الخمس و الزكاة بأنّ التكليف بالقضاء و إن لم يمكن في حقّ الكافر إلّا أنّ ملاك التكليف موجود فإنّ الكافر كان قادراً على أن يُسلم وقت الصلاة و قبل زمان تعلّق الخمس و الزكاة لكنّه عجز نفسه بسبب عدم الإسلام، و الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار.

و على هذا فتكليفه بالفروع معقول.

و (الجواب عن النقاش): أنّه و إن صحّ في مقام الثبوت إلّا أنّ الكلام في مقام الإثبات، فإنّه مع تسليم عدم التكليف كما هو المفروض كيف يمكن كشف الملاك حتى يصحّ العقاب.

فتحصل من جميع ذلك:

أنّ ما استلّوا به من تكليف الكافر بالفروع غير تام.

و الحقّ: عدم تكليفه بالفروع لعدم الدليل عليه، بل الدليل على خلافه.

و إليك طائفة من الأدلّة على عدم تكليف الكافر بالفروع:

الأوّل: الآيات الواردة في أنّ التكاليف خاصّة بالمؤمنين و المراد بالمؤمن في القرآن هو المؤمن المقابل للمنافق و الكافر، أعني به من يؤمن باللّٰه و برسوله و اليوم الآخر و هي كثيرة جدّاً.

و منها قوله تعالى «يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيٰامُ» «1».

و منها قوله تعالى «إِنَّ الصَّلٰاةَ كٰانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتٰاباً مَوْقُوتاً» «1».

______________________________
(1) الآية 183 من سورة البقرة.

(1) الآية 103 من سورة النساء.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 62‌

..........

______________________________
و منها قوله تعالى
«الزّٰانِي لٰا يَنْكِحُ إِلّٰا زٰانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً إلى قوله تعالى وَ حُرِّمَ ذٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ» «2».

و بهذه الآيات تحمل الآيات المطلقة على خصوص المسلم.

الثاني: الروايات الواردة في النصّ بالمسلم و المؤمن بالنسبة إلى الأحكام الفرعية، و هي كثيرة جدّاً، و بها تحمل الروايات المطلقة على خصوص المسلم.

الثالث: السيرة الثابتة من النبيّ (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم) و الوصي (عليه السلام) حيث إنّهما لم يأمرا الكفّار بالفروع، بل كانا يقرّانهم على دينهم مع الجزية.

الرابع: صحيحة زرارة الدالّة على أنّ التكليف بالإيمان و هو من فروع الدين بعد الإسلام، و هذا نصّها:

قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): أخبرني عن معرفة الإمام منكم واجبة على جميع الخلق؟ فقال: إنّ اللّٰه عزّ و جلّ بعث محمّداً (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم) إلى الناس أجمعين رسولًا و حجّة للّٰه على جميع خلقه في أرضه، فمن آمن باللّٰه و بمحمّد رسول اللّٰه و اتّبعه و صدّقه فإنّ معرفة الإمام منّا واجبة عليه و من لم يؤمن باللّٰه و برسوله و لم يتّبعه و لم يصدّقه و يعرف حقّهما فكيف يجب عليه معرفة الإمام و هو لا يؤمن باللّٰه و رسوله و يعرف حقّهما؟ قال: قلت: فما تقول فيمن يؤمن باللّٰه و رسوله و يصدّق رسوله في جميع ما أنزل اللّٰه، يجب على أُولئك حقّ معرفتكم؟ قال: نعم، أ ليس هؤلاء يعرفون فلاناً و فلاناً؟ قلت:

______________________________
(2) الآية 3 من سورة النور.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 63‌

لكن لا يصحّ أداؤها منه (1)،

______________________________
بلى، قال: أ ترى أنّ اللّٰه هو الذي أوقع في قلوبهم معرفة هؤلاء؟ و اللّٰه ما أوقع ذلك في قلوبهم إلّا الشيطان لا و اللّٰه ما ألهم المؤمنين حقّنا إلّا اللّٰه عزّ و جلّ
«1».

(1) لاشتراط القربة في زكاة الفطرة كزكاة المال «2» و قصد القربة لا يتأتّى من الكافر بسبب كفره.

أقول: بناءً على عدم تكليف الكافر بالفروع فلا كلام هنا، و أمّا بناءً على تكليفه بالفروع كما ذهب إليه المشهور، و منهم الماتن فبالنسبة إلى الأداء يمكن تكليفه بالفروع لقدرته على قصد القربة بإسلامه.

و أمّا بالنسبة إلى القضاء فللمدارك كلام تقدّم «3» و أظنّه أوّل من تعرض لهذا المطلب، و هو عدم معقولية تكليف الكافر بالقضاء لاشتراط التكليف بالقدرة، و القضاء غير مقدور له حال كفره لأنّه عبادي و مشروط بالقدرة و لا يتحقّق منه القربة حال الكفر و إذا أسلم سقط عنه الواجب لأنّ الإسلام يجبّ عمّا قبله «4» فإذا لم يعقل القضاء قبل الإسلام و المفروض سقوطه بعده ففي أي وقت يأتي به، فتكليفه بالقضاء غير معقول.

و (نوقش) في كلام المدارك بما لا يُغني «1»، و الصحيح ما ذهب إليه المدارك‌

______________________________
(1) أُصول الكافي: ج 1، ص 180، الحديث 3، باب معرفة الإمام و الردّ إليه من كتاب الحجّة.

(2) يأتي تحقيق اشتراط قصد القربة في الزكاة في ص 68.

(3) في الصفحة 60.

(4) راجع الهامش رقم 2 ص 60 لنصّ كلام المدارك. و الهامش رقم 6 ص 64 لتحقيق حديث الجبّ.

(1) تقدّم النقاش في الصفحة 61.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 64‌

و إذا أسلم بعد الهلال سقط عنه (1) «2»

______________________________
كما تقدّم
«3».

فتحصّل: أنّه بناءً على تكليف الكافر بالأُصول فقط فالفطرة غير واجبة عليه، لكونها من الفروع، و أمّا بناءً على تكليفه بالفروع أيضاً فنقول: في كلّ مورد قابل لامتثال التكليف كصورة الأداء «4» وجب عليه، و إلّا كصورة القضاء لا يكلّف به.

و زكاة الفطرة من القبيل الثاني، لأنّ مبدأ وجوبها غروب الشمس من آخر شهر رمضان و من كان كافراً في هذا الوقت إلى آخر وقت وجوبها لا تصحّ منه و لا يتأتّى منه قصد القربة المشروط في الزكاة، و إذا أسلم بعد ذلك تسقط عنه الزكاة لأنّ الإسلام يجبّ عمّا قبله «5» و لصحيحة معاوية بن عمّار الآتية «6».

(1) يدلّ عليه ما دلّ على أنّ الإسلام يجبّ عمّا قبله «7»

______________________________
(2) نصّت صحيحة معاوية بن عمار المستدلّ بها على: «ليلة الفطر»، فما وجه التعبير ب‍ «بعد الهلال»؟ مع إمكان رؤيته قبل دخول الليل.

(3) الجواب عن النقاش في الصفحة 61.

(4) لأنّ ذلك مقدور له بقدرته على مقدّمته، أي: يمكنه قصد القربة بعد الإسلام.

(5) في الهامش رقم 6 تحقيق لهذا الحديث و مصادره.

(6) في الصفحة 67.

(7) حديث الجبّ عامي السند، و قد ورد في كتب الخاصّة ضعيفاً أيضاً بالإرسال و هذه مجموعة من مصادره:

أوّلًا: من كتب الخاصّة:

1 تفسير القمّي في تفسير قوله تعالى «وَ قٰالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّٰى تَفْجُرَ لَنٰا» الآية

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 65‌

..........

______________________________
90 من سورة الإسراء عن أُمّ سلمة في شفاعتها لأخيها عند النبيّ (صلّى اللّٰه عليه و آله) لقبول إسلامه [قالت: بأبي أنت و أُمّي يا رسول اللّٰه، أ لم تقل: «إنّ الإسلام يجب ما قبله» قال: نعم، فقبل رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله) إسلامه. مستدرك الوسائل: ج 1، ص 580، الحديث 3، الباب 5 من أبواب أحكام شهر رمضان من كتاب الصيام-].

2 عوالي اللئالي عن النبيّ (صلّى اللّٰه عليه و آله) إنّه قال: «الإسلام يجب ما قبله». مستدرك الوسائل: ج 1، ص 580، الحديث 2، الباب 5 من أبواب أحكام شهر رمضان من كتاب الصيام.

3 مناقب ابن شهرآشوب فيمن طلّق زوجته في الشرك تطليقة و في الإسلام تطليقتين، قال علي (عليه السلام): «هدم الإسلام ما كان قبله، هي عندك على واحدة».

المناقب ج 2، ص 364، المطبعة العلمية بقم إيران.

4 مجمع البحرين في مادة جبب: «الإسلام يجبّ ما قبله و التوبة تجبّ ما قبلها من الكفر و المعاصي و الذنوب».

و ثانياً: من كتب العامّة:

5 مسند ابن حنبل في إسلام عمرو العاص، و خالد بن الوليد، و عثمان بن طلحة، يقول عمرو: (ثمّ دنوت فقلت: يا رسول اللّٰه انّي أُبايعُك على أن تغفر لي ما تقدّم من ذنبي و لا أذكر و ما تأخر، فقال رسول اللّٰه صلعم-: يا عمرو بايع «الإسلام يجبّ ما كان قبله، و إنّ الهجرة تجبّ ما كان قبلها).

مسند ابن حنبل: ج 4، ص 199؛ وص 204، طبعة ميمنية بمصر.

«أ مَا علمت أنّ الهجرة تجبّ ما قبلها من الذنوب، يا عمرو: أ مَا علمت أنّ الإسلام يجبّ ما كان قبله من الذنوب». المصدر المتقدّم ص 205.

6 الإصابة لابن حجر، في إسلام هبار، قال:. «الإسلام يجبّ عمّا قبله».

الإصابة: ج 3، ص 566 باب الهاء بعده الباء، مطبعة مصطفى محمّد بمصر.

7 الجامع الصغير للسيوطي قال: «الإسلام يجبّ ما كان قبله». ج 1، ص 106، باب‌

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 66‌

..........

______________________________
الهمزة المحلّى بال، مطبعة الميمنية بمصر.

8 كنوز الحقائق للمناوي عن الطبراني: «الإسلام يجبّ ما قبله و الهجرة تجبّ ما قبلها». كنوز الحقائق (في هامش الجامع الصغير) حرف الألف ص 84 مطبعة لليمنية بمصر.

9 كنز العمال: ج 1، مطبعة دائرة المعارف النظامية بحيدرآباد، بألفاظ مختلفة.

«الإسلام يجبّ ما كان قبله» ص 17، الحديث رقم 243.

«أ مَا علمت أنّ الإسلام يهدم ما كان قبله» ص 20، الحديث رقم 300.

«الإسلام يجبّ ما كان قبله، و الهجرة تجبّ ما كان قبلها». ج 1، ص 20، الحديث رقم 298.

10 تاريخ الخميس في حوادث السنة الثامنة من الهجرة في إسلام هبار.

قال: يا هبار عفوت عنك و «الإسلام يجبّ ما كان قبله» تاريخ الخميس ج 2، ص 93، مطبعة الوهبية بمصر.

11 شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، عن أبي الفرج في قصة إسلام المغيرة و انّه وفد مع جماعة من بني مالك على المقوقس ملك مصر، فلمّا رجعوا قتلهم المغيرة في الطريق، و فرّ إلى المدينة مسلماً و عرض خُمس أموالهم على النبيّ صلعم. فقال صلعم-: «الإسلام يجبّ ما قبله». شرح النهج: ج 20، ص 9 و 10.

12 الخصائص الكبرى: ج 1، ص 249 كما في المستمسك ج 7: «الإسلام يجبّ عمّا قبله، و الهجرة تجبّ ما قبلها».

13 السيرة الحلبية كما في المستمسك ج 7 في موارد.

(منها): إنّ عثمان شفع في أخيه ابن أبي سرح، قال [ص] أما بايعته و آمنته؟ قال: بلى، و لكن يذكر ما جرى منه معك من القبيح و يستحي، قال [ص]: «الإسلام يجبّ ما قبله».

________________________________________
خويى، سيد ابو القاسم موسوى، فقه العترة في زكاة الفطرة، در يك جلد، مقرر محترم، قم - ايران، اول، 1416 ه‍ ق

 

فقه العترة في زكاة الفطرة؛ ص: 66

ج 3، ص 150، مطبعة مصطفى محمّد.

و في ص 129، مطبوعة دار الطباعة.

(و منها): في إسلام هبار، قال: «يا هبار الإسلام يجبّ ما كان قبله».

ج 3، ص 160، مطبعة مصطفى محمّد.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 67‌

و أمّا المخالف إذا استبصر بعد الهلال فلا تسقط عنه (1).

______________________________
و صحيحة معاوية بن عمّار، قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السلام) عن مولود ولد ليلة الفطر، عليه فطرة؟ قال: لا، قد خرج الشهر، و سألته عن يهودي أسلم ليلة الفطر، عليه فطرة؟ قال: لا
«1».

(1) لأنّه حال الخلاف إمّا أن يكون قد أدّى الفطرة أو لم يؤدّ، فإن كان مؤدّياً لا يجزي للنصّ على عدم الإجزاء معلّلًا بأنّه وضعها في غير موضعها «1» و إن لم يؤدّها‌

______________________________
(1) و في ص 131، الطبعة الأُخرى.

و (منها): في آخر غزوة وادي القرى: انّ خالد بن الوليد و عمرو بن العاص و عثمان بن طلحة جاؤا إلى النبي [ص] مسلمين و طلبوا منه أن يغفر اللّٰه لهم، فقال لهم [ص]: «إنّ الإسلام يجبّ ما كان قبله».

ج 3، ص 71، مطبعة مصطفى محمّد.

و في ص 87، الطبعة الأُخرى.

و (الحاصل): إنّ حديث الجبّ لم يثبت بطريق معتبر، لكن مفاده ثابت بالسيرة حيث إنّ الرسول (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم) و الأئمّة (عليهم السلام) لم يكلّفوا من أسلم بإعادة و قضاء الصلاة و الصوم و غيرهما من التكاليف الشرعية الإسلامية، و أمّا بالنسبة إلى التي يلتزم بها العقلاء و لا يفرق فيها بين المسلم و الكافر فالإسلام لا يوجب سقوط ذلك كالدين. على ما أفاده سيّدنا الأُستاذ (دام ظلّه) في مجلس السؤال.

(1) الوسائل: ج 6، ص 245، الحديث 2، الباب 11 من أبواب زكاة الفطرة.

و تؤيّدها رواية معاوية بن عمّار عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) في المولود يولد ليلة الفطر و اليهودي و النصراني يسلم ليلة الفطر، قال: ليس عليهم فطرة، و ليس الفطرة إلّا على من أدرك الشهر.

المصدر، الحديث 1، لكنّها ضعيفة سنداً كما سيأتي في ص 79.

(1) هذا التعليل وارد في زكاة المال، و قد سبق بيان وحدة أحكام زكاتي المال و الفطرة إلّا ما خرج بالدليل و إن أوّل فرض الزكاة كان في الفطرة، راجع ص 12 شرحاً و هامشاً.

و إليك عدّة من الروايات الحاوية للتعليل المذكور.

و هي عن الوسائل: ج 6، الباب 3 من أبواب المستحقّين للزكاة:

(منها): ما رواه بريد العجلي عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) في حديث قال: «كلّ عمل عمله و هو في حال نصبه و ضلالته ثمّ منَّ اللّٰه عليه و عرّفه الولاية فإنّه يؤجر عليه إلّا الزكاة، لأنّه يضعها في غير مواضعها؛ لأنّها لأهل الولاية، و أمّا الصلاة و الحجّ و الصيام فليس عليه قضاء» المصدر، الحديث 1.

و (منها): صحيحة الفضلاء (. قال: ليس عليه إعادة شي‌ء من ذلك غير الزكاة، و لا بدّ أن يؤديها لأنّه وضع الزكاة في غير موضعها و إنّما موضعها أهل الولاية) المصدر، الحديث 2.

و (منها): صحيحة ابن اذَيْنة، قال: كتب إلى أبو عبد اللّٰه (عليه السلام) (انّ كل عمل عمله الناصب في حال ضلاله أو حال نصبه ثم منَّ اللّٰه عليه و عرَّفه هذا الأمر فإنه يؤجر عليه و يكتب له إلَّا الزكاة فإنّه يعيدها لأنه وضعها في غير موضعها، و إنّما موضعها أهل الولاية فأمّا الصلاة و الصوم فليس عليه قضاؤهما) المصدر، الحديث 3، و غيرها من الروايات.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 68‌

[ (مسألة 3): يعتبر فيها نيّة القربة]

(مسألة 3): يعتبر فيها نيّة القربة (1) كما في زكاة المال، فهي من العبادات،

______________________________
فلا إشكال في وجوبها عليه.

و لا دليل على سقوط الفطرة عنه بالاستبصار كما ورد في الكافر إذا أسلم بعد دخول الليل من سقوط الفطرة عنه على ما تقدّم «1» و لا خلاف في المخالف فيما ذكرنا، و إنّما الخلاف في الكافر في أنّه مكلّف بالأُصول و الفروع معاً أو بالأُصول فقط «2».

(1) لا إشكال في وجوب قصد القربة هنا عند علمائنا أجمع؛ بل و عند غيرهم‌

______________________________
(1) في الصفحة 64.

(2) سبق الكلام عنه مفصّلًا في ص 54 إلى ص 63.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 69‌

..........

______________________________
و تدلّنا على قربية زكاة الفطرة أُمور
«3» (الأوّل): الإجماع القطعي على ذلك.

(الثاني): ارتكاز القربية في ذهن المتشرّعة.

(الثالث): كونها صدقة، و قد أخذت العبادية و القربية في مفهوم الصدقة؛ لأنّ الصدقة لغة العطية المقصود بها اللّٰه سبحانه، و للتقرّب بها إليه عزّ و جلّ، و بذلك تمتاز الصدقة عن الهبة و الإكرامية و شبهها.

و الدليل على كون زكاة الفطرة صدقة الروايات المعبِّرة عن زكاة الفطرة بالصدقة «1»

______________________________
(3) و بعض هذه الأُمور وارد في زكاة المال، إلّا أنّه لا فرق بين زكاتي المال و الفطرة في الأحكام إلّا ما دلّ الدليل على الاختلاف فيه و سبق تحقيقه في ص 12 شرحاً و تحقيقاً.

(1) و هي كثيرة جدّاً، و نذكر مجموعة منها عن الوسائل: ج 6، أبواب زكاة الفطرة:

الباب 1، الحديث 3، 9، 10.

الباب 2، الحديث 1، 3، 4، 5، 6.

الباب 3، الحديث 1، 2.

الباب 5، الحديث 6، 10، 12، 15.

الباب 6، الحديث 9، 10، 11، 12، 13، 15.

الباب 9، الحديث 7، 8.

الباب 10، الحديث 1، 2، 3، 4، 5.

الباب 15، الحديث 2، 5.

الباب 16، الحديث 1.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 70‌

..........

______________________________
(الرابع): ما ورد من أنّ الزكاة ممّا بُنِي عليه الإسلام «2»، و المستفاد منه عباديتها، لا سيّما مع ضمّ ما ورد من أنّ أساس الإسلام ثلاثة لا يصحّ واحدة منها إلّا بالباقي «3» و التعبير ب‍ (لا يصحّ) يرشد إلى العبادية من حيث الاقتران بما هو عبادي جزماً و هي الصلاة. و لعلّه يمكن الجزم منه بأنّ حال الزكاة حال الصلاة.

(الخامس): اقتران الزكاة بالصلاة في الآيات الكثيرة جدّاً و هو يناسب كون الزكاة عباديا.

(السادس): أخذ اللّٰه تعالى الصدقة بيده الدال على نسبتها إليه عزّ و جلّ و الذي يدلّ على أخذه تعالى الصدقة أمران:

(الأوّل): قوله تعالى «. وَ يَأْخُذُ الصَّدَقٰاتِ» «1» (الثاني): الروايات و هي طوائف:

(منها): ما دلّ على أنّ اللّٰه تعالى وكّل لكل شي‌ء من يأخذها إلّا الصدقة فإنّه‌

______________________________
(2) أُصول الكافي: ج 2، ص 18، باب دعائم الإسلام من كتاب الإيمان و الكفر؛ و الوسائل: ج 1، ص 7، الباب 1 من أبواب مقدّمة العبادات.

(3) روى الكليني (قدّس سرّه) عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن العرزمي، عن أبيه، عن الصادق (عليه السلام) قال: (قال: أثافي الإسلام ثلاثة: الصلاة و الزكاة و الولاية، لا تصحّ واحدة منهنّ إلّا بصاحبتيها) أُصول الكافي: ج 2، ص 18، باب دعائم الإسلام من كتاب الإيمان و الكفر، الحديث 4، و أوردها صاحب الوسائل في ج 1، ص 9، الحديث 7، باب 1 من مقدّمة العبادات.

(1) الآية 104 من سورة التوبة، و وردت روايات تراها «في الوسائل: ج 6، ص 302، الباب 29 من أبواب الصدقة» في هذا المعنى و مستشهدة بالآية المباركة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 71‌

و لذا لا تصحّ من الكافر (1).

______________________________
تعالى يأخذها
«2».

(و منها): ما ورد من أنّ المعصوم (عليه السلام) لمّا تصدّق أخذها و قبلها؛ لأنّ اللّٰه تعالى قد أخذها «3».

و نحوهما غيرهما من طوائف الأخبار «1».

و من جميع ذلك تظهر قربية الزكاة، و عدم صحّتها بدون قصد القربة.

(1) لعدم حصول قصد القربة منه و سبق الكلام فيه مفصّلًا «2» و لاعتبار الإسلام في صحّة العبادة، و عدم وجوب الفطرة عليه «3».

______________________________
(2) في الوسائل: ج 6، ص 265، الباب 7 من أبواب الصدقة، الحديث 7: عن سالم بن أبي حفصة، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: «إنّ اللّٰه يقول: ما من شي‌ء إلّا و قد وكّلت به من يقبضه غيري إلّا الصدقة، فإنّي أتلقفها بيدي تلقّفاً.».

و في المصدر الباب 29، الحديث 6، و بمضمونه، الحديث 5 من الباب المذكور.

(3) الوسائل: ج 6، ص 303، الباب 29 من أبواب الصدقة، الحديث 5، عن معلى بن خنيس، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) في حديث قال: إنّ اللّٰه لم يخلق شيئاً إلّا و له خازن يخزنه إلّا الصدقة فإنّ الرب يليها بنفسه، و كان أبي إذا تصدّق بشي‌ء وضعه في يد السائل ثمّ ارتجعه منه فقبله و شمّه ثمّ ردّه في يد السائل و ذلك أنّها تقع في يد اللّٰه قبل أن تقع في يد السائل، فأحببت أن أُقبّلها إذ ولاها اللّٰه الحديث و بمضمونه الحديث 2.

(1) منها التي دلّت على أمرهم (عليهم السلام) برد الصدقة و تقبيلها راجع الوسائل: ج 6، ص 303، الباب 29 من أبواب الصدقة، الحديث 1.

و منها: ما دلّ على تقبيل يد السائل بعد الإعطاء له المصدر الحديث 7.

(2) في ص 68.

(3) راجع: ص 54 إلى ص 63.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 72‌

[ (مسألة 4): يستحب للفقير إخراجها أيضاً]

(مسألة 4): يستحب للفقير إخراجها أيضاً- (1)، و إن لم يكن عنده إلّا صاع يتصدّق به على عياله ثمّ يتصدّق به على الأجنبي بعد أن ينتهي الدور، و يجوز أن يتصدّق به على واحد منهم أيضاً،

______________________________
(1) تدلّ على الاستحباب روايتان
«4» ظاهرتان في الوجوب إلّا أنّه لا بدّ من حملهما على الاستحباب بمقتضى الجمع الدلالي بينهما و بين الروايات السابقة «1» الدالّة على عدم وجوب زكاة الفطرة على الفقير.

و تقدّم الكلام في الجمع بين الطائفتين مفصّلًا «2»، و إليك نصّ الروايتين:

(الأُولى): صحيحة زرارة، قال: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السلام): الفقير الذي يتصدّق عليه، هل عليه صدقة الفطرة؟ فقال: نعم يعطي ممّا يتصدّق به عليه «3».

______________________________
(4) و هما المتقدّمتان في ص 45 ما رواه الفضيل، و في ص 46 صحيحة زرارة.

أقول: هناك رواية أُخرى تدلّ عليه صريحاً إلّا أنّها مرسلة رواها الشيخ المفيد في المقنعة عن يونس بن عمّار قال: سمعت أبا عبد اللّٰه (عليه السلام) يقول: تحرم الزكاة على من عنده قوت السنة و يجب الفطرة على من عنده قوت السنة، و هي سنة مؤكّدة على من قبل الزكاة لفقره، و فضيلة لمن قبل الفطرة لمسكنته دون السنة المؤكّدة و الفريضة الوسائل: ج 6، ص 160، الحديث 10، الباب 8 من أبواب المستحقّين للزكاة.

(1) أي: المعتبرتان المتقدّمتان في ص 44 وص 45.

الأُولى: صحيحة الحلبي: «سئل عن رجل يأخذ من الزكاة عليه صدقة الفطرة؟ قال: لا».

الثانية: موثقة إسحاق بن عمّار: «على الرجل المحتاج صدقة الفطرة؟ قال: ليس عليه فطرة».

(2) في ص 46.

(3) الوسائل: ج 6، ص 225، الحديث 2 الباب 3 من أبواب زكاة الفطرة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 73‌

و إن كان الأولى و الأحوط: الأجنبي (1)،

______________________________
و هي تامّة السند
«4» و واضحة الدلالة.

(الثانية) ما رواه الفضيل بن يسار، قال: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السلام): أعلى من قَبِل الزكاة زكاة؟ فقال: أمّا من قَبِل زكاة المال فإنّ عليه زكاة الفطرة و ليس عليه لما قبله زكاة، و ليس على من يقبل الفطرة فطرة «5».

و تقدّم تحقيق في دلالة هذه و سندها «6» و هي و إن كانت ضعيفة بإسماعيل ابن سهل، فإنّه لم يوثق و لم يمدح لكن لها سنداً آخر صحيحاً رواها الشيخ في التهذيب بسنده إلى ابن فضال «1» و قد صحّحنا سند الشيخ إلى ابن فضال «2» و ليس فيها جملة «و ليس عليه لما قبله زكاة».

(1) ذكرت لكيفية فطرة الفقير الذي ليس له إلّا صاع و له عيال، طرق ثلاثة.

(الأُولى): ترديد الصاع بين العائلة، و أخيرهم يعطي للأوّل، بأن يدور بينهم حتّى يرجع إلى أوّل من تصدّق بالصاع.

(الثانية): ترديد الصاع بين العائلة، و أخيرهم يعطي إلى أي واحد ممّن في‌

______________________________
(4) أشرنا إلى نقاش الجواهر في السند في ص 48 و الهامش رقم 2 فيها.

(5) الوسائل: ج 6، ص 224، الحديث 10، الباب 2 من أبواب زكاة الفطرة.

(6) في الصفحة 46 و الصفحة 47.

(1) أقول: قد ذكرنا في الصفحة 47 الهامش رقم 3 انّ التي في سندها ابن فضال: موثقة زرارة، و هي غير رواية فضيل لاختلاف بسيط في المتن مع اختلاف في السند فتصبح الروايات الدالة على ثبوت الفطرة على الفقير ثلاث: 1 صحيحة زرارة، 2 رواية فضيل، 3 موثقة زرارة.

(2) راجع الصفحة 48 الهامش رقم 1.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 74‌

و إن كان فيهم صغير أو مجنون يتولّى الولي له الأخذ له و الإعطاء عنه، و إن كان الأولى و الأحوط:

______________________________
الدور سوى الأوّل.

و الفرق بين الصورتين: أنّه في الصورة الثانية يصبح من صارت الفطرة عنده أخيراً آخذاً للزكاة مرّتين: مرّة ممّن سبقه في بدء الدور و مرّة ممّن سبقه في انتهاء الدور «3».

(الثالثة): ترديد الصاع بين العائلة، و أخيرهم يعطي للأجنبي الخارج من الدور.

و الظاهر: عدم الإشكال في جمع هذه الصور لكونهم فقراء، و بها يتحقّق العمل بالاستحباب.

إلّا أنّ الكلام في الكيفية المستفادة من النصّ الوارد في المسألة، و هي: موثّقة إسحاق بن عمّار، قال: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السلام): الرجل لا يكون عنده شي‌ء من الفطرة إلّا ما يؤدّي عن نفسه وحدها، أ يعطيه غريباً (عنها) أو يأكل هو و عياله؟ قال: يعطي بعض عياله، ثمّ يعطي الآخر عن نفسه، يتردّدونها فتكون عنهم جميعاً فطرة واحدة «1».

استظهر منها الطريقة الأُولى بالنظر إلى لفظ (يتردّدونها) «2». بتقريب: رجوع‌

______________________________
(3) و مثاله: ما لو كانت الأُسرة مكوّنة من أب و أُمّ و ولد و بنت فقد يعطي الأب فطرته للُامّ، و الأُمّ للولد، و الولد للبنت، و البنت للأب و هذه الكيفية الاولى، و قد يعطى الأب فطرته للُامّ، و الأُمّ للولد، و الولد للبنت، و البنت للُامّ مثلًا و هذه الكيفية الثانية، و فيها قد أخذت الأُمّ الفطرة مرّتين: مرّة من الأب و أُخرى من البنت.

(1) الوسائل: ج 6، ص 225، الحديث 3، الباب 3 من أبواب زكاة الفطرة.

(2) النسخ بالنسبة إلى لفظ «يردّدونها» في كتب الفقه و الحديث مختلفة:

ففي الجواهر ج 15، الصفحة 493: «فيرادونها».

و في المستمسك ج 9، الصفحة 393: «يردّدونها».

و في الوسائل ج 6، الصفحة 225: «يتردّدونها».

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 75‌

أن يتملّك الولي لنفسه ثمّ يؤدّي عنهما (1).

______________________________
الصاع فيها إلى مكانه الأوّل؛ إذ بها يتحقّق الدوران.

و استظهر بعض: أنّ الترديد أعم من الرجوع إلى مكانه الأول و عدم الرجوع إليه، لأنّ التريد غير الدوران، نعم: الدوران يستلزم الرجوع إلى مكانه الأوّل من حيث تشكيله دائرة، بخلاف الترديد فإنّه مجرّد انتقال و لا يستلزم الرجوع إلى مكانه الأوّل.

و عليه: فمقتضى لفظ «يتردّدونها»: هي الطريقة الثانية أيضاً و الظاهر كما استفاده بعضهم من الموثقة، هي الطريقة الثالثة.

و هي: دوران الصاع بين العائلة ثمّ إعطاؤه لأجنبي.

و هذه الطريقة جعلها الماتن: الأوْلى و الأحوط.

و الوجه في ذلك: أنّ الظاهر من كون الفطرة الواحدة فطرة عن الجميع «المصرّح به في الموثقة» خروجها عنهم جميعاً إلى غيرهم؛ إذ لو رجعت إلى أحد لم يصدق كونها فطرة واحدة عن الجميع، و قد صرّح (عليه السلام) في آخر الموثّقة ب‍ «عنهم جميعاً فطرة واحدة».

(1) هاتان طريقتان ذكرهما الماتن (قدّس سرّه).

(الطريقة الأُولى):

تولي الولي أخذ الفطرة للصغير أو المجنون، و الإعطاء عنه.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 76‌

..........

______________________________
و «نوقش فيها»: باستلزامه التصرّف في مال الصغير و المجنون بغير مصلحته؛ لأنّه بعد الأخذ له يصبح المال ملكه فإخراجه عن ملكه و إعطاؤه للغير إضرار به لعدم وجوب الفطرة عليه.

و «الظاهر في الجواب عن النقاش» كما في المسالك مع ضمّ مقدّمة، و هي: أنّ من المعلوم كون الغالب وجود الصغار في العائلة، بل قد يزيد عددهم على عدد الكبار، و الإمام (عليه السلام) مع ذلك بيّن طريقة المداورة في موثقة إسحاق بن عمّار إنّ الإمام (عليه السلام) في الموثقة بصدد بيان طريقة إخراج الفطرة عن الجميع بما فيهم الصغار و بيان تصحيح عملية المداورة، و على هذا تصبح هذه الموثقة إجازة منه (عليه السلام) في هذا التصرّف في أموال القاصرين بولايته العامّة عليهم «1».

(الطريقة الثانية):

تملّك الولي لنفسه لفرض فقره ثمّ الأداء عن الصغير أو المجنون، و هذه الطريقة و إن صحّت، و لا إشكال فيها، إلّا أنّها لا تتمّ مطلقاً: كما لو كانت الأُسرة مكوّنة من أب و زوجة و أطفال، و قد أعطى الأب فطرته إلى الزوجة عن نفسه فارجعتها إليه فطرة عن نفسها، ثمّ أعطاها فطرة عن أحد الأطفال، و حينئذٍ أصبحت الفطرة ملكاً للزوجة، و لا مجال لها لإرجاعها إلى الأب بعنوان الفطرة لأنّها قد دفعت فطرة نفسها قبل هذا، و ليست عليها فطرة ثانية، و بأي وجه‌

______________________________
(1) و يمكن تصحيح ذلك بأن لا يعطي الولي الصاع إلى القاصر إلّا بشرط إرجاعه إليه فطرة، فلا إضرار به، إلّا أن يقال: إنّ شرط الإرجاع ينافي كونه فطرة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 77‌

[ (مسألة 5) يكره تملّك ما دفعه زكاة وجوباً أو ندباً]

(مسألة 5) يكره تملّك ما دفعه زكاة وجوباً أو ندباً، سواء تملّكه صدقة أو غيرها على ما مرّ في زكاة المال (1).

______________________________
يسترجع الأب المال من الزوجة حتّى يعطيه مرّة ثانية فطرة عن الطفل الآخر، فهذه الصورة لا تتمّ على وجه العموم.

و الحاصل: كيف يمكن تطبيق عملية المداورة بهذه الطريقة في جميع الموارد فإنّ في المثال المذكور كيف يمكن إعطاء الصاع الواحد فطرة عن بقية الصغار «1».

(1) تدلّ على ذلك صحيحتان لمنصور بن حازم.

(الاولى): ما رواه الشيخ بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن خالد، عن عبد اللّٰه بن المغيرة، عن منصور بن حازم، قال: قال أبو عبد اللّٰه (عليه السلام): إذا تصدّق الرجل بصدقة لم يحلّ له أن يشتريها و لا يستوهبها و لا يستردها إلّا في ميراث «2».

(الثانية): ما رواه الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد اللّٰه بن المغيرة، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام)، قال: إذا تصدّقت بصدقة لم ترجع إليك و لم تشترها إلّا أن تورث «3» و هاتان الصحيحتان و إن كانتا ظاهرتين في عدم الجواز، بل في عدم الوضع‌

______________________________
(1) يمكن أن تهب الزوجة المال للزوج لتفسح له المجال بإعطاء المال فطرة عن الأطفال الآخرين، إلّا أن يقال: إنّه خلاف المفروض، فإنّ الكلام في كون الدوران بعنوان الفطرة لا بعنوان الهبة.

(2) الوسائل: ج 13، ص 318، الحديث 1، الباب 12 من أحكام الوقوف و الصدقات.

(3) المصدر ص 319، الحديث 5.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 78‌

..........

______________________________
أيضاً لا تكليفاً فقط لقوله (عليه السلام): (لم تحلّ له أن يشتريها.) فإنّ هذا الكلام كالتعبير ب‍ (حرّم الربا) الدالّ على الحكم الوضعي، و معناه: عدم نفوذ ذلك إلّا أنّ هذا الظاهر غير محتمل جزماً، و لا بدّ من حملهما على الكراهة و ذلك لأنّه لو كان ذلك حراماً لبان، لكثرة الحاجة إلى ذلك، و لم ينقل القول بالحرمة عن أحد لا منّا و لا من غيرنا، و هذه قرينة خارجية على الحمل على الكراهة.

و تقدّم في زكاة المال قول الماتن (قدّس سرّه): «نعم لو أراد الفقير بيعه بعد تقويمه عند من أراد كان المالك أحقّ به من غيره و لا كراهة» «1» و قلنا: إنّ المستند رواية محمّد بن خالد التي رواها الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن محمّد بن خالد، أنّه سأل أبا عبد اللّٰه (عليه السلام) عن الصدقة؟ فقال: إنّ ذلك إلى أن يقول-: فإذا أخرجها فليقسمها «2» فيمن يريد، فإذا قامت علىٰ ثمن فإن أرادها صاحبها فهو أحقّ بها، و إن لم يردها فليبعها «3».

لكنّها ضعيفة السند، فإنّ محمّد بن خالد هو القسري الذي من أصحاب الصادق (عليه السلام) لم يوثق، و ليس هو محمّد بن خالد البرقي، كما توهّم بعض «4».

______________________________
(1) راجع المتن في المستمسك ج 9، ص 335.

(2) هكذا في الوسائل، لكن في المستمسك ج 9، ص 335: (فليقسمها).

(3) الوسائل: ج 6، ص 89، الحديث 3، الباب 14 من أبواب زكاة الأنعام.

(4) و قد عبّر السيد الحكيم (قدّس سرّه) عن هذه الرواية ب‍ صحيح محمّد بن خالد المستمسك: ج 9، ص 335.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 79‌

[ (مسألة 6) المدار في وجوب الفطرة إدراك غروب ليلة العيد جامعاً للشرائط]

(مسألة 6) المدار في وجوب الفطرة إدراك غروب ليلة العيد جامعاً للشرائط (1)،

______________________________
و تقدّم التحقيق في كتاب الزكاة.

(1) من البلوغ و العقل و الغنى و عدم الإغماء في أوّل آنٍ من ليلة شوال أو قبل غروب الشمس في آخر يوم من شهر رمضان إلى الغروب على ما هو المشهور، بل ادّعى في الجواهر: الإجماع بقسميه عليه «1» و بناءً عليه لو وجدت الشرائط قبل الغروب فقط لم تجب الفطرة، و إذا لم يكن واجداً لها عند الغروب و كان واجداً لها بعد الغروب بساعات لم تجب.

أقول: الحكم بالنسبة إلى من فقد الشرائط عند الغروب و وجدها بعده بعدم وجوب الفطرة إن تمّ الإجماع على لزوم اجتماع الشرائط عند الغروب تامّ، و إلّا فللمناقشة فيه مجال واسع إذ لا نصّ على ذلك إلّا ما استدلّوا به من روايتين.

(الأُولى): رواية معاوية بن عمّار التي رواها الصدوق بإسناده عن علي بن حمزة-، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) في المولود يولد ليلة الفطر و اليهودي و النصراني يسلم ليلة الفطر؟ قال: ليس عليهم فطرة، و ليس الفطرة إلّا على من أدرك الشهر «2».

______________________________
(1) الجواهر: ج 15، ص 499.

(2) الوسائل: ج 6، ص 245، الحديث 1، الباب 11 من أبواب زكاة الفطرة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 80‌

..........

______________________________
تقريب الاستدلال: استدلّ بها على اعتبار اجتماع الشرائط عند غروب ليلة العيد، و محلّ الشاهد قوله (عليه السلام): «و ليس الفطرة إلّا على من أدرك الشهر» و هي و إن وردت في المولود و اليهودي و النصراني إذا أسلما، إلّا أنّهم تعدّوا إلى باقي الشرائط بلزوم حصولها عند الهلال من ليلة العيد.

و الجواب عنها سنداً و دلالة:

امّا (السند) فضعيف لأمرين و إن عبّر عنها بعضهم بالصحيحة أو الموثقة «1»-:

(الأوّل): إنّ في طريق الصدوق إلى علي بن حمزة، شيخه: محمّد بن علي ماجيلويه «2» و لم يرد فيه مدح أو توثيق، و لا يكفي في التوثيق كونه شيخاً، و لا سيّما مشايخ الصدوق، كما أوضحناه في محلّه.

(الثاني): علي بن حمزة، و هو علي بن أبي حمزة البطائني، لرواية الصدوق هذه الرواية نصّاً «3»، كنصّ الوسائل المنقول هنا «4» عن علي بن أبي حمزة.

______________________________
(1) السيّد الحكيم (قدّس سرّه) في المستمسك: ج 9، ص 394، قال: ما رواه الفقيه بطريق صحيح أو موثق عنه، و قال في ص 426: و مصحّحه عنه.

(2) و إليك طريق الصدوق إلى علي بن أبي حمزة، فهو يروي عن محمّد بن علي ماجيلويه عن محمّد بن يحيى العطار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن علي بن أبي حمزة الوسائل: ج 19، ص 386، التسلسل 206 في سند روايات الصدوق عن علي بن أبي حمزة.

(3) الفقيه: ج 2، ص 116، الحديث تسلسل 500.

(4) و في نصّ الفقيه هكذا: «. ليس الفطرة» بدون الواو.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 81‌

..........

______________________________
و من ذلك يظهر غلط نسخة الوسائل، و سقوط كلمة: (أبى) منها.

و الصحيح: «علي بن أبي حمزة» «1» و هو الكذّاب المعروف الواضع لعدّة روايات في عدم موت الإمام الكاظم (عليه السلام)؛ لأجل الاستيلاء على أمواله (عليه السلام) من الحقوق الواردة إليه. و لا مجال للقول بجبر ضعف السند بعمل المشهور لما سيأتي «2».

و أمّا (الدلالة) فضعيفة لأمرين أيضاً-:

(الأوّل): إنّ المستفاد من هذه الرواية اشتراط الوجود في رمضان لقوله (عليه السلام): «من أدرك الشهر» سواءً بالوجود الحقيقي أو الاعتباري و لو آناً ما من شهر رمضان.

و المراد من الوجود الحقيقي: الولادة و الحياة.

و المراد من الوجود الاعتباري: الإسلام و كونه مسلماً، من حيث كون الكفر بحكم عدم الوجود.

و أمّا غير الوجود الحقيقي و الاعتباري من التكليف و الغنى و الحرية و غيرها من الشرائط فلا يستفاد اشتراط حصوله في رمضان و لو في جزء منه من هذه الرواية حتّى يقال: باشتراط اجتماع الشرائط عند الغروب.

______________________________
(1) راجع ترجمته في معجم رجال الحديث ج 11، ص 229، إلى ص 246 و تحدّث (دام ظلّه) حول ضعفه في ص 239 من المصدر المذكور.

(2) في ص 82.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 82‌

..........

______________________________
و على هذا فالدليل أخصّ من المدّعى، حيث إنّ دعواهم جمع الشرائط عند الغروب استناداً إلى هذه الرواية، لكن الدليل و هو هذه الرواية وارد في اعتبار الولادة و الإسلام، أو قل: الوجود الحقيقي و الاعتباري في شهر رمضان و لو آناً ما فقط، دون غيرهما من الشرائط.

(الثاني): لو فرضنا دلالة الرواية على عموم الشرائط لقوله (عليه السلام): (ليس الفطرة إلّا على من أدرك الشهر) فلا بدّ من اجتماع الشرائط في شهر رمضان و لو في جزء منه مستمراً إلى غروب ليلة العيد، لا كما ادّعوه من إدراك أوّل الغروب مع جميع الشرائط، كما هو صريح المتن و غيره «1».

ملحوظة: لا مجال هنا للقول بجبر ضعف السند بعمل المشهور، و لو سلّمنا صحّة الكبرى «2» و ذلك: من أجل ذهاب المشهور إلى اجتماع الشرائط حال الغروب من ليلة العيد و الرواية تدلّ على درك جزء من رمضان و هو قبل الغروب.

فالرواية لا تدلّ على مدّعاهم حتّى يقال: يجبر ضعفها بعملهم. فهذه الرواية ساقطة سنداً و دلالةً.

(الرواية الثانية): صحيحة معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السلام) عن مولود ولد ليلة الفطر، عليه فطرة؟ قال: لا، قد خرج الشهر، و سألته‌

______________________________
(1) و هو المشهور.

(2) و هي جبر ضعف سند الرواية بعمل المشهور.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 83‌

..........

______________________________
عن يهودي أسلم ليلة الفطر، عليه فطرة؟ قال: لا
«1».

و (الجواب) من وجوه:

1 هذه الرواية أبعد عن الاستدلال من روايته السابقة «2» و ذلك لوجود جملة في الرواية السابقة توهم مدّعاهم، و هي قوله (عليه السلام): (ليس الفطرة إلّا على من أدرك الشهر) و ليست هذه الجملة موجودة في هذه الصحيحة، فلا مجال للتعدّي عن موردها المولود و من أسلم ليلة الفطر إلى باقي الشرائط من العقل و الغنى و الحرية و غيرها حسب مدّعى المشهور.

2 إنّها تدلّ على اشتراط الوجود الحقيقي و هو الحياة و الولادة، و الاعتباري و هو الإسلام لكون غير المسلم بمنزلة المعدوم خاصة دون باقي الشرائط من العقل و البلوغ و غيرهما من شرائط وجوب الفطرة، فالدليل أخصّ من المدّعى، كما ذكرنا في الجواب الأوّل عن دلالة رواية معاوية بن عمّار السابقة «3» و لا وجه للتعدّي عن مورد الصحيحة إلى غيره من الشرائط.

3 بناءً على التعدّي عن موردها و هو اشتراط الوجود: الحقيقي و الاعتباري إلى باقي الشرائط، يرد عليه: أنّها تدلّ على وجود الشرائط قبل الغروب لا عند الغروب حسب مدّعى المشهور.

______________________________
(1) الوسائل: ج 6، ص 245، الحديث 2، الباب 11 من أبواب زكاة الفطرة.

(2) في الصفحة 79.

(3) في الصفحة 81.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 84‌

فلو جُنّ أو أُغمي عليه أو صار فقيراً قبل الغروب و لو بلحظة، بل أو مقارناً للغروب لم تجب عليه (1)، كما أنّه لو اجتمعت الشرائط بعد فقدها قبله أو مقارناً له وجبت، كما لو بلغ الصبي، أو زال جنونه و لو الأدواري، أو أفاق من الإغماء أو ملك ما يصير به غنياً أو تحرّر و صار غنياً، أو أسلم الكافر، فإنّها تجب عليهم، و لو كان البلوغ أو العقل أو الإسلام مثلًا بعد الغروب لم تجب «1». نعم يستحب إخراجها إذا كان ذلك بعد الغروب إلى ما قبل الزوال من يوم العيد (2).

______________________________
و تحصل من جميع ما ذكرناه: أنّه لا دليل على اشتراط اجتماع الشرائط عند الغروب أو قبله إلّا في المولود و اليهودي و النصراني إذا أسلم فإنّه يشترط في وجوب الفطرة عليهم درك شي‌ء من شهر رمضان.

و أمّا غير هؤلاء فيتّضح حكمهم في بيان تحديد وقت الوجوب مبدأً و منتهى «2».

(1) سيأتي بيان تحديد الوقت مبدءاً و منتهى «3».

(2) بالنسبة للمولود بعد غروب ليلة العيد و قبل صلاة العيد و اليهودي و النصراني إذا أسلما بعد الغروب و قبل صلاة العيد.

دلّت روايتان على استحباب إخراج الفطرة.

______________________________
(1) على ما أفاده سيّدنا الأُستاذ يصح الكلام في الإسلام لصحيحة معاوية بن عمّار المتقدّمة في ص 82، دون البلوغ و العقل فإنّهما كباقي الشرائط.

(2) سيأتي تحقيق المبدأ في ص 215، و المنتهى في ص 224.

(3) سيأتي تحقيق المبدأ في ص 215، و المنتهى في ص 224.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 85‌

..........

______________________________
(الأُولى): رواية محمّد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: (سألته عمّا يجب على الرجل في أهله من صدقة الفطرة، قال: تصدّق عن جميع من تعول من حرّ أو عبد أو صغير أو كبير من أدرك منهم الصلاة) «1» و الظاهر من قوله: (الصلاة): صلاة العيد، كما استظهره صاحب الوسائل «2».

دلّت على وجوب إخراج الفطرة عن المذكورين ممّن أدرك صلاة العيد فتشمل من ولد أو أسلم من اليهودي و النصراني قبل أو عند صلاة العيد إلّا أنّها تحمل على الاستحباب للجمع بينها و بين و بين ما دلّ على عدم الوجوب بالنسبة إليهما من صحيحة معاوية بن عمّار «3» فتحمل هذه على الاستحباب إن صحّ السند، و إلّا فأمر هذه الرواية ظاهر.

و (الظاهر): ضعف السند؛ لأنّ الشيخ الصدوق رواها عن شيخه (علي بن أحمد بن عبد اللّٰه بن أحمد بن أبي عبد اللّٰه) عن (أبيه) عن (جدّه أحمد بن أبي عبد اللّٰه البرقي) عن (أبيه: محمَّد بن خالد البرقي) عن (العلاء بن رزين) عن (محمّد ابن مسلم) «4» و لم يرد توثيق لعليّ بن أحمد بن عبد اللّٰه و هو شيخ الصدوق «5»

______________________________
(1) الوسائل: ج 6، ص 228، الحديث 6، الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة.

(2) المصدر المتقدّم.

(3) في ص 82.

(4) الوسائل: ج 19، ص 416، تسلسل رقم 294.

(5) راجع معجم رجال الحديث ج 11، ص 269، تسلسل رقم 7893 في ترجمة علي بن أحمد ابن عبد اللّٰه.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 86‌

..........

______________________________
و لا لأبيه أحمد بن عبد اللّٰه
«1».

(الرواية الثانية): مرسلة الشيخ قال: و قد روي: أنّه إن ولد له قبل الزوال يخرج عنه الفطرة، و كذلك من أسلم قبل الزوال «2» و دلالتها كالأُولى:

و هاتان الروايتان و إن دلّت على الوجوب إلّا أنّه لا بدّ من حملهما على الاستحباب مع قطع النظر عن ضعف السند جمعاً بينها و بين ما دلّ على عدم الوجوب و هي صحيحة معاوية بن عمّار المتقدّمة «3».

______________________________
(1) راجع معجم رجال الحديث ج 2، ص 136، تسلسل رقم 623 في ترجمة أحمد بن عبد اللّٰه. و قال في ختام ترجمته: فلم يذكر أحمد هذا بمدح و لا قدح.

(2) الوسائل: ج 6، ص 245، الحديث 3، الباب 11 من أبواب زكاة الفطرة.

(3) في الصفحة 82.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net