حكم كثير الشّك في الوضوء 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء السادس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 10099


ــ[123]ــ

   [ 585 ] مسألة 46 : لا اعتبار بشكّ كثير الشكّ ((1)) سواء كان في الأجزاء أو في الشرائط أو الموانع (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بشكّه ، بل هذا مقتضى قاعدة الاشتغال ومجرد شكّه في أنه أتى بالواجب صحيحاً أو على وجه الفساد .

   نعم لا مانع من التمسّك بالقاعدة فيما إذا قامت أمارة معتبرة على تحقق الفراغ حينئذ ، وهذا كما إذا قام من عمله ودخل في عمل آخر من صلاة أو مطالعة أو دخل في مكان آخر ونحوهما مما يصدق معه عرفاً أنه فرغ وتجاوز عن الوضوء والعمل . وأما إذا جلس بعد الوضوء طويلاً فإن كان مع فوات الموالاة فأيضاً يصدق معه الفراغ والتجاوز ، لما مرّ من أنه مع فوات الموالاة وعدم إمكان التدارك يصدق أن العمل مضى وتجاوز ، وأما مجرد الجلوس الطويل من غير فوات الموالاة فهو غير موجب لصدق الفراغ والمضي ، ومن هنا قيّدنا عبارة الماتن ـ أو كان بعدما جلس طويلاً ـ بما إذا كان موجباً لفوات الموالاة .

    كثير الشك وأحكامه

   (1) كما هو المعروف ، وليس الوجه فيه لزوم العسر والحرج من الاعتناء بالشك في كثير الشك ، لأنه إن اُريد به لزوم العسر والحرج الشخصيين فهو مقطوع العدم ، لعدم لزومهما في جميع الموارد والأشخاص فلا وجه للحكم بارتفاع حكم الشك في من لا يلزم عليه عسر أو حرج ، وإن اُريد به لزوم الحرج والعسر النوعيين فهو أيضاً كذلك ، لعدم كون الاعتناء بالشك في كثير الشك موجباً للحرج النوعي ، على أنه لا دليل على ارتفاع الحكم بالحرج النوعي عمن لا يلزم في حقه حرج ، لأن ظاهر أدلّة نفي العسر والحرج إرادة العسر والحرج الشخصيين دون النوعيين ، كما أن الدليل على

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه إشكال ، والأظهر اختصاص هذه القاعدة بالصلاة وعدم جريانها في غيرها .

ــ[124]ــ

ذلك ليس هو كون الوضوء من توابع الصلاة ولا يعتنى بكثرة الشك في الصلاة ، وذلك لعدم الدليل على اشتراك التابع مع متبوعه في جميع الأحكام ، بل الدليل على ذلك صحيحة محمّد بن مسلم : «إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك ، فإنه يوشك أن يدعك ، إنما هو من الشيطان» (1) لأن الظاهر المستفاد بحسب الفهم العرفي أن الضمير في قوله «هو» يرجع إلى كثرة الشك لا إلى الشك في خصوص الصلاة ، وإن كان موردها هو الصلاة ، إلاّ أن الضمير راجع إلى كثرة الشك ، فالصحيحة تدلّنا على أن كثرة الشك من الشيطان ، وهو صغرى للكبرى المعلومة خارجاً وهي أن إطاعة الشيطان مذمومة قبيحة ولا ينبغي إطاعته ، بل يمضي في عمله ولا يعتني بشكّه .

   وصحيحة ابن سنان «ذكرت لأبي عبدالله (عليه السلام) رجلاً مبتلى بالوضوء والصلاة وقلت : هو رجل عاقل ، فقال أبو عبدالله (عليه السلام) : وأي عقل له وهو يطيع الشيطان ، فقلت له : وكيف يطيع الشيطان ؟ فقال (عليه السلام) : سله هذا الذي يأتيه من أي شيء هو فإنه يقول لك : من عمل الشيطان» (2) وهذه الصحيحة ذكر فيها الابتلاء بالوضوء والصلاة ، وقد حملها الأصحاب على الوسوسة التي هي أعلى مراتب كثرة الشك ، بل النسبة بينهما عموم من وجه ، لأن الوسوسة هي الاحتمالات التي يحتملها الوسواسي ولا منشأ عقلائي لها ، فترى مثلاً أنه يدخل الماء ويرتمس ويحتمل أن لا يحيط الماء برأسه ، أو يتوضأ وهو على سطح الطبقة الثانية مثلاً ويحتمل أن قطرة من القطرات الواقعة على الأرض طفرت على بدنه أو لباسه مع أن الفاصل بينهما خمسة أمتار أو أزيد ، إلى غير ذلك من الاحتمالات التي ليس لها منشأ عقلائي .

   وأمّا كثرة الشك فاحتمالات كثير الشك عقلائية إلاّ أنها متكررة وكثيرة ، ومعه لا موجب لحملها على الوسوسة ، لأن الابتلاء بالوضوء والصلاة كما يشمل الوسوسة كذلك يشمل كثرة الشك فيهما وكلاهما من الشيطان ، فإن أدنى ما يستلزمه كثرة الشك

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 8 : 227 / أبواب الخلل الواقع في الصلاة ب 16 ح 1 .

(2) الوسائل 1 : 63 / أبواب مقدّمة العبادات ب 10 ح 1 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net