العُجب \ مناشئ العجب وأسبابه 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6063


ــ[18]ــ

وأمّا العجب (1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حادث مسبوق بالعدم فيمكن إحراز عدمها بالاستصحاب وبه نحكم بصحّة العبادة لا محالة .

   فالمتحصل : أن الشك في وجود داعي الرِّياء على تقدير معقوليته لا يوجب البطلان إلاّ في الصورتين المذكورتين ، ومن هنا ينفتح باب عظيم الفائدة للوسواسيين ومن يحذو حذوهم ، حيث إنهم محرزين للداعي الإلهي المستقل ، ولكنهم يحتملون وجود داع ريائي آخر أيضاً في عملهم وهو مندفع بالأصل . فالصحيح هو التفصيل في المسألة ، بل هذا ليس بتفصيل في الحقيقة ، لأن بطلان العبادة في تلك الصورتين غير مستند إلى الرِّياء ، بل لو كان جزء الداعي هو أمراً آخر مباح كقصد التبريد أو غيره أيضاً لقلنا ببطلان العبادة لفقدها للشرط وهو صدورها عن داع قربي مستقل في الداعوية . ومن هنا قلنا إن ما نسب إلى السيِّد المرتضى (قدس سره) من عدم بطلان العبادة بالرياء مما لا نحتمل عادة إرادته لهاتين الصورتين ، لأن بطلان العبادة حينئذ غير مستند إلى الرِّياء كما عرفت .

    العُجب وأحكامه

   (1) الكلام في ذلك يقع في جهات :

   الاُولى : في بيان مفهوم العجب لغة . الثانية : في بيان منشئه وسببه . الثالثة : في حكمه الشرعي من الحرمة والإباحة . الرابعة : في أن العجب المتأخر يوجب بطلان العبادة أو لا . الخامسة : في بطلان العبادة بالعجب المقارن وعدمه . وهذه هي جهات البحث يترتب بعضها على بعض .

   أمّا الجهة الاُولى : فالعجب على ما يظهر من أهل اللغة معناه إعظام العمل واعتقاد أنه عظيم إما لكيفيته كما إذا كانت صلاته مع البكاء من أوّلها إلى آخرها . وإمّا لكميّته كما إذا أطال في صلاته أو سجدته ونحوهما ، كما حكى بعض مشايخنا (قدس الله

ــ[19]ــ

أسرارهم) عن بعضهم أنه سجد بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر ، ولأجل هذا وذلك اعتقد أن عمله عظيم . وإما من جهة عمله وكونه صادراً منه وأنه عظيم إذا صدر منه دون ما إذا صدر من غيره كما إذا كان ملكاً من الملوك فسجد وتخضع وتذلل ، حيث إن الخضوع من الملك عظيم لأن فعل العظيم عظيم ، فيرى أنه على عظمته يصلّي ويصوم ولا يصلِّي من دونه بمراحل فلذا يعظم عمله ويعتقده عظيماً . هذا كلّه في مفهوم العجب .

   وأمّا الجهة الثانية : فالعجب إنما ينشأ عن انضمام أمر صحيح مباح إلى أمر باطل غير صحيح ، لأنه ينشأ عن ملاحظة عمله وعبادته حيث وعد الله سبحانه لها الجنّة والحور والثواب ، وأن فاعلها ولي من أولياء الله سبحانه وأن نوره يظهر لأهل السماء كما يظهر نور الكواكب لأهل الأرض ، إلى غير ذلك من الآثار التي نطقت بها الأخبار والآيات . وهذا في نفسه أمر صحيح مباح ، فإذا انضم إليه الجهل والغفلة عن عظمة الله سبحانه ونعمه فيحصل له العجب ويعظم عمله وعبادته ، لأنه لو كان عالماً بعظمة الله جلّت آلاؤه وبنعمته التي أنعمها عليه ، ليرى أن عبادته هذه لا تسوى ولا تقابل بجزء من ملايين جزء من تلك النعم ، وأنها هي بجنب عظمته تعالى كالعدم .

   فإذا زاد عليه علمه بأن العبادة التي تعجبها لم تصدر منه باستقلاله وإنما صدرت عنه بتوفيق الله وإفاضته لم يبق له عجب في عمله بوجه ، ومن هنا نرى أن العبّاد والزهّاد يتخضّعون في عباداتهم بأكثر ممن يتخضع لله غيرهم ، لالتفاتهم إلى صغر عملهم بجنب آلائه وعظمته ، وعلمهم بأن العمل إنما يصدر منهم بإفاضة الله تعالى لا باستقلالهم ومعه لا يرون عملاً يعجب به ، حيث ليست نسبة أعمالهم إلى نعمه تعالى كنسبة ما يبذله الفقير بالإضافة إلى ما يعطيه الملك ، مثلاً يبذل ألف دينار والفقير يعطي باقة من الكراث ، فيقابل ما أعطاه الفقير لما أعطاه الملك بنسبة الواحد أو الأقل إلى ألف أو الأكثر ، حيث يصدر العمل من كل منهما باستقلاله ، وهذا بخلاف عمل العبيد بالإضافة إلى نعمه جلت عظمته ، حيث إن عملهم لا يصدر منهم باسـتقلالهم حتى يقابل بتلك النعم ولو بنسبة الواحد إلى الملايين وإنما يصدر عنهم بافاضته ، ومن




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net